Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحدود البحرية... خلاف "قديم جديد" بين تونس وليبيا

قيس سعيد فتح بشكل مفاجئ ملف حقل البوري النفطي الواقع في المياه الإقليمية بالبحر المتوسط

جانب من حقل البوري البحري الليبي في البحر الأبيض المتوسط أكتوبر 2013 (رويترز)

ملخص

طالب الرئيس التونسي #قيس_سعيد بحقوق لبلاده في حقل نفطي بحري ليبي خاض البلدان صراعاً قضائياً في شأنه قبل نصف قرن حسمته #محكمة_العدل_الدولية لصالح #ليبيا.

أثار الرئيس التونسي قيس سعيد جدلاً واسعاً بعد أن فتح من جديد وبشكل مفاجئ ملف حقل البوري النفطي الواقع في المياه الإقليمية بالبحر المتوسط قرب الحدود المشتركة مع ليبيا.

سعيد قال إن "بلاده لم تحصل من الحقل النفطي إلا على الفتات"، بعد نصف قرن من حسم الخلاف بين البلدين بقرار من محكمة العدل الدولية لصالح الدولة الليبية.

وأثارت تصريحات الرئيس التونسي ردود فعل رسمية وشعبية غاضبة في ليبيا، رأى غالبها أن قيس سعيد يحاول استغلال الظروف الحالية لبلادهم للحصول على قسط من ثرواتها، بينما ما زالت تونس تشعر بالظلم من الحكم الدولي الصادر بداية الثمانينيات لصالح جارتها الشرقية، وتحاول الحصول على جزء من عوائد الحقل النفطي البحري.

تصريحات مفاجئة

قال الرئيس التونسي قيس سعيد في تصريحه المفاجئ، الذي أدلى به خلال زيارة له للمؤسسة المشرفة على النشاطات النفطية في بلاده، الجمعة 17 مارس (آذار) إن "تونس لم تحصل إلا على الفتات من حقل البوري النفطي، الذي خاضت بسببه صراعاً قضائياً مع ليبيا أمام المحاكم الدولية"، مشيراً إلى أنه "كانت هناك نية لتقاسم الحقل مع طرابلس في فترة الرئيسين التونسي الحبيب بورقيبة والليبي معمر القذافي".

وأضاف أنه "بعد 12 يناير (كانون الثاني) 1974، وهو تاريخ إعلان الوحدة بين تونس وليبيا، التي لم تدم طويلاً، رفض مقترح التقاسم وساءت العلاقات بين البلدين، وفي مايو (أيار) من عام 1977 أتت ليبيا بشركة أميركية كانت على وشك الإفلاس ووضعت منصة لاستخراج البترول وتوترت العلاقات الليبية - التونسية مرة أخرى، وهي كانت متوترة بعد فشل الوحدة بينهما تحت مسمى الجمهورية العربية الإسلامية التي لم تستمر سوى أربع ساعات".

واعترف سعيد برفض الجانب التونسي مقترح تقسيم الحقل إلى نصفين، الذي طرحته ليبيا وقتها، لافتاً إلى "توسط الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية محمود رياض بين البلدين، واتفاقهما على عرض الأمر على محكمة العدل الدولية، التي لم تلتفت إلى مسألة الجرف القاري".

وأوضح سعيد أن "تونس في عام 1977 لم تجد حلاً إلا توجيه قارب إلى المكان المتنازع عليه وتنبيه الشركة الأميركية أنها تستولي على الملك العمومي البحري الخاص بتونس، ثم صدر قرار محكمة العدل في شأن الأمر ولم تحصل تونس إلا على الفتات".

وأضاف "هناك بوادر لاستغلال عديد من الحقول الأخرى، ويمكن أن نكتفي من الغاز الطبيعي إضافة إلى وجود إمكانية لإنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة".

حقل البوري

يعد حقل البوري خامس أكبر المنصات البحرية في أفريقيا، والأكثر إنتاجاً في البحر المتوسط، ويقع على بعد 120 كيلومتراً شمال الساحل الليبي، واكتشف عام 1976، تصل الاحتياطات المثبتة من النفط الخام في الحقل إلى 72 مليون برميل و3.5 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي وإنتاج سنوي محتمل يصل إلى ستة مليارات متر مكعب، وبدأ إنتاجه عام 1988 بقدرة تصل إلى نحو 30 ألف برميل نفط يومياً من 38 بئراً، وتديره شركة "مليتة" للنفط والغاز التابعة لمؤسسة النفط الليبية بالمشاركة مع شركة "إيني" الإيطالية.

وخاضت الجارتان تونس وليبيا صراعاً قضائياً أمام المحكمة الدولية بلاهاي بين عامي 1978 و1982، في خضم خلاف في شأن رواسب صخرية متعددة المعادن تضم كميات هائلة من البترول والغاز والثروات السمكية والمعدنية، كجزء من خلافات حدودية ورثتها الدولتان الجارتان عن الاستعمارين الفرنسي، كان أكثرها حدة الخلاف المتعلق بالحدود البحرية الذي وصل إلى حد الصدام العسكري أحياناً عرض البحر بين القطع البحرية للبلدين.

وعلى رغم أن الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي اقترح آنذاك على تونس اقتسام ثروات الجرف القاري، فإن الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة رفض ذلك، واقترحت عليه مجموعة من أساتذة القانون، من ضمنهم العميد الصادق بلعيد، رفع قضية أمام المحكمة الدولية بلاهاي، وهو ما تم بالفعل عام 1978.

واختارت اللجنة التونسية برئاسة الصادق بلعيد، الذي اختاره سعيد أخيراً لرئاسة لجنة الدستور، والدبلوماسي نجيب البوزيري، أن تستند في دفاعها إلى التاريخ والجيومورفولوجيا، وعلى الحقوق التونسية في صيد الإسفنج، فيما اعتمدت ليبيا في دفاعها على الجيولوجيا وتحرك الطبقات الأرضية.

وفي 24 فبراير (شباط) 1982 أصدرت محكمة لاهاي قراراً نهائياً ورسمياً يؤكد السيادة الكاملة لليبيا على الجرف القاري، من دون إعطاء أي نصيب لتونس.

واتهم الصادق بلعيد آنذاك قضاة محكمة العدل الدولية في لاهاي بالانحياز، قائلاً إنهم "تابعون لبلدان لها مصالح استراتيجية وسياسية واقتصادية في ليبيا، لكننا في تونس احترمنا العرف الدولي".

ولاحقاً تقدمت تونس لمحكمة العدل الدولية بلاهاي بطلب إعادة النظر في الحكم قصد تعديله، لكن بتاريخ 10 ديسمبر (كانون الأول) 1985 صدر حكم يقضي برفض الدعوى القضائية وتقبلت تونس الحكم للمرة الثانية.

الرد الليبي

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي أول رد فعل رسمي ليبي على تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيد بخصوص حقل البوري النفطي المتنازع عليه مع ليبيا، أفاد رئيس لجنة الطاقة بمجلس النواب عيسى العريبي السبت بأن "اللجنة البرلمانية تدرس تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيد، حول حقل البوري النفطي والجرف القاري، للرد بشكل رسمي على هذه التصريحات".

وفي تصريحه، الذي نقلته وكالة الأنباء الليبية "وال" أكد العريبي أنه "لا يمكن القبول أو السماح بالمساس بثروات ليبيا التي هي ملك للشعب الليبي تحت أي ظروف أو مبررات".

حجج ضعيفة

من جانبه قال وزير النفط والغاز بحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس محمد عون إن "محكمة العدل الدولية أصدرت حكماً سنة 1982 بناءً على اتفاق مسبق بين ليبيا وتونس للجوء إليها، وأقرت المحكمة الأحقية الكاملة لليبيا في جميع الحقول البحرية التي تشغلها وتملكها الآن".

واعتبر عون أن "حجج الرئيس التونسي التي ذكرها غير متطابقة وبخاصة في التواريخ التي أوردها، وبخصوص حديثه الذي نقله عن وزير الخارجية الأسبق، في فترة حكم معمر القذافي، علي التريكي، ليسند به حججه، نؤكد أنه لا يوجد أي اتفاق بهذا الخصوص وتصريحات التريكي لا تحمل صفة قانونية، وهي غير ملزمة لبلادنا في شيء".

وأشار عون إلى "إنشاء ليبيا شركة مع تونس تعمل في حقل مشترك جزء منه بالمياه التونسية وجزء بالمياه الليبية ويبدو أنه تم فيه بعض الاكتشافات الغازية، لكن ليست بكميات تجارية، وذلك منذ سنة 1988 ومقرها في تونس، لكن الاكتشافات بسيطة ولا تحمل أي أهمية تسويقية، أما حقول الجرف وبحر السلام والبوري فبعيدة كل البعد عن الخط الفاصل الذي صدر عن محكمة العدل الدولية والذي طعنت فيه تونس ولم يقبل فيه الطعن".

وخلص إلى أن حقل البوري توجد به شراكة بين مؤسسة النفط الليبية وشركة "إيني" الإيطالية، التي تبلغ حقوقها في الحقل نسبة 17 في المئة وليبيا 83 في المئة، بحسب الاتفاق الموقع في يناير من عام 2008.

المزيد من متابعات