Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هذا ما غاب عن "بافين" عند تنقيحها قصص روالد دال

لا داعي لأن نلغي الأشياء التي لم نعد نجد لها صدى في حياتنا

كتب دال مهمة جداً بالنسبة إلى مجموعة كبيرة من الأمهات والآباء الذين قرأوها وأحبوها كأطفال (غيتي)

ملخص

عدلت منشورات " #بافين " عن قرارها تنقيح قصص #روالد_دال ولكنها أثارت زوبعة من النقاشات

إذا كان هناك شيء واحد أؤمن به حقاً، فهو قوة النقاش. وخلال الأسبوع الماضي، منحتنا منشورات "بافين" البريطانية دوافع قوية للنقاش، بعدما أثارت الأنباء عن نيتها تحرير أعمال روالد دال موجة غضب وطني، من "داونينغ ستريت" وحتى قصر باكنغهام – الكل أراد أن يشارك رأيه.

والآن يبدو أن "بافين" قد عدلت عن قرارها الأساسي (أو بالأحرى، عدلته)، وهذا يعني بأنها لن تمس بالشكل الأصلي لكتب روالد دال، بل ستستمر في إصدارها إلى جانب النسخ المنقحة حديثاً.

وبصفتي مؤلفة كتب للأطفال ومراجعة نصوص من ناحية مراعاتها القضايا الحساسة sensitivity readers [من يراجع المخطوطات للبحث عن مقاطع مسيئة والقوالب النمطية والتحيز] تابعت النقاش عن كثب. ولما حثت عقيلة الملكة الكتاب على "أن يظلوا أوفياء لدعوتهم ولا يخضعوا لمن يريد كبح حريتهم في التعبير"، شعرت برغبة جامحة في الدفاع عن دور مراجعي النصوص [المدققون بها من جهة مراعاتها القضايا الحساسة] الذي لا يقتصر على الإبداع المحدود، بل يتعداه ليشمل أيضاً التعاون مع الكتاب ومساعدتهم في فهم الأمور التي لم تصادفهم ولم يختبروها في حياتهم.

ومع ذلك، لا أتفق مع "بافين" على فكرة تحرير أعمال دال وأرى بأن السعي إلى تغيير معالم نصوص تاريخية "أكل الدهر عليها وشرب"، ومحاولة إخفاء ما يشوبها من مشكلات ينم عن قصر نظر شديد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبرأيي أن "بافين" فشلت في إدراك أهمية الفرصة التي بين يديها لترسيخ وصقل ثقافة التفكير النقدي في الأطفال. وصحيح أنها أذعنت أخيراً لنشر النسخ الأصلية والمعدلة من روايات دال، إلا أن قرارها الجديد لا يعطيها مجالاً كبيراً للتفاعل بشكل حاسم مع القراء الصغار.

ألن يكون من الأفضل لها بأن تجدد الواجهة المتداعية للغة دال وتضعها في سياقها بدلاً من أن تنقحها وتنمقها؟ بدلاً من مجرد نشر الكتب في شكلها الأصلي، ماذا لو أقرنت نصوصها بأسئلة يمكن أن تزكي نقاشاً ما؟

كتب دال مهمة جداً بالنسبة إلى مجموعة كبيرة من الأمهات والآباء الذين قرأوها وأحبوها كأطفال. ومع الاستفادة اليوم من الإدراك المتأخر، أعتقد أنه يمكننا استخدام هذه الكتب كمواد محفزة على التفكير. وإذا ما اختلفنا على ما تتضمنه من مفردات من قبيل "سمين" و"قبيح"، فسيكون علينا أن نشرح لأطفالنا عن التطور الذي لحق بالمجتمع عبر السنين، مع توضيح السبب الذي دفعنا إلى التخلي عن كلمات معينة والطريقة التي تؤثر بها هذه الكلمات في نفسية أحدهم فتقصيه أو تجرحه.

ليس هناك وقت أفضل للتفاعل مع الأطفال من الوقت المخصص للقراءة. وليس هناك وقت أفضل للاستفسار عن حجم الأذية الذي يمكن أن يتمخض عن كلمة "قبيح" أو لمناقشة عدم ملاءمتها أو لتوضيح سبب تحدث الناس حول العالم لغات مختلفة وعدم شعور أي منهم بالغرابة جراء ذلك.

وهذا النوع من المحادثات أمر لا بد منه. وبناء عليه، يمكن للأطفال أن يعوا الطريقة التي يتطور بها المجتمع ويشعروا بأنهم جزء لا يتجزأ منها. ففكرة أن الأشياء تمضي قدماً والناس يتطورون بسرعات مختلفة (وفي بعض الأحيان، يبطئون مسار الجميع) ضرورية لمساعدة كل طفل في فهم العالم والمكان الذي يشغله في هذا العالم.

ومعها أيضاً المكان الذي أتى العالم منه وإلى أين يتجه وكيف سيصل إلى هناك. والمعروف عن الكتب والألعاب والأفلام أنها توفر فرصاً يومية لمناقشة المواضيع الحساسة بأسلوب مناسب لكل عمر، وما علينا سوى أن نفتح أذرعتنا لها حتى نتمكن من احتضان الفضول الطبيعي لصغارنا!

ففي النهاية، لا يمكننا أن نحمي أطفالنا بالشاش والقطن ولا يمكننا أن نعقم الحياة لهم. لكن، ما يمكننا فعله هو تزويدهم بالمهارات اللازمة للتعامل مع المواقف التي يمكن أن تزيدهم وعياً وتمنحهم حس المسؤولية والقدرة على اختيار من يريدون أن يكونوا وكيف يريدون الظهور في هذا العالم.

وثمة كتب مذهلة جديدة تصدر كل يوم، وهي مكتوبة بشكل متقن ومتنوعة وشاملة وذات صلة بالعالم الذي يعيش فيه أطفالنا.

لا داعي إذاً لإلغاء الأشياء التي لم نعد نجد لها صدى في حياتنا. يعود لنا الخيار إما التعامل معها بشكل نقدي أو الابتعاد عنها نهائياً.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من كتب