Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ناجون من زلزال سوريا يخاصمون النوم

إقبال كبير على المهدئات وأدوية الهلع وعقاقير تحفز على السهر خوفاً من الهزات الارتدادية

ما يقارب 20 ألف شخص تلقوا العلاج النفسي أو الدواء نتيجة شدة المشاهد القاسية في لحظات الزلزال (اندبندنت عربية)

ملخص

المشاهدات المفزعة لـ#زلزال_سوريا دفعت طيفاً من الناس إلى تناول #المنبهات أو عقاقير تمنعهم من النوم وتجعلهم بحالة استيقاظ ومزاج أفضل خوفاً من #الهزات_الارتدادية

في الساعة 4.17 فجر يوم السادس من فبراير (شباط) توقف الزمن بالنسبة إلى سوريين يقطنون شمال وغرب البلاد، دقيقة واحدة مدة كافية لأن تتجمد الدماء بالعروق حينما ارتجفت الأرض، وأخذت الأبنية السكنية تتمايل من هول وشدة زلزال أرخى بكل ثقله وأيقظ الناس مذعورين من نومهم، مشهد أقل ما يمكن وصفه بالمفزع، حتى خال كثيرون ما حدث معهم تواً أشبه بكابوس.

في ذلك الصباح ومع أول خيوط الشمس المتسللة بخجل لم يتوقف المطر عن الانهمار، لقد أدلفت السماء شلالات مائها في وقت تنتشل فرق الإنقاذ والإسعاف ضحايا الزلزال، أما الناجون حينها فما زالوا بلباس نومهم يلتحفون أغطية جلبها من ظلت داره صامدة لم تسقط أو تتصدع.

وبعد مرور شهر وأسبوع واحد لا تزال المدن المنكوبة حلب واللاذقية وطرطوس وحماة تعيش تداعيات الكارثة وصدمتها، وإن أخذت تلملم أشلاء حجارتها وتنفض عن أرضها المكلومة أكوام الأنقاض، فما زال الناس يعانون الأزمات النفسية وإن كانوا يتجهون للتعافي مع إصرارهم على إكمال الحياة مع وقع هزات ارتدادية تباغتهم بين الفينة والأخرى.

النوم الهارب من الجفون

إزاء ذلك تشهد صفائح الأرض استقراراً نسبياً، ولو بنسبة ليست بالخطرة، وتعافى المصابون والمتضررون جسدياً، في حين تبقى الحالة النفسية الهاجس الأبرز لدى القطاع الطبي، لا سيما أن الناجين بعدهم يقبعون تحت الصدمة، كما يروي متطوع في مبادرة للدعم النفسي عماد كوكي لـ"اندبندنت عربية".

وأشار كوكي إلى موعد مرتقب بعد خمسة أيام 20 مارس (آذار) الجاري يكون فيه الناس خرجوا من صدمة الزلزال النفسية "ومن يبقى متضرراً يحتاج إلى مدة 60 يوماً تحت العلاج، وبعد انقضائها تخضع حالات استثنائية إن وجدت للعلاج الخاص في حال لم تستجب للعلاج بمراكز إقامة خاصة".

ويعتقد المتطوع في المبادرة النفسية، التي تجوب الأحياء المنكوبة، بوجود ما يقارب 20 ألف شخص تلقوا العلاج النفسي أو الدواء نتيجة شدة المشاهد القاسية في لحظات الزلزال.

وأضاف أن "تفاقم الحالة النفسية" بسبب المشاهدات المفزعة للأبنية المنهارة والمتصدعة بكثرة دفع طيفاً من الناس خلال الأيام الأولى إلى "تناول المنبهات أو عقاقير تمنعهم من النوم وتجعلهم بحالة استيقاظ ومزاج أفضل، خوفاً من هزات ارتدادية، أو زلزال قوي يداهمهم، وهم يغطون بنومهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في هذه الأثناء كانت للإشاعات وما تناقلته تصريحات عالم الفلك الهولندي المعروف بـ"فرانك" ذات أثر عميق لدى نفوس نسبة واسعة من المتلقين بعد أن صدقت بالمصادفة أجزاء من تنبؤاته.

مقابل ذلك نفت الباحثة في معهد الزلازل بجامعة دمشق داليا نجار "أية علاقة بين علم الفلك وعلم الأرض بالهزات وكل ما يذاع ويتداول من أخبار وإشاعات هو محض كلام غير علمي ودقيق، والحاجة اليوم إلى إعادة دراسة الأرض من جديد والاستفادة مما حدث لبناء تصور ما سيحدث من هزات لاحقة".

ولجأت عائلات إلى الشوارع يفترشون الأرض بعد أن شعروا بزلزال في 20 فبراير (شباط) الماضي، وعلى رغم عدم حدوث أي انهيارات فإن أربع وفيات حدثت بسبب أزمات قلبية، في حين من قضى لياليه على قارعة الطرقات ليسوا متضررين (المتضرر: من فقد بيته أو تصدع) بحسب تصنيف فرق الإغاثة، لكن الخوف وحالة الرعب التي تملكت النفوس دفعت الناس إلى اللجوء إلى أماكن بلا سقف تظللهم، في السيارات والساحات العامة والحدائق، منهم من ظل مدة أكثر من شهر في خيمة قماشية مهترئة لا تقاوم برد الشتاء القارس.

وقال جاسم ورداني (50 سنة) إن الأمر شكل لديه وعائلته رعباً متزايداً من جدران منزله، لتنقلب الآية من بيت يمنح صاحبه هذا الشعور بالراحة إلى شعور مختلف أقله الخوف. وأضاف "بتنا نخاف الجدران والسقف. إننا لم نتأثر، لم يتصدع منزلنا والبناء متين وقاوم الزلزال القوي، لكننا لم نهنأ بالنوم لساعة واحدة كاملة. الأسبوع الأول قضينا لياليه بالنوم داخل مركبتي الخاصة، لقد ركنتها على حافة أحد الطرق السريعة بعيدة من الأبنية خوفاً من انهدامها علينا، وحين عدنا إلى المنزل لنعيش به بعد كل هذه المدة، زوجتي تستيقظ من نومها فزعة في كل ليلة".

النوم السريع

لا أحد ينكر ما للنوم من فوائد صحية لجسم الإنسان ويمده بالطاقة، ويحسن النوم الجيد من مستوى الحياة الاجتماعية والتعليمية، ولهذا الغرض خصصت الرابطة العالمية للنوم حدثاً سنوياً في الجمعة الثالثة من شهر مارس (آذار) من كل عام (اليوم العالمي للنوم) للتذكير بفوائد النوم الجيد والصحي.

ولفت المتخصص في العلوم النفسية عصام جبرائيل إلى الخطأ الذي ما زال يرتكبه كثيرون من المتضررين والناجين من الزلزال بالسهر لأيام متواصلة. وقال إن هذا ما لحظناه كثيراً في الأيام الأولى.

وقال جبرائيل إن هذا ما سيرهق الجهاز العصبي ويقلل من التفكير السليم والصحيح في وقت يحتاج فيه الإنسان إلى إدراك التصرف الأنسب مع وقوع الكارثة حال وقوعها، علاوة على ضعف التركيز، وانهيار الجسم والعقل مع طول فترة عدم النوم.

وأردف أن "قلة النوم واضطراباته كثيرة، ولعل السهر الطويل يسبب كثيراً من الأمراض بحسب كل حالة، لكن يمكن أن نعدد منها الإصابة بالاكتئاب أو ألزهايمر، بينما انعكاسات عدم النوم مقلقة جداً على جسم الإنسان قد تصل إلى الأمراض المسرطنة".

 

 

بالمقابل ومع وجود أشخاص مع بداية الكارثة أقلقها النوم ورفضته حاول كثيرون الوصول إلى أدوية الهلع، التي افتقدت من الصيدليات، نظراً إلى إقبال الناس على شراء الدواء. وحذر المتخصصون من كون أدوية الهلع والمهدئات فاقت نسبة 75 في المئة عن السابق. وقال أحد الصيادلة "لقد لوحظ الإقبال الشديد على هذا النوع من الأدوية، والطلب الشديد عليها، ولا تمنح هذه الأدوية إلا وفق وصفة طبية".

يأتي كل ذلك من عوامل نفسية أثرت في معظم القاطنين بالمدن المنكوبة وحرمتهم "النوم الجيد والصحي" علاوة على إصابتهم بدوار ما يسمى "متلازمة الزلزال"، الذي يصاب به الإناث أكثر من الذكور أو الذين يعانون دوار الحركة، وهو شعور بالدوار يصيب الشخص في الأماكن المغلقة، خصوصاً عند الجلوس، وكأن الأمر أشبه بهزات أرضية مما جعل الجسم يبتعد عن النوم الهادئ، أو قلص بالنتيجة من ساعات النوم إلى أقل من الربع، مع ترجيح المتخصصين عودة طبيعية إلى الناس نحو حياتهم بشكل تدرجي بعد انقضاء مدة لا بأس بها من تاريخ الكارثة.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات