Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا وراء اهتمام الدولة في الجزائر بإحياء السينما؟

وزارة الثقافة ترفع قيمة دعم الأفلام ومسودة قانون جديد للصناعة "قيد المناقشة" وعلامات استفهام حول الأهداف

في حين لا توجد أرقام رسمية بخصوص الأفلام الممنوعة تحتفظ ذاكرة المراقبين بأسماء أعمال سينمائية منعت من العرض (أ ف ب)

ملخص

ورثت #الجزائر أكثر من 342 قاعة سينما عن #الاستعمار_الفرنسي ثم ارتفع عددها إلى 432 قاعة لكن أغلبها توقف مع العشرية السوداء أو سنوات الأزمة الأمنية خلال التسعينيات

يبدو أن ملف إعادة الاعتبار للسينما في الجزائر يسير بخطى ثابتة بعد تكليف وزيرة الثقافة صورية مولوجي بعقد مشاورات مع الممثلين والفنانين والعاملين في القطاع بهدف إثراء مسودة القانون المتعلق بالصناعة السينماتوغرافية، غير أن تشديد مجلس الوزراء على ضرورة أن تستهدف الخطوة "استعادة بريق الجزائر" يثير بعض علامات الاستفهام.

تأجيل وقرارات

أفاد بيان للرئاسة الجزائرية أن الرئيس تبون أمر بضرورة أن يكون القانون الجديد محفزاً ومشجعاً حقيقياً للإنتاج السينمائي، وفق نظرة إبداعية تعيد إلى الجزائر بريقها في هذا المجال الحيوي داخل المجتمع، إضافة إلى مراعاة مختلف التحولات والتطورات في مجال العمل السينمائي، بما يتجاوب مع تطلعات الشباب الراغبين في التخصص بهذا المجال.

وحث الرئيس على أهمية وضع آليات واضحة لتمويل المشاريع السينمائية، بما يتوافق وقوانين الجمهورية، مبدياً حرصه على أن يتضمن القانون الجديد آليات التكفل بالجوانب الاجتماعية لكل المبدعين الجزائريين على اختلاف فنونهم، عرفاناً بما قدموه ويقدمونه من صور جميلة عن الجزائر.

ويأتي بيان الرئاسة بعد قرار مجلس الوزراء، الأحد الماضي، تأجيل مناقشة قانون الصناعة السينماتوغرافية إلى حين إتمام وعقد المشاورات الخاصة بقطاع السينما بإشراك الفاعلين والمهنيين الجزائريين، داخل الوطن وخارجه، في صياغة مسودة جديدة، وهو ما يكشف عن خلل شاب القطاع وتسبب في عدم إحراز تقدم في هذا السياق، ولعل تشدد الجهات الوصية في الرقابة على الإنتاجات السينمائية، وتدهور الأوضاع الاجتماعية التي تدفع أغلب الفنانين إلى طلب مساعدة من الدولة، من أبرز نقاط الاختلاف على اعتبار أن السلطات تمنع تمويل الأفلام والإنتاجات التي قد تتضمن إساءة إلى الدولة ومؤسساتها وكذا قضايا التاريخ والهوية والقيم المجتمعية وغيرها.

وفي حين لا توجد أرقام رسمية بخصوص الأفلام الممنوعة، تبقى هناك أسماء لأفلام راسخة في ذاكرة المهتمين بقطاع السينما تم منع عرضها في البلاد، ومنها "بابيشا" و"ديليس بالوما" و"ما زلت أختبئ كي أدخن" وغيرها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إرادة سياسية

يرى الناقد السينمائي بوعلام جاب الخير أن الجزائر تسعى جاهدة للنهوض بقطاع صناعة الأفلام السينمائية، والحرص على مواكبة التطورات العالمية والتكنولوجيات الحديثة، وتوظيفها كمورد في ترقية الاقتصاد ودفع عجلة التنمية، وكذا تصدير صورة مشرفة للفن الجزائري محلياً ودولياً.

وأضاف لـ"اندبندنت عربية" أن "التعليمات الأخيرة للرئيس تبون المعلن عنها عقب ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء تترجم الأهمية التي توليها الجزائر لقطاع السينما وفق مقاربة اقتصادية تقوم على أسس التكوين السليم في شتى المهن السينمائية، ووضع منظومة قانونية تحفظ لصناع الفن السابع حقوقهم المادية والاجتماعية، وللمواطن الجزائري حقه في استهلاك منتج فني ثقافي حامل للقيم والأخلاق والروح الوطنية، ويطرح مختلف القضايا والإشكاليات بكل مهنية وموضوعية".

ويواصل جاب الخير أن عملية الارتقاء بالفن السابع تقوم على حتمية وضع قانون الصناعة السينماتوغرافية الذي تقوم فلسفته على تبسيط الإجراءات وتحفيز الاستثمار في هذا المجال، وضبط آليات العمل والدعم العمومي على أساس الشفافية.

تراجع عدد القاعات

ورثت الجزائر أكثر من 342 قاعة سينما عن الاستعمار الفرنسي، وفق إحصاءات رسمية من وزارة الثقافة، وارتفع عددها ليصل إلى 432 قاعة، لكن توقف أغلبها مع العشرية السوداء أو سنوات الأزمة الأمنية خلال التسعينيات، بسبب الخوف الذي زرعته الجماعات الإرهابية جراء أعمال العنف والتفجير الذي مس قاعات السينما، وأيضاً الملاحقة التي تعرض لها الفنانون من جانب المتطرفين، ثم إلى ضعف اهتمام السلطات بالمجال بعد عودة الاستقرار، ولم يتبقَّ سوى 80 قاعة سينما تعمل بشكل متقطع.

كما اختلف الإنتاج السينمائي في البلاد من سنة إلى أخرى، ويمكن تصنيفه عبر فترات، فمن عام 1965 إلى 1979 بلغ عدد الأفلام المنتجة 43 فيلماً، وبين 1980 و1989 تراجع الرقم إلى 14 فيلماً، بينما شهدت سنوات التسعينيات تقهقراً في الإنتاج السينمائي بـ11 فيلماً، ليعود المعدل إلى الارتفاع بين 2000 و2010 ويسجل 36 فيلماً، غير أن الأرقام غابت منذ بداية الأزمة السياسية في البلاد مع مرض الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة، إذ تغيرت الأوضاع وحلت المهرجانات والحفلات الغنائية محل الأعمال السينمائية.

تجنب تكرار الأخطاء

من جانبه، يعتبر الكاتب والناقد السينمائي جمال محمدي أن واقع السينما وصناعتها في الجزائر يستحق دراسة علمية، إذ "يجب أن نستخلص العبر كي لا تتكرر الأخطاء نفسها"، موضحاً أنه لا توجد صناعة سينماتوغرافية في الجزائر بمعناها الصحيح، أو بالمعنى المتكامل الذي يعتمد على كثرة الأفلام والقاعات السينمائية وشركات التوزيع، ومن المعروف الآن أن السينما الجزائرية تراجعت منذ عشرات السنوات وحتى نهاية فترة التسعينيات، متسائلاً "كيف نعيد إصلاح هذا القطاع ونسرع وتيرة الإنتاج ونخلق صناعة سينماتوغرافية متكاملة كما هو متعارف عليه في البلدان العربية أو الدولية التي تعتمد الاحترافية؟".

ويرد محمدي بأن "إنشاء المركز الجزائري للسينما أخيراً يمكنه أن يؤدي دوراً في إدماج كل المؤسسات التي تهتم بالسينما، لكن يجب أن تكون هناك خطة واضحة ودراسات ميدانية وإجراءات مكملة ومرافقة للمشروع، من إعادة تشغيل قاعات السينما المتوقفة، واعتماد سياسة إنتاج الأفلام ذات الكلفة البسيطة، لكي يتم إدماج كل المهنيين وصناع السينما في هذا المجال".

وتابع أن ما جاءت به مسودة مشروع القانون المتعلق بالصناعة السينماتوغرافية عبر 105 مواد، وفي أحكامه العامة التي يستهدفها هذا القانون، كافٍ للنهوض بالسينما الجزائرية من جديد في جانبها القانوني والشكلي، مشدداً على "ضرورة الحرص على تطبيق روح القانون الذي يعني المنافسة الشريفة والاستشارة الموسعة والشفافية التي تعطي الجميع فرصة تصوير أفلامهم على قدم المساواة، ويلبي تطلعات وآمال الفنانين ومهنيي السينما المبدعين".

أرقام مشجعة وأخرى بائسة

إلى ذلك، نصبت وزيرة الثقافة والفنون صورية مولوجي اللجان المتخصصة لدعم الإبداع في مجالات الفن والأدب والسينما، إلى جانب لجنة مشاهدة المشاريع السينمائية. موضحة أن دائرتها الوزارية عازمة على المضي قدماً للنهوض بقطاع السينما والإبداع الفني.

كما أكدت الوزيرة ضرورة مراجعة المنظومة التشريعية والتنظيمية والمؤسساتية لقطاع السينما من خلال صياغة مشروع تمهيدي لقانون يتعلق بالصناعة السينمائية، وهو المشروع الذي تقوم فلسفته على تبسيط الإجراءات وتحفيز الاستثمار في الصناعة السينمائية.

وكشفت مولوجي عن أن وزارة الثقافة والفنون قررت رفع قيمة دعم الدولة لإنتاج الأفلام السينمائية الطويلة والقصيرة والوثائقية بنسبة 10 في المئة خلال هذا العام، موضحة أنه تم رفع الحد الأدنى لقيمة دعم الأعمال السينمائية من 30 إلى 40 في المئة، كما يمكن أن تصل قيمة هذا الدعم إلى 80 في المئة كحد أقصى لكل عمل سينمائي بعد استشارة لجنة الخبراء التي ستدرس المشاريع السينمائية المترشحة للحصول على دعم الدولة.

وبحسب إحصاءات رسمية لوزارة الثقافة الجزائرية، استفاد 21 مشروعاً سينمائياً من دعم مالي قدره 774 ألف دولار أميركي عامي 2021 و2022، كما كشف صندوق تنمية فنون وتقنيات السينما عن أن الجزائر كانت تملك 432 قاعة سينما لكنها تقلصت إلى 80 قاعة.

المزيد من سينما