Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

النزوح معكوسا... حلم الجاليات العربية في تركيا

بعد الزلزال الكبير بات كثير من أبنائها يفكرون بالعودة للوطن ولكن ما من سبيل

جميعهم يشعر بالرعب ومعظم العائلات لجأت إلى النوم في الشوارع منذ شهر تقريباً (أ ف ب)

ملخص

تعاني #الجاليات_العربية في #تركيا مرارات عدة بدءاً من ذكريات #الحرب_والنزوح وليس انتهاء بكارثة التشرد جراء الزلزال المدمر وحلم العودة إلى البلد الأم

تعاني الجاليات العربية في تركيا مرارات عدة بدءاً من ذكريات الحرب والنزوح وليس انتهاء بكارثة التشرد جراء الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في فبراير (شباط) الماضي، وأفقدها مزيداً من ذويها تحت الأنقاض بعد أن نجت من هلاك إلى هلاك آخر في بلاد بعيدة.

وكالة "الأناضول" التركية رصدت حدوث ما يقرب من 13 ألف زلزال وهزة ارتدادية خلال الفترة من السادس من فبراير (شباط) الماضي وحتى اليوم في تركيا ومحيطها، كما تبع الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا بقوة 7.7 و 7.6 درجة آلاف الهزات الارتدادية العنيفة التي أودت بحياة أكثر من 50 ألف شخص، وخلفت دماراً إثر انهيار آلاف الأبنية مما تسبب بخسائر بلغت مليارات الدولارات وتشريد ما لا يقل عن 150 ألف شخص.

نفكر في العودة

قدم هزاع بو خضر إسماعيل من مدينة البو كمال المحاذية للحدود العراقية - السورية إلى تركيا عام 2014 أثناء دخول "داعش" إلى المنطقة، وسكن في مدينة غازي عينتاب، ويقول إنه "بعد الزلزال أصبنا بالرعب والخوف وخرجنا من بيوتنا مباشرة، وأعلنت عينتاب منطقة منكوبة وأوى الجميع إلى الجوامع خلال الأيام الأولى، وغادرت لأيام عدة بحثاً عن أخي في مدينة مرعش، وللأسف تبين لاحقاً أنه توفي مع عائلته واستطعنا إخراج جثثهم من تحت الأنقاض، وبسبب الخوف من الهزات الارتدادية بقينا نخشى أنا وعائلتي النوم في البيت، فاشتريت خيمة للنوم فيها ليلاً وفي النهار نعود للبيت، وكان هذا أفضل من التنقل على غير هدى".

الإعلامية العراقية جمانة ممتاز التي تقيم في إسطنبول تقول إن زلزال تركيا كان من أفظع ما يمكن أن يصادف الإنسان، فالجميع أصيب بالصدمة وكان هول ما حصل أكبر من أية معركة، وقد فاق عدد الضحايا 50 ألفاً، وبحسب آخر إحصاء للأمم المتحدة فقد فاقت الخسائر المادية الـ 100 مليار دولار، وسقط نحو نصف مليون شقة وانهار 130 ألف مبنى.

وتابعت ممتاز، "لا أعرف بالتحديد عدد الضحايا من العراقيين، لكن السفارة العراقية ككل سفارات العالم قامت بإرسال ممثل عنها إلى المناطق المنكوبة لإنجاز عمليات الإجلاء، وفي المرحلة الأولى أخرج 35 شخصاً وتم إيواؤهم في أنقرة ومن ثم نقلوا إلى العراق برحلات جوية وبرية، كما نقل أخيراً 82 شخصاً إلى العراق بينهم 62 شخصاً من مدينة أضنة التركية المدمرة، كما أنجزت السفارة معاملات عبور سريعة مع أن قسماً منهم لا يحمل جواز سفر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتكمل ممتاز، "ضرب الزلزال 10 محافظات جنوب تركيا قبل زلزال كهرمان مرعش مما أثار رعب عدد كبير من أبناء الجالية العراقية وجعلهم يفكرون بالرجوع للوطن، وفعلاً عاد قسم كبير منهم، وتعد الجالية العراقية إحدى أكبر الجاليات العربية الموجودة في تركيا بعد السورية، تليها الجالية الإيرانية وجالية تركمانستان وحالياً توجد جاليات من روسيا وأوكرانيا".

وختمت ممتاز "لا نعرف ما سيحصل بعد التحذير الأخير من زلزال أكبر، فالخوف كبير وجميعنا يفكر بالعودة جدياً لبلادنا".

النوم في الشارع

تقول سحر شعبان (أم عبدالله) وهي عراقية تسكن في ولاية مرسين التركية، "نشعر بالرعب ومعظم العائلات ونحن منهم لجأت إلى النوم في الشوارع وفي السيارات الشخصية منذ شهر تقريباً، وبخاصة ساكني الطوابق العليا".

وتضيف، "بحسب إرشادات الحكومة فنحن ملزمون بالاستجابة فوراً إلى أي إنذار والنزول خارج البنايات، لذا فضلنا أن نبقى في الشارع استعداداً لأي طارئ، وهذا مع حصل أيضاً مع سكان ولاية هاتاي التي قدم الناجون منها إلى مدينتنا، فبادرنا بمساعدتهم عراقيين وسوريين وحتى أتراك، وجميعهم حالياً ينامون في المدارس أو في كرفانات بمحاذاة البحر".

وعن تعويض المتضريين تقول سحر "سمعت بتعويض 10 آلاف ليرة لعائلات سورية في مدينة هاتاي تعرضت بيوتها للتدمير، ولا أعرف ما إذا كان ذلك حقيقياً أم لا، لكن أُعلن أن الحكومة ستعيد بناء ما تضرر من أبنية في غضون سنة واحدة".

وعن دور وزارة الخارجية العراقية تقول "لم ألمس أية مساعدة سواء من الجانب العراقي أو التركي، فقد انتقلت القنصلية من مدينة غازي عينتاب إلى أنقرة، وهي الآن بعيدة منا بنحو سبع ساعات، وكان من الصعب مراجعتها سابقاً بسبب إخلاء المبنى وقت الكارثة، والآن بسبب عدم توفر المواصلات".

وتقول أم عبدالله "يسارع المواطنون هنا إلى إطلاق مبادرات فردية عبر التبرع بسياراتهم لجلب عائلات المتضررين وإسكانهم في منازلهم الخاصة، والجميع مستعد لتوفير ما يمكن تقديمه لمنحهم ولو جزءاً بسيطاً من الأمان".

وفي ما يتعلق بالتعليم تابعت "الدراسة في الجامعات أصبحت عن بعد، أما المدارس فقد توقف معظمها عن الدوام، وفي ولاية مرسين أخليت 16 مدرسة بسبب عدم مقاومة هذه الأبنية للزلازل، فضلاً عن خشية الأهل من إرسال أولادهم إلى المدارس كي لا يفاجأوا بزلزال في وقت تنعدم فيه المواصلات".

وأضافت، "حالياً أجمع أغراضي لغرض النوم في السيارة التي تملكها صديقتي، ومعظم الناس ينامون في الحديقة العامة، وجميع المواطنين الأتراك غادروا منازلهم منذ فترة إلى مزارع وبيوت بسيطة أفقية لا تتأثر بالزلزال فكل المباني الآن فارغة، كما اشترى معظم الناس ومنهم العراقيون خيماً ونصبوها في الحدائق العامة بعيداً من البنايات، وإحدى صديقاتي تعمل مدرّسة اشترت خيمة من حسابها الخاص وتنام فيها مع ابنتيها".

وقد عاد من الجالية العراقية إلى العراق من سمحت ظروفهم المادية بذلك، بحسب أم عبدالله، لكنها لم تستطع أن تفعل مثلهم بسبب ارتباط ابنتها بدوام المعهد، وتقول "نحن نعيش في توتر وقلق لكننا مجبرون على هذا الوضع".

متبرعون أتراك وأجانب

يقول سلام زهير، وهو مواطن عراقي "أسكن مدينة أنطاليا والزلزال الذي حدث بعيد مني، فالمناطق المنكوبة جراء الزلزال تقع في أقصى شرق تركيا ولا يقطنها الأجانب عدا السوريين، وهم بأعداد كبيرة قد تصل إلى مئات الآلاف، لأنها محاذية للحدود السورية".

وعن السوريين المتضررين في مناطق الزلزال يضيف زهير "حالياً يقطنون المخيمات التي جهزتها الحكومة التركية، وتصل إليهم مساعدات منها ومن متبرعين أتراك وأجانب، ويقدر عدد السوريين العائدين لبلدهم بعشرات الآلاف، بحسب إحدى المنظمات السورية المقيمة في مدينة أنطاليا".

وبسبب الأحداث التي شهدتها سوريا منذ عام 2011 توافد السوريون إلى تركيا بأعداد كبيرة، وقد منح 3.5 مليون سوري حق الحماية الموقتة في تركيا، كما حصل على الإقامة القصيرة الأمد والسياحية 92 ألف سوري، أما الإقامة الدراسية فكانت لـ 80 ألف طالب، وما يقرب من 3800 مقيم سوري منحوا الإقامة العائلية، وهم يتوزعون في مناطق عدة مثل إسطنبول وغازي عينتاب وهاتاي وشانلي أورفا وأضنة ومرسين وبورصة وأزمير وقونيا وكيليس، واشتغل معظمهم في مجال السياحة والتسويق.

وتتنافس الاستثمارات العربية والأوروبية في تركيا، ومثّل العقد الماضي قفزة في الاستثمارات العربية التي تفوقت على الاستثمارات الأوروبية هناك، إذ بلغ نصيب التملك العقاري العربي نحو نصف ما يتملكه الأجانب، وتصدر العراقيون قائمة أكثر العرب شراء للعقارات في تركيا حتى بلغت 18 في المئة من إجمال المباع من العقارات للأجانب في تركيا.

ويذكر تقرير أن عدد العقارات التي يمتلكها العراقيون وحدهم عام 2022 تزيد على 30 ألف عقار، يليهم السعوديون بـ 13296 عقاراً، أما الجالية الكويتية فقدر عدد عقاراتها بـ 10137 عقاراً.

وارتفع حجم التجارة المتبادلة بين تركيا والبلدان العربية إلى 45 مليار دولار بعد أن كان 8 مليارات دولار، كما تعمل الدول على زيادتها في المستقبل القريب.

وأسست تركيا مئات الشركات العربية حتى بلغت 684 تابعة لسوريا، والسعودية بـ 362 يليها الأردن بـ 288 ثم العراق بـ 274 شركة، وأخيراً مصر بـ 260 شركة.

وتضمن تقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن ما لا يقل عن 15 مليون شخص تضرروا جراء الزلازل التي ضربت 10 محافظات في تركيا، منهم 1.7 مليون لاجئ سوري يعيشون بموجب الحماية الموقتة.

وتشمل المحافظات التي تضررت بشدة تلك التي يعيش فيها اللاجئون بأعداد كبيرة، وتعمل المفوضية مع وكالات الأمم المتحدة الأخرى تحت إشراف السلطات التركية بتقديم الدعم المطلوب للاجئين والمجتمعات المضيفة، بما في ذلك الأغطية ووجبات الطعام وأطقم المطبخ والمراتب والخيم، في وقت تسهم الجسور الجوية في تزويد المتضررين بمزيد من الإمدادات لتغطية الحاجات الماسة.

ومع وصول 89 لاجئاً سورياً إلى العاصمة الإسبانية مدريد قادمين من تركيا، ناشدت الأمم المتحدة في الرابع من مارس (آذار) الجاري الدول إلى الإسراع في استقبال اللاجئين السوريين من المناطق التي ضربها الزلزال في تركيا، مشيرة إلى تعرضهم لصدمتي الخسارة والنزوح مرة أخرى.

وأكد سفير جمهورية العراق لدى أنقرة ماجد اللجماوي في التاسع من مارس الجاري استعداده لتذليل جميع العقبات التي تواجه المواطنين العراقيين المقيمين في تركيا، وتسهيل إجراءات العودة الطوعية للعراق.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات