Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خطوات أمنية فلسطينية وإسرائيلية استباقية لضمان "رمضان هادئ"

الإدارة الأميركية تسعى إلى اتخاذ خطوات جادة بهدف ألا يشهد الشهر الحساس توتراً أمنياً

5000 عنصر أمن فلسطيني سيتم تدريبهم بقواعد عسكرية على الأراضي الأردنية بإشراف أميركي لكبح تزايد المسلحين الفلسطينيين الذين يشنون هجمات ضد أهداف إسرائيلية (اندبندنت عربية)

ملخص

#إسرائيل تغرق شوارع وأزقة البلدة القديمة في #القدس بآلاف ضباط الشرطة لكبح #العمليات_الفلسطينية المحتملة

فيما ينهمك الفلسطينيون بتحضير وشراء حاجاتهم الأساسية لاستقبال شهر رمضان الذي بات على بعد أيام قليلة، تستعد المنظومة الأمنية الإسرائيلية من جهتها لخطر احتمال نشوب موجة جديدة من التصعيد وتوسيع دائرة المواجهة، لتشمل كل الأراضي الفلسطينية منذ 1967، بما فيها القدس، مروراً بالبلدات الفلسطينية والمدن المختلطة داخل إسرائيل، وصولاً إلى قطاع غزة، في سيناريوهات تذكر بما جرى في رمضان عام 2021، حيث تصاعدت التوترات حتى اندلعت حرب بين إسرائيل وحركة "حماس" في غزة، وتفشى العنف في الشوارع داخل المدن المختلطة بين اليهود والعرب.

 

تعزيزات أمنية

وكجزء من محاولة منع أكبر قدر ممكن من العمليات الفلسطينية المتزايدة، رفعت تل أبيب حالة التأهب قبل حلول شهر رمضان، وخلاله، فإلى جانب النشر المكثف لقوات الشرطة والجيش وحرس الحدود في المدن الإسرائيلية وعلى طول الخط الأخضر، وإغلاق الفتحات في جدار الضم والتوسع، عززت قواتها في مدينة القدس، وتخطط لإغراق شوارع وأزقة البلدة القديمة بآلاف ضباط الشرطة من مختلف الأحياء، حيث ستعمل الوحدات الخاصة على زيادة الفرق الموجودة حتى تتمكن من توفير استجابة فورية للأحداث غير العادية، كما تمت زيادة ميزانيات الشرطة واستدعاء مزيد من القوات ونشرها في الضفة الغربية وعلى الحدود مع غزة.

المسؤول السابق في جهاز الأمن العام "الشاباك" إيلان لوتان أكد لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أنه "سيكون من الصعب قضاء شهر رمضان المقبل بهدوء، بل سيكون متوتراً مع كثير من المواجهات"، آملاً أن يتم إحباط كل المحاولات الفلسطينية التصعيدية "إذ ستكون الشرطة جاهزة بالفعل بقوات كبيرة، فقد تم اعتقال 781 فلسطينياً للاشتباه بالمشاركة في الاضطرابات، وصدرت أوامر بإخراج 222 آخرين من المسجد الأقصى، وتقديم 35 لائحة اتهام ضد المحتجين".

من جهته، حذر رئيس معهد أبحاث الأمن القومي عاموس يدلين من أنه "مع اقتراب شهر رمضان، هناك انفجارات في الهواء ناتجة بشكل أساسي من أنشطة مسلحة قادمة من جنين ونابلس، و(حماس) في غزة تريد بشدة إشعال النار في الساحات وتوحيدها، بما في ذلك القدس والضفة الغربية وفلسطينيو 48، ولديها خطوط حمراء، بخاصة في المسجد الأقصى والأسرى، وعندما يكون هناك كثير من الدماء الفلسطينية، فإننا سنكون حينها أمام قنبلة موقوتة".

 

تخفيف القيود

ووسط حالة تأهب غير مسبوقة لدى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، يتخوف مراقبون من أن فرض إغلاق على الفلسطينيين أو إلغاء تخفيف القيود خلال شهر رمضان سيزيدان من التوتر بين الجانبين، بخاصة أنه يتزامن هذا العام وعيد الفصح اليهودي، وبحسب ما تحدثت هيئة البث الإسرائيلية "كان" تعتزم إسرائيل منع اليهود من دخول الحرم القدسي خلال الأيام الـ10 الأخيرة من شهر رمضان، على رغم أن الإجراء واجه معارضة شديدة من وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير الذي كان قد وصف خطوة الحكومة سابقاً باعتبارها "رضوخاً للإرهاب".

ولأسباب أمنية، تفرض السلطات الإسرائيلية عادة قيوداً صارمة على حركة الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة إلى إسرائيل، إلا أنها تخفف بانتظام بعض هذه القيود أو تصدر تصاريح، وبخاصة خلال الأعياد الإسلامية والمسيحية.

وقال المحلل السياسي عصمت منصور، "إغلاق الحكومة الإسرائيلية الأفق السياسي بشكل كلي، وإعلان عدائها لحل الدولتين وسعيها لمشروع الضم خلق حالة من الاحتقان الشديد لدى الفلسطينيين، لا يمكن احتواؤها، وكلما اقتربنا من شهر رمضان، زادت المخاوف الأمنية الإسرائيلية من تفجر الأوضاع، ومع شدة الصدامات والمواجهات والاغتيالات اليومية والتصفيات، وغياب الاحتواء أو التسهيلات، ستصبح هذه المخاوف واقعية أكثر وخطرة أيضاً". وأضاف، "التعزيزات الأمنية التي أعلنت عنها الحكومة الإسرائيلية لصد العمليات الفلسطينية تزيد من فرص الاحتكاك، لأن الانتشار الكثيف للجيش في الطرق وعند الحواجز والمفارق وفي محيط المسجد الأقصى والبلدة القديمة في القدس، ستخلق أجواءً من التوتر بدلاً من أن تكون سبباً في التهدئة لخفض التصعيد، وإذا لم يتم لجم سياسة وخطاب بن غفير المتطرفة وتصريحاته المستفزة بهدم منازل الفلسطينيين في شهر رمضان، سيكون شهراً مشتعلاً بالمواجهات بشكل حتمي".

تقوية السلطة

وفي ظل المساعي الرامية لتحقيق الهدوء حتى شهر رمضان وخلاله، تسعى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من جانبها لاتخاذ خطوات جادة لضمان ألا يشهد الشهر الحساس تصاعداً في الأوضاع، وتحث إدارة بايدن السلطة الفلسطينية على تبني "خطة أميركية" تهدف إلى تعزيز انتشار أجهزة أمن السلطة في شمال الضفة الغربية، حيث أصبحت المواجهات والاشتباكات بين الجيش الإسرائيلي وفصائل فلسطينية مسلحة ونشطاء محليين، دامية بشكل متزايد، وكجزء من الخطة التي كشف عنها موقع "أكسيوس" الأميركي، فإن خمسة آلاف عنصر أمني فلسطيني يخدمون حالياً في جهاز الأمن الوطني سيتم تدريبهم بقواعد تدريبية عسكرية على الأراضي الأردنية، وسيخضعون لبرنامج تدريبي خاص بإشراف أميركي. وبينما أعربت إسرائيل عن دعمها للخطة، قدمت السلطة الفلسطينية سلسلة من التحفظات ولم تعط حتى الآن رداً إيجابياً واضحاً حول الخطة.

واعتبر الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين أن مشاركة السلطة الفلسطينية في قمة العقبة في 26 فبراير (شباط) الماضي، لمناقشة الخطة الأميركية المزمع تنفيذها، تثبت عدم قدرة السلطة على مواجهة الضغوط الأميركية والإسرائيلية والإقليمية، وإلى جعل السلطة "أداة أمنية بيد إسرائيل". وأضاف، "إذا ما صحت التسريبات، فإن تغييراً خطراً سيطرأ في مستوى عمل السلطة والتنسيق الأمني، حيث سيدرج عمل القوة الأمنية الفلسطينية لقتل الفلسطينيين بدلاً من الاحتلال".

من جهتها، أشارت أوساط إسرائيلية إلى أن الخطة الأميركية المنشودة لإعادة الأمن في الضفة الغربية محكوماً عليها بالفشل، وأن السلطة الفلسطينية لن تكون قادرة على تنفيذها.

وقال يوني بن مناحيم الضابط السابق في جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان"، لموقع "زمان يسرائيل"، إن "أي اعتقاد أن السلطة ستكون قادرة على إحراز تقدم في تنفيذ الخطة الأميركية بالقضاء على المسلحين الفلسطينيين سيكتشف أنه وقع في خطأ كبير في قراءة الواقع على الأرض"، مؤكداً أن "عجز السلطة الفلسطينية تسبب في وجود هذه المجموعات المسلحة الجديدة التي نشأت في الضفة الغربية، ونجمت عن واقع أمني واجتماعي جديد، والتقدير في الشارع الفلسطيني أن أي محاولة من قبل السلطة لمحاربتها ستؤدي إلى حرب أهلية، وانفجار كبير في المنطقة، لذلك يصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس دعوات كأنه يريد تنفيذ الخطة، لكنه عملياً سيلجأ للمماطلة لتجنب الضغط الأميركي، لا سيما أنه خلال أيام قليلة سيعقد في شرم الشيخ اجتماع لمتابعة الاجتماع الأمني في العقبة، وفي غضون ذلك، لم تتخذ السلطة أي خطوات عملية لتنفيذ الخطة".

خفض التوترات

ومع تصاعد التوترات بشكل أكبر في الأسابيع الأخيرة وسط سلسلة من العمليات الإسرائيلية والعمليات الفلسطينية، فضلاً عن تصاعد عنف المستوطنين، أكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال زيارة لإسرائيل قبل أيام، أن واشنطن قلقة من عنف المستوطنين اليهود ضد الفلسطينيين، محذراً من أعمال العنف التي قد تزيد رقعة انعدام الأمن، ومشدداً على ضرورة "خفض التوترات وإعادة إرساء الهدوء خصوصاً قبيل أعياد الفصح وشهر رمضان". وأضاف أوستن في مؤتمر صحافي مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت في مطار تل أبيب، "سنواصل معارضة الإجراءات التي قد تدفع بحل الدولتين بعيداً من متناول اليد"، كذلك دعا "القيادة الفلسطينية إلى محاربة الإرهاب واستئناف التعاون الأمني والتنديد بالتحريض".

الضابط الإسرائيلي السابق والخبير في الشؤون الفلسطينية مايكل ميلشتاين قال لصحيفة "معاريف" الإسرائيلية "الجيل الفلسطيني الجديد الذي يقود العمليات يشعر بانفصال عميق عن معظم مصادر السلطة من حوله، ويشهد حالة من الغربة تجاه قيادات وشعارات الماضي، ويتأثر بعمق من فضاء شبكة الإنترنت، ويعتبرها في الوقت نفسه وسيلة للتعبير وأداة للتغذية الأيديولوجية، صحيح أن شدة التهديد المتمثل في المخاطر الفردية أو الميليشيات المحلية أقل مقارنة بالبنى التحتية العسكرية لـ(حماس) و(الجهاد الإسلامي)، لكن هذا النموذج يشكل تحدياً صعباً لإسرائيل".

مراقبة الإنترنت

وفي إطار محاربة ما يحدث في شبكات التواصل الاجتماعي، قبل الشهر الحساس، كلف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير بتشكيل فريق خاص لما سماه "مكافحة التحريض على تنفيذ هجمات ضد الإسرائيليين على مواقع التواصل الاجتماعي الفلسطينية"، بدعوى إجهاض محاولات تجنيد الفلسطينيين من داخل إسرائيل، وسكان مدينة القدس الشرقية، لعمليات مسلحة. وسيتولى الفريق الذي أطلق عليه اسم "الفريق الخارق" وفقاً لما هو معلن "مهمة مكافحة الإرهاب على الإنترنت"، والذي سيتشكل وفق تعزيزات من المحققين والشرطة، وبالتنسيق الكامل مع وزارة العدل الإسرائيلية، وبمشاركة مسؤولين من جهاز الأمن العام "الشاباك"، والجيش والهيئة الوطنية للأمن السيبراني، وسيضم الفريق ثلاث وحدات فرعية ستعمل يومياً، وتجتمع على أساس أسبوعي لمواكبة الوضع وتعزيز التوصيات الأمنية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتضم الأولى "طاقم إنفاذ القانون"، والذي سيكون مسؤولاً عن الموافقات وفتح التحقيق والمحاكمة، فيما ستعمل الفرقة الثانية كطاقم استخبارات، "لدراسة إمكانات وتحسين قدرات تجميع ومراقبة شبكات التواصل الاجتماعي والإشارة إلى الاتجاهات، والأحداث الملموسة، برئاسة لواء استخبارات"، في حين يتخصص دور الفرقة الثالثة، بحسب ما ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، في اختيار الأدوات القانونية التي ستمكن من الاستجابة الفعالة للتهديدات والتحديات في التعامل مع التحريض عبر الإنترنت.

ويقول جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي إنه يستطيع التنبؤ بالمهاجمين "قبل تنفيذهم هجمات من خلال تعليقاتهم ومنشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي"، في حين تعتقد أجهزة الأمن الإسرائيلية أن العامل المشترك بين غالب منفذي العمليات الذين يخططون بمفردهم، هو كتاباتهم على تلك المواقع، وأنهم في الغالب يفتقرون للانتماء لفصيل بعينه، لكنهم يستلهمون المبادرة لتنفيذ العمليات بمفردهم، من خلال مشاهدتهم تغطية العمليات المشابهة والتعليقات المصاحبة لها، واستناداً إلى تحقيقات سابقة أجرتها منظمة الخصوصية الدولية في شأن البرامج الإلكترونية المستخدمة للرقابة على محتوى مواقع التواصل الاجتماعي والتجسس الإلكتروني، يوجد في إسرائيل 27 شركة متخصصة في تصميم هذا النوع من البرامج.

تضييق وتكميم

في المقابل، يخشى فلسطينيون من أن يكون الفريق الخارق بقيادة بن غفير أداة جديدة لتكريس التضييق عليهم، وتكميم أفواههم، ووفقاً لبيانات مركز "فلسطين لدراسات الأسرى"، اعتقلت السلطات الإسرائيلية قرابة 410 فلسطينيين خلال عام 2022 بسبب آرائهم ونشاطهم على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً "فيسبوك". وأكد المركز أن النيابة العسكرية الإسرائيلية وجهت لوائح اتهام لبعض المعتقلين الفلسطينيين وصدرت بحقهم أحكام مختلفة تراوحت بين أشهر عدة وسنوات عدة، بتهمة التحريض، بينما تم تحويل آخرين إلى "الاعتقال الإداري" لبضعة أشهر من دون محاكمة.

 

 

وزعم المركز "أن السلطات الإسرائيلية أمعنت في انتهاك حقوق الفلسطينيين المعتقلين على خلفية التحريض، بالاشتراط عليهم قبل إطلاق سراحهم وقف استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لفترات تصل إلى أشهر عدة بجانب الغرامة المالية والحبس المنزلي لمنعهم من الكتابة على تلك المواقع".

من جهته، أشار المركز العربي لتطوير الإعلام الرقمي "حملة" الذي يدافع عن الحقوق الرقمية للفلسطينيين، أن 87 في المئة من الشباب المقدسيين قلما يشاركون في الحوارات السياسية على الإنترنت، خوفاً من رقابة السلطات الإسرائيلية على منشوراتهم على منصات التواصل الاجتماعي، إضافة إلى ذلك، يشعر 35 في المئة من الشباب على الإنترنت بالخوف من مراقبة الحكومات نشاطهم، وأظهرت البيانات أن 20 في المئة من الشباب المقدسي بحالة دائمة من انعدام الأمان خلال التعبير عن آرائهم عبر الإنترنت.

نديم الناشف المدير التنفيذي لمركز "حملة" يقول "قد تشكل هذه التقارير صدمة للمجتمع الدولي، ولكن الفلسطينيين على علم منذ زمن بعيد بأن إسرائيل جعلت الأراضي المحتلة مختبراً لأغراضها التكنولوجية في الرقابة المتوسعة، فقد أصبحت أنظمة الرقابة الإسرائيلية جزءاً لا يتجزأ من نهج السيطرة على حياة الفلسطينيين اليومية". أضاف، "على مدار السنوات الخمس الماضية، تنوعت وازدادت أساليب الرقابة الإسرائيلية زيادة كبيرة. وشجعت إسرائيل قطاع التكنولوجيا والأمن على إحداث الخوارزميات والأدوات الرقابية الهادفة إلى التدقيق في المحتوى الإعلامي الاجتماعي الفلسطيني، وتسبب في برنامجها البوليسي التنبؤي المثير للجدل في اعتقال مئات الفلسطينيين بتهم تتعلق بالتحريض الإعلامي الاجتماعي منذ عام 2015".

المزيد من تحقيقات ومطولات