Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التحريض ضد الإعلاميين والمدونين في العراق مستمر

نشرت صفحات إلكترونية قائمة أسماء زعمت أن أصحابها متهمون بالتعاون مع إسرائيل

عراقيون يتابعون الأخبار في أحد المقاهي في العاصمة بغداد (غيتي)

يتعرض كثير من الإعلاميين والمدونين والنشطاء في العراق إلى حملات ترهيب وتشويه مستمرة سببها رغبة الجهات النافذة أو من يؤديها بالتأثير في الرأي العام، من خلال بث الدعايات الكاذبة أو التهديد بالتصفية الجسدية.

ونشرت صفحات إلكترونية، يوم الاثنين الماضي، قائمة بأسماء مجموعة من المدونين والإعلاميين، هي الثانية خلال شهر، بينهم الخبير الأمني هشام الهاشمي والإعلامي عمر الشاهر، متهمة إياهم بالتعاون مع تل أبيب والسعي إلى التطبيع بين العراق وإسرائيل. وهي تهمة كفيلة بإثارة الشارع ضدهم وخلق ردود فعل قد تؤدي إلى تصفيتهم.

صناعة الرأي العام

يقول رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة مصطفى ناصر لـ "اندبندنت عربية" إن "الرأي العام العراقي يعاني من ثلاث مشكلات أساسية. الأولى، تتمثل بالفقر المعرفي والأمية الإعلامية، ما يؤدي إلى انصياع الناس وراء الإشاعات والأخبار الكاذبة. إذ تشير أرقام إحدى منظمات المجتمع المدني إلى تلقي العراقيين شهرياً أكثر من ألف إشاعة وخبر مزيف".

وتابع "المشكلة الثانية هي الجيوش الإلكترونية أو دعني اسميها الميليشيات الإلكترونية التابعة للسياسيين، التي تمتهن التسقيط والتحريض على قتل الآخر، وفي بعض الأحيان التهديد العلني والواضح لخدمة أجندة ومصالح الحزب المموِّل لها".

ويضيف "المشكلة الثالثة تتمثل بهيمنة الأحزاب السياسية على المساحة الإلكترونية والفضاء العراقي من خلال إنشاء العشرات من وسائل الإعلام المؤدلجة وتغييب واضح وصريح لوسائل الإعلام المستقلة. وتعزز هذه المشكلة القوانين العراقية الموروثة من الحقبة الدكتاتورية".

ويرى ناصر أن "التحريض ضد عدد من الصحافيين والمدونين ليس جديداً، لكنه يبدو أخطر من المحاولات السابقة، كونه يأتي في إطار الصراع الأميركي الإيراني، وأرجحية المعارضين للسياسة الإيرانية في العراق. وهذه الأرجحية ولدت هستيريا لدى الجيوش الإلكترونية التابعة لأحزاب سياسية مقربة من إيران، دعت إلى إطلاق هذا النوع من التحريض".

مسؤولية الحكومة

وعلى الرغم من كثرة التهديدات الموجهة إلى الإعلاميين منذ الحوادث التي تعرضت لها مواقع "الحشد الشعبي" في العراق الشهر الماضي، إلا أن الحكومة، التي ليس لها ناطق رسمي حتى الآن، لم تعر أي انتباه لكل ذلك، حتى أن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي قام بإلغاء مؤتمره الصحافي الأسبوعي الذي كان يعقد يوم الثلاثاء من كل أسبوع، ربما لتجنب الأسئلة المحرجة بشأن الحوادث الأخيرة. وهو ما يزيد من قلق الوسط الإعلامي في البلاد.

الصحافي علي وجه، الذي جاء اسمه في قوائم الاتهام، كتب على صفحته في "فيسبوك" رسالة إلى رئيس الحكومة وقادة "الحشد الشعبي" يطالبهم فيها بـ "إدانة أو تبني التهديدات". ويقول إنه "منذ سنوات يتعرض مجموعة من الإعلاميين والمدونين للتحريض على القتل من قبل مدوّنين وصفحات تشير إلى أنها مقربة من الهيئة، أو تابعة لها".

ويضيف أن "الصفحات التي تصدر التهديدات منها لا تحمل اسماً معيناً، لكنها تحظى بتفاعل واضح من عشرات البروفايلات والأشخاص الذين يكتبون في معلوماتهم أنهم يعملون في الهيئة، أو في مؤسسات الفصائل المسلحة الشيعية، أو تشكيلات الحشد الشعبي".

تاريخ حافل

منذ عام 2003 تعرض المئات من الصحافيين والنشطاء في العراق إلى تهديدات مختلفة وعمليات اغتيال مستمرة، كان آخرها تلك التي استهدفت الروائي علاء مشذوب في محافظة كربلاء في يناير (كانون الثاني) الماضي، من دون أن يتم الكشف عن الجهة التي قامت بعملية الاغتيال أو معرفة الأسباب الحقيقية وراء الحادث. لكن مشذوب كان من الشخصيات المشاركة في الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالإصلاح السياسي وله مؤلفات تتضمن رؤيته الخاصة للواقع الذي يشهده العراق.

وفي ظل انتشار السلاح وكثرة الجهات النافذة في البلاد، التي تسيطر أحياناً حتى على بعض الأجهزة الأمنية، يصعب تحديد أو كشف الطرف المنفذ لهذه الاغتيالات. ذلك أن بعض التهديدات هي بمثابة إهدار دم أو فتوى بالقتل ولا يتطلب الأمر حينها أن يكون المنفذ محترفاً، أو منتمياً إلى تنظيم متطرف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتمثل التهديدات والتهم التي تعرض لها الصحافي عمر الشاهر، الذي عمل لوسائل إعلام مختلفة، حقيقة المشهد العراقي المليء بالتناقضات. فيقول إنه اتهم منذ عام 2005، وحتى اليوم بكل أنواع العمالة، أولها الترويج لفكر تنظيم "القاعدة" ومن ثم للميليشيات الشيعية، وبأنه مقرب من رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، أو بالعمالة للسفارة البريطانية أو التبعية لإيران، وأخيراً العمل على فكرة التطبيع مع إسرائيل".

ويتساءل الشاهر "ماذا لو تعرضت للقتل بسبب هذا الهذيان؟ هل ستنتصرون على أميركا وإسرائيل؟".

مرحلة استقطاب

ويرى الإعلامي ربيع نادر أن العراق يعيش مرحلة خطيرة، تشارك في صناعتها كل الأطراف سواء التي تعمل لمصلحة إيران أو التي تعمل لمصلحة أميركا وحلفائها، وتتأثر بها الأطراف التي لا تنتمي إلى جهة خارجية.

ويقول لـ "اندبندنت عربية" إن "هذا اللغط يظهر جلياً في الجو الإعلامي وصار يكبر كلما كبرت مساحة تأثير صفحات التواصل الاجتماعي، ما يؤدي إلى أن يكون الجميع متهماً من دون دليل، والكل قادر على توجيه الاتهامات. والغريب أن هناك من يرى العمالة من زاويته فحسب، بمعنى هناك من يعمل مثلاً مع الطرف الأميركي وينعت غيره، الذي يعمل مع الطرف الإيراني، بالعمالة والعكس صحيح أيضاً".

ويؤكد نادر أن "حالة الاستقطاب في العراق أخذت تكبر وتؤثر بشكل واضح في الرأي الموضوعي، وهناك نكوص لفكرة المصلحة الوطنية لانشغال طرفين مؤثرين ونافذين في الساحة الإعلامية بالدفاع عن المحاور التي ينتمون إليها أو التي يعملون تحت سقف مصلحتها".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي