Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القضاء الجزائري يلاحق وزير عدل بوتفليقة الأخير

يرى مراقبون أن هذه الخطوة تخفي كثيراً في طياتها وقد تكشف حجم الفساد الذي تورط فيه الطيب لوح

وزير العدل الجزائري السابق الطيب لوح (أ.ف.ب)

للمرة الأولى منذ انطلاق الحرب على الفساد في الجزائر، في مايو (أيار) الماضي، كلّف القضاء الجزائري ديوان قمع الفساد بفتح تحقيق مُعمقٍ ضد آخر وزير للعدل في فترة حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الطيب لوح (68 سنة). وهي خطوة قرأها مراقبون على أنها تخفي كثيراً في طياتها، وقد تكشف حجم الفساد الذي تورط فيه القاضي السابق.

وتفاعل محامون وعاملون عدة في قطاع العدالة، وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، مع بيان أصدرته محكمة سيدي أمحمد الجزائرية، مساء الثلاثاء، يقضي بمنع لوح من السفر إلى خارج البلاد لضرورة التحقيق، من دون تقديم تفاصيل أكثر حول طبيعة القضايا المتهم بها.

وقبل قرار المحكمة الجزائرية ضدّ القيادي في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم سابقاً، طرحَ قطاع واسع من الجزائريين تساؤلات عن أسباب عدم استدعائه للتحقيق معه، على اعتبار أنه قاد خلال فترة حكم بوتفليقة قطاعات حساسة عدة، آخرها كان وزارة العدل (2013 - 2019)، التي وُصفت فترة تسييره لها بالأسوأ، لكونها شهدت تراجعاً ملحوظاً في الحرّيات الفردية والجماعية، وتفشياً واسعاً للفساد لم تعرفه البلاد في تاريخها.

رد الاعتبار

في تعقيبه على تكليف الديوان المركزي لقمع الفساد بفتح تحقيق ابتدائي ضد لوح، قال المحامي والناشط الحقوقي الجزائري عبد الغني بادي إن هذه الهيئة الحكومية تملك صلاحية التحقيق والإخطار وحتى تقديم الشكاوى والتقارير، وبإمكانها التحرك تلقائيًا من دون تكليف، موضحاً "لكن كل المصالح التي كانت معنيّة بمكافحة الفساد تم تقييد عملها أو فرض نوع من الهيمنة عليها، حتى أن كثيراً من الملفات بقيَ حبيس الأدراج، بإيعاز من لوح نفسه خلال زمن هيمنته على قطاع القضاء".

ويعتقد بادي، في حديث مع "اندبندنت عربية"، أن "إطلاق يد هذا الجهاز في قضية لوح بالذات رسالة واضحة بأن الأجهزة المعطّلة خلال حكم بوتفليقة لم تعد كذلك، وأن أولّ من كان السبب في شلّها سيكون أول ضحية".

وعلى الرغم من ذلك، لا يتوانى بادي في التأكيد أن "المسار القضائي المستقبلي لهذه الملفات يبقى مجهولاً ومرتبطاً بمدى استقلالية القضاء والإرادة السياسية في ذلك، وحتى مخاضات المرحلة المقبلة لها كلمتها في كل ما يحدث الآن".

التباهي بالإصلاحات

يعتبر لوح، الحائز على شهادة ليسانس في الحقوق عام 1979، والذي تقلد مناصب عدة في سلك القضاء بداية من تعيينه قاضياً بمرسوم رئاسي عام 1981 وصولاً إلى حقيبة وزارة العدل عام 2013، من أحد أبرز رجالات نظام بوتفليقة، وأشد المدافعين عما كان يسميه "الإنجازات" المحقّقة في فترة تقلّده الحكم، خصوصاً في قطاع العدالة، حتى أنه كان يُهاجم من ينتقدها ويصف هؤلاء بـ"الجاحدين"، بينما كان يصف التقارير الدولية المندّدة بتراجع حقوق الإنسان في الجزائر بـ"المتحاملة" و"المغلوطة".

وينحدر لوح من المنطقة نفسها التي ينحدر منها بوتفليقة، في تلمسان غرب الجزائر. ويتهمه ناشطون حقوقيون وقانونيون بتوظيف جهاز القضاء لخدمة ما يسميها الجزائريون "العصابة". إذ شهدت فترة تسييره القطاع متابعات في حقّ المعارضين لبوتفليقة، إضافة إلى فضائح فساد بالجملة منها قضية 701 كيلوغرام من الكوكايين الشهيرة، التي لا تزال العدالة تحقّق فيها لحد الساعة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى الرغم من إظهار ولائه لبوتفليقة، إلا أن لوح لم يخفِ رغبته في قيادة البلاد خلفاً للرئيس. إذ تصدّر في الأشهر الأخيرة، التي سبقت الحراك الشعبي، المشهد السياسي، وأصبح يدلي بتصريحات سياسية، لحجز مكان له في مرحلة ما بعد بوتفليقة.

ويعتقد كثير من المراقبين أن فتح التحقيق مع لوح في وقائع فساد، رسالة يراد من ورائها طمأنه الشارع الجزائري، حول استقلالية القضاء، وإعطاء "الشرعية" للحرب على الفساد التي تقودها السلطات ضد رجالات بوتفليقة، وذلك قبل أسابيع من انطلاق جلسات الحوار التي يعوّلُ عليها لتجاوز حالة الانسداد التي تعيشها البلاد.

محاكمة علنية

مع استمرار التحقيق مع رؤوس الفساد في الجزائر، تعلو أصوات تطالب بأن تكون المحاكمات علنية. وهو المطلب الذي رفعته جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، التي يترأسها عبد الرزاق قسوم، الذي قال في تصريحات صحافية إن محاكمة المتورطين في قضايا الفساد يجب أن تكون بطريقة "علانية" و"شفافة"، حتى يشهد لها الجميع، داعياً إلى الإسراع في تكوين حكومة ذات كفاءة وطنية وذات صدقية، لا يكون فيها مكان للفاسدين أو المفسدين الذين تورّطوا في قضايا فساد مالي، أو ذمة مالية أو قضايا سياسية فاسدة.

وبملاحقة لوح من قبل القضاء يكون عدد الوزراء السابقين الذين تجري متابعتهم 13 وزيراً، بينهم ثمانية تم إيداعهم رهن الحبس، كان آخرهم وزير الأشغال العمومية والنقل السابق عمار غول، الذي أودع السجن الخميس الماضي بسبب تورطه في قضية فساد تخص صفقات ومنافع غير قانونية من رجل أعمال.

كما تم إيداع وزير الصناعة السابق محجوب بدة السجن، في 17 يوليو (تموز) الحالي، بعد التحقيق معه في قضية فساد تخص منح امتيازات غير قانونية، إضافة إلى كل من رئيسَي الحكومة السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال.

وأودع السجن أيضاً وزير التجارة الأسبق عمارة بن يونس ووزيرا التضامن السابقان جمال ولد عباس والسعيد بركات ووزير الصناعة السابق يوسف يوسفي، فيما يوجد عدد آخر من الوزراء قيد الرقابة القضائية، بينهم وزير النقل السابق عبد الغني زعلان ووزير المالية الأسبق كريم جودي.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي