Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قبل انطلاق المدفع... محاكم تفتيش لدراما رمضان

غموض حول مصير "معاوية" وتربص بحجاب منى زكي في "تحت الوصاية" وملاحظات سديدة حيال "سوق الكانتو"

لم تسلم القصص ذات الطابع الاجتماعي أو الديني أو التاريخي أو الرومانسي كذلك من الهجوم (حقوق الملكية محفوظة - مواقع التواصل)

ملخص

 أزمات الجمهور مع #مسلسلات_رمضان انطلقت باكراً فهل عبرت الملاحظات المتوالية عن وعي وتدقيق #الجمهور أم تربصه بالإنتاج الفني؟

اشتعلت المنصات باكراً بأزمات مسلسلات رمضان، فقبيل انطلاق الموسم الدرامي السنوي الأبرز تم الحكم مسبقاً على الأعمال وتعليق المشانق قبل أن تكتمل الحملات الإعلانية، وباتت مجرد صورة أو معلومة مقتضبة كفيلة بأن تحث عدداً من المدونين ورواد "السوشيال ميديا" وحتى بعض رجال الدين على شحذ أسلحتهم للانقضاض.

أما الضحايا فقد بدأوا في التساقط بالفعل عقب حملات سخرية ونقد واستخفاف أيضاً حتى وإن كانت هناك بعض الملاحظات الوجيهة الجديرة بالمناقشة لكن الأجواء الطاغية كانت مغرقة في العدائية، وكل هذا من مجرد ملمح واحد أفصح عنه من قبل صناع مسلسلات رمضان 2023، ولم تسلم القصص ذات الطابع الاجتماعي أو الديني أو التاريخي أو الرومانسي كذلك من الهجوم.

وبالطبع بات الاهتمام بدراما هذا الموسم عادة رمضانية تضاهي تقاليد تناول الكنافة والقطايف في مصر، لكن التحفز الباكر مثلما يؤكد الاهتمام بالمتابعة وأن الجمهور لم يهجر عاداته القديمة تماماً في ظل سيطرة المنصات الإلكترونية، لكنه أيضاً يخلق مجالاً من الإشاعات والمعلومات المضللة التي تختلط فيها الحقائق بما هو مختلق تماماً.

أين ذهب "معاوية"؟

العمل الأكثر جدلاً الذي ارتبط اسمه بموسم رمضان 2023 هو "معاوية" الذي يسرد سيرة مؤسس الدولة الأموية وأحد كتّاب الوحي أبو عبدالرحمن معاوية بن أبي سفيان الأموي القرشي، فبعد مطالبات بمنع عرضه وانتشار تغريدة لمقتدى الصدر زعيم التيار الصدري في العراق تهيب بالقائمين عليه التوقف عن تنفيذه ومنع عرضه بحجة أنه قد يؤجج الفتنة، لم تهدأ التغريدات والتدوينات التي تدلو بدلوها في القضية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن الحكاية لم تتوقف هنا، فقد تم تداول بيان ممهور بشعارات جهة الإنتاج والعرض "إم بي سي" يؤكد أن المسلسل سيعرض عبر جميع منصاتها عدا قناة "إم بي سي - العراق" التزاماً من المؤسسة بمعايير البث المحلي هناك وهو البيان الذي بدا حقيقياً تماماً، لكن على ما يبدو فإن مروجيه بذلوا مجهوداً كبيراً لكي يجعلوه مشابهاً للبيانات الرسمية الصادرة من المنصة الإعلامية البارزة.

وهكذا سارعت "إم بي سي" بالرد عبر بيان رسمي صادر عن مكتبها الإعلامي وصفت فيه الخطاب المتداول بأنه مفبرك ومزور وينتحل صفة المجموعة، لكن البيان الجديد الشديد اللهجة لم يذكر سوى سطر واحد عن سير العمل في مسلسل "معاوية" إذ يقول "توضح المجموعة أن المسلسل ما زال قيد التحضير إنتاجياً وفنياً، وسيتم الإعلان عن موعد عرضه بمجرد أن يصبح جاهزاً".

إذاً فحتى الآن لم يصبح المسلسل جاهزاً، كما أن المجموعة بدأت بالفعل الترويج لأعمالها المعروضة في الموسم الرمضاني من دون أية إشارة للعمل محل الجدل، والذي يقوم ببطولته لجين إسماعيل ويكتبه خالد صلاح ويخرجه طارق العريان.

ويأتي هذا وسط تأكيدات من قبل مصادر رفضت ذكر اسمها بخروج المسلسل من السباق الرمضاني 2023 بسبب تعطيلات في العملية الإنتاجية والفنية وليس لأي أسباب أخرى، وبالتواصل مع عدد من صناع "معاوية" رفضوا تماماً التصريح بأية معلومات إلا بعد عرضه وذلك وفقاً لبنود تعاقدهم مع جهة الإنتاج.

غاضبون من الصدقية

المسلسل الذي يضاهي "معاوية" في حجم الضجة الاستباقية مع فارق وحيد هو أنه بالفعل حجز مكانه رسمياً على خريطة العرض، وهو مسلسل "تحت الوصاية" من بطولة منى زكي وإخراج محمد شاكر خضير وتأليف شيرين وخالد دياب. وكانت التهمة هذه المرة أنه يشوه صورة النساء المحجبات، إذ تظهر منى زكي في دور امرأة بسيطة يتوفى زوجها وتضطر إلى العمل على مركب صيد لإعالة أطفالها، لذا فهي تبدو بائسة وحزينة تماماً ولا تعتني بجمالها كامرأة نظراً إلى ظروفها المعيشية الصعبة وتكتفي بارتداء حجاب تضعه كيفما اتفق من دون اهتمام بالتأنق.

تعالت الصيحات التي تتهم المسلسل ومعه أعمال أخرى مثل "عملة نادرة" لنيللي كريم، بأن هناك تعمداً لإظهار المرأة المحجبة على الشاشة بشكل منفر، وأن الواقع يحمل صوراً أكثر إشراقاً وأناقة للمحجبات، إذ تظهر نيللي أيضاً بلا ماكياج وبشكل غير مرتب بعض الشيء ومرتدية ملابس سوداء.

 

لكن في ما يتعلق بمنى زكي فإن هناك حالاً من التربص بأعمالها منذ عرض فيلمها "أصحاب ولا أعز" في مطلع عام 2022، إذ واجهت بسببه حملة انتقاد قوية واتهمت بخدش الحياء العام بسبب جرأة الشخصية، لكن الذين يهاجمون منى في دورها الجديد لا يلتفتون إلى طبيعة شخصيتها كأرملة لا تجد قوت يومها وتعيش في مجتمع محافظ، وهو أمر علقت عليه الفنانة عبير صبري التي سبق أن قدمت شخصية المحجبة في أعمال فنية بالقول عبر حسابها على "إنستغرام"، "أفكركم إن مفيش لا يوجد تعمد ولا حاجة، أنا قدمت دور شريفة في مسلسل (الطوفان)، وكانت جميلة ومرتبة وشيك وعندها صراع مختلف، لأنها ست بيت وزوجها بيصرف عليها ومش محتاجة حاجة، الدور ده غير دور ست غلبانة (فقيرة) بتشتغل وبتصرف (تنفق) على عيالها. ياريت تستمتعوا بالعمل الفني اللي مبذول فيه جهد كبير".

وعلى النقيض يرى بعض المتابعين أن صورة النساء المصريات الريفيات والصعيديات اللاتي يعشن في مجتمعات أقل انفتاحاً مقدمة في الدراما بصورة أكثر بهجة من الواقع، وأن المظهر العام للنساء هناك أكثر تحشماً وقتامة، إذاً فالصدقية يتم التشكيك بها من الجانبين، وكل هذا والدراما لم تعرض بعد.

واللافت أن مسلسل "تحت الوصاية" تعرض أيضاً قبل أشهر لأزمة كبيرة اضطرت صناعه إلى تغيير بعض تفاصيل القصة، وذلك بعد أن تردد أن البطلة تقدم محاكاة لشخصية "الحاجة صيصة" التي حصلت على تكريم رئاسي، وهي السيدة التي تسكن في محافظة الأقصر جنوب مصر وظلت تعمل عشرات السنوات بعد وفاة زوجها في مهن شاقة خاصة بالرجال متنكرة في زي ذكوري كي تتمكن من التحرك بسهولة في مجتمعها، وقد أبدت الشخصية الحقيقية اعتراضها على تقديم سيرتها على الشاشة من دون إذنها، كما أبدت الفنانة روجينا ملاحظتها على الفكرة كذلك لأنها كانت سبقت منى زكي وأعلنت أنها تقدم شخصية امرأة تتنكر في زي الرجال في مسلسلها المنتظر أيضاً وعنوانه "ستهم".

أخطاء تاريخية فادحة

ومع ذلك هناك بعض الملاحظات التي أبداها متابعو الحملات الدعائية لمسلسلات الموسم المرتقب تحمل كثيراً من الوجاهة، وهي تؤكد أن الجمهور مثلما يضم قطاعاً من المتربصين، لكن من بينهم أيضاً مشاهدون مطلعون وآراؤهم دقيقة.

فمثلاً من المستغرب أن تحمل خلفية البوسترات الترويجية لمسلسل "سره الباتع" بعض الأيقونات والصور التي ترمز لحقبة حكم محمد علي وبينها مسجده الشهير بالقلعة في القاهرة، فيما العمل نفسه يتناول فترة الحملة الفرنسية على مصر ومقاومة الشعب لها، وهي المرحلة التي سبقت وصول محمد علي إلى حكم مصر، إذ جاء الجندي الألباني إلى البلاد بعد انطلاق الحملة ليساعد في إجلاء الفرنسيين عن مصر، والمسجد المذكور بني في أواخر حكمه لمصر الذي بدأ عام 1805، بينما لم تستمر الحملة الفرنسية سوى ثلاث سنوات من 1798 إلى 1801، والمسلسل مأخوذ عن قصة للأديب الراحل يوسف إدريس وتأليف وإخراج خالد يوسف.

 

 

الناقد الفني إيهاب التركي أبدى دهشته من هذا الاختيار الذي لا يحمل أية وجاهة، مشيراً إلى أن مصمم البوسترات وضع بأريحية شديدة على ما يبدو صورة جامع محمد علي باعتباره قلعة صلاح الدين الأيوبي، وهذا خطأ وخلط شائع بين القلعة القديمة والمسجد الذي بناه محمد علي بعد حكمه مصر، أي بعد الحملة الفرنسية بسنوات طويلة.

وتابع التركي، "أتمنى أن يكون الخطأ فقط في البوستر الترويجي وليس في مشاهد العمل نفسه، فتاريخ الأعمال التاريخية الدرامية بالمنطقة عادة ما يكون مليئاً بالأخطاء الفادحة وعدم الدقة، بخاصة في التعامل مع الملابس وطريقة ظهور الممثلين والديكور وأدوات وملامح العصر التاريخي"، لافتاً إلى أن "الإنفاق ببذخ لا يعني أن العمل استلهم روح الزمن وملامح المكان وتفاصيل شخصيات تلك المرحلة".

وذكّر بما حدث قبل عامين ويتعلق بمسلسل "الملك" المأخوذ عن رواية نجيب محفوظ "كفاح طيبة"، إذ تم إيقاف إنتاجه لأجل غير مسمى بسبب اختيار الممثل عمرو يوسف لدور أحمس، وكانت البوسترات وكذلك الإعلان الترويجي عبارة عن سيل من الأخطاء التاريخية الواضحة للغاية.

وأضاف التركي أن "الدقة والإخلاص والأمانة الفنية جزء لا يتجزأ من عملية الإبداع، وصناعة دراما تاريخية ليست عملاً سهلاً يتم إنجازه من دون مراجعة أو تدقيق".

مقاومة الاحتلال باقتباسه

مفارقة أخرى كانت مثار نقاشات عبر الصفحات والمجموعات المهتمة بالأعمال الدرامية عالمياً وعربياً، وتتعلق بمسلسل "سوق الكانتو" لأمير كرارة ومي عز الدين وتأليف هاني سرحان وإخراج حسين المنباوي، إذ يستند العمل في كثير من تفاصيله الظاهرية إلى شكل أبطال المسلسل الإنجليزي الشهير

""Peaky Blinder الذي عرض على مدى ستة أجزاء حول عصابة آل شيلبي الشهيرة في مدينة برمنغهام بإنجلترا في أعقاب الحرب العالمية الأولى.

 

 

وفي مطلع القرن الـ 20 أيضاً تدور أحداث "سوق الكانتو" الذي يتعرض لمقاومة المصريين للاحتلال الإنجليزي، لكن أبطاله يستوحون تصرفات وطريقة ملابس نجوم المسلسل البريطاني ذائع الصيت، وبخاصة بطل العمل الذي بدا وكأنه يحاكي طريقة توماس شيلبي "كيليان مورفي"، سواء في ما يتعلق بطريقة تدخينه للسيجار أو تصميم بدلته وكذلك القبعة، والأمر نفسه بالنسبة إلى الشخصيات النسائية، إذ بدا مظهرهن مقارباً كثيراً لبطلات "بيكي بلايندرز".

مسلسل "جعفر العمدة" لمحمد رمضان نال التعليقات نفسها التي تتكرر كل عام، ومفادها أن بطله يعيد تقديم مشاهد بعينها مثل إهانة وضرب بعض الممثلين بطريقة واحدة تقريباً، وهي مواقف ظهرت في الإعلان الترويجي للعمل الذي يخرجه ويكتبه محمد سامي، وقد سبق له تعاون مع محمد رمضان في مسلسلي "البرنس" و"الأسطورة".

اقرأ المزيد

المزيد من فنون