Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحرب الروسية - الأوكرانية تعيد للحرب الكلاسيكية مجدها القديم

تحتفظ موسكو بالعدد الأكبر من الدبابات في العالم ويقدر بنحو 13 ألفاً 

دبابات "ليوبارد 2" الألمانية قبيل إرسالها إلى أوكرانيا (أ ف ب)

ملخص

أعادت الحرب #الروسية - الأوكرانية إلى الحرب التقليدية مجدها، وهو ما بدا واضحاً منذ حشد الرئيس فلاديمير بوتين لما لا يقل عن 190 ألف جندي على الحدود للهجوم على جيرانهم الأوكرانيين الذين كانت قدراتهم العسكرية أقل كفاءة

 

 

عندما بدأت الطائرات المسيرة تجوب السماء من ناغورنو قره باغ، فسوريا واليمن والعراق في الشرق الأوسط إلى ليبيا شمال أفريقيا في السنوات الأخيرة، حاول كثيرون تبشير العالم بنهاية عصر الحروب الكلاسيكية التي تعد كلفتها البشرية والعسكرية على حد السواء عالية، لكن الحرب الروسية - الأوكرانية التي بدأت في 24 فبراير (شباط) 2022، أعاد للحرب التقليدية مجدها، وهو ما بدا واضحاً منذ حشد الرئيس فلاديمير بوتين لما لا يقل عن 190 ألف جندي على الحدود للهجوم على جيرانهم الأوكرانيين الذين كانت قدراتهم العسكرية أقل كفاءة، كما أن الدبابات التي كانت سلاحاً حاسماً، خصوصاً في الحرب العربية - الإسرائيلية عام 1967، وفي الحرب العالمية الثانية، وهي حروب شهدت ميلاد حكمة عسكرية مفادها أن أفضل وسيلة للدفاع ضد دبابة هي دبابة مضادة، واجهت موجة كبيرة من التشكيك في قدرتها اليوم، لكن الحرب في أوكرانيا أثبتت العكس.

عودة الدبابات

منذ الغزو الأميركي للعراق في 2003، ومن ثم العدوان الذي شنته روسيا على جورجيا عام 2008، لم يشهد العالم حرباً تقليدية، أي بين جيشين نظاميين، كما يحدث الآن بين الروس وأوكرانيا، بخاصة أن كثيراً من المتتبعين لمسار التصعيد بين الطرفين، توقع أن يكون الهجوم الروسي خاطفاً وينتهي بسرعة بتحقيق موسكو لأهدافها، لكن الحرب ستدخل عامها الأول، حيث تكابد القوات الروسية لتحقيق مكاسب على الأرض تمنح الرئيس فلاديمير بوتين نصراً معنوياً في مواجهة موجة التشكيك الغربية في قدرته على احتلال أوكرانيا وتعويض الخسائر التي مني بها منذ دخوله هذه المعركة.

 
 
 
في خضم كل ذلك، عادت الدبابات لتتصدر المشهد على خطوط المواجهة، ففيما يستمر إلحاح كييف على الحصول على دبابات غربية ثقيلة من شأنها تغيير وجه الحرب تواصل موسكو التعبئة من خلال الجنود والدبابات، وذلك منذ إعلان الكرملين التعبئة الجزئية في سبتمبر (أيلول) الماضي.
هنا يتجلى بوضوح قيمة الدبابات على رغم وابل الانتقادات التي وجه إليها في السابق من قبل المتحمسين للتكنولوجيات الحديثة، الذين رأوا أن صلاحية الدبابات انتهت بتفوق الطائرات المسيرة التي بإمكانها ضرب الأهداف في أي مكان بكلفة أقل بكثير بشرياً ومادياً.
لم يتحدث هؤلاء من فراغ في الواقع، ففي حرب ناغورنو قره باغ التي استمرت لأيام في سبتمبر عام 2020، ظهر تفوق الطائرات المسيرة، خصوصاً "البيرقدار" التي زودت تركيا القوات الأذرية بها على حساب الدبابات والأسلحة التقليدية، حيث خسرت أرمينيا معظم دباباتها وفقدت مئات الجنود في هذه المواجهة التي انتهت لصالح أذربيجان.
 
الطائرات المسيرة
 
وفي سوريا، تكبد النظام خسائر فادحة في الاشتباك مع القوات التركية عام 2020، فأنقرة تعتمد كثيراً على الطائرات المسيرة في هذه الاشتباكات المتقطعة لتحقيق مكاسب ميدانية مثل قطع خطوط الإمداد وضرب أهداف أخرى بدقة عالية، وهو ما حصل في ليبيا أيضاً عندما زودت ميليشيات حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج بطائرات بيرقدار التي قلبت الحقائق على الأرض ودفعت الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر إلى التراجع عن هجومه على طرابلس عام 2019.
كما أن هناك مراهنة على الصراعات بالوكالة التي تخوضها جماعات مسلحة تمثل ذراعاً لبعض الدول والأنظمة مثل الميليشيات في العراق أو الحوثيين أذراع إيران، وأيضاً الهجمات السيبرانية القادرة على تقويض محتويات لمواقع حكومية وغيرها، لكن هذه ليست أدلة كافية على موت الدبابات والحرب الكلاسيكية عموماً، إذ لا يمكن بسط السيطرة على مدينة واحدة دون هجوم تقوده الدبابات الحديثة على الأرض، وأن تنقل المركبات المصفحة أفراد سلاح المشاة إلى تلك المدن.
رحب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في وقت سابق بقرار حلفائه الغربيين تزويده مركبات مصفحة، لكنه طالب بمزيد وحدد هدفه من خلال المطالبة بالدبابات الحديثة مثل الأميركية "أبرامز أم 1" أو الألمانية "ليوبارد 2". 
 
 
 
ويرجح مارك كانسيان الضابط المتقاعد من مشاة البحرية الأميركية ومستشار كبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن تكون الدبابات التي تسعى أوكرانيا للحصول عليها، تستهدف شن هجوم على القوات الروسية المتخفية في الخنادق على خطوط المواجهة في وقت لاحق.
ويعكس ذلك قيمة الدبابات التي عادت بالفعل لتتسيد ساحات الاشتباك العسكري شأنها شأن الخنادق وجند المشاة الذين تم اللجوء إليهم في خضم الجمود على جبهات القتال، فالجو لم يكن عنصراً حاسماً في أوكرانيا على رغم أهميته في أي مواجهة.
وقال العقيد ريتشارد جوستين كيمب الضابط المتقاعد في الجيش البريطاني، في مقال نشرته صحيفة "التليغراف" إن عصر الحرب الكلاسيكية عاد بالفعل، لافتاً إلى أن بريطانيا ليست جاهزة لذلك. 
وركز كيمب على العتاد العسكري من جنود ونوعية أسلحة التي من شأنها إحداث فرق في ساحات المعارك، لا سيما الدبابات التي تبقى تتمتع بالقوة النارية وتحصين من بداخلها والسرعة الكبيرة أيضاً.
وتحتفظ روسيا بالعدد الأكبر من الدبابات في العالم، حيث يقدر بنحو 13 ألف دبابة من مجموع 73 ألف في العالم، لكن معظمها دبابات قديمة الصنع يتم تخزينها وصيانة بعضها تأهباً لإدخالها دائرة الصراع، لكن موسكو فقدت عدداً كبيراً من تلك الدبابات في الحرب على أوكرانيا.
 
الخنادق والمشاة مجدداً 
 
أكثر المتفائلين بنهاية عصر الحرب الكلاسيكية يستدلون في تحاليلهم على فشل عشرات الآلاف من الجنود الروس في إخضاع كييف أو خاركيف، المدن الأوكرانية التي وضعها بوتين على رأس أولويات هجومه العام الماضي، لكن غاب عن هؤلاء أن الأسباب الرئيسة تكمن في فشل الخطط التي وضعتها القيادة الروسية، وليست أساليب الحرب القديمة، وأبرز مثال أن دخول مرتزقة "فاغنر" سرع بتحقيق بعض المكاسب لأن هؤلاء يخضعون لمنطق شركة خاصة لا تأتمر بالضرورة بأوامر القيادة الروسية وخططها، لذلك عاد الجنود الروس والأوكرانيون، مجدداً إلى الخنادق، وتمت الاستعانة بتعبئة الآلاف من الجنود والمعدات العسكرية على جبهات القتال من أجل تحريك الجمود هناك مع مرور عام على الغزو الروسي.
وكانت الخنادق تمثل في الماضي ملاذاً لحماية جنود المشاة من الأسلحة التقليدية ونيران المدفعية، وشهدت الحرب العالمية الأولى الاستخدام الأوسع لهذه الخنادق.
 
 
 
وقال بيتر بومونت في مقال لصحيفة "ذي غارديان" البريطانية إن "احتدام القتال في شرق أوكرانيا سرع بعودة الخنادق التي تذكرنا بالفعل بالحرب العالمية الأولى إلى جبهات القتال، بخاصة بعد تصاعد الموجهات حول مدينة باخموت". 
وعلى رغم من التطور الذي طرأ على غالب الترسانات العسكرية، فإن ساحات المعارك في أوكرانيا، عرفت عودة المدافع الثقيلة التي تستخدم منذ سنوات مثل مدافع "هاوتزر" من العيار الثقيل، وهي مدافع يقوم الجنود بسحبها من أجل قصف قوات العدو بقذائف متفجرة.
وفي ظل الجمود الذي يسيطر على جبهات القتال، فإن استخدام الخنادق على رغم أنها آلية قديمة مضت عنها قرون، قد يكتسب زخماً في المرحلة المقبلة، خصوصاً في ظل عجز الروس على تحقيق تقدم سريع، وسعي أوكرانيا إلى تثبيت الصمود على مستوى تلك الجبهات.
اقرأ المزيد

المزيد من متابعات