Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مهزوم ومرهق وغامض... لماذا لم يعد نتنياهو كما كان؟

عدم ثقة قيادات الاحتجاج به قد يعيد الأزمة إلى المربع الأول وطرح قانون "تعيين القضاة" يعزز شكوكها

خرج قياديون من "الليكود" بتصريحات تعكس انعدام ثقتهم فيه وخوفهم من المستقبل (أ ف ب)

ملخص

تظهر استطلاعات الرأي تدهور شعبية #نتنياهو وحزبه "#الليكود" كما توضح فرقاً متزايداً بين معسكره اليميني ومعسكر الوسط لصالح الأخير

ظهوره مهزوماً مرهقاً بعد 10 ساعات من موعد خطابه للجمهور، كان مشهداً لم يعتده الإسرائيليون من جانب من سموه "ملك إسرائيل" بنيامين نتنياهو. فتلك الشخصية المعروفة بحنكتها السياسية وذكائها وقدرتها على التغلب على الصعاب، وهي صفات لم يختلف عليها اثنان في إسرائيل، لم تصمد هذه المرة أمام الاحتجاجات التي أظهرت إسرائيل أمام حال انهيار خطرة، وانقسام هو الأخطر منذ قيامها ما بين جمهور اليمين الذي خرج بتظاهرات داعمة لخطة "الإصلاح القضائي"، ويسار وجمهور واسع حتى ممن لا يتدخلون بالسياسة بقيادة منظمي الاحتجاج ضد "خطة الإصلاح".

تدهور خطر وصلت إليه إسرائيل إلى حد تحذير قياديين وسياسيين من انهيار الدولة، مما استدعى بنيامين نتنياهو إلى الرضوخ والإعلان عن حل وسط بتأجيل التصويت على الخطة، لكنه حل لم يضمن ثبات استقرار إسرائيل إلى فترة تتجاوز أعياد اليهود بكثير، أو حتى تصل إلى يوليو (تموز)، وهي الفترة التي حددها نتنياهو لتأجيل عملية التصويت على خطة "الإصلاح".

كان يكفي أن يصل إلى هذه التسوية مقابل رضوخه لمن يدير الحكومة بشكل فعلي، وهو اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، الذي كسب موافقته على تشكيل ميليشيات تابعة له من المتوقع أن تكون أخطر نوعية ميليشيات مستوطنين تشهدها إسرائيل. وعملياً فإن قبول تشكيل حرس وطني لبن غفير يعني شرطة ثانية خاصة به، تماماً كما هو الوضع مع الإدارة المدنية التي منحت صلاحياتها للأكثر تطرفاً بتسلئيل سموطرتش، وقد قام عملياً بتقسيم الجيش، وكان هذا القرار واحداً من القرارات التي أحدثت شرخاً بين المؤسسة العسكرية والسياسية بعد اتفاقيات الائتلاف مع بن غفير وسموطرتش.

الشك قد يفشل الحوار

إعلان نتنياهو عن تأجيل التصويت على خطة الإصلاح وجد ترحيباً من قبل القيادة السياسية المعارضة، لكن قيادة الاحتجاج لم ترحب لعدم ثقتها به كما هي حال أغلبية الإسرائيليين، حيث تظهر استطلاعات الرأي تدهور شعبية نتنياهو وحزبه "الليكود"، وتبين أن فرقاً متزايداً بين معسكره اليميني ومعسكر الوسط لصالح الأخير.

انعدام الثقة أيضاً من داخل حزبه "الليكود" تزايد مع قرار إقالته وزير الأمن يوآف غلانت، فعلى رغم تراجعه عن هذا القرار لكن صداه ومجرد اتخاذه لم يغير الموقف منه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في قيادة الاحتجاج يرون أن الضغوط التي مورست على نتنياهو للإعلان عن تأجيل التصويت على خطة الإصلاح لم تقتصر على ضرورة تهدئة الاحتجاج وإفشاله، بل هي مبنية على الخوف من خسارة الحزب في أعقاب استطلاعات الرأي، وفي أول امتحان لنتنياهو بعد أقل من 24 ساعة من إعلان التسوية تأكدت صحة موقف قيادة الاحتجاج، مما أسهم في تعزيز عدم الثقة بنتنياهو، إذ فوجئ الإسرائيليون بطرح مشروع لتعديل "قانون أساس القضاء" على طاولة سكرتارية الكنيست تمهيداً للتصويت عليه بالقراءتين الثانية والثالثة وإقراره في لجنة القانون والدستور، وهو مشروع يهدف إلى تغيير تركيبة لجنة تعيين القضاة وسيطرة الائتلاف عليها.

وفي قبوله تأجيل التصويت على خطة الإصلاح، استهدف نتنياهو أيضاً إرباك حسابات قيادات الاحتجاج وإفشالها إلى حين الوصول إلى تفاهمات حول بعض الأمور الجوهرية مع المعارضة، والأهم عدم الذهاب إلى القضاء.

بن غفير الذي هدد في أكثر من مناسبة بأنه سيقوم بتفكيك الحكومة في حال عدم الاستمرار بالتصويت على "خطة الإصلاح" أدرك أنه سيخرج خاسراً من هذه المعركة، وفي حال خرج من الحكومة فلن يجد له حزباً قوياً يحقق أهدافه وطموحاته، وعليه وافق على تأجيل التصويت ليصبح قائداً لميليشيات مستوطنين تحت اسم "الحرس الوطني"، مع إصراره ليس فقط على تنفيذ خطة الإصلاح بعد أربعة أشهر، إنما الانقلاب على أنظمة الحكم في إسرائيل.

في جميع الحالات لم يبعد نتنياهو الخطر عنه، وعدم استقرار الدولة العبرية سيبقى غير مضمون، طالما أن بن غفير وسموطرتش يقودان الحكومة ويرسمان لها الخطط، مع دراية كافية للاثنين حول كيفية ابتزاز نتنياهو.

نقترب من نهاية العهد

يرى روني شكيد المتخصص في الشؤون السياسية في معهد "ترومان" بالجامعة العبرية في القدس، أن "بن غفير هو إنسان يعرف كيف يهدد ويبتز نتنياهو، ولكن في نهاية الأمر لن يكون أمام الأخير أي مبرر سوى التوجه نحو طريق التصحيح إذا أراد التمسك بالحكومة، وهو يريد التمسك بها".

أحد السيناريوهات المطروحة بعد تأجيل خطة الإصلاح القضائي، هو انسحاب بن غفير من الحكومة وانضمام بيني غانتس. وكغيره يأمل شكيد ألا ينضم غانتس لحكومة برئاسة نتنياهو، "أولاً لأن هناك حاجة ضرورية لأن يذهب نتنياهو إلى البيت، وثانياً على غانتس كأي سياسي آخر قادر على أن يكون رئيساً للحكومة أن يقدم الدعم للدولة وليس لنتنياهو، ودعم الدولة يكون بضمان استقرارها وتقوية أمنها، وهذا لا يمكن تنفيذه اليوم بشخص نتنياهو".

وأوضح شكيد أن "إسرائيل ما زالت، حتى بعد تسوية نتنياهو، تعيش أزمة خطرة لم يسبق أن واجهتها بسبب نتنياهو وشخصيته، بعد أن تبين أن من أمسك بالحكومة وأدارها هم ليفين وبن غفير وسموطرتش وروتمان، من دون أن يكون نتنياهو قادراً على قول كلمة واحدة أو معارضتهم".

وأضاف "هو يعتقد أن إسرائيل مملكة، وأنه الملك الذي يرضخ له الجميع، لكنه سيدفع ثمن ذلك، والأهم في كل ما حصل أننا بالتأكيد نقترب من نهاية عهد نتنياهو، وهذا ربح كبير لنا".

ويؤكد شكيد أن الحاجة اليوم تتطلب تشكيل دستور لإسرائيل "ليكون أداة للديمقراطية، ومن خلالها أيضاً نضمن حرية للأقلية وهدوء لأجيال".

الوضع ما زال خطراً

عدم الثقة بنتنياهو لم يقتصر على معارضي خطة الإصلاح وقيادة الاحتجاج فحسب، بل امتد إلى داخل حزبه "الليكود"، وهو جانب يقلق نتنياهو ووزراء حكومته، وقد خرج قياديون من "الليكود" بتصريحات تعكس عدم ثقتهم به وخوفهم من المستقبل.

وزيرة التربية والتعليم والرياضة السابقة ليمور لفنات، وصفت الوضع الحالي بـ"الخطر"، قائلة "عندما لا يصغي رئيس حكومة إسرائيل لمحافل أمنية في وقت تكون الدولة محاطة بتهديدات هي الأخطر في العالم، ويقيل وزير أمنه، ويصر على تشريع قوانين تمس بالديمقراطية، فهذا مصدر قلق لنا جميعاً".

وأضافت لفنات المعروفة بمواقفها اليمينية المتطرفة، وإن لم تدعم خطة الإصلاح، "يسأل كثيرون من الجمهور الإسرائيلي ماذا حصل لنتنياهو، الساحر، ملك الحملات، الخطيب العظيم، ذاك الذي تسير كاريزمته وسحره الشخصي أمامه، ماذا حصل له؟".

وتابعت "يسألون في الإدارة الأميركية وزعماء في أوروبا، إلى أين يقود الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط فيما يحاول تحطيم جهاز القضاء، ذاك الذي هو نفسه تباهى به جداً، وبفضل مكانته الدولية لا يتم تقديم طيارينا، ضباطنا ومقاتلينا، الذين يعملون خلف خطوط العدو إلى المحاكمة في لاهاي، ماذا حصل له؟ يسأل أصدقاء إسرائيل ومؤيدوها في العالم كله، إلى أين يركض، ولماذا هكذا، لماذا العجلة؟ العالم لا يفهم".

وأضافت "في الليكود أيضاً لا يفهمون. كثيرون في قيادته وحتى بين النواب لا يفهمون ماذا حصل لنتنياهو الذي عرفوه، الذكي، الحاد، المفكر، الأمني، الخبير في الاقتصاد الذي أنقذ الاقتصاد كوزير للمالية؟".

وترد لفنات "نتنياهو، الذي عملت معه سنوات طويلة لم يعد نتنياهو نفسه. الوضع الآن خطر جداً، ولا يوجد أمامه سوى الدخول إلى مسار الحوار انطلاقاً من الأمل في أن ينجح".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير