Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تتجه سوق العقارات في بريطانيا نحو الانهيار البطيء؟

البنوك ستكون أكثر حذراً في شأن الإقراض والمعايير ستصبح شديدة الصرامة خلال الأشهر الـ12 المقبلة

السؤال الأهم هل خرجت السوق من المعركة أم أن هذا فجر كاذب؟ فهناك تهديد كبير لا ينبغي تجاهله لمجرد أنه غير مرئي (غيتي)

ملخص

سيبقي المقرضون في #بريطانيا معدلات الرهن العقاري مرتفعة، مما يهدد سوق #العقارات بالانكماش، كما حصل في أوائل التسعينيات

في جميع أنحاء بريطانيا يتم إدراج المنازل بأسعار أقل بكثير مما كان يمكن أن تباع بها خلال جائحة "كوفيد-19"، كما يصارع ملاك العقارات والراغبون في الشراء لأول مرة على حد سواء تحت ضغط معدلات الرهن العقاري المرتفعة وأزمة كلفة المعيشة.

ويقول بعض الاقتصاديين إن الألم قد بدأ لتوه، وسيكون مدفوعاً بسوق الرهن العقاري، فعدم انخفاض التضخم بالسرعة المتوقعة يعني أن "بنك إنجلترا" لن يخفض سعر الفائدة الرسمي بعد، بالتالي سيبقي المقرضون معدلات الرهن العقاري مرتفعة، وقد تكون النتيجة انهياراً بطيئاً، أقرب إلى الانكماش في أوائل التسعينيات من الانهيار المفاجئ، لكنه أيضاً سيكون انهياراً قصيراً، كما حدث في عام 2008.

وكانت أسعار المنازل قد تراجعت خلال مارس (آذار) بنسبة 4.6 في المئة مقارنة بأعلى مستوى لها في أغسطس (آب)، وفقاً لمؤشر المقرض "نيشين وايد" المعدل موسمياً. 

في حين تبدو أرقام البيع التي لم يتم تعديلها للتغيرات الموسمية، أكثر وضوحاً، ففي أغسطس، تم بيع المنزل المتوسط في المملكة المتحدة بمبلغ 273.751 جنيه استرليني (340. 25 دولار) في مارس من هذا العام، وكان هذا الرقم 257.122 جنيه استرليني (319.370 دولار)، وهذا يمثل انخفاضاً قدره 16.629 جنيه استرليني (20.654 دولار)، أو 6 في المئة.

العقارات والبراغماتيون

اليوم، أصبحت سوق العقارات البريطانية مجالاً للبراغماتيين، فأولئك الذين لا يحتاجون إلى البيع سحبوا منازلهم من السوق، تاركين البائعين الذين يحتاجون إلى نقل أو تفريغ العقارات المستأجرة على استعداد للتضحية ببعض مكاسبهم الناتجة من جنون الوباء.

لكن السؤال الأكبر ليس إلى أين وصلت أسعار المساكن الآن، ولكن إلى أين تتجه؟ حيث يقول المحللون إن الثلث الأعلى من السوق هو المكان الذي ستهبط فيه الضربة أولاً، حيث يصبح شراء المنازل باهظة الثمن برهون عقارية كبيرة لا يمكن تحملها. في حين أن أصحاب العقارات الذين يشترون من أجل التأجير، الذين لم يعد بإمكانهم تعويض فائدة الرهن العقاري مقابل الأرباح، فسيكون لديهم حافز أكبر للبيع، وهو ما ينبغي أن يؤدي أيضاً إلى خفض الأسعار عندما تغمر السوق بالإيجارات السابقة. 

تهديد غير مرئي 

مرة أخرى في خريف 2022، واجهت السوق "أرمجدون" أو نهايتها بعد أن أثارت تداعيات الميزانية المصغرة لرئيسة الوزراء السابقة ليز تراس شبح الانهيار المالي، وأدت إلى ارتفاع معدلات الرهن العقاري بأسرع معدل على الإطلاق، لكن الأزمة مرت وانخفضت معدلات الرهن العقاري، واستقرت السوق وظهرت بوادر مبشرة.

لكن السؤال الأهم هل خرجت السوق من المعركة أم أن هذا فجر كاذب؟ فهناك تهديد كبير لا ينبغي تجاهله لمجرد أنه غير مرئي حتى الآن، والمتمثل في شروط الائتمان، أي مدى استعداد البنوك للإقراض، وهو عامل رئيس لسوق الإسكان لا يتم الحديث عنه بشكل كافٍ، كما يقول جون مولباور باحث أول في جامعة أكسفورد ومستشار حكومي سابق لـ"تلغراف". 

لقد كان انهيار "بنك وادي السيليكون" في أميركا من أعراض الخسائر البطيئة والمخادعة للارتفاعات المتتالية لأسعار الفائدة في البنك المركزي، ويتوقع أن يكون هناك مزيد من الضحايا، ولا يعرف الاقتصاديون بعد أين سيكونون.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال مولباور "تستغرق هذه الأشياء وقتاً أطول للعمل من خلالها مما قد تعتقد، عدم رؤية تأثير فوري يمكن أن يكون مضللاً"، محذراً من التأثير في المدى المتوسط، والذي يمكن أن يكون أكبر على حد قوله. وأضاف "هذا يمثل تهديداً محتملاً يلوح في الأفق لسوق الرهن العقاري، حيث تمتلك البنوك البريطانية محافظ كبيرة من السندات الحكومية، والمعروفة أيضاً باسم السندات الحكومية، ومع صرير النظام المالي تحت ضغط ارتفاع أسعار الفائدة، تتقلب أسعار السندات.

وأوضح مولباور "تقلصت محافظ البنوك، مما يعني أن ميزانياتها العمومية أصبحت أكثر تقييداً"، كما يحذر مولباور من أن انخفاض أسعار المنازل، والذي سيؤثر أيضاً على قيمة محافظهم الاستثمارية، سيضيف مزيداً من الضغط، قائلاً، "لو وضعنا كل ذلك معاً، أعتقد أن البنوك ستكون أكثر حذراً، وستكون معايير الإقراض الخاصة بها أكثر صرامة في الأشهر الـ12 المقبلة".

وهذا يعني على الأرجح "اختبارات القدرة على تحمل الكلفة" الأكثر صرامة بالنسبة إلى المقترضين، والقروض الأصغر بما يتناسب مع الدخل، ومعدلات الرهن العقاري المرتفعة على القروض للمشترين ذوي الودائع الصغيرة. 

في حين ستؤدي هذه التغييرات إلى تضخيم ضربة معدلات الرهن العقاري المرتفعة، والضغط الإضافي الذي لا يستطيع المشترون تحمله.

وأشار مولباور إلى أن نسب خدمة الدين، وهي مقياس لقدرة المقترضين على خدمة قروضهم العقارية، تبلغ ضعف ما كانت عليه في عام 2019، قائلاً إن "تأثير التدفق النقدي في المشترين الجدد المحتملين شديد للغاية". 

تشديد شروط الائتمان 

لكن في حال تم تشديد شروط الائتمان بشكل كبير، فقد تنخفض أسعار المنازل أكثر مما كان متوقعاً، واليوم أصبح سوق الإسكان البريطاني أكثر عرضة لمعدلات رهن عقاري أعلى من الأسواق الأوروبية الأخرى. ففي جميع أنحاء القارة، زادت مدفوعات خدمة الديون في المتوسط بمقدار الثلث بين عامي 2021 و2022، وفقاً لصندوق النقد الدولي، في حين كانت القفزة في بريطانيا بنحو 70 في المئة، وذلك لأن نسب الدين إلى الدخل مرتفعة بشكل خاص في البلاد، ولأن معدلات الرهن العقاري قد ارتفعت أعلى بكثير مما هي عليه في البلدان الأوروبية الأخرى. كما أن مالكي المنازل في بريطانيا أكثر عرضة للتغيرات في أسعار الفائدة، في حين أنه في دول مثل هولندا والدنمارك، يمتلك أصحاب المنازل نسبة دين إلى دخل أعلى مما لدينا، لكن لديهم صفقات ذات معدل ثابت أطول بكثير.

وعلى رغم أن هناك تأثيراً في المشترين الجدد، فإن التأثير أقل بكثير في التدفقات النقدية للأشخاص الذين لديهم رهون عقارية، وهو ما يترجم إلى متأخرات وإعادة ملكية، ويؤدي بدوره إلى التحذير الذي تمارسه البنوك في ميزانياتها العمومية بحسب، في حين أن المقترضين البريطانيين يتمتعون بحماية أكبر من معدلات أعلى من تلك الموجودة في بلدان مثل السويد، حيث الغالبية العظمى من الرهون العقارية هي صفقات بأسعار متغيرة تتقلب بما يتماشى مع أسعار الفائدة، لكن هذا الضمان قصير الأجل. 

وقال وكيل عقارات في لندن الآن فولر إنه غالباً ما تكون الصفقات ذات السعر الثابت في بريطانيا عبارة عن صفقات قصيرة الأجل تستمر لمدة عامين أو خمسة أعوام، على عكس الولايات المتحدة، حيث يستمر المشترون لمدة 30 عاماً، وهذا يعني أن عدداً كبيراً من مالكي المنازل الحاليين سيستمرون في التعرض لضربات الفائدة عند انتهاء صلاحية إصلاحاتهم، كما هو الحال بالنسبة لـ1.4 مليون مقترض خلال عام 2023. 

هدوء معدلات الرهن العقاري

لكن معدلات الرهن العقاري هدأت بشكل مطرد منذ ذروتها في الخريف، حيث كان متوسط السعر المعروض على الرهن العقاري ذي السعر الثابت لمدة عامين في 6 أبريل (نيسان) 5.32 في المئة، وفقاً لمحلل "موني فاكتس"، وكان هذا أقل من ذروة بلغت 6.65 في المئة في 20 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، في حين أن المشتري الذي يحصل على قرض بقيمة 200 ألف جنيه استرليني (248.419 دولار) سيدفع الآن 2660 جنيهاً استرلينياً (3.303 ألف دولار) أقل سنوياً في الفائدة. في حين أنه من غير المرجح أن تصبح الصفقات أرخص بكثير، حيث توقفت معدلات الرهن العقاري عن الانخفاض وشهدت زيادات هامشية منذ مارس، وقام المقرضون بإلغاء قسط التأمين الذي أضافوه في أعقاب الميزانية المصغرة لعام 2022. وربما لم تعد المعدلات تقترب من سبعة في المئة، لكنها عالقة عند مستوى أعلى بمرتين مما كانت عليه قبل عام، وخمسة أضعاف معدلات أقل من واحد في المئة التي تمكن المشترون من تأمينها خلال أعماق الوباء، وهذه المعدلات لن تنخفض حتى يبدأ "بنك إنجلترا" في خفض سعر الفائدة المصرفية، وكانت بيانات التضخم المرتفعة بشكل مفاجئ في فبراير (شباط) إشارة واضحة على أن تلك اللحظة لا تزال بعيدة المنال. 

ويقول مولباور "بالنسبة إلى (بنك إنجلترا) كان ذلك مروعاً جداً"، فسوق العمل الضيق عبء إضافي. وأضاف "سيكون البنك حذراً للغاية في شأن تخفيف الضغط والسماح للتضخم بالبقاء عالياً". 

في حين سيجعل التضخم من الصعب على صانعي السياسة التدخل وتخفيف الضغط على سوق الإسكان إذا انخفضت القيم بشكل كبير. ومع ارتفاع معدلات التضخم اليوم، فإن هذا ليس خياراً مطروحاً على طاولة البنك.

ويرى مولباور أن هذا الانكماش له أوجه تشابه أكبر مع ما كان عليه في أوائل التسعينيات، عندما كان البنك يعاني عجزاً مماثلاً عن خفض معدلات الفائدة.

اقرأ المزيد