Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"المصلحة العامة" وسيلة إسرائيلية للسيطرة على المواقع الأثرية في الضفة

السلطة اعتبرتها جزءاً من عمليات الضم التدريجي الصامت وتل أبيب تنفذ سياسة جديدة ضد من يمسون بتلك الأماكن

تضم المناطق المصنفة "ج" الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، أكثر من 60 في المئة من الأماكن الأثرية في الضفة الغربية (اندبندنت عربية)

ملخص

أصدرت #إسرائيل قراراً يقضي باستملاك 193 مليون متر مربع ضمن قرية العوجا، شرق #الضفة_الغربية، من أجل "المصلحة العامة"

وسط انشغال عائلة عطيات بزراعة شتلات البطيخ للمرة الأولى في أرضهم الواقعة شمال قرية العوجا في محافظة أريحا، شرق الضفة الغربية، تلقى كبار الأسرة قراراً إسرائيلياً عسكرياً نسف فرحتهم، يقضي باستملاك أرضهم إلى جانب مئات الأراضي المجاورة في المنطقة، من أجل "المصلحة العامة"، ويقيد الإعلان والأمر الصادر عن الإدارة المدنية الإسرائيلية نهاية فبراير (شباط) الماضي، الاستخدام المسموح به للأراضي، حتى الأراضي ذات الملكية الخاصة.

وتعتبر الزراعة النشاط الرئيس في محافظة أريحا والأغوار، حيث تعتمد غالبية السكان عليها، سواء مباشرة أو بطريقة غير مباشرة، وعلى رغم المساحة الكبيرة للمحافظة التي تقدر بحوالى 600 مليون متر مربع وتمثل حوالى 10 في المئة من مساحة الضفة الغربية، إلا أن مجموع المساحات المستغلة منها لا يتجاوز الـ10 في المئة فقط.

ترميم أثري

وقال مدير مكتب تنسيق نشاطات الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية التابع لوزارة الدفاع الإسرائيلية فارس عطية في نص القرار المنشور على صفحته الرسمية "اتخذت هذه الخطوة في إطار المصلحة العامة لترميم الموقع الأثري ’أرخيلانيس‘ بعدما تبين أن بإمكان الجهة المسؤولة تحمل المصاريف المطلوبة من أجل تعويض أصحاب الحقوق في الأراضي"، مشيراً إلى أن "استملاك قطعة أرض مجمل مساحتها 193 مليون متر مربع، وأخذ الحق بالتصرف فيها لمدة خمسة أعوام يندرج ضمن المادة 4 من قانون الأراضي (الاستملاك للمصلحة العامة) رقم 2 لعام 1953، وهي أراض منظمة بحسب خريطة التسوية موجودة ضمن قرية العوجا".
وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن "وزارة القدس والتراث" الإسرائيلية وتحت مسمى "إعمار المواقع الأثرية" بالضفة الغربية وغور الأردن، خصصت 10 ملايين شيكل (3.2 مليون دولار) لما اعتبرته "مكافحة تدمير الفلسطينيين المواقع التاريخية الإسرائيلية". ووفقاً لما ذكرته القناة السابعة الإسرائيلية رصدت وزارة التراث مبلغ 2.5 مليون شيكل (800 ألف دولار) لغايات تمويل متابعة الإدارة المدنية الإسرائيلية في الضفة، المواقع الأثرية و"منع تخريبها"، إضافة إلى تخصيص مليون شيكل (322 ألف دولار) لإجراء مسوح للبحث عن مواقع تراثية جنوب الضفة وتعهدت الوزارة الإسرائيلية بـ"محاربة عمليات السيطرة على المواقع الأثرية في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)".
من جهة أخرى قالت منظمة "عيمق شافيه" الإسرائيلية المتخصصة في مكانة علم الآثار في المجتمع والصراع الإسرائيلي- الفلسطيني إن "وزارة القدس والتراث لم تصدر مناقصات لتطوير مواقع تراث غير يهودية بالمرة" وإنه من ضمن 150 موقعاً شملتها القائمة الأولية لبرنامج "المعالم" لوزارة القدس والتراث، "لا يوجد أي موقع يعكس التراث غير اليهودي".


تعميق الاستيطان

من جانبها دانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية بشدة القرار الإسرائيلي وقالت في بيان رسمي إن "مصادرة الأراضي الفلسطينية في بلدة العوجا تخصص لمصلحة تعميق الاستيطان وتوسيع المستوطنات والبؤر العشوائية وتكثيف قواعد الإرهاب اليهودي في الضفة الغربية المحتلة". وأضافت "تنظر الوزارة بخطورة بالغة إلى هذه الجرائم الاستيطانية وتعتبرها جزءاً من عمليات الضم التدريجي الصامت للضفة الغربية المحتلة وتقويضاً ممنهجاً لفرصة تجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض بعاصمتها القدس الشرقية، بخاصة في ظل إقدام الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة ورصد مزيد من الأموال لمصلحة الاستيطان"، مؤكدة أن "وقف الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب وغير القانونية وفي مقدمتها الاستيطان واجتياح المناطق الفلسطينية بما يرافق ذلك من عمليات قتل خارج القانون، تعتبر مدخلاً لتحقيق التهدئة وتمهيداً لاستعادة الأفق السياسي لحل الصراع".

بدورها، اعتبرت "هيئة مقاومة الجدار والاستيطان" (حكومية) أن أوامر الاستملاك للمصلحة العامة التي تقوم بها السلطات الإسرائيلية على أراض فلسطينية "تندرج لمصلحة مشروع عام للمستوطنين ومنع الفلسطينيين من خلال أمر عسكري باستخدام تلك الأراضي لبناء أبنية أو إقامة مشاريع خاصة"، وأوضحت في بيان رسمي أن "قرارات الاستملاك هي واحدة من الوسائل الإسرائيلية للاستيلاء على الأراضي، تحديداً في المناطق (ج)".

وقال رئيس الهيئة مؤيد شعبان إنه "منذ عام 2014 أصدر الاحتلال 29 أمراً لاستملاك أراضي المواطنين بحجة المصلحة العامة أو مصلحة المستوطنين وبفعل هذه الأوامر استولى على أكثر من مليوني متر مربع من الأراضي، كان الهدف منها خدمة المشروع الاستيطاني الاستعماري وربط المواقع الاستيطانية الاستعمارية بشبكة طرق أو أنفاق أو لخدمة المستوطنين من خلال تسهيل حياتهم وحركتهم".

إعلان ضمني

وتزامن قرار مصادرة ملايين الأمتار من أراضي قرية العوجا مع مطالبة وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو من حزب "العصبة اليهودية" بوضع اليد على الآثار التاريخية القديمة المنتشرة في الضفة الغربية، بخاصة بعدما حصل الفلسطينيون للمرة الأولى وبشكل غير مسبوق على اعتراف أميركي حقيقي بحقهم في الممتلكات التراثية، إذ سلم رئيس المكتب الأميركي للشؤون الفلسطينية جورج نول والملحق في وزارة الأمن الداخلي الأميركية دونالد مانيا ومساعد المدعي العام لمقاطعة نيويورك العقيد ماثيو بوغدانوس، السلطة الفلسطينية ملعقة عاجية أثرية نادرة تعود لـ2700 عام، تم تهريبها من فلسطين إلى الولايات المتحدة.

ووفقاً لموقع "زمن يسرائيل" أعلن إلياهو أنه سيعيد النظر في إعادة القطعة الأثرية من الولايات المتحدة إلى السلطة الفلسطينية، مطالباً بفحص شرعية هذه الخطوة وفقاً لاتفاقات أوسلو. وبحسب الموقع، فإن "موقف إلياهو حيال الخطوة الأميركية ترافق مع هجوم حاد شنه على الاتحاد الأوروبي بسبب نيته تعزيز الوجود الفلسطيني في المنطقة "ج"، بما في ذلك مراقبة النشاط الأثري الإسرائيلي"، متهماً الاتحاد الأوروبي بأنه "ينتهك بوقاحة سيادة الاحتلال، بما يتعارض مع القوانين ومعاهدات إسرائيل الدولية في شأن الحفاظ على التراث". وروّج إلياهو وفقاً لوسائل إعلام إسرائيلية "لسياسة معلنة مفادها بأن القانون الإسرائيلي يطبق بشكل دائم في الضفة الغربية بعكس الأنظمة الموقتة التي تمدد مرة كل خمسة أعوام، وبعبارة أخرى فإنه يعلن عن سياسة الضم الأثري".

في المقابل تعتبر وزارة السياحة الفلسطينية أن أكبر المشكلات في متابعة القطع الأثرية ووقف تهريبها يعود لتقسيمات أوسلو، بحيث تزعم تل أبيب أن كل المواقع التاريخية حتى لو كانت تحت سيطرة السلطة الفلسطينية تقع تحت مسؤوليتها ويتم نسبها إلى التراث اليهودي. وقالت وزيرة السياحة والآثار الفلسطينية رولا معايعة إن "فلسطين تعاني  سرقة الآثار والتنقيب غير الشرعي عنها وعدم التزام الاحتلال المواثيق الدولية ذات الصلة". ووفقاً لوزارة السياحة والآثار الفلسطينية، تضم المناطق المصنفة "ج" الخاضعة للسيطرة الأمنية والإدارية الإسرائيلية، أكثر من 60 في المئة من الأماكن الأثرية في الضفة الغربية، بما فيها القدس، ويصل عددها إلى 7 آلاف موقع أثري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


سياسة جديدة

وتزامناً مع الإعلان الضمني أن وزارة التراث الإسرائيلية معنية بالحفاظ على المواقع التراثية اليهودية في الضفة الغربية، كشف وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت عن تبنيه سياسة قمعية جديدة ضد "الفلسطينيين الذين يمسون المواقع الأثرية اليهودية" في الضفة الغربية.

ووفقاً لما ذكرته صحيفة "يسرائيل هيوم"، ادعت جمعيات استيطانية أن موقعاً تاريخياً يهودياً يطلقون عليه اسم "مذبح يوشع بن نون" ويقع عند سفح جبل عيبال شمال الضفة الغربية، تعرض للتخريب والسرقة على يد فلسطينيين. وعلى رغم أن الموقع الأثري يقع في المنطقة المصنفة "ب" وفق اتفاق اوسلو 1993 ويخضع للسيطرة الفلسطينية، طالبت جمعية "حرب على كل دونم" الإسرائيلية من غالانت بالتدخل العاجل لمنع السلطة الفلسطينية من البناء والتطور العمراني في تلك المنطقة.

وتماشياً مع مطالب الجمعية، قالت الصحيفة إن غالانت وجّه رسالة إلى عضو الكنيست من حزب الصهيونية الدينية ليمور ميلخ، يعده فيها بأن "المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لن تسمح بأي تخريب في المواقع الأثرية بالضفة الغربية"، موضحاً أن "كل مس بموقع أثري، أياً كان، هو مناقض لاتفاق أوسلو وللقانون الدولي" ومضيفاً أنه أصدر تعليماته لقيادة الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية "بإجراء جولات مكثفة في الموقع ومنع أي نشاط هناك".

من جهته أكد مدير المواقع الأثرية في شمال الضفة بوزارة السياحة والآثار الفلسطينية ضرغام الفارس أن الموقع الأثري "برناط" والمعروف عند اليهود بـ"مذبح يوشع بن نون"، بعيد كل البعد من الحقائق التاريخية، قائلاً إنه "مجرد أسطورة". من جهة أخرى، أشار مسؤول ملف الاستيطان في الضفة الغربية غسان دغلس إلى أن "تلك الادعاءات الدينية الاسرائيلية وإقامة صلوات تلمودية في الموقع الأثري من قبل مستوطنين، لا تهدف إلا للسيطرة على الأراضي ومنع أصحابها من الوصول إليها، تمهيداً لإقامة بؤرة استيطانية"، بحيث تبلغ مساحة الأراضي المحيطة بالموقع الأثري 37 مليون متر مربع، وشدد على ضرورة "تأهيل المنطقة من قبل الفلسطينيين والبقاء في الأرض لتفويت الفرصة على المستوطنين".


أوامر عسكرية

وأظهرت دراسة تحليلية موسعة أعدها معهد الأبحاث التطبيقية "أريج" أن السلطات الإسرائيلية استهدفت المنازل والمنشآت الفلسطينية في الضفة الغربية بالهدم بذريعة أنها بنيت على مواقع صنفتها إسرائيل على أنها مواقع أثرية إسرائيلية (تبعاً للقانون الإسرائيلي رقم 1166). ووفقاً لبيانات المعهد أصدرت السلطات الاسرائيلية 118 أمر هدم (إخطارات) ضد منازل ومنشآت فلسطينية لوقف "تدمير المباني الأثرية القائمة على ما يسمى "المواقع الأثرية الإسرائيلية" في الضفة الغربية.

وأشار المعهد إلى أن "إسرائيل تستخدم الأوامر العسكرية للسيطرة على الأراضي الفلسطينية ومصادرتها، فمنها ما جاء للأغراض العسكرية، وأخرى إعلان الأراضي على أنها ’أملاك غائبين‘، وأخرى مصادرة الأراضي لتلبية حاجات العامة، وإعلان أخرى محميات وحدائق طبيعية وأيضاً السيطرة على المواقع الأثرية وغيرها من الأوامر العنصرية التي استند كل منها إلى أسس قانونية مختلفة".
تجدر الإشارة إلى أنه في 15 أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2020، أعلنت السلطات الإسرائيلية عن تخصيص نحو 12 مليون متر مربع من الأراضي الفلسطينية الواقعة في منطقة الأغوار الشمالية بحجة نقل ملكيتها إلى "ثلاث محميات طبيعية"، وتضمن الأمر العسكري الإسرائيلي آنذاك "بشأن قانون الآثار القديمة في يهودا والسامرة" الإعلان عن 601 موقع أثري وتاريخ في الضفة الغربية على أنها مواقع أثرية إسرائيلية.

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط