Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محافظ لبناني: النازح السوري يتقاضى شهرياً أكثر من راتبي

بشير خضر يفند بالأرقام أعباء النزوح على البنيتين التحتية والاجتماعية وحقيقة المساعدات الدولية

عبء اللجوء  يسلط الضوء على "السياسات والإجراءات الحكومية الخاطئة في لبنان" (اندبندنت عربية)

ملخص

#المحافظ_بشير_خضر راتبه أدنى مما يتقاضاه #النازح_السوري و#لبنان يشكل عدد النازحين فيه ثلث السكان

في كل مناسبة، وعند كل استحقاق، يترجم الانقسام اللبناني في المواقف حول القضايا "ذات الحساسية العالية"، وفي قلبها ملف "النزوح السوري إلى لبنان". وما إن أدلى محافظ بعلبك - الهرمل بشير خضر بمداخلة خلال اجتماع الهيئات الإغاثية في المحافظة، معلناً أن "النازح يتقاضى أكثر منه شهرياً"، حتى ظهر سيل من المواقف المؤيدة للمحافظ وأخرى معارضة له.

رد فعل عفوي

أعاد كلام المحافظ بشير خضر إنتاج "الخطاب السجالي" حول كيفية مقاربة ملف "النزوح السوري إلى لبنان"، وفشل الدولة اللبنانية في وضع خطة لضبط عملية الوجود في البلاد، وحركة الانتقال والتهريب على الحدود. يوضح المحافظ خضر ملابسات الفيديو المسرب، الذي تضمن موقفاً واضحاً لناحية الأعباء التي يعانيها لبنان. وفي حديث لـ"اندبندنت عربية"، يؤكد بشير خضر أن كلامه جاء في اللقاء التنسيقي للمنظمات والجمعيات في المحافظة بدعوة من مفتي بعلبك الشيخ بكر الرفاعي، وأضاف "كان لي كلمة خلال اللقاء حصرتها بالشق التنظيمي، لم أتطرق فيها للمواضيع التي صدرت عني لاحقاً في معرض ردي على أحد ممثلي النازحين الذي طالب بمساعدات إضافية لمخيمات عرسال الذي صدر بعد مغادرة وسائل الإعلام".

 

يتمسك بشير خضر بموقفه و"رد الفعل العفوي" الذي صدر عنه لناحية "النزوح لا يمكن أن يكون إلى الأبد"، مكرراً "لا يمكن لنازح في بلدي، يتقاضى مساعدات تفوق ما أتقاضاه، أن يطالبني بتحسين ظروفه ومساعدات أعجز عن تقديمها للمواطن اللبناني". ويضيف "أنا لم أعد قادراً على الاستشفاء بسبب تراجع تقديمات تعاونية موظفي الدولة، ولا يستقبلني أي مستشفى من دون وضع تأمين مالي على صندوق الدخول إلى المستشفى"، "كما يتقاضى النازح مساعدات مالية وغذائية وطبابة وتعليم، في مقابل حرمان الموظف الرسمي والمواطن اللبناني".    

يكشف المحافظ خضر عن بعض المطالب التي تلقاها، وفي مقدمها زيادة عدد المخيمات، لتتناسب مع الزيادة الطبيعية للعائلات التي تقطن فيها.

يرفض خضر وضع كلامه في "خانة التحريض العنصري"، مذكراً أنه في الفيديو نفسه، كان يخاطب الحاضرين بـ"أنتم أخوتنا، ولا يمكن أن نتخلى عنكم"، مستدركاً "لكن في المقابل، تعبنا، ولم تعد لدينا القدرة على تحسين ظروفهم"، و"نحن سبق لنا أن تهجرنا وهاجرنا، ولكن لم نشكل ثلث سكان أي بلد، لا بل ذهبنا وعملنا لتجاوز تأمين الاكتفاء وتجاوز الأزمة. وهذا الأمر ينسحب على نسبة من السوريين الذين يشكلون حاجة إلى الاقتصاد اللبناني، وهم موجودون هنا حتى قبل الأزمة السورية".  

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أعباء كبيرة

يشكو بشير خضر أعباء إضافية للنزوح على الخدمات العامة في لبنان، رافضاً مقولة إنهم "يعيشون على نفقة المساعدات التي تقدمها مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة"، إذ "شكل النزوح عامل ضغط على البنى التحتية المنهكة أصلاً، واستهلاك 50 بالمئة من الكهرباء المنتجة في بعلبك - الهرمل منذ عام 2012، التي يذهب أغلبها سرقة إلى المخيمات. كما أنه فاقم أعباء البلديات في جمع النفايات". ويعود خضر إلى الفترة السابقة على الانقطاع شبه التام للكهرباء عن لبنان، "عندما كانت التغذية بمعدل 12 ساعة في لبنان، كان النزوح يستهلك 500 ميغاوات كهرباء من أصل 1800 ميغاوات مولدة في معامل الدولة، وتقدر الخسارة السنوية بـ 330 مليون دولار سنوياً". كما يتطرق إلى موضوع المدارس الرسمية، حيث يحرم الطلاب اللبنانيون من التعليم بسبب الإضراب، فيما استمر الدوام المسائي للطلاب السوريين، وتعرضت المنشآت للاستهلاك.

الانفجار السكاني

ينبه بشير خضر إلى أن "النازحين السوريين يشكلون ثلث سكان لبنان، وهذا لم يحصل بتاريخ الحروب أن استقبلت بلاد نسبة كهذه"، مستشهداً بالشكوى من أثر أزمة النزوح الأوكراني إلى أوروبا بسبب العبء الكبير لهؤلاء على الوضع المالي والاقتصادي. ويشير إلى أن "48  في المئة من النازحين أطفال دون سن 15 سنة، ما يشي بالتزايد السكاني السريع"، يقيمون في أكثر من 1000 مخيم في المحافظة، تحظى عرسال بالحصة الأكبر بسبب وجود 100 مخيم، محذراً من "انفجار سكاني للمخيمات في حال عدم وجود خطط لإعادة النازحين إلى بلادهم، حيث سنكون أمام مطالبة بتأمين أراض إضافية لإقامة مخيمات جديدة". كما يتخوف المحافظ خضر من "حصول أعمال بناء داخل المخيمات، وظهور مبان من طبقات متعددة في لحظة تفلت أو فوضى قد يعيشها لبنان". ويكشف عن "رصد أعمال بناء داخل بعض الخيم"، قائلاً "في السابق سمحنا بصب الأراضي بالإسمنت، وإقامة جدران حماية بعلو 150 سنتمتراً لحماية السكان من الأمطار. ولكن ذلك تطور إلى إقامة جدران داخل الخيمة وقسمتها إلى غرف، ووضع سقف ’إترنيت‘. ولكن استدركنا الأمر، ونزعنا عدداً كبيراً من التعديات".  

كما فاقمت كثافة المواليد مشكلة "مكتومي القيد" غير المسجلين، ويلفت خضر في هذا المجال إلى قيام الأمم المتحدة بوضع آلية لتسجيل جزء كبير منهم، ولكن في المقابل "هناك شريحة من غير المسجلين، تخلق مشكلة مستقبلية في حال بلوغهم سن 18 سنة، وعودة أهاليهم إلى سوريا من دون الاعتراف بهم".   

خسائر كبيرة

رداً على الفرضية القائلة بـ"ضخ الجهات المانحة لمليارات الدولارات على شكل مساعدات في ظل الحاجة الماسة إلى العملة الصعبة"، يتحدث خضر عن "أرقام مضللة"، لأن "الخسارة على الاقتصاد اللبناني أكبر بكثير من أي كسب ولدته مساعدات مجتمع النزوح"، مؤكداً "خلال فترة 12 سنة سابقة تخطت الخسائر الاقتصادية 40 مليار دولار"، ناهيك عن "استفادة النازحين المقدر عددهم بمليونين و300 ألف نسمة من المواد المدعومة"، و"استفادتهم من تثبيت سعر الصرف عند مستوى 1500 ليرة لبنانية للدولار الواحد".  

يتطرق خضر إلى ما أسماه "مقاومة العودة بأشكالها كافة"، إذ يسود شعور بـ"رفض النازح القاطع العودة إلى بلاده"، مرجحاً أن "الأسباب هي اقتصادية وليست أمنية، لأنه لم يتم التعرض لمن عاد سابقاً في سوريا". ويعتقد خضر أن "هناك من يهول عليهم لناحية خسارة المساعدات في حال الرجوع إلى سوريا، ومن الخدمة العسكرية لمن يبلغ سن 18 سنة".   

اللجوء والسياسات الحكومية الخاطئة

يقود الحديث عن عبء اللجوء وأثره في البلاد الحاضنة إلى تسليط الضوء على "السياسات والإجراءات الحكومية الخاطئة في لبنان"، فهي لم تنجح في تنظيم اللجوء، وإعادتهم إلى بلدهم. كما لم تنجح في ضبط تهريب البضائع والبشر، أو حتى حصر المستفيدين من الدعم الحكومي، إضافة إلى سقوط هيكل الدولة ومؤسساتها التعليمية والقضائية والأمنية والمالية والصحية وغيرها.

وفي هذا السياق يعود المحافظ بشير خضر ليؤكد عدم تحميل النزوح السوري للأزمة الراهنة في لبنان، لأننا نتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية، فالنزوح هو أحد العوامل التي سرعت الانهيار وليست سببه، ومن الغباء القول إنه المسؤول عن بلوغ سعر صرف الدولار 140 ألف ليرة لبنانية.

كما يرد خضر على اتهام "الدولة مقصرة في كبح التهريب وضبط الحدود اللبنانية - السورية، بالتالي استنزاف ما تبقى من دولارات على استيراد بضائع وتهريبها إلى الجانب الآخر من الحدود"، بالقول "في عام 2021، إبان أزمة المحروقات والتهريب، كان لدي موقف واضح من تهريب المحروقات إلى سوريا، وضرورة رفع الدعم عن البنزين لوقف تهريبه على رغم الضرر اللاحق بموظف القطاع العام"، مؤكداً "وجوب توجيه السؤال المتصل بالخطوات العملانية لوقف التهريب إلى الحكومة المركزية، وليس إلى موظف مهمته تطبيق القانون والأوامر".

وفي ما يتعلق بحدوث "موجة نزوح جديد في أعقاب زلزال السادس من فبراير (شباط)"، يؤكد خضر عدم ملاحظة أي نزوح من مناطق الزلزال إلى محافظة بعلبك - الهرمل، مشدداً على أن "الأجهزة الأمنية مصممة وفق حاجات الشعب اللبناني، ووجود أكثر من مليوني نازح يزيد من الضغط ويفاقم مستوى الجريمة"، ويستنزف المؤسسات ويسبب أعباء إضافية على الأجهزة التي لا تمتلك القدرات لصيانة سياراتهم أو تأمين الوقود".

سجال متجدد

خلق كلام المحافظ بشير خضر حالاً سجالية في البلاد، فمن ناحية وصف فريق من اللبنانيين كلام خضر بـ"المقاربة الموضوعية". يشير بلال علامة (خبير اقتصادي) إلى أن "للنزوح أبعاداً أكثر بكثير من البعد المالي، فهو ذو أثر اقتصادي واجتماعي بفعل الاستهلاك الكثيف للبنى التحتية اللبنانية سواء مرافق الصرف الصحي، أو مياه الشفة والكهرباء والاتصالات، وغيرها من القطاعات التي لم تعد تحتمل الأعباء بفعل عدم تجديدها أو توسعة طاقتها منذ أكثر من 15 عاماً. كذلك تزايد الولادات التي يعجز الأهالي عن تسجيلها في بلادهم، وعدم إمكانية العودة"، و"في وقت هناك 830 ألف لاجئ مسجل لدى المفوضية، تشير التقديرات الرسمية بوجود مليونين و100 ألف نازح سوري بحسب ما صرح به المدير العام للأمن العام عباس إبراهيم قبل تقاعده، وهو رقم يفوق القدرة على رعايته، ولا علاقة للزلزال بتلك الزيادة".

يلفت علامة إلى أن "الأموال التي أنفقت منذ عام 2012 لغاية 2014، كانت تقدر سنوياً بـ 800 مليون دولار مخصصة للنازحين وتأمين خدمات. إلا أنها شهدت تراجعاً فيما بعد، لغاية 2020، حيث وصل إلى 600 مليون دولار. كما تراجعت تقديمات مفوضية اللاجئين لاحقاً، مما أثار حفيظة قاطني المخيمات، مستشهداً بأزمة المياه داخل المخيمات". كما يتطرق علامة إلى أثر الحرب الروسية - الأوكرانية، ومنح الأولوية للنازحين من أوكرانيا إلى أوروبا، حيث تقلصت حصة لبنان لصالح هؤلاء.

يقر بلال علامة بأن المساعدات تضخ بعض الدولارات في السوق، مؤكداً أن "السوق اللبنانية لا تعاني شحاً في الدولارات، لا بل إن الكتلة الموجودة في لبنان تفوق حصتنا المفترضة، ومن ثم فإن استعمال هذه الدولارات كما يحصل غير مفيد على خلاف ما يروج له، ولن يكون لها أثر في كبح جماح الدولار". ويطالب بـ "معالجة النزوح على قاعدة أنه عملية موقتة ـ تنتهي بانتهاء مسبباتها، ومن ثم معالجة ملفات من تبقى، ولا يمكنه العودة".

الأبعاد السياسية

يكتسب ملف اللاجئين السوريين في لبنان أبعاداً مختلفة، ولا يمكن إغفال بعض الأبعاد الكامنة في اللاوعي الجماعي، على غرار حفظ التوازنات ضمن النسيج السكاني المذهبي، وكذلك البعد السياسي المنقسم على ذاته. ويشعر كثير من اللاجئين بالغبن، فهناك شريحة كبيرة منهم، "تعاني في تأمين الحد الأدنى من الحاجات الأساسية على غرار المواطن اللبناني، ولا يستفيدون من تقديمات مفوضية اللاجئين"، ومن ناحية ثانية يتحدث علي أحد الناشطين السوريين في الكورة، عن المساواة في الاستفادة من برامج الدعم للمواطنين اللبنانيين، واللاجئين السوريين والفلسطينيين من بعض برامج الرعاية الصحية الممولة من الجهات الدولية المانحة.

يصف الباحث عباس الطفيلي موضوع النازحين بـ"شديد الحساسية" الذي يجب حله بعيداً من التحريض العنصري، كما أنه عرضة للاستغلال من قبل الطبقة السياسية. لذلك "يجب اللجوء إلى أساليب لا تؤثر في النازحين من جهة، ولا تسبب مزيداً من العبء على الوضع اللبناني الصعب". وينصح الدولة اللبنانية باعتماد بعض المعايير الموضوعية، فـ "من يمر على الأمن السوري، وينتقل بين البلدين بسهولة، يمكن اتخاذ إجراءات لعودته إلى بلاده". وينتقد التوجه الذي يحمل اللاجئين السوريين مسؤولية المشكلات كافة والأزمات في لبنان، لأن "ذلك سيحولهم إلى قنبلة موقوتة والتضييق قد يقود إلى النقمة، لأنهم بالنهاية بشر، وهو ما قد يدفعهم نحو المشكلات الأمنية"، مستذكراً "التعاميم والقرارات التي تمنع اللاجئين السوريين من التجول في القرى اللبنانية بعد ساعة محددة". 

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي