Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ميدفيديف... ظل الرئيس ونظرية الباب الدوار

ما سر تشدده ضد أوكرانيا والغرب.. وهل يجري الإعداد لتسلمه رئاسة روسيا مرة جديدة في 2024؟

بوتين وميدفيديف ولعبة ملء الكراسي الفارغة (غيتي)

ملخص

أمن #ديمتري_ميدفيديف منصب الرئاسة في روسيا #لفلاديمير_بوتين، عندما ابتعد عنه، ولما عاد إليه مرة أخرى، أصبح ميدفيديف رجل بوتين المخلص... فهل يسعى لمستقبله أو لمستقبل بلاده؟

على رغم أن هيئته الجسمانية وملامح وجهه تشي بشيء من البساطة والهدوء، فإنه ظهر في الفترة الماضية وتحديداً منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، كصاحب تصريحات بركانية.

يكاد الناظر عن قرب أن يرى في وجهه براءة واضحة، بخلاف بوتين، صاحب وجه لاعب البوكر، الذي لا يمكنك أن تقرأ توجهاته، ولا تدرك في ما يفكر.

في عدد مجلة "فورين بوليسي" المنشور خلال يونيو (حزيران) الماضي، كان التساؤل عن السبب الذي جعل ديمتري ميدفيديف الرئيس الروسي السابق، ونائب رئيس مجلس الأمن الروسي الحالي، يتبدل ويتعدل من تكنوقراطي لطيف يعشق التكنولوجيا ودود للغرب إلى صقر حرب مجنون.

الذين تابعوا ميدفيديف، أخيراً، يتساءلون: هل من لعبة للباب الدوار تجري أبعادها من جديد، لا سيما أن روسيا على بعد عام من انتخابات رئاسية جديدة، وهل سيتكرر المشهد الذي حدث عام 2008، حين أخلى بوتين مقعده لميدفيديف قبل أن يعود ثانية له، وكأنه ائتمنه عليه أم أن الحالة الصحية لبوتين تستدعي وجود بديل سريع له، وهو اليوم يمثل اليد اليمنى لسيد الكرملين؟

في سان بطرسبورغ كانت البدايات

إنه ديمتري أناتوليفيتش ميدفيديف المولود في المدينة الروسية الأشهر، سان بطرسبورغ، في 14 سبتمبر (أيلول) عام 1965.

في عمر الـ17 التحق بجامعة ليننغراد لدراسة القانون، التي تخرج فيها عام 1987، ليبدأ من بعد رحلة عملية وأكاديمية.

قام بتدريس القانون المدني والروماني في جامعة سان بطرسبورغ الحكومية حتى عام 1999، وقد وصفه طلابه بأنه كان مدرساً ذا شعبية، وصارماً ولكنه ليس قاسياً.

لاحقاً سيقدر لميدفيديف الاقتراب من نجم السياسة الروسية الساطع فلاديمير بوتين، الذي سيجد له موقعاً وموضعاً في الإدارة الرئيسة للدولة في زمن يلتسين وتحديداً عام 1996.

بعد ثلاثة أعوام، سيتمكن بوتين من إدخال رجاله إلى قلب الكرملين، وميدفيديف في مقدمتهم، ليسلمهم أعلى المناصب الحكومية.

خلال حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2000، ترأس ميدفيديف الفريق الذي قاد بوتين إلى الكرملين، رئيساً لروسيا الاتحادية.

من ذلك العالم وحتى 2008، اعتبر ميدفيديف رجل بوتين في القطاع الحكومي وتحديداً المنوط به محاربة الفساد المالي، ومن هنا جاء رئيساً لمجلس إدارة شركة "غاز بروم"، وبدأ بالفعل في ترتيب الأوراق الضريبية ووقف استنزاف الدولة الحادث في زمن الأوليغارشية في عهد يلتسين.

زمن السلطة الرسمية المزدوجة

لم تكن القوانين الروسية تسمح لبوتين بأكثر من فترتين رئاسيتين، ولهذا قدم كل الدعم لميدفيديف في انتخابات الرئاسة 2008، التي حصد فيها 70 في المئة من الأصوات، متفوقاً على بقية جماعة السيلوفيكي المحيطة بالرئيس.

في السابع من مايو (أيار) 2008، أدى ميدفيديف القسم ليصبح ثالث رئيس للاتحاد الروسي، وفي الثامن مايو ذهب إلى تعيين بوتين رئيساً لوزراء روسيا كما وعد خلال حملته الانتخابية.

كان ميدفيديف في الظاهر هو الرئيس، لكن بوتين كان لا يزال صاحب الشعبية الأكبر والنفوذ الطاغي في الداخل الروسي.

عادة ما كان رؤساء الوزراء السابقون يظهرون ما يشبه التبعية الكاملة للرئيس، ولم يتمتع أي منهم بحضور عام قوي، باستثناء الفترة التي أضحى فيها بوتين رئيساً لوزراء ميدفيديف.

عرفت تلك الفترة باسم "السلطة الروسية المزدوجة"، حيث بدا "الرئيس ورئيس الوزراء" قامتين قريبتين من بعضهما البعض.

على رغم ذلك، أبدى بوتين في وقت مبكر من تلك الولاية الوحيدة لميدفيديف، استعداداً لفك الارتباط وبدأ في الانسحاب من الصورة، غير أن حادثين خارجيين هددا روسيا، هما الأزمة المالية العالمية 2008، وحرب أوسيتيا الجنوبية، حيث غيرت هذه الأحداث مخططات بوتين، وتسببت في عودته للواجهة بدور أقوى.

مرة أخرى عام 2012، سيعود ميدفيديف، رئيساً للوزراء في ظل رئاسة بوتين 2012، تلك التي شككت في نزاهتها هيلاري كلينتون وزيرة خارجية أوباما في ذلك الوقت، الأمر الذي من شأنه كما يقول البعض، إنه أدى إلى انتقام بوتين منها في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016، لتلقى هزيمة قاسية من الغريب عن المجتمع الحزبي الأميركي، رجل العقارات دونالد ترمب.

استمر ميدفيديف في رئاسة الوزارة حتى عام 2020، ليمثل مع بوتين ظاهرة مثيرة، واليوم تعود التساؤلات عن ظل الرئيس مرة جديدة والتساؤل إلى أين يمضي؟

ميدفيديف الوريث... صندوق المدخرات

حين قدم ميدفيديف استقالته كرئيس للوزراء عام 2020، كان الأمر بمثابة مفاجأة للجميع، لكن من الواضح أن بوتين وقتها كان يفكر في شيء آخر، أبعد مما يتراءى لرقبائه في الكرملين.

من هذا المنطلق بدأ الحديث عن المكانة الجديدة لميدفيديف، رئيس حزب "روسيا المتحدة" الذي لا يحظى بشعبية، ولكنه مع ذلك لن يذهب بعيداً، فقد تم تعيينه نائباً لرئيس مجلس الأمن الروسي، الأمر الذي سيتيح له أن يلعب دوراً مهماً أكثر بكثير من وراء الستار.

يقول ألكسندر بونوف، من مركز كارنيغي للدراسات الاجتماعية في موسكو، إن "المنصب الجديد باراشوت ذهبي، هذا يعني أنه في صفوف الاحتياط أو صندوق المدخرات، لأن مجلس الأمن القومي، هو أقرب دائرة داخلية لبوتين إذ يمثل حكومته المصغرة".

هل يعد بوتين صديقه ميدفيديف لجولة جديدة من رئاسة روسيا ضمن ما يعرف بحركة الـRokirovka وهو مصطلح روسي يشير إلى حركة التثبيت في لعبة الشطرنج؟

بالرجوع إلى أكثر من عقد، وبالتحديد في 24 سبتمبر (أيلول) 2011، وبينما كان ميدفيديف يتحدث في مؤتمر حزب "روسيا  المتحدة"، أعلن أنه سيقترح على الحزب ترشيح فلاديمير بوتين كمرشح للرئاسة وأن الرجلين من فترة طويلة عقدا اتفاقاً للسماح لبوتين بالعودة إلى الرئاسة في 2012، بعد أن أجبر على التنحي في عام 2008.

اليوم وفي ظل أحوال السياسة الداخلية الروسية وأزمة أوكرانيا، يتساءل كثير من المراقبين: هل يمكن أن يتنحى بوتين موفراً لبلاده فرصة تفاوضية أفضل مع أوكرانيا، ودرءاً لمزيد من الصراعات مع الغرب، وتجنب عقوبات اقتصادية أخرى؟

قد يستبعد البعض هذا الطرح، غير أن شؤون بوتين الصحية، التي لا يعلم عنها كثيرون شيئاً في ظل عدم الشفافية الروسية التقليدية، ربما تجبر سيد الكرملين على الاستعداد لهذا السيناريو، ذلك أنه حتى وإن كانت صحته الجسمانية قوية، فإن سلامة قدراته النفسية والعقلية ربما تأثرت بما جرى أخيراً.

هل يظهر ميدفيديف من جديد كخيار بوتين المفضل قبل أن تواريه أضابير التاريخ؟

ميدفيديف... طريق الصقر القادم

يبدو ميدفيديف وكأنه على موعد مع الكرملين من جديد في المدى الزمني المنظور، ولهذا تحول من عالم اللطف والوداعة، إلى دائرة التشدد حال قدر له المضي قدماً للرئاسة الروسية مرة جديدة، وقد يكون الأمر برمته بالتنسيق مع القيصر بوتين.

في تقرير لمجلة "فورين بوليسي" السابق الإشارة إليها، تنقل "إيمي ماكينون" مراسلة المجلة لشؤون الأمن القومي والاستخبارات عن محللين أن ميدفيديف، يتطلع إلى تغطية ظهره ودعم مستقبله السياسي مع بدء الاضطرابات الداخلية التي أحدثتها الحرب الروسية على أوكرانيا بالظهور، والتكهنات حول صحة بوتين المتصاعدة.

تنسب ماكينون إلى مارك غاليوتي، الزميل بمعهد "رويال يونايتد للخدمات" بالولايات المتحدة قوله "إن هناك كثيراً من القلق بين النخبة السياسية الروسية، حتى بين الذين يعتبرون تحت حماية بوتين".

بالنسبة إلى البعض، هذا يعني البقاء بعيداً من الأنظار، وبالنسبة إلى البعض الآخر، يستوجب التظاهر بأنهم صقور، لكن كل هذا ينبع من الإحساس العام بأن الشتاء قادم ولا أحد يعرف كيف سيكون.

والثابت أنه فيما يرى بعض المحللين أن التغير الميدفيديفي، إن جاز التعبير، مدروس ومحسوب، كمقدمة لخطة العودة للقصر الأحمر مرة جديدة، يقطع مقربون من الرجل بأنه سلافي قومي، لا يواري أو يداري وطنيته، ولهذا لا يكاد يمر أسبوع إلا ونرى تغريدة أو تصريحاً، يزايد فيه على المزايدين بالنسبة إلى الموقف الروسي من الحرب الأوكرانية.

الذين لديهم علم بسيرة ومسيرة ميدفيديف يحاولون الحكم على طبيعة التغيرات التي طرأت على شخصه، وما إذا كان الأمر مجرد براغماتية انتقائية، تتحين الفرصة لتنقض من جديد على الموقع الرئاسي، وتسعى إلى إزاحة بقية الصقور المتشددين من حول بوتين، والطامعين في إرثه أم أن الأمر توجه قومي حقيقي، يضع الغرب أمام فوهات المدافع الروسية، فبعد أن تناول مع بايدن عام 2010 شطائر "اللحم المقدد"، ها هو اليوم يصفه بأنه "الجد الخرفان"، فيما ينظر إلى بقية قيادات الغرب بوصفهم "مختلي العقول" أو "المعاتيه".

يتفق ويتسق خطاب ميدفيديف مع رؤى وتوجهات بوتين إلى أبعد حد، لا سيما النظرة إلى من يقومون على الحكم في أوكرانيا اليوم، وكيف أنهم جماعة من النازيين المدمنين على المخدرات، فقد كتب في يونيو (حزيران) الماضي على سبيل المثال يقول "عصابة من النازيين المجانين المدمنين على المخدرات". أضاف "غالباً ما يسألني الناس عن سبب نشري مثل هذه الرسائل القاسية... الإجابة هي: أنا أكرههم، إنهم أوغاد ومنحطون يريدون لنا الموت... يريدون زوال روسيا، وما دمت أنا على قيد الحياة سأفعل كل ما في وسعي لمحوهم من على وجه الأرض".

ميدفيديف حامل الخيار النووي

يستلفت الانتباه في المشهد الروسي خلال العام الماضي، الأدوار المتباينة بين بوتين وميدفيديف، ففيما بوتين يكاد يبدو إلا قليلاً ملتزماً قدر المستطاع بخيار عدم التصعيد النووي، نجد ميدفيديف صاحب الصوت الزاعق في سياق التهديدات الموجهة للغرب عبر هذا الإطار المخيف والكفيل بإدخال العالم في دائرة من الرعب النووي.

في الأشهر التالية للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وجدنا ميدفيديف متصدراً المشهد الإعلامي بتصريحاته النارية حول الحرب النووية، وتهديده أوكرانيا وداعميها من الناتو، وبذلك بدا وكأنه تحرك من دائرة العمل البيروقراطي، إلى جوهر الجوقة الروسية النارية، وتالياً عهد له بالإشراف على عمل مصانع الإنتاج العسكري.

جزئية أخرى أكثر إثارة في تطورات حركة ميدفيديف على صعيد العمل السياسي الداخلي، ذلك أن تحركاته وتصريحاته، لا تتقاطع مع الجيش أو الأجهزة الأمنية، كما أنه نجح في الحفاظ على مسافة آمنة مع الأوليغارشيين، أصحاب الأنياب الحامية والمسنونة، فيما اقتصرت رسائله على تحذير الغرب.

خذ إليك على سبيل المثال ما فاه به ميدفيديف في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي من أن موسكو ستستخدم كل سلاح في ترسانتها بما في ذلك الأسلحة النووية الاستراتيجية لحماية الأراضي التي تنضم إلى روسيا في أوكرانيا.

قبل هذا التصريح كانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية قد نقلت عن مسؤولين أميركيين قولهم، إن الرئيس الروسي بوتين، قد يستخدم أسلحة نووية تكتيكية، ربما في تفجير استعراضي فوق البحر الأسود أو بالمحيط المتجمد الشمالي أو داخل الأراضي الأوكرانية.

لكن حديث ميدفيديف، كان عن أسلحة استراتيجية أكثر خطورة وأشد تدميراً، وليس مجرد أسلحة تكتيكية.

بعد ستة أشهر، وتحديداً بعد منتدى دافوس وقبل ساعات من اجتماع مسؤولي الدفاع في دول الناتو، في قاعدة رامشتاين بألمانيا، علق ميدفيديف بالقول، إن "هزيمة قوة نووية في حرب تقليدية قد تشعل حرباً نووية".

وفي منشور له على "تيليغرام"، للتعليق على دعم حلف شمال الأطلسي للجيش الأوكراني، كتب ميدفيديف يقول "القوى النووية لا تخسر أبداً في صراعات يتوقف عليها مصيرها".

كتابات ميدفيديف جاءت تعليقاً على الفرضية السائدة في الغرب التي تفيد بأنه "يجب هزيمة روسيا في الحرب".

وبحلول الذكرى الأولى للقتال في أوكرانيا، كتب ميدفيديف عبر "تيليغرام" من جديد، وبما يعطي انطباعاً عما يمكن أن تجري به المقادير في روسيا حال بلغ عرش الكرملين من جديد يقول، "سنحقق النصر، وهدفنا هو دفع حدود التهديدات لبلادنا إلى أبعد ما يمكن، حتى لو كان ذلك حدود بولندا".

ميدفيديف من جديد، ومع بدء السنة الثانية من القتال هدد وتوعد بأنه "إذا كانت الولايات المتحدة تريد هزيمة روسيا، فعندئذ يحق لنا الدفاع عن أنفسنا بكل سلاح، بما في ذلك الأسلحة النووية".

الحروب الأميركية
هجمات 11 سبتمبر 2001، دفعت الولايات المتحدة الأميركية إلى شنّ حربها العالمية على الإرهاب. فاستهدفت أولاً أفغانستان لضرب تنظيم "القاعدة" المحمي بحركة "طالبان"، ثم ما لبثت أن وجّهت جيشها الجرار باتجاه العراق، حيث قضت على نظام صدام حسين.
Enter
keywords

 

ميدفيديف وفحولة سياسية مثيرة

هل من ملفات جديدة يظهر فيها ميدفيديف فحولته السياسية نظرياً على الأقل؟

 يبدو أن ذلك كذلك، فمع أوائل فبراير (شباط) 2023، ومع عودة الحديث عن شبه جزيرة القرم، ومحاولة القوات الأوكرانية الهجوم عليها، أبدى ميدفيديف موقفاً متشدداً للغاية بقوله، إن الرد الروسي سيحرق كل ما تبقى تحت حكم كييف، وفق تعبيره.

في مقابلة مكتوبة مع الصحافية "نادانا فريدريخسون"، نشرتها على قناتها على "تيليغرام"، قال ميدفيديف "ردنا يمكن أن يتضمن أي شيء والرئيس الروسي فلاديمير بوتين قالها بوضوح".

ميدفيديف اعتبر كذلك أن بلاده لن تضع لنفسها قيوداً، وذلك اعتماداً على طبيعة التهديدات، ومضيفاً أنها "مستعدة لاستخدام جميع أنواع الأسلحة، وفقاً لوثائقها العقائدية، بما في ذلك أساسات الردع النووي"، وأردف قائلاً، "أؤكد لكم أن الرد سيكون سريعاً وقاسياً ومبرراً... لن تكون هناك مفاوضات... لن يكون هناك سوى ضربات انتقامية فقط، كل أوكرانيا المتبقية تحت حكم كييف ستحترق".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لماذا هذه التهديدات النارية؟

غالب الظن أن الأمر مرتبط بفكرة تلقي أوكرانيا وعوداً بالحصول على أسلحة غربية طويلة المدى، في إطار مساعدة عسكرية يعول عليها رئيسها فولوديمير زيلينسكي، لوضع حد لما يعتبره "عدوان روسيا الوحشي".

موقف ميدفيديف من أسلحة الغرب ليس جديداً، ففي نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كتب في حسابه على "تيليغرام"، وسيلته المفضلة بين وسائل التواصل الاجتماعي "إذا قام الناتو كما لمح ستولتنبرغ، بتزويد عصابات كييف بأنظمة باتريوت رفقة أفراد الناتو فسيصبحون على الفور هدفاً مشروعاً للقوات المسلحة الروسية، وأمل أن يفهم العاجزون الأطلسيون ذلك".

تهديدات ميدفيديف لكييف بلغت حد الحديث عن حرمان أوكرانيا من أن يكون لها منفذ على البحر عما قريب، ذلك أنه ومن جديد علق عبر "تيليغرام" على رغبة كييف في الحصول على أكبر عدد ممكن من الأسلحة الهجومية من الغرب بقوله "الغواصات الروسية قوية جداً، خصوصاً بالنظر إلى أنه لن يكون لنظام كييف بحر على الإطلاق".

والشاهد أنه حال استخدام كييف قذائف اليورانيوم من دبابات "ليوبارد2" الألمانية، الأمر الذي سيعد بمثابة استخدام للقنابل النووية القذرة، فإن تهديدات ميدفيديف، قد تصبح واقع حال فعلياً، صونًا لسلامة الأمن القومي الروسي، سيما في ضوء التغيرات في العقيدة النووية الاستراتيجية الروسية، التي فتح الباب أمامها الرئيس بوتين بتصريحاته الأخيرة عن عدم انتظار الضربة النووية الأولى، حيث سيكون رد الفعل لا قيمة له، وعليه فإن روسيا قد تعمد إلى المبادرة أو المبادأة وقبل أن يخيم عليها الشتاء النووي.

أما أحدث صيحات غضب ميدفيديف فتجلت في تصريحاته على تعليق روسيا معاهدة الأسلحة الاستراتيجية "نيو ستارت" إذ قال إن "الولايات المتحدة قد حصلت على ما تستحقه، وأنه لا يمكنها أن تشن حرباً على روسيا ثم تطالب بالاستقرار الاستراتيجي".

وفي الخلاصة، يمكن القطع أن الغرب قد فقد ميدفيديف الذي علقت عليه آمال عريضات قبل عقدين من الزمن، ميدفيديف الحالم بالديمقراطية والاقتصاد الحر، المتبني للتكنولوجيا، والمتفائل بتأثيرها الإيجابي الذي يجتاح العالم.

عوضاً عن الستات، ها هو الغرب يحصد الآحاد، أي عيني الأفعى، كما في لعبة النرد، وعلى دوائر الناتو أن تتساءل: من كان السبب في تراجع ميدفيديف عن دوره كشخصية سياسية مستقلة عن بوتين، واستعداده اليوم للقتال من أجل مكانه المستقبلي ووضع روسيا ما بعد بوتين.

المزيد من تقارير