Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أوروبا "العجوز"... المصطلح الذي يظلم التاريخ والجغرافيا

هي مهد للحضارات القديمة وتتقدم في السن أسرع من أي منطقة أخرى في العالم

قادة المجموعة الاقتصادية الأوروبية في صورة جماعية بستراسبورغ، 1989 (أ.ف.ب)

ملخص

في يناير 2003 وصف وزير الدفاع الأميركي #دونالد_رامسفيلد أوروبا بأنها #القارة_العجوز، لكن وزير الخارجية الفرنسي #دومينيك_دوفيلبان أورد المصطلح كمرادف للحكمة والنبل

لسنوات، وبينما نكتب أخبارنا ونعد تقاريرنا عن أوروبا، أو حتى خلال الأحاديث اليومية عن أحوالها، يتسلل بين السطور مصطلح "القارة العجوز"، كوصف شائع لها، نقوله، ومن دون أن نفكر، ربما، لماذا لقبت به، مَن أطلقه، وهل تستحقه بالفعل؟

واليوم ومع كثرة الأخبار المضطربة من هذه القارة، من حروب وصراعات وأزمات اقتصادية وشح إمداداتها من الطاقة والوقود وصولاً إلى الإضرابات والانقلابات، نعود إلى الوراء قليلاً، لنلقي نظرة سريعة على جوانبها التاريخية والجغرافية، لعلنا نجيب في الوقت نفسه عن كل تلك الأسئلة التي طرحناها.

جغرافيا القارة

تقع أوروبا في القسم الشمالي من الكرة الأرضية وتوصف بأنها شبه جزيرة كبيرة تمتد على مساحة كلية تقدر بـ10.180.000 كم² وهي القارة الثانية من حيث صغر حجمها.

يحدها المحيط الأطلسي من الغرب فاصلاً إياها عن القارتين الأميركيتين، ومن الشمال يحدها المحيط المتجمد الشمالي. أما من الشرق فتحدها جبال أورال وجبال القوقاز وبحر قزوين، في حين يشكل البحر الأبيض المتوسط حدودها الجنوبية، ويشكل كل من مضيق البوسفور ومضيق الدردنيل حدودها مع غرب آسيا.

تضم نحو 51 دولة تتوزع على خمس مناطق جغرافية رئيسة هي: أوروبا الغربية وأوروبا الوسطى وجنوب أوروبا وأوروبا الشمالية وأوروبا الشرقية. تبدأ من البرتغال غرباً إلى روسيا شرقاً، ولكن سبع دول منها توجد بين أوروبا وآسيا معاً، في حين تقع باقي الدول في قارة أوروبا بالكامل، سواء داخل الحدود الأوروبية أو كجزر تابعة لها.

يبلغ عدد سكان هذه القارة أكثر من 850 مليون نسمة، أي ما يعادل 11 في المئة من النسبة الإجمالية لسكان العالم، وهم لا يتكلمون لغة واحدة، وينتمون إلى نحو 87 مجموعة عرقية مختلفة، يعتبر الشعب الروسي أكبرها.

اسم من الأسطورة

لا يزال أصل كلمة "أوروبا" مشكوك فيه إلى اليوم، لكن أكثر ما يشاع أنه جاء من الميثولوجيا اليونانية القديمة، نسبة إلى الأميرة الفينيقية الجميلة أوروبا، ابنة أجينور ملك صور، التي اختطفها كبير الآلهة زيوس متنكراً على هيئة ثور أبيض بعد أن وقع في حبها، وذهب بها إلى جزيرة كريت. كذلك يؤكد بعض الباحثين في التاريخ الأوروبي أن كلمة أوروبا مشتقة من كلمة erebu ومعناها النزول أو من كلمة "ereb" التي تعني الغروب باللغة الفينيقية. وجادل علماء آخرون بحسب الموسوعة البريطانية، بأن أصل الكلمة مشتق من اللغة الأكادية التي كانت منطوقة في بلاد ما بين النهرين، وأنها تعني "غروب الشمس" حيث تقع أوروبا غرباً بالنسبة لبلاد ما بين النهرين، في حين تطلق كلمة "ASU" التي تعني بالأكادية شروق الشمس على قارة آسيا.

وتتشارك أوروبا مع أفريقيا وآسيا اسم "العالم القديم" نظراً إلى أن هذه القارات اكتشفت قبل قرون عدة من رحلة كريستوفر كولومبوس واكتشاف بقية أجزاء خريطة العالم.

"العجوز"... بين الحكمة والاتهامات

أما لقب "القارة العجوز" أو "القارة القديمة" فقد استحوذت أوروبا عليه وحدها، وهو مصطلح برز بشدة في يناير (كانون الثاني) 2003 على لسان وزير دفاع الولايات المتحدة دونالد رامسفيلد في خضم تناوله لرفض فرنسا وألمانيا دعم الغزو الأميركي للعراق ورفضهما له كلياً، حيث قال رامسفيلد حينها للصحافة الأجنبية بلهجة متهكمة: "لا أرى أوروبا كما لو أنها ألمانيا وفرنسا. أعتقد أنهما أوروبا القديمة. وإذا ألقيتم نظرة على أوروبا بأكملها، ستجدون أن مركز الثقل فيها ينتقل إلى الشرق".

وأوضح أيضاً في ما يتعلق بموضوع العراق نفسه "هناك دول عدة في أوروبا ليست مع فرنسا وألمانيا، إنهم مع الولايات المتحدة". حتى إنه وصف الأوروبيين خلال حديثه بـ"كبار السن".

بعيداً من أن تصريحات رامسفيلد واجهت انتقاداً واسعاً على الساحتين السياسية والإعلامية في ألمانيا وفرنسا، يمكن القول إنها خلقت تفرقة بين القوى الأوروبية التقليدية ودول أوروبا الجديدة-الوسطى والشرقية- التي انضمت إلى الناتو ما إن خرجت من حلف وارسو.

وفي 14 فبراير (شباط) 2003، رد وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دو فيلبان على دونالد رامسفيلد وأعاد استخدام المصطلح في خطابه أمام جلسة مجلس الأمن بنيويورك، لكنه هذه المرة أورده كمرادف للحكمة والنبل والتعقل، حيث قال معرباً عن معارضة بلاده التدخل العسكري في العراق:

"في هذا الصرح التابع للأمم المتحدة، نحن حراس المثل الأعلى، نحن أوصياء على الضمير. يجب أن تدفعنا المسؤولية الجسيمة والشرف الكبير الذي نتمتع به إلى إعطاء الأولوية لنزع السلاح في سلام".

هذه الرسالة تصلكم من دولة قديمة، فرنسا، من قارة قديمة مثل بلدي، أوروبا، بإمكانها أن تخبرك بهذا اليوم، هي التي عرفت الحروب والاحتلال والهمجية. دولة لا تنسى وتعرف كل ما تدين به لمقاتلي الحرية من أميركا وغيرها، ولم تتوقف يوماً عن المواجهة. وهي مخلصة لقيمها وتريد العمل بحزم مع جميع أعضاء المجتمع الدولي، وتؤمن بقدرتنا على بناء عالم أفضل معاً".

لاحقاً أخذ لقب "العجوز" يحيل إلى أوروبا كبقعة جغرافية وكوجود حضاري وثقافي في الوقت نفسه وبدأ ينتشر مع عديد من السياسيين والصحافيين في المقالات والدراسات والأبحاث، لكن ما يجب التنويه إليه أن لقب "عجوز" هو الكلمة العربية، ومثلها باللغة الفرنسية، المستخدمة كترجمة لكلمة "old" باللغة الإنجليزية، وما بين الكلمتين والمعنيين هناك فرق ليس بسيطاً.

هل أوروبا قارة قديمة؟

التفسيرات اليوم لمصطلح "القارة العجوز" بعيدة تماماً عن المعنى الأصلي الذي رمى إليه رامسفيلد في عام 2003، أو عن ذاك الذي رد به دو فيلبان، فبحسب رون بتراركا، الباحثة في التاريخ في جامعة جورج واشنطن، يشير مصطلح "العالم القديم"- على الأقل من منظور أوروبي- إلى آسيا وأفريقيا وأوروبا، في حين يطلق على الأميركيتين ومنطقة البحر الكاريبي، مصطلح "العالم الحديث" لأنها اكتشفت حديثاً. فبالنسبة إلى الأوروبيين الذين اكتشفوا أميركا، تمثل قارتهم أوروبا، القارة القديمة في هذا العالم.

كذلك فإن أوروبا وآسيا وأفريقيا كانت مهداً لعديد من الحضارات القديمة التي وجدت قبل آلاف السنين، بما في ذلك حضارات اليونان وروما، بالتالي هن قارات "العالم القديم"، وتحديداً أوروبا.

من جهة أخرى، يفسر البعض المصطلح بناء على كونها تتقدم في السن، فنسبة المسنين في القارة مرتفعة مقارنة بالتعداد الكلي لعدد سكانها. وفي إحصائية قدمها Population Reference Bureau، نجد أن منطقة جنوب أوروبا التي تضم دولاً مثل إسبانيا وإيطاليا والبرتغال واليونان، هي الأقدم في العالم حيث تبلغ أعمار 21 في المئة من السكان 65 عاماً وأكثر.

كما ويتوقع العلماء بحسب "ناشيونال جيوغرافيك" أن تنمو النسبة إلى 28 في المئة في جميع أنحاء القارة، بحلول عام 2050، الأمر الذي سينشئ قوة عمل أصغر وسيدفع الحكومات والأفراد لرعاية مزيد من كبار السن.

وخلص تقرير نشره موقع researchgate.net في عام 2013، وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة، أن أوروبا هي القارة الأقدم وتتقدم في السن أسرع من أي منطقة أخرى في العالم. وأرجع السبب إلى انخفاض معدل الوفيات بين الأوروبيين إلى جانب انخفاض معدلات الخصوبة، إذ من المتوقع في السويد مثلاً، أن تصل أكثر من 91 في المئة من الفتيات حديثات الولادة إلى سن 65، وإن 75 في المئة من هؤلاء سيحتفلن بعيد ميلادهن الـ80.

من الصيد إلى المستعمرات

منذ نحو 40 ألف عام ظهر الإنسان العاقل في أوروبا. وخلال العصر الحجري، شهدت بعض مناطقها تجمعات للسكان الأوائل الذين اعتمد نمط معيشتهم على جمع النباتات وصيد الحيوانات البرية.

وقبل نحو تسعة آلاف عام، بدأت فيها ممارسة زراعة التربة وإنتاج المحاصيل وتربية الماشية، في الوقت الذي أخذ الناس حينها يستخدمون الأدوات الحجرية ويعيشون في مجموعات صغيرة أو قرى.

مع استمرار الإنسان في رحلته من الشرق إلى الغرب، وصلت المعرفة بالأدوات والأساليب الجديدة المنظمة للحياة. وبحلول الألفية الثانية قبل الميلاد، كانت القبائل التي تتحدث اللغة الهندو أوروبية تعيش حياة الرحل في السهوب التي تمتد من أوكرانيا شرقاً إلى المناطق الواقعة شمال البحر الأسود وبحر قزوين. وقد وصل الإغريق منهم، عبر موجة الهجرات العظيمة، في القرن الـ18 قبل الميلاد إلى مناطق استيطانهم بين البحر الأيوني وبحر إيجه. وهناك أسسوا الحضارة اليونانية التي أصبحت أساس الثقافة الغربية بما قدمته من فلسفة وعلوم وفنون.

ويتفق المؤرخون على أنه يمكن إرجاع التاريخ السياسي المبكر لأوروبا إلى اليونان القديمة وروما، حيث أثرت كلتا الحضارتين بعمق على كيفية حكم الحضارات الأوروبية التالية لأراضيها ومواطنيها.

ففي حين وصفت اليونان القديمة بأنها مهد الديمقراطية، ووجد معها المجتمع المدني بما في ذلك المؤسسات المنتخبة، يعتبر نهج روما التي سيطرت على نحو 6.5 مليون مربع من الأراضي بسبب توسعاتها وحروبها الكثيرة، أساس الفكر الغربي المتجسد في توسيع سلطة الأمة ونفوذها سواء من خلال الدبلوماسية أو بالقوة العسكرية.

توضحت هذه التوسعات في النهج الأوروبي خلال القرنين الرابع والخامس، مع سلسلة الغزوات والتحالفات القبلية التي أدت إلى انهيار الإمبراطورية الغربية وتأسيس ممالك تطورت إلى مملكة فرنسا والإمبراطورية الرومانية المقدسة، سلف ألمانيا اليوم. وتبلورت أكثر بعبور الأنغلوساكسون إلى جنوب بريطانيا وإنشائهم سلسلة من الممالك تطورت في النهاية إلى مملكة إنجلترا في نحو عام 927.

تحولت هذه الممالك بحلول نهاية القرن الـ15، إلى قوى عظمى، إذ لعبت إنجلترا وفرنسا وهولندا والبرتغال وإسبانيا أدواراً سائدة في الشؤون العالمية، وبدأت بذلك الحقبة الاستعمارية التي امتدت إلى منتصف القرن الـ20، وهي الحقبة التي أنشأت فيها هذه القوى المذكورة أعلاه المستعمرات في آسيا وأفريقيا والأميركتين.

الحروب قدر تاريخها الحديث

وبفعل الثورة الصناعية، تمكنت أوروبا من إحكام قبضتها على القارات الأخرى، ولقد شهد القرن الـ19 أوج هيمنتها على الخريطة الدولية، عندما توسعت إمبراطوريتها وتكدست مستعمراتها التي أخذت على عاتقها مهمة تأمين المواد الخام والثمينة لعملية الإنتاج الصناعي.

وبحلول عام 1914 كانت دول أوروبا تحكم نحو 30 في المئة من سكان العالم، وقد وصلت إلى ذروة قوتها وتفوقها، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وثقافياً، لكن كل هذا تأثر في يوليو من العام نفسه، باندلاع الحرب العالمية الأولى التي تسببت بدمار غير مسبوق في ساحات المعركة والمجتمعات بشكل عام.

حتى نوفمبر من عام 1918، عاشت القارة صراعاً عالمياً لم يسبق له مثيل من قبل، وكان كافياً ليجعل هذه الحرب الكارثة الأكثر دموية في التاريخ الأوروبي.

بنهاية الصراع انهارت الإمبراطوريات المجرية والنمسوية والعثمانية وأعيد ترسيم الحدود بين الدول القائمة، مثل ما حصل بين بولندا وروسيا. ولم تكد الشعوب تستعيد عافيتها، حتى اندلعت الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945) نتيجة لصعود الفاشية والنازية والشمولية، وخلفت نحو 43 مليون قتيل أوروبي ونحو 40 مليون لاجئ.

كذلك تضاءلت قيادة أوروبا الغربية في السياسة العالمية بعد الحرب، تزامناً مع بداية الهيمنة الأميركية وقيادة الاتحاد السوفياتي لـ"الكتلة الشرقية" التي يقصد بها مجموعة من الدول الشيوعية في أوروبا الوسطى والشرقية وشرق آسيا وجنوبها.

تخلت الدول في هذه الفترة عن القتال بالأسلحة، واستعانت بالتكنولوجيا والتقدم الصناعي والتسابق الفضائي لصراع جديد أطلق عليه اسم "الحرب الباردة" التي امتدت من منتصف الأربعينيات حتى أوائل التسعينيات، بين قوتين عظميين، هما: الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي.

وباعتماد السوفيات خلال الحرب الباردة لسياسة "الستار الحديدي" بمعنييه المادي والأيديولوجي تحددت الجغرافيا السياسية لأوروبا، وتحددت العلاقات الدولية معها وفقاً لتوجهات كتلتيها الشرقية والغربية.

لكن الأمور أخذت تتغير في السبعينيات، حيث لعب الركود العالمي وأسعار الطاقة المتضخمة على أثر الأزمة مع الدول العربية المصدرة للنفط، في ظهور حركات اجتماعية جديدة تحدت النظام السياسي، وأدخلت الدول الشيوعية في فترة من التدهور إلى أن بدأ بالسقوط في عام 1989.

أتاح انتهاء الحرب الباردة للأوروبيين فرصة الالتقاء تدريجاً في تعاون أوثق، مع انضمام الدول الشيوعية السابقة للاتحاد الأوروبي. ومن جهة أخرى، بدأت حقبة جديدة في تاريخ أوروبا والعالم، أسهم في تشكيلها ظهور 15 دولة جديدة من بينهما روسيا الاتحادية وأوكرانيا، اللتان أعادتا القارة منذ العام الماضي إلى فترة الحروب الدموية.

هكذا تشكل الاتحاد الأوروبي

في عالم السياسة والاقتصاد، ترد الأخبار والتصريحات من وعن "الاتحاد الأوروبي"، فيظن البعض أنها تخص أوروبا كلها، لكن في الحقيقة، فإن الاتحاد يمثل 27 دولة أوروبية فقط تمتد على مساحة تبلغ نحو أربعة ملايين كيلومتر مربع ويعيش داخل حدودها نحو 450 مليون نسمة.

ما يعني أنه هناك 23 دولة تقع في القارة العجوز هي ليست جزءاً من هذا الكيان، من بينها خمس دول في طور دمج تشريعاته في قانونها الوطني، ودولتان من المرشحين المحتملين الذين لم يستوفوا إلى الآن شروط العضوية.

بدأت جذور الاتحاد الأوروبي مع تأسيس مجلس أوروبا في الخامس من مايو (أيار) عام 1949، بهدف دعم حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون في القارة، مؤلفاً من 10 دول هي: بلجيكا، وفرنسا، والدنمارك، وإيرلندا، ولكسمبورغ، والمملكة المتحدة، وهولندا والنرويج، وإيطاليا، والسويد.

تلا هذه الخطوة تأسيس "الجماعة الأوروبية للفحم والصلب" في أبريل عام 1951 التي هدفت إلى تنظيم الإنتاج الصناعي لدولها الست المصادقة عليها وهي: بلجيكا، وفرنسا، وإيطاليا، ولوكسمبورغ، وهولندا، وألمانيا الغربية.

وسعت الجماعة نطاق تعاونها وشملت مجالات اقتصادية أخرى، فانبثق عنها "الجماعة الاقتصادية الأوروبية" و"الجماعة الأوروبية للطاقة الذرية". وفي الثامن من أبريل (نيسان) عام 1965 جمعتهما معاهدة بروكسل المعروفة بمعاهدة الاندماج إلى جانب "الجماعة الأوروبية للفحم والصلب" في منظمة واحدة سميت "الجماعة الاقتصادية الأوروبية".

خطوة أخرى مهمة للغاية على طريق الوحدة الأوروبية، اتخذت في يوليو 1968، عندما تم إنشاء اتحاد جمركي، ألغى الرسوم الجمركية بين الدول الأوروبية الست، ووضع في الوقت نفسه تعريفة جمركية مشتركة للتجارة مع بقية العالم.

وفي عام 1973، انضمت كل من المملكة المتحدة وإيرلندا والدنمارك إلى المجموعة الاقتصادية الأوروبية كأول توسع لها، في حين شهدت توسعات أخرى لاحقاً بانضمام كل من اليونان والبرتغال وإسبانيا.

ومن خلال التوقيع على اتفاقية "شنغن" في عام 1985، قررت دول أوروبية عدة أن جميع السكان سيكونون قادرين على التنقل بحرية، لكنها لم تطبق إلا بعد 10 سنوات. وفي عام 1986، أقر "القانون الأوروبي الموحد" الذي سمح بإنشاء سوق واحدة كبيرة، حيث يمكن للسلع ورؤوس الأموال والخدمات أن تنتقل بحرية من بلد إلى آخر، لكنه أيضاً لم ينفذ إلا بعد 7 سنوات.

على الجانب الثقافي، في يونيو 1987، منح ملايين الطلاب فرصة الدراسة والتدريب في دول أوروبية أخرى عبر برنامج "إيراسموس" الذي سهل حركة الطلاب الأوروبيين وبخاصة الشباب منهم عبر الجامعات ومؤسسات التعليم العالي في هذه الدول.

أما الخطوة الرئيسة، فكانت التوقيع على معاهدة "ماستريخت" عام 1992 التي أعلنت رسمياً إنشاء الكيان الذي يسمى "الاتحاد الأوروبي".

وقد توسع لأول مرة في عام 1995 بانضمام النمسا وفنلندا والسويد، ثم توسع بدخول كل من: الجمهورية التشيكية، وقبرص، وإستونيا، والمجر، ولاتفيا، وليتوانيا، ومالطة، وبولندا، والجمهورية السلوفاكية، وسلوفينيا، في عام 2004.

 وفي عام 2007 انضمت بلغاريا ورومانيا، وأخيراً انضمت في عام 2013 كرواتيا بعد ثماني سنوات من المفاوضات، وأصبحت الدولة الـ28، لكن بخروج المملكة المتحدة في يناير 2020، أصبح يضم 27 دولة فقط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

دفاع مشترك ورموز واحدة

يتكون الاتحاد الأوروبي اليوم من ثلاث هيئات رئيسة، هي: المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي ومجلس الاتحاد، يرفرف فوق مقارها جميعها علم الاتحاد ذو اللون الأزرق، الذي تشكل فيه النجوم الذهبية الصفراء دائرة ترمز إلى أن دوله متحدة وتقف إلى جانب بعضها البعض.

يعكس شعاره المعتمد "متحدون في التنوع" روح هذا الكيان ومبدأه، فقد يكون لدى الأوروبيين ثقافات ولغات مختلفة لكنهم يعملون معاً وجنباً إلى جنب في جوانب عدة، في حين تعكس عملة "اليورو" التي تعتمدها 20 دولة من دول الاتحاد، وحدتهم المالية وقوتهم الاقتصادية.

وحدة الأعضاء والدعم المتبادل في ما بينهم، لا يقتصر على الرموز والاقتصاد والتشريعات المجتمعية، بل يتجاوزها إلى الدفاع العسكري أيضاً، حيث تم الاتفاق على بند الدفاع المشترك الذي يؤكد أنه يجب على الأعضاء الآخرين مساعدة أي دولة عضو فيه إن كانت ضحية لاعتداء مسلح على أراضيها، وقد توجه خلال السنوات الأخيرة، وتحديداً بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية عام 2014، إلى تعزيز قدراته العسكرية الدفاعية، وعززها أكثر بعد 24 فبراير 2022.

مع العلم أن كل دولة عضو تخضع لقوانين ملزمة داخل المؤسسات التشريعية والقضائية المشتركة. ولكي يتبنى الاتحاد سياسات تتعلق بالدفاع والشؤون الخارجية، يجب أن توافق جميع الدول الأعضاء بالإجماع.

المزيد من تقارير