Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تجارة "العروض" تذيب الفوارق بين الأردنيين

أتاحت رفاهية الحصول على منتجات غذائية عالمية شهيرة لذوي الدخل المحدود بأسعار معقولة

منتجات عالمية تباع بأسعار زهيدة في محال العروض التجارية (الصورة تخضع لحقوق الملكية الفكرية - مواقع التواصل الاجتماعي)

ملخص

لم تعد #المنتجات_الغذائية الأميركية والأوروبية حكراً على طبقة معينة في #الأردن بعد أن أصبحت #التجارة فيها رائجة وبالجملة.

لم تعد أنواع الشوكولاتة الفاخرة والسكاكر باهظة الثمن حكراً على الأغنياء كما كان عليه الحال قبل سنوات طويلة في الأردن، بعد أن أصبحت تجارة العروض الدائمة رائجة  لتتيح لذوي الدخل المحدود الحصول على ما يشتهون من منتجات غذائية عالمية. ففي منطقة العبدلي بوسط العاصمة عمان تنتشر عشرات المحال التي تقوم على تجارة العروض، والتي تستورد منتجات غذائية شهيرة وذائعة الصيت كأنواع الشوكولاتة الفاخرة وحبوب الإفطار والمشروبات الغازية المميزة، فضلاً عن منتجات" الكيتو" والحمية الغذائية بأسعار متواضعة وفي متناول اليد.

وعلى أرفف هذه الأسواق عشرات الأنواع الفاخرة من القهوة الأميركية وقهوة الكبسولات، وحتى محضرات القهوة التي كانت حتى عهد قريب من ضمن اهتمامات فئات مجتمعية محددة من المستهلكين.

قائمة طويلة من المنتجات التي يتم عرضها وتنسيقها بعناية واحتراف، تتوسطها لافتات من قبيل "4 قطع بدينار" باتت تشكل إغراءً للمتسوقين على اختلاف طبقاتهم، نظراً لرخص أسعارها.

وأزالت هذه "العروض"، وفقاً لمراقبين، الفوارق الاجتماعية بين الأردنيين، وأتاحت لكثير من محدودي الدخل رفاهية التسوق، بعد أن ظلت لسنوات حكراً على الأغنياء، بينما يكتفي الفقراء بمشاهدتها في الإعلانات وعلى أرفف المحال التجارية والمراكز التجارية الكبيرة.

لكن خلف هذه التجارة التي انتشرت بكثافة في السنوات الخمس الأخيرة، تختبئ تفاصيل مقلقة من قبيل استيراد هذه المنتجات بكميات كبيرة وأسعار زهيدة وبمدة صلاحية قليلة، أو أنها قاربت على انتهاء الصلاحية بالفعل، وهو ما يفسر عرضها للمستهلك بأسعار معقولة.

في المقابل، وفي ظاهرة أخرى تنتشر في المدن الأردنية محال تجارية تبيع عديداً من المنتجات تحت عنوان "كل شيء بدينار" ضمن تحولات في نوعية الحياة وجودتها، بعضها سلبية، وأخرى إيجابية، وهو ما يرصده وزير الثقافة السابق صبري ربيحات متحدثاً عن أثر ارتفاع أسعار السلع الأساسية في انتقال الفئات العريضة من المجتمع إلى نمط من الاقتصاد السلعي القائم على سد الحاجات اليومية الأساسية من أردأ الأنواع، ومن سلع وخدمات كانت في السابق ترفضها الأسواق.

تراجع القدرة الشرائية

تشهد هذه الأسواق إقبالاً منقطع النظير، بعد أن أدخلت أصنافاً جديدة وغير معهودة من البضائع لبيوت الأردنيين، في الوقت الذي تراجعت فيه القدرة الشرائية لدى المواطنين بنسبة 45 في المئة، وفقاً لنقابة تجار المواد الغذائية.

ويرصد مراقبون في الوقت نفسه تراجع أولويات المستهلك الأردني في الشراء، بموازاة تغيير النمط الاستهلاكي، وهو ما شجعته أسواق العروض، فمنذ جائحة كورونا تحولت اهتمامات المستهلكين إلى المواد الغذائية بالدرجة الأولى، فيما تراجع الاهتمام بالمستلزمات الأخرى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشير الباحث عبدالباسط العزام إلى عديد من المعايير التي تؤثر في تحديد قرار المستهلك بشراء السلع كالكلفة والحاجة والذوق العام والغاية الشرائية، فضلاً عن آليات الدعاية والإعلان، وطقوس استهلاك الوسط المعيشي الذي ينتمي إليه المستهلك.

وتدفع هذه المعايير بعض المراقبين إلى تفسير إقبال الطبقات المتوسطة على التبضع من محال العروض بما يسمى سلوك المحاكاة، إضافة إلى وجود تخفيضات حقيقية بالفعل، كما أن هنالك تغيرات صاحبت الانفتاح التجاري بالمجتمع الأردني في أسلوب الدعاية والإعلان، دفعت المستهلك لحيازة الهواتف الخلوية وارتياد مطاعم الوجبات السريعة والتسوق مـن الأسواق الكبيرة.

ووفق البنك المركزي، تتصدر المواد الغذائية سلة المستهلك الأردني بنسبة تقارب 40 في المئة.

"التصفية" ملاذ العائلات

لا يقتصر الأمر على المواد الغذائية، بل ينسحب حتى على قطاع الألبسة، فمنذ نحو 10 سنوات دخلت تجارة "التصفية" للألبسة الأوروبية والأميركية إلى السوق الأردنية لتتيح للطبقات الوسطى والفقيرة الحصول على ملابس تحمل ماركات عالمية وشهيرة بأسعار زهيدة.

وتحولت هذه المحال التي انتشرت بكثافة أيضاً إلى ملاذ لكثير من العائلات الأردنية مع ارتفاع أسعار الملابس، حتى المحلية منها، وتعتمد هذه التجارة على استيراد كميات كبيرة من الملابس الأوروبية التي تحمل أسماء تجارية عالمية، بعضها يصنف بأنه مستعمل بحالة جيدة، وأخرى جديدة يتم شراؤها من شركات عالمية كونها أصبحت قديمة أو تحتوي على بعض العيوب المصنعية.

في نهاية الأمر، أصبح بمقدور معظم الأردنيين ارتداء ملابس وأحذية ذات شهرة عالمية بأسعار مناسبة، إذ يمكن الحصول على بعض القطع بثلاثة دولارات فقط.

ويتسم سلوك المستهلك الأردني، وفقاً لمتخصصين، بالمغالاة وبما يفوق قدراتهم من دون أي تخطيط مالي والتباهي وعدم التمييز بين الضرورات والكماليات، ويدور الحديث تحديداً عن السلوك التنافسي في التسوق، والذي يقوم على فكرة التقليد، وهو ما يظهر واضحاً في أسواق العروض والتصفية.

ويعد الأردن من الدول المستوردة للغذاء نظراً إلى اعتماده بشكل رئيس على الاستيراد في توفير الغذاء لسكانه، إذ يستورد أكثر من 57 في المئة من المواد الغذائية، كما أثبتت الجائحة أن الأردن يعد بلداً استهلاكياً بامتياز. ويقدر معدل إنفاق الأسر الأردنية على السلع الغذائية بنحو 5600 دولار سنوياً.

اقرأ المزيد