Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الكل ضد الكل في لبنان: المودعون والمصارف والدولة

إضراب جمعية المصارف مستمر مع استثناء أجهزة الصراف الآلية

 قررت مصارف لبنان استئناف إضرابها "اعتراضاً على القرارات القضائية التعسفية" في حقها (أ ف ب)

ملخص

المتاهة اللبنانية: مودعون يقاضون #المصارف التي تدعي على دولة تأمر بتوقيف حاكم المصرف المركز #رياض_سلامة

المواجهة بين جمعية المصارف والدولة اللبنانية وصلت إلى نقطة اللاعودة، إذ ترفض الجمعية العودة عن الاضراب قبل رضوخ الدولة للمطالب التي تعتبرها محقة، لا سيما قضية الأحكام القضائية التي تعتبرها مشبوهة ومسيسة وتستهدف إفلاس المصارف.

وتعتبر الجمعية أن القضاء ألزم سابقاً المصارف بقبول تسديد ديون المقترضين بالدولار بما يوازيها بالليرة اللبنانية على السعر الرسمي السابق، أي 1500 ليرة للدولار الواحد، في حين بات يصدر أحكاماً تلزم المصارف بتسديد الودائع بالدولار النقدي، وبات يعتبر أن "الشيك المصرفي" ليس وسيلة إيفاء.

ووفق مصادر في جمعية المصارف فهناك تصور لدى معظم أصحاب البنوك أن الحكومة الحالية تسعى من خلال خطتها وإجراءاتها إلى التنصل من مسؤولية الانهيار المالي وتحميله المصارف، مشيرة إلى أن ما ظهر في مسودات خطط "النهوض المالي" ورفض الدولة تحمل جزء من الخسائر، وأن مسؤولية الفجوة المالية يجب أن تتحملها المصارف ومصرف لبنان، تؤكد جميعها النية المضمرة.

وتشدد على أن القطاع المصرفي وصل إلى الخطوط الحمراء في التحمل ولم يعد قادراً على الاستمرار بهذه الطريقة المكشوفة ضده وبتحميله الانهيار، لذلك لجأ إلى الإضراب وتقديم طعن إلى مجلس شورى الدولة ضد الدولة اللبنانية.

وحتى الآن لا يزال الإضراب غير شامل، وهو لم يشمل الصرافات الآلية التي لا تزال تعمل وتمول بالسيولة، وكذلك العمليات المصرفية الرقمية، وإضافة إلى ذلك فإن بعض الفروع الكبرى والأساس تقوم بفتح أبوابها جزئياً ليوم أو يومين أسبوعياً، وتستدعي الموظفين ضمن دوامات متفرقة للعمل من الداخل بهدف تسيير بعض العمليات الضرورية والطارئة المرتبطة بالشركات، وضخ الأموال في الصرافات الآلية التي تبقى في العمل لخدمة الزبائن، وضمنها صيرفة أيضاً للقطاع العام"، لافتاً في المقابل إلى أن نظام مقاصة الشيكات متوقف.

خلل قضائي

وفي هذا السياق يؤكد محامي جمعية المصارف أكرم عازوري أن هناك خللاً فاضحاً في المرفق العام القضائي دفع الجمعية إلى اللجوء لإعلان الإضراب بهدف الضغط على السلطة بشقيها السياسي والقضائي لاتخاذ التدابير ومعالجة الخلل.

وحول مدى تأثير الدعاوى المقامة على بعض المصارف اللبنانية في الخارج، أكد عازوري أن "كل حكم يصدر في الداخل أو الخارج يعطي أحقية لمودع على حساب مودع آخر يسهم بتفاقم الأزمة والخلل وعدم المساواة، إذ إن لكل مودع حق استرجاع وديعته كاملة. وأضاف، "المصارف ملك المودعين وليست ملك المساهمين، ولذلك تستميت حالياً للدفاع عن الملاك الحقيقيين لها، أي المودعين، ولا وجود للمصارف من دون المودعين".

مسؤولية الدولة

وفي مؤشر يعكس التصعيد بعدما لمست جمعية المصارف عدم جدية الدولة في معالجة الإشكالات القانونية مع بعض القضاء، تقدمت الجمعية عبر عازوري بطعن أمام مجلس شورى الدولة لإبطال الاحكام القضائية، والشق المحدد من خطة التعافي الذي يعفي الدولة من موجب رد ما استدانته خلافاً للقانون من المصرف المركزي، وهي تتملكه نهائياً خلافاً للدستور، ومطالبة الدولة بموجب المادة (113) في قانون النقد والتسليف ملزمة بتسديد كل خسائر المصرف المركزي، وهي التي تعفي نفسها بنفسها من هذا الموجب.

وأشار عازوري في حديث صحافي إلى أن الدولة تخالف كل القوانين وتقضي بالنتيجة على المصارف والمودعين نهائياً، مشيراً إلى أن الدولة تخالف الدستور وتسعى إلى امتلاك أموال المودعين التي استدانتها وبالتالي فهي تتعدى على الملكية الخاصة، موضحاً أن الدولة لا تستطيع إعفاء نفسها بنفسها من موجب رد ما استدانته من المصرف المركزي.

ولفت إلى أن النظام والقوانين شجعت الناس على وضع 300 مليار دولار كودائع في المصارف اللبنانية، والتي تمتعت بكفاءة وصدقية دولية عالية، وكذلك الثقة في القضاء الذي يحمي الملكية الخاصة إلى جانب الثقة في فصل السلطات، مما يمنع الدولة من مد اليد على الملكية الخاصة، مشدداً على ضرورة إعادة النظر بالخطة الحكومية.

الدولة تدعي على سلامة

من جهة أخرى تقدمت الأسبوع الماضي رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر، بصفتها الممثلة للدولة اللبنانية، بادعاء شخصي في حق كل من حاكم مصرف لبنان رياض توفيق سلامة وشقيقه رجا توفيق سلامة وماريان مجيد الحويك وكل من يظهره التحقيق، وذلك تبعاً لادعاء النيابة العامة الاستئنافية في بيروت بموجب ورقة الطلب المقدمة إلى قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة شربل أبو سمرا، بجرائم الرشوة والتزوير واستعمال المزور وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرب الضريبي، وطالبت إسكندر بتوقيفهم وحجز أملاكهم العقارية وتجميد حساباتهم المصرفية وحسابات أزواجهم وأولادهم القاصرين لمنعهم من التصرف فيها حفاظاً على حقوق الدولة اللبنانية، وإصدار القرار الظني في حقهم تمهيداً لمحاكمتهم أمام محكمة الجنايات في بيروت لإنزال أشد العقوبات في حقهم، لخطورة الجرائم المدعى بها في حقهم، محتفظة بحق تحديد التعويضات الشخصية أمام محكمة الأساس.

حماية قضائية

وفي وقت تتمسك المصارف بإضرابها ترى جمعيات وروابط المودعين أن الإضراب ابتزاز بوجه السلطة القضائية والدولة، ومحاولة استغلال الأزمة بالتنسيق مع مجموعة من النواب في البرلمان من أجل فرض إقرار قانون "كابيتال كونترول" بصيغة تؤمن للمصارف الحماية القضائية، وتجعلها في منأى من المساءلة والمحاسبة، وذلك للتصدي للدعاوى القضائية التي يرفعها المودعون ضدها في لبنان والخارج لاستعادة حقوقهم وأموالهم المحتجزة منذ أكثر من ثلاث سنوات.

صرخة دبلوماسية

وبسبب أزمة المصارف والإضراب المستمر بدأت صرخة القطاع الدبلوماسي في لبنان ترتفع، إذ نقل السفير الأرجنتيني في لبنان "موريسيو أليس" إلى الحكومة اللبنانية طلب بلاده إيجاد حل عاجل لمشكلة حسابات السفارة الأرجنتينية في بيروت ودبلوماسييها، كونه يتعذر عليهم سحب ودائعهم والتصرف بها، وذلك عملاً بالتزامات لبنان بموجب "اتفاق فيينا" للعلاقات الدبلوماسية وحفاظاً على صورته وصدقيته تجاه المجتمع الدولي.

إلا أن مصدراً مصرفياً فصل بين ودائع الديبلوماسيين العالقة منذ عام 2019 بسبب القيود المصرفية المفروضة على جميع المودعين في لبنان، وبين إضراب المصارف الحالي، وقال إن "قضية حسابات الدبلوماسيين القديمة غير قابلة للمعالجة حالياً".

تدخل المركزي

وقد يؤدي استمرار إقفال المصارف برأي بعض الخبراء إلى ارتفاع سعر صرف الدولار بشكل جنوني مهدداً الاستقرار في البلاد ويدفعها إلى الفوضى، معتبرين أن الإضراب يعطل عمل منصة "صيرفة"، مما يحول دون حيازة الأفراد والشركات على الدولارات المطلوبة لإتمام أعمالهم ويدفع إلى زيادة الطلب في السوق السوداء.

كذلك يحد الإقفال من قدرة مصرف لبنان المركزي على التدخل في السوق، مذكراً كيف انخفض سعر الصرف بمعدل فاق الـ 10 آلاف ليرة عندما أعلن الحاكم رياض سلامة فتح المجال أمام الأفراد لابتياع الدولار بشكل واسع عبر "صيرفة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قطاعات مشلولة

وعلى وقع إضراب المصارف تسجل إضرابات بالجملة تعم البلاد وتشمل معظم القطاعات، إذ تكاد تصبح معظم المؤسسات العامة والتربوية خارجة عن الخدمة، نظراً لتفاقم انهيار العملة وتآكل قيمة الأجور ودولرة أكثرية القطاعات.

وفي هذا الإطار أعلنت الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة استمرارها في الإضراب على مستوى جميع المناطق، داعية إلى اعتصامات وخطوات تصعيدية.

وأشارت الهيئة في بيان لها إلى أنه "تبين من تعاطي الحكومة مع مطالب الموظفين المحقة إصرار على سياسة ضرب الإدارة العامة وإفراغها من موظفيها بعد إفقارهم وعائلاتهم بالراتب الهزيل، من خلال هجرة بعضهم واستقالة بعضهم الآخر".

ولفتت إلى أن "الحكومة لم تجد حلاً لتحويل الرواتب إلى دولار عبر سعر موحد للموظفين الإداريين يتلاءم مع الحد الأدنى مما خسرته رواتب الموظفين، والتي طالبنا أن تكون كما الدولار الرسمي 15 ألف ليرة، وبدل نقل عن كل يوم حضور بين سبع و10 ليترات بنزين، بحسب المسافة عن مركز العمل، مع العلم أن القرار أو البحث في إعطاء بدل إنتاجية للموظفين تآكل بارتفاع الدولار قبل إقراره، مما يثبت صحة رفضنا له ما لم يرتبط بسعر صرف ثابت"، كما كررت الهيئة مطالبها لجهة تصحيح الرواتب وبدل النقل وتأمين الاستشفاء ومنح التعليم.

العصيان المدني

وعلى وقع الانهيار المتسارع لليرة اللبنانية برزت دعوات عدة للإضرابات في جميع القطاعات والعودة للشارع للتظاهر بوجه لا مبالاة السلطة، إلا أن رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر اعتبر أن الإضرابات القطاعية لا تؤدي إلى نتيجة حاسمة بل لمعالجات ظرفية، لافتاً إلى أن "مسألة العصيان يجب أن تأتي في إطار توافقي"، وقال إن إحدى أسباب فشل التحركات الميداني هو غياب رؤية موحدة لدى مكونات الشعب.

واعتبر أن الإضراب المفتوح العام والشامل لأيام عدة قد يكون الخيار الوحيد في المرحلة المقبلة، مشدداً على وجوب تضافر الجهود بين الاتحاد العمالي العام والنقابات، مؤكداً ضرورة السعي إلى انتخاب رئيس للجمهورية لتبدأ مسيرة الانتظام الإداري والمؤسساتي في البلاد.

هيكلة المصارف

أما عن أسباب التسارع في انهيار الليرة خلال الأسابيع الماضية، فأشار الخبير في الشؤون المالية إيلي يشوعي إلى أن المعضلة الأساس في لبنان هي أزمة فقدان الدولار في السوق الحقيقية، والتأخر في إعادة هيكلة المصارف من أجل استعادة الثقة وعودة الاستثمارات.

وأضاف أنه في حال لم نبحث عن فقدان كل تلك الاموال فإن إعادة النهوض مالياً من المستحيلات، خصوصاً أن مساعدات البنك الدولي الموعودة لا تشكل نقطة في بحر العجز الموجود، كاشفاً السبب الرئيس للانهيار المتسارع، وهو ضآلة الاحتياط الموجود في مصرف لبنان، إضافة إلى الاستيراد غير المبرر من الخارج والذي يفوق الاستهلاك المحلي.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات