Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حجاب منى زكي تحت مقصلة "الوصاية المجتمعية" في مصر

حواجبها الكثيفة ونظرتها البائسة وهالات السواد تحت عينيها فرصة جديدة للنيل منها بدعوى "زواج الدين والجمال"

بوستر الفنانة الشابة طغى على سعر البيضة ومصير اللحوم وهي القضايا التي أشعلت الشارع على مدار شهرين (مواقع التواصل)

ملخص

لا #الأعمال_الدرامية أو الرسالة الثقافية أو المهمة التوعوية للفن والفنانين تستطيع المضي قدماً في معركة #منى_زكي وحواجبها ضد أسلحة التدين

الغزوة الإيمانية الحالية في مصر هي الأحدث في سلسلة الغزوات التي يؤججها بين الحين والآخر سؤال عن أثر تركه داعية راحل أضر بالتفكير العلمي والتوجه النقدي والاعتماد على العلم وليس الخرافة، أو نقاش حول جدوى بناء مسجد على أرض ملعب مدرسة على اعتبار أن صلاة التلاميذ أجدى من اللهو "الحرام" بالكرة وما شابهها في حصة الألعاب، أو السخرية من أطروحة ماجستير موضوعها "أقوال المذاهب الأربعة في حكم حلق الشارب".

معركة الحجاب

هذه المرة المعركة أججتها حواجب منى زكي في بوستر إعلاني عن مسلسلها الجديد "تحت الوصاية". وتظهر فيه زكي ترتدي الحجاب بحاجبين كثيفين وهالات سوداء تحت عينيها ونظرة بؤس ومظهر، يتفق الجميع سواء جاهروا بذلك أو احتفظوا به لأنفسهم، يتشابه إلى حد التطابق مع قاعدة عريضة من النساء والفتيات المطحونات الساعيات وراء أكل العيش أو الوصول للجامعة أو قضاء معاملة هنا أو هناك.

وغطّت منى زكي، وحواجبها، والهالات السوداء أسفل عينيها، وملامح البؤس والكآبة على وجهها، والملابس التي تنم عن خليط من الملل والقرف والإحباط التي ترتديها، على سعر البيضة ومصير اللحوم وانفراجة الدواجن، وهي القضايا التي أشعلت الشارع المصري والأثير المصري ومعه الإقليمي على مدار ما لا يقل عن شهرين.

أشهر ما قدمته الفنانة المصرية منى زكي في الذهن الجمعي للقاعدة "الملتزمة" الناقمة على السينما "غير النظيفة" والكارهة لكل ما أو من شأنه أن يعيد مصر إلى ما كانت عليه قبل "تدين" سبعينيات القرن الماضي، هو مشهد خلعها لقطعة من ملابسها الداخلية في الفيلم المثير للهبد الإيماني والرزع الجهادي "أصحاب ولا أعز".

وفي الضفة المقابلة للضفة "الإيمانية" قاعدة جماهيرية أخرى تذكر قائمة طويلة من أعمال منى زكي التلفزيونية والسينمائية والمسرحية باعتبارها أشهر أعمالها.

لكن لا الأعمال الدرامية أو المسيرة الفنية أو الرسالة الثقافية أو المهمة التوعوية للفن والفنانين قادرة على المضي قدماً في معركة منى زكي وحواجبها بالقواعد والأسلحة والأدوات التي أشهرها كثيرون دفاعاً عن الحجاب والمحجبات وحواجب المحجبات.

عالم مواز

هناك في عالم مواز، لكن لا يختلف أبداً عن الشارع، وإن كان أكثر صراحة ومجاهرة بما يجول في داخل العقول والقلوب، حرب شعواء على منى زكي وحواجبها وبالطبع "أندرويرها" (في إشارة إلى ما خلعته في فيلم "أصحاب ولا أعز") وكارهي الدين والراغبين في هدمه والعاملين على نشر الفسق والفجور وإتاحة العلاقات الجنسية المفتوحة وتعرية النساء وتحرر الفتيات وزرع بذور الانفلات الأخلاقي، والقائمة تطول.

تطول القائمة ويتفجر "الترند" من أرجاء كل ما يمت بصلة، لا للدين، بل بمظهر المرأة المصرية، أو بمعنى أدق ما تؤكد نسخة تدين سبعينيات القرن الماضي أنه المظهر الواحد الذي لا ثاني له أو بديل عنه للمرأة والفتاة بل وأحياناً الطفلة.

تلقفت جموع المدافعين عن الدين، من وجهة نظرهم، بوستر منى زكي بحاجبيها وهالاتها وملابسها باعتبارها فرصة ذهبية للدفاع عن الدين، والحجاب في القلب منه، ضد جموع العلمانيين والمنافقين الذين يدافعون عن الفن الحرام والفنانين الفاسدين ويتطاولون على الحجاب والمحجبات.

هذا التلقف بات سمة الحراك الشعبي المصري في السنوات القليلة الماضية، سنوات ما بعد انكشافات أحداث 2011، واكتشافات أن التشدد الديني أو الهوس الإيماني أو التدين المظهري ربما تبدأ بجماعات الإسلام السياسي لكن لا تنتهي عندها، بل تمتد وتتمدد وتتوغل وتتغول لدى الجماهير الغفيرة.

لكن ما يصفه بعض أنصار الفصل بين الدين والدولة، وكذلك أولئك الغارقين في نوستالجيا "مصر التي كانت" قبل ما يصفونه بالغزو الأصولي والاستعمار الثقافي بجلباب الدين وعباءته بـ"التطرف" الفكري والهوس الديني، لا سيما في كل ما يتعلق بالمرأة واعتبارها رمزاً للجنس وما تمثله من رمزية، هو عين التدين وغاية الإيمان ومنى ارتقاء سلم القرب إلى الله.

وهل هناك ما هو أكثر وضوحاً أو ظهوراً أو إثارة للمشاعر من الجسد الأنثوي حيث العلاقة الملتبسة بين الوله بالجنس والهوس بالدين، أو الإغراق في المتعة والشهوة الجنسية لكن "بما لا يخالف شرع الله" مثنى وثلاث ورباع، أو بتخصيص عشرات البرامج التلفزيونية والخطب الدعوية وإعادة بث "خواطر" يوم الجمعة لفقه المرأة وفتاواها وأسئلتها وحكم نكاحها ونكاح قريباتها والجمع بين الزوجة وابنة الخالة وقريبة زوجة الأب، واعتبار الإسهاب والتطويل في الشرح والتفسير علماً لا حرج فيه ولا حياء في الدين؟

يوم الخلع

"يوم خلعت منى زكي حياءها وقلعت (ملابسها) أصبحت إنسانة رخيصة. الفرق واضح بين حقيقة الحجاب وتلفيق صورة الحجاب". هكذا غرّد أحدهم مذيلاً تغريدته بصورة منى زكي بحاجبين عريضين شبه ملتصقين وملامح بائسة يائسة في "بوستر" الفيلم، وصورة الممثلة المعتزلة حنان ترك بحاجبين منمقين وبكامل أناقتها وملامح وجه تعكس إقبالاً على الحياة وشغفاً بالسعادة والبهجة والمرح.

ومن بهجة حنان إلى بؤس منى مجدداً خرجت آلاف التغريدات من قبل جحافل المدافعين عن الدين في وجه حواجب منى زكي. غرد أحدهم "أكيد المسلسل قصة بنت محجبة أهلها يضربونها بالنار كل يوم ومحرومة من الأكل والخروج ومن ثم يجب أن يكون حاجباها ثقيلين مشعثين. وأكيد في نهاية المسلسل ستنجح البنت في كسر القيود ونيل حياتها وحريتها وتخلع الحجاب وتتحرر وتشتري (آي فون 1). شغل رخيص وبشع".

الشغل الرخيص والبشع من هذا المنطلق يدق بعنف على أثير منصات التواصل الاجتماعي. قاعدة مجاهدة عالية الصوت مستنفرة المشاعر على أهبة الاستعداد للانقضاض على ما كل ما أو من شأنه أن يتطرق إلى "الطرحة".

بعيداً من الأركان الخمسة

أرض المعركة الدائرة حالياً هي الطرحة، لا الصلاة أو الزكاة أو الصوم أو حج بيت الله لمن استطاع إليه سبيلاً أو حتى شهادة لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ومن أجل هذه المعركة ترفع أغلظ الاتهامات وأبشع الصفات على أسنة الرماح الموجهة لمنتقدي أو مناقشي أو عارضي الطرحة في سياق يختلف ولو قيد أنملة عن تبجيلها وتعظيمها وتوقيرها بل وأحياناً تقديسها.

البحث في ما وراء جهود الدفاع الشعبي عن "الطرحة" من قبل من رأى في بوستر منى زكي وحاجبيها أذى للدين ونيلاً من المتدينين يقول كثيراً. كتبت "الأخت سارة"، كما تعرف نفسها على "تويتر"، "ربنا يبتليك وتصبحي بالشكل العرة (البشع) اللي طالعة تقنعينا به. المحجبات أشرف وأجمل وأرقى من منظرك يا غبية، لكن اللي (من) يقلع (يخلع) الأندر (ملابس داخلية) سهل عليه يقلع ضميره ودينه"، مع هاشتاغ "منى زكي".

وتتوالى دفاعات رواد الـ"سوشيال ميديا" عن الحجاب من منطلق البوستر والحواجب. وتغرد إحداهن "آه يا منى يا زكي! نحن (المحجبات) نترك حواجبنا كمزارع السفانات وتحت عيوننا أطنان من الهالات السوداء ونمضي أوقاتنا في بيع السمك والجبمري على البحر وننتظر أن ينتشلنا أي أحد من الضياع والجهل. جتك (فليصيبك) داء السل"، مع هاشتاغين "حجابي عفتي" و"منى زكي".

هاشتاغ منى زكي

هاشتاغ "منى زكي" في الصدارة، قبل "الفراخ المجمدة" واللحوم المشتعلة والبيض المتأرجح بين الـ115 و120 جنيهاً (نحو أربعة دولارات) للطبق الواحد. وربما تبقى في الصدارة لأيام مقبلة، وهي الأيام التي ينتظر أن تتسلل فيه إلى الصدارة أيضاً الطماطم التي سيعلو سعرها وتتدنى جودتها وتشح كميتها بسبب تغيير الفصول، وكذلك الفاصوليا التي يتوقع أن يجن جنونها في مثل هذا الوقت من كل عام، وكذلك الليمون الذي بدأ مسيرته السنوية في الانسحاب من الأسواق وطرح نفسه بأغلى الأسعار.

لكن لا صوت يعلو على صوت "الطرحة" وأولئك الذين يحاولون النيل منها ومن الدين والمتدينين. من معركة البكيني والبوركيني السنوية الصيفية، إلى حرب الإسدال في مدارس البنات والطرحة البيضاء في رياض الأطفال، ومنها إلى البحث عما كانت ترتديه المغتصبة أو المعتدى عليها أو المتحرش بها أو المقتولة قبل البحث في ملابسات الجريمة، تبقى عركة (معركة) الحجاب في مصر منصوبة ضمن جهود قلة تحلم بدولة مدنية لا متأرجحة بين الدين والدولة، وأغلبية مشبعة بالفكر الديني في القلب من كل تفصيلة من تفاصيل الحياة اليومية، بدءاً بركوب المترو مروراً بفوائد البنوك وشارب الرجل وأصابع قدم المرأة وانتهاء بـ"هل تصلح المرأة قاضية؟"، و"هل المرأة إنسان بعقل كامل؟".

كمال الحال والمحال

كمال الحال بوجه عام من المحال، لكن كمال غزوات الحجاب بين مهاجم ومدافع أمر مفروغ منه. ولا تكتمل الغزوة عادة إلا بدخول معارضي النظام المصري على الخط كلما سنحت الفرصة، وأحياناً حتى لو لم تسنح.

كتائب من جماعات الإسلام السياسي - الصريحة أو المموهة في صورة إعلاميين في قنوات ومواقع تلفزيونية تبث من خارج مصر - هبت عن بكرة أبيها لتدور في حلقة "الانقلاب" الذي أطاح بـ"أول رئيس مدني منتخب (السابق الراحل الإخواني محمد مرسي)، وأول من أدخل سجادة الصلاة إلى القصر الجمهوري، وهو النظام الذي يحارب الدين ويناهض المتدينين لا سيما الحجاب.

كتب أحدهم "في الجمهورية الجديدة لا يجدون مالاً لشراء علف الدواجن، لكن يشترون الدواجن المجمدة، ولا يجدون مالاً للتعليم، لكن يجدون مالاً للسجون. ولا يجدون مالاً لدعم الفقراء، لكن وجدوا أموالاً لعمل مسلسلات تفطر الصائمين وتشوه المحجبات".

عمليات بحث وتنقيب تدور رحاها بحثاً عن "أول محجبة في ناسا"، و"ألطف محجبة في الشرطة البريطانية"، و"أجمل محجبة في البرلمان الأسترالي"، و"أشطر محجبة على قناة تلفزيونية أميركية"، و"أول محجبة في البيت الأبيض"، و"أول بطلة سباحة محجبة"، وقائمة طويلة من "أول" و"أقوى" و"أجمل" و"أرقى" محجبة تملأ الأثير دفاعاً عن المحجبات وحواجب المحجبات.

لا حديث يعلو على الحجاب

ولأن لا حديث يعلو على الحجاب والطرحة في أوساط المدافعين والمهاجمين، فإن سردية الحجاب في العصور الحديثة يتم استدعاؤها فوراً في مثل تلك الأحداث. فمن تقطيع وتشويه تاريخ الناشطة النسوية المصرية هدى شعراوي عدوة الإسلاميين لأنها رفعت البرقع (النقاب) مطلع القرن الماضي، إلى الرقص على جثمان الملقب بـ"التنويري" قاسم أمين الذي ناقش عدم نص الشريعة عليه، والطبيبة الكاتبة النسوية نوال السعداوي، وغيرهما من جثامين من تجرأوا على مناقشة فكرة الحجاب ودور المرأة في المجتمع، إلى ردود دفاعية من قبل القلة المؤمنة بأن التدين المصري الحالي أغلبه مظهري، وأن الحجاب تحول من اختيار إلى إجبار ولو عبر اعتباره زياً ترتديه الأنثى من دون تفكير.

مجرد التفكير في مناقشة الحجاب أقرب ما تكون إلى التفكير في مناقشة الكفر والإلحاد على الملأ في مجتمع يجب أن يصف نفسه بـ"المحافظ"، هذا المجتمع المحافظ لم يعلق على حجاب منى زكي في فيلم "سهر الليالي"، الذي قامت فيه بدور زوجة جميلة محبة لزوجها وتراعي ابنتها وترتدي أحدث الأزياء.

لكن المجتمع نفسه استنفر وجرحت مشاعره وتألمت أوصاله حين فوجئ بـ"بوستر" مسلسل تظهر فيه منى زكي وكأنها واحدة من ملايين النساء والفتيات المصريات في الشوارع والميادين وأماكن العمل والمواصلات العامة والجامعات والمدارس بل ورياض الأطفال. حتى حين كتب أحدهم على "فيسبوك" أنه لا يستطيع أن يفهم السبب وراء حال الغضب الجمعي في مصر لظهور منى زكي بهذا المظهر الذي يطابق مظهر زوجته وأخته وخالته وعمته بل وابنته، فقد قوبل بوابل من الشتائم والسباب ضمن الغزوة متهمة إياه بالاشتراك في التنمر بالمحجبات ومحاربة الحجاب.

تطوع عربي

يشار إلى أن متطوعين من غير المصريين يشاركون في وقائع ما يجري. كتب أحدهم على "فيسبوك"، "هذه المعركة ضد الإسلام والحجاب ليست معركة مصرية، بل إسلامية. في وقت يعلن فيه قس أميركي اعتناقه الإسلام ويسمي نفسه سعيد، تسمح بلد الأزهر بعرض مسلسل يحارب الحجاب ويظهر المحجبة بحواجب حادة ووجه مكتئب ليرسخ صورة المرأة المسلمة المحجبة بهذا الشكل. إنهم يطعنون في ثوابت الدين ويستهزئون بكلام الله".

ومن كلام الله إلى كلام الناس وطرح جديد وبسيط ومنطقي يناقشه بعضهم سراً خوفاً من الوصم بالكفر أو الملاحقة القضائية باسم ازدراء الدين. تناقش مجموعات مغلقة الازدواجية الفكرية غير المنطقية. فإذا كان الغرض من الحجاب هو عدم لفت الأنظار إلى المرأة وجمالها، وإذا كان المشايخ يؤكدون أن الحجاب يدرأ الفتنة ويغض أبصار الرجال، وإذا كان هذا ما فعلته منى زكي بهذا المظهر في المسلسل، فلماذا الغضب إذاً؟ أليس من المنطقي أن يحسم الناس أمرهم: هل الحجاب يجب أن يكون جميلاً ولافتاً وأنيقاً، والمحجبة منمقة الحاجبين منسقة الشفتين مرسومة العينين؟ أم أن الحجاب يجب أن يكون مخفياً لجمال المرأة وجاذبيتها؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الغرض الطاعة

وبينما بعضهم يشد والآخر يجذب في هذا السياق، إذ بأحدهم يرد رداً نارياً يقول "الغرض من الحجاب ليس إخفاء الجمال أو إظهاره. بل هو الامتثال لأمر الله من دون سبب أو منطق، والطاعة من دون سؤال عن المنطق أو السبب. وسواء كان الحجاب جميلاً أو قبيحاً فهو فرض رغم محاولات تشويهه. واسألوا الأزهر إن كنتم متشككين".

الطريف أن الردود توالت عليه عبر صور فوتوغرافية لعلماء الأزهر الشريف وأسرهم في عقود ما قبل السبعينيات والثمانينيات، حيث الغالبية المطلقة من زوجاتهم وبناتهم غير محجبات. فيرد صاحب الحجة المطالب بالاحتكام إلى الأزهر "بغض النظر عن هذه الصور، الحجاب فرض فرض فرض".

وعلى فرض أن حجاب منى زكي بدا بائساً، وحواجب منى زكي مشعثة، وملامحها يائسة، وملابسها ظهرت رديئة، فإن المفاجأة المدوية أن المسلسل لا يتعلق بالحجاب أو الحواجب، بل بقصة أرملة تعمل جاهدة لإعالة صغارها فتلجأ للعمل بالصيد لتحقق عائداً مادياً، وهو ما يعرضها لكثير من المضايقات والمشكلات من قبل الصيادين الذين يرفضون اقتحام سيدة لمهنتهم.

الكوافير هو الحل

وفي خضم المعركة حامية الوطيس قدر من التنكيت لمن لا يرى في النكتة حرباً على الدين أو تقليلاً من المتدينين. هناك من اقترح أن تقوم منى زكي بتمثيل فيلم عنوانه "حواجب ولا أعز" يجمع بين خلع الملابس الداخلية وترك الحواجب كثيفة.

ويبقى الحل الوسط الذي يتم تداوله بين القلة المندهشة من هجمة أنصار الحجاب على منى زكي وحواجبها هو أن يعاد طرح الملصق بعد أن تذهب منى زكي للكوافير وتقوم بتنميق حاجبيها حتى تظهر بصورة مشرفة لجموع المحجبات من صاحبات الحواجب المنسقة.

المبكي والمضحك في آن هو أن المقترح الذي طرح على سبيل الكوميديا الساخرة تحول إلى تراجيديا بتطوره إلى جدلية منشطرة عن الجدلية الأصلية: هل تنميق الحواجب حرام أم حلال؟ وما عقوبة المرأة التي تنمق حاجبيها؟ وله ينتقص ثواب المحجبة إن نمقت الحاجبين؟

هناك من يقترح الاكتفاء بهذا القدر من حجاب منى زكي وحواجبها، والدخول في غزوة لحى الرجال، حيث أحد مسلسلات رمضان، الذي يحمل اسم "حضرة العمدة"، ويقوم فيه الفنان محمد محمود عبد العزيز بدور رجل ذي لحية كثيفة و"زبيبة" (علامة الصلاة) على جبينه، مع توقعات غارقة في التهاويم بأن المسلسل يدور حول شخص ملتح متدين بالمظهر، لكنه نصاب ومتحرش بالنساء وذلك ضمن "حملة تشويه الدين ومحاربة المتدينين".

في المقابل، تعلو أصوات القلة المطالبة بعودة الدولة المدنية لتلقي حجراً في مياه مناقشة تجديد الخطاب الديني مرة، واستفزاز القوالب الثابتة في العقول مرة من دون مشروع محدد أو فكرة واضحة، ثم العودة لمخابئها حتى يحين موعد المعركة المقبلة.

المزيد من تحقيقات ومطولات