Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سوء التغذية يفاقم حالة تقزم الأطفال في سوريا

أكثر من 609,900 طفل سوري يواجهون ذلك الخطر و12.1 مليون إنسان يعانون انعدام الأمن الغذائي

تهدد أزمة التمويل التي يواجها برنامج الأغذية العالمي في سوريا بتقليص المساعدات في وقت تشتد فيه حاجة الناس إليها (برنامج الأغذية العالمي)

ملخص

لماذا أطلقت منظمة #اليونيسف تحذيراً من أزمة #تغذية في #سوريا؟ وهل أصبحت برامج الأمم المتحدة عاجزة عن تلبية متطلبات الشمال السوري في ظل #التضخم؟

يعرف التقزم أو قصر القامة بأنه النمو المقيد، إذ تكون فيه القامة أقل من الشريحة المئوية للعمر والجنس، وهي مشكلة شائعة تؤثر بحسب بعض المراجع في ما يصل إلى 5 من كل 100 طفل في العالم، بينما في سوريا فإن طفلاً من كل ثلاثة أطفال يعاني تقزماً، بخاصة في مناطق شمال وشمال غربي سوريا، حيث ما زالت الأوضاع غير مستقرة، بخاصة بعدما فاقم زلزال فبراير (شباط) الماضي، الوضع، ما دفع منظمة "اليونيسف" إلى إطلاق تحذير جديد من أزمة تغذية تلوح في الأفق، فهل يدرك المجتمع خطورة هذا الإنذار؟

انعدام الأمن الغذائي

تقول منظمة "اليونيسف" في تقريرها الصادر حديثاً، "إن أكثر من 609,900 طفل دون سن الخامسة يعانون من التقزم في سوريا، إذ ينجم التقزم عن نقص التغذية المزمن ويسبب أضراراً بدنية وعقلية للأطفال لا يمكن التعافي منها، ويؤثر ذلك في قدرتهم على التعلم وإنتاجيتهم في مرحلة البلوغ".
أما برنامج الأغذية العالمي فقدر أن 12.1 مليون سوري يعانون حالياً من انعدام الأمن الغذائي بزيادة 51 في المئة عن عام 2019، كما أن 2.5 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي الشديد، ويشكل هذا الرقم أكثر من نصف عدد السكان.
وعلى رغم أن العالم حشد جهوده لتقديم المساعدة بخاصة بعد زلزال السادس من فبراير، إلا أن المتواجدين في أماكن شمال وشمال غربي سوريا سيظلون يشعرون بآثار الكارثة الطبيعية لأشهر وسنوات مقبلة، إضافة إلى تبعات الحرب التي ما زالت تفاقم الوضع وتدق نواقيس الخطر، إذ تقول منظمة الأغذية العالمية إنه "حتى قبل وقوع كارثة الزلزال، فقد كان أكثر من 90 في المئة من سكان شمال غربي سوريا، أي حوالى 4.1 مليون شخص، يعتمدون على المساعدات الإنسانية، وذلك بعد الحرب التي أدت إلى نزوح ما يقرب من ثلاثة ملايين شخص في شمال غربي سوريا من منازلهم والعيش في ظروف محفوفة بالمخاطر".


التقزم يبدأ في الرحم

إن السبب الأكثر شيوعاً لتأخر النمو وقصر القامة عند الأطفال في جميع أنحاء العالم هو نقص التغذية، فحالة سوء التغذية ناتجة من عدم كفاية تناول الطعام، بخاصة في البلدان النامية، إضافة إلى وجود حاجة إلى منتجات التغذية عالية الطاقة، وتعد التغذية من أهم العوامل البيئية التي تؤثر في النمو في جميع الأعمار بخاصة في الطفولة، لذلك يجب أن يتلقى الطفل كميات كافية من البروتين والدهون والكربوهيدرات والسوائل والفيتامينات والمعادن والعناصر بطريقة متوازنة للنمو الطبيعي.
وتنشأ نسبة كبيرة (20 إلى 30 في المئة) من حالات التقزم في الرحم، ما يسلط الضوء على أهمية تغذية الأمهات قبل وأثناء فترة الحمل للوقاية منه، ومعرفة كيفية التعامل معه مباشرةً منذ لحظة الولادة، كما أن نظام التغذية الضعيف والممارسات الغذائية السيئة، إضافة إلى نوبات أو فترات الأمراض المعدية والتلوث البيئي قد تزيد من خطر الإصابة بالتقزم وتفاقمها.
إضافة إلى ذلك، فإن وضع الأمهات القاصرات يؤدي إلى زيادة عدد إصابات الأطفال بالقزامة، وذلك كنتيجة طبيعية للواقع الاقتصادي والنفسي الذي خلفته الحرب، إذ إن الفتيات القاصرات المتزوجات يعانين الإهمال وسوء التغذية أثناء الحمل والولادة، إضافة إلى العوامل النفسية التي تزيد من نسبة الإصابة بالأمراض.

الأزمة الاقتصادية تفاقم الوضع

إن تحذير منظمة "اليونيسف" وصل إلى درجة قالت فيها، "إن سوء التغذية الحاد بين الأطفال في ارتفاع مستمر، فقد ارتفع عدد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة و59 شهراً والذين يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم بنسبة 48 في المئة منذ عام 2021 وحتى 2022"، وتابع التقرير، "عندما يعاني الأطفال من سوء التغذية الحاد، يضعف جهاز المناعة لديهم، ويكونون عرضةً للوفاة بمعدل 11 مرة أكثر من الأطفال الذين يتمتعون بتغذية جيدة".
وتطرق التقرير إلى ارتفاع الأسعار وعدم كفاية الدخل ما يعني أن ملايين العائلات تكافح لتغطية نفقاتها في ظل أزمة اقتصادية غير مسبوقة، إذ يعيش حوالى 90 في المئة من سكان سوريا في فقر، ما يؤثر سلباً في النظام الغذائي للأطفال.
ولم تكتف المنظمة بتقريرها، بل صرحت مديرتها الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أديل خضر، قائلةً، "لا يمكن لأطفال سوريا الانتظار أكثر من ذلك، بعد سنوات من النزاع وزلزالين كارثيين، أصبح مستقبل ملايين الأطفال معلقاً بخيط رفيع، لذلك يجب أن نستجيب لاحتياجات الأطفال أينما كانوا في جميع أنحاء سوريا وأن ندعم الأنظمة التي تقوم عليها الخدمات الأساسية التي يحتاجونها بشدة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


طعام يسد الرمق

إن أغلب السلل الغذائية التي وزعت وما زالت توزع في سوريا تحتوي على مواد تبقي الإنسان على قيد الحياة فقط، لكنها لا تتضمن ما يحتاجه الجسم من عناصر وفيتامينات تسهم في بنائه بشكل متكامل.
وتحوي السلة الغذائية التي تقدم لمساعدة العائلات فقط على بعض الأرز والسكر والمعكرونة والمعلبات والحبوب، وبعض اللوازم لتفاصيل يومية، لكنها لا تحوي على لحوم وخضراوات وفواكه ومنتجات الألبان التي تسهم مجتمعةً في تكوين بنية صحيحة وسليمة للإنسان، وهذه الأخيرة صعبة التأمين على معظم العائلات والأسر نتيجة نقص الدخل وارتفاع الأسعار الجنوني، الذي يبقيهم في خانة انعدام الأمن الغذائي لاعتمادهم فقط على طعام يسند أجسادهم الغضة دون أي عناصر مغذية وداعمة.
وفي دراسة حديثة لـ"اليونيسف" في عام 2021، فحصت أحدث البيانات والأدلة التي لديها عن اتباع الأطفال لنظم غذائية سيئة وتأثيرها، وخلصت إلى نتيجة مفادها أن "الأطفال لا يحصلون على ما يكفي من الأطعمة المناسبة في الوقت المناسب، إذ تفشل النظم الغذائية للأطفال الصغار في ما يتعلق بحسن التوقيت والتكرار والتنوع".


أزمة تضخم وتمويل غذائي

وفي تقرير صدر عن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة منذ أيام، قال إن متوسط الأجر الشهري في سوريا يغطي حالياً حوالى ربع الاحتياجات الغذائية للأسرة فقط، مما يسلط الضوء على الحاجة الملحة لزيادة المساعدات الإنسانية في الوقت الذي ترزح فيه البلاد تحت آثار 12 سنة من الحرب وزاد عليها الدمار الذي خلفته الزلازل التي ضربت سوريا وتركيا أخيراً.
وصرح المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي في سوريا، كين كروسلي، "إن السوريين يتمتعون بالمرونة بشكل ملحوظ، ولكن هناك مدى لما يمكن للأشخاص تحمله". إذ جاءت زلازل السادس من فبراير مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية في سوريا، كما أن سلة المواد الغذائية الأساسية التي يقيس عليها برنامج الأغذية العالمي نسبة تضخم أسعار الغذاء، تضاعف سعرها خلال 12 شهراً، ومن المتوقع أن يستمر المسار التصاعدي لسعر السلة الغذائية التي هي الآن أغلى 13 مرة مما كانت عليه قبل ثلاث سنوات.
ويتابع التقرير، إن الزلازل الأخيرة سلطت الضوء على الحاجة الماسة إلى زيادة المساعدات الإنسانية في سوريا، ليس فقط للأشخاص المتضررين من الزلازل، ولكن أيضاً للذين يعانون بالفعل من الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية وأزمة الوقود والصدمات المناخية المتتالية، وبلغت أسعار الغذاء والوقود أعلى مستوياتها منذ عقد بعد سنوات من التضخم وانهيار قيمة العملة.
كما وصلت معدلات التقزم بين الأطفال إلى 28 في المئة في بعض أجزاء سوريا، وانتشر سوء التغذية لدى الأمهات ليصل إلى 25 في المئة في شمال شرقي البلاد.
وتصنف سوريا الآن، بحسب برنامج الأغذية، بعدما كانت تتمتع بالاكتفاء الذاتي في إنتاج الغذاء، على أنها من بين البلدان الستة التي تعاني من أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي في العالم مع الاعتماد الشديد على الواردات الغذائية، وأدى تضرر البنية التحتية وارتفاع تكلفة الوقود والظروف الشبيهة بالجفاف إلى هبوط إنتاج القمح في سوريا بنسبة 75 في المئة.
لكن أزمة التمويل التي يواجهها برنامج الأغذية العالمي في سوريا تهدد بتقليص المساعدات في وقت أن الناس في أمس الحاجة إليها، إذ يحتاج البرنامج بشكل عاجل إلى 450 مليون دولار أميركي كحد أدنى لمواصلة تقديم المساعدات لأكثر من 5.5 مليون شخص في جميع أنحاء سوريا حتى نهاية العام، ويشمل ذلك 150 مليون دولار أميركي لتوفير المساعدات الغذائية لمدة ستة أشهر لـ 800 ألف شخص تضرروا من الزلزال.
ومن دون موارد كافية، سيتعين على برنامج الأغذية العالمي أن يقلل بشكل حاد عدد المستفيدين الذين يخدمهم بدءاً من يوليو (تموز) المقبل فصاعداً، مما يترك ملايين الأشخاص في حاجة ماسة من دون مساعدات غذائية.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات