"وادي السيليكون" يغرق البنوك الأميركية في خسائر مليارية

لم تمض 24 ساعة على إغلاق السلطات الرقابية في الولايات المتحدة بنك "سيليكون فالي" حتى جاءت الضربة الجديدة بتعثر مصرف آخر هو "سيغنتشر بنك" في نيويورك. في المقابل، تدخلت السلطات الحكومية والرقابية لحماية كل أموال المودعين المؤمنة وغير المؤمنة، بحيث يمكن لأي مودع الحصول على أمواله اعتباراً من اليوم الإثنين.

إفلاس "سيغنتشر بنك"

وفي تفاصيل إفلاس "سيغنتشر بنك" أعلنت المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع أنها وضعت يدها على الودائع، وقالت إن لدى البنك نحو 88 مليار دولار ودائع، و110 مليارات دولار من الأصول.

ويعد إغلاق البنك هو ثالث أكبر إغلاق في تاريخ البنوك الأميركية، بعد يومين من إغلاق السلطات لبنك "سيليكون فالي" وإعلان بنك "سيلفرغيت" تصفية عملياته بعد خسائر فادحة في قطاع العملات المشفرة.

وبدأت تداعيات تعثر "سيليكون فالي بنك" تظهر، حيث تزداد المخاوف في "وول ستريت" من السرعة التي تمت بها إطاحة البنك الذي يركز على الشركات الناشئة، وهو الـ16 من بين أكبر بنوك الإقراض في الولايات المتحدة.

وينتظر اليوم عودة الأسواق للتداول بعد أن أدى تعثر البنك إلى محو أكثر من 100 مليار دولار من القيمة السوقية للبنوك الأميركية، ودفع ذلك المسؤولين الحكوميين إلى اتخاذ إجراءات سريعة خلال عطلة نهاية الأسبوع لمحاولة استعادة الثقة في النظام المالي.

بيان لحماية المودعين

أصدرت وزارة الخزانة الأميركية ومجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) والمؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع في بيان مشتركة أنه "سيستطيع المودعون الوصول إلى كل أموالهم بدءاً من اليوم". وأضاف البيان، "لن يتحمل دافعو الضرائب أي خسائر لها علاقة بالقرار المرتبط ببنكي (سيليكون فالي) و(سيغنتشر بنك)". ويعني ذلك أن كل المودعين يمكنهم الآن الحصول على أموالهم، إن كانت ودائعهم مؤمنة أو غير مؤمنة. والنظام الأميركي يؤمن الودائع بشكل تلقائي إذا كانت أقل من 250 ألف دولار، بحيث يمكن الحصول عليها مباشرة، بينما الودائع فوق ذلك يتم الدفع لها على مراحل، وأحياناً تمتد لسنوات لحصول كبار المودعين على أموالهم.

عودة الثقة للنظام المالي

وعززت هذه الخطوة الثقة بالنظام المالي، وتخفف من وطأة الخسائر، حيث يمكن للمودعين الكبار، وهم من شركات التكنولوجيا الناشئة في حالة بنك "سيليكون فالي" الحصول على أموالهم ومتابعة أعمالهم بشكل طبيعي. وكانت المخاوف كبيرة في الأسبوع الماضي من أن يؤدي منع المودعين الكبار من الشركات الوصول إلى أموالهم بشكل سريع، مما سيعطل أعمال هذه الشركات ويوقف نموها وتضطر إلى الإغلاق في أزمة دومينو.

في المقابل، قال المسؤولون في البيان المشترك، إن المساهمين وبعض حاملي الديون غير المضمونين لبنك "سيغنتشر" وبنك "سيليكون فالي"، لن تتم حمايتهم، وإنه تمت إزالة الإدارة العليا لكلا البنكين.

بنك تجسيري

وأنشأت المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع بنكاً جديداً "جسراً"، أمس الأحد، والذي سيمكن العملاء من الوصول إلى أموالهم، اليوم الإثنين. وقالت المؤسسة إن المودعين والمقترضين من بنك "سيليكون فالي" سيصبحون تلقائياً عملاء للبنك التجسيري. وعينت الهيئة التنظيمية الرئيس التنفيذي السابق لشركة "فيفث ثيرد بانكورب" غريغ كارمايكل رئيساً تنفيذياً لبنك "بريدج".

كان "سيغنتشر بنك" بنكاً تجارياً له مكاتب عملاء في نيويورك وكونيتيكت وكاليفورنيا ونيفادا ونورث كارولينا، وكان لديه تسع أذرع، بما في ذلك العقارات التجارية والخدمات المصرفية للأصول الرقمية. وبحسب بيانات سبتمبر (أيلول) الماضي، جاء ربع ودائعه تقريباً من قطاع العملات المشفرة، لكن البنك أعلن في ديسمبر (كانون الأول) أنه سيقلص الودائع المرتبطة بالعملات المشفرة بمقدار ثمانية مليارات دولار.

من يقود البنك؟

وكان "سيغنتشر بنك" قد أعلن في فبراير أن رئيسه التنفيذي جوزيف ديباولو سينتقل إلى منصب مستشار أول في عام 2023، وسيخلفه رئيس العمليات بالبنك إريك هاول، وشغل ديباولو منصب الرئيس والمدير التنفيذي منذ بداية تأسيس البنك في عام 2001.

وكان للبنك علاقة طويلة الأمد مع الرئيس السابق دونالد ترمب وعائلته، حيث مول ترمب وشركته عديداً من مشاريع العائلة. وقطع بنك "سيغنتشر" العلاقات مع ترمب في عام 2021 في أعقاب أعمال الشغب الدامية في السادس من يناير في "الكابيتول هيل"، وحث ترمب على الاستقالة.

وقالت حاكمة نيويورك كاثي هوشول في بيان إنها تأمل في أن تؤدي تصرفات الحكومة الأميركية، الأحد، إلى "زيادة الثقة في استقرار نظامنا المصرفي". وأضافت، "عديد من المودعين في هذه البنوك هم شركات صغيرة، بما في ذلك أولئك الذين يقودون اقتصاد الابتكار، ونجاحهم هو المفتاح لاقتصاد نيويورك القوي".