Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تمكن الدبابات الغربية أوكرانيا من التفوق على روسيا

كتائب من دبابات ليوبارد الألمانية وأبرامز الأميركية وتشالنجر البريطانية قد تكون في المحصلة سبباً في تغيير قواعد الحرب

دبابات من طراز ليوبارد 2A4 تابعة للجيش البولندي (وزارة الدفاع البولندية/ أ ب)

بعد أشهر من المناشدات والضغوط الدولية وافقت كل من ألمانيا والولايات المتحدة الأميركية على تزويد أوكرانيا بالدبابات ــ كان ذلك قراراً وصفه أحد كبار مساعدي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأنه "قبضة الديمقراطية الحقيقية" في مواجهة الاجتياح الروسي.

فيما أنه من المستبعد أن يغير عدد الدبابات المتوقع تسليمها إلى أوكرانيا مجرى الحرب، إلا أن الدبابات التي يوازي عديدها ثلاث كتائب تقريباً، لا بد من أنها تعتبر تغييراً في مستوى المساعدة التي يقدمها حلف شمال الأطلسي (ناتو) إلى حكومة كييف ــ كما تؤكده الاتهامات التي وجهها الكرملين بأن الدول الغربية تتدخل مباشرة في الحرب وتجديد الحلقة المحيطة ببوتين تهديداتها باحتمال اللجوء إلى استخدام الأسلحة النووية.

إن الدبابات نفسها وبما فيها دبابات "ليوبارد 2" الألمانية ودبابات "أبرامز أم 1" M1 الأميركية ودبابات "تشالنجر 2" البريطانية ينظر إليها عموماً على أنها فاعلة بشكل أكبر من غالبية المركبات السوفياتية والروسية التي لعبت حتى الآن دوراً مركزياً في أول حرب برية موسعة تشهدها أوروبا منذ عقود، وهو أمر كان فاجأ من اعتقدوا بأن الدبابات أصبحت عملياً من أسلحة الماضي.

 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فيما أثبت كل من سلاح المدفعية البعيدة المدى والطائرات المسيّرة "الدرون" أنها وسائل لعبت دوراً أساسياً في النزاع، تبقي كييف على آمالها في أن تؤدي عمليات التسليم الإضافية من الدبابات، إلى منح أوكرانيا درجة تفوق في ميدان المعركة، مع الاقتراب السريع من موعد الذكرى الأولى لاندلاع تلك الحرب. 

بعد التحول المهم الذي شهدناه الأسبوع الماضي، تلقي "اندبندنت" في هذا التقرير نظرة على مختلف أنواع الدبابات التي تشارك حالياً أو قريباً في المعارك، وكيف يمكن تقييم أدائها، وماذا يمكن أن تعني مشاركة أي منها في الجهود الحربية لكل طرف. 

دبابة "ليوبارد 2" الألمانية

أخيراً رضخ المستشار الألماني أولاف شولتز للضغوط من خلال إعلانه أن برلين لن ترسل دبابات "ليوبارد 2" إلى كييف فحسب، بل هي ستسمح أيضاً لحلفائها بإعادة تصدير الدبابات التي تصنعها ألمانيا، مفسحة المجال أمام وصول عدد أكبر منها في النهاية إلى أوكرانيا. 

وقالت ألمانيا إن الدول الأوروبية سترسل "بسرعة" ما يعادل كتيبتي دبابات ــ أي حوالى 80 دبابة ــ إضافة إلى إرسال برلين 14 دبابة ليوبارد "كخطوة أولى". معلوم أن أكثر من ألفي دبابة من نوع ليوبارد قابعة حالياً في مخازن أسلحة دول أوروبية عدة وكندا، ويقال إن قيمة الدبابة الواحدة من هذا الطراز تبلغ حوالى 6 ملايين دولار أميركي. 

صممت دبابة ليوبارد الألمانية إبان الحرب الباردة كجزء من برنامج، عمل أيضاً على تطوير دبابة "أبرامز" الأميركية، لمواجهة دبابات الحقبة السوفياتية التي تستخدم حالياً في أوكرانيا، وصممت دبابة ليوبارد لكي تصد دروعها ذخائر القذائف الخارقة من عيار 125 ملم التي يتم إطلاقها من على بعد 1500 متر، وهي "واحدة من الدبابات الأفضل تدريعاً"، بحسب الدكتورة مارينا مايرون، من كلية دراسات الحروب في جامعة كينغز كوليدج في لندن.

دبابة ليوبارد مزودة بمدفعين رشاشين خفيفين مركبين على محور واحد إلى جانب مدفعها الأساسي، وتحسب لمصلحة دبابة ليوبارد قدرتها العالية على التأقلم [في ساحات المعارك المختلفة]، وقدرتها العالية على المناورة، كما تعتبر دبابة صالحة جداً للاستخدام بشكل خاص على الأراضي الأوكرانية، وهي اقتصادية تستهلك نسبة أصغر من الوقود مقارنة بمثيلتها الأميركية.

ويقول القائد الميداني السابق في فرقة الدبابات الملكية البريطانية هاميش دو بروتون غوردون، لقناة "سي بي أس" الإخبارية، إنها "مثل [سيارات] مرسيدس، أو بي أم دبليو، دبابات عالمية فائقة. أنا أعتقد بأنني أحتاج إلى 10 أو 15 دبابة من طراز تي-72 [التي تستخدمها روسيا] لمواجهة دبابة واحدة من طراز ليوبارد".   

دبابة "أم 1 أي 2 أبرامز"

هي دبابة من تصميم شركة "كرايسلر" للدفاع Chrysler Defence، خلال الحرب الباردة واستخدمت في البوسنة والعراق وأفغانستان، فدبابة أبرامز هي دبابة القتال الرئيسة في الجيش الأميركي، كما تستخدم كل من أستراليا والمملكة العربية السعودية ومصر وبولندا نسخة من الدبابة مخصصة للتصدير. وسيتم تزويد أوكرانيا حالياً بـ31 دبابة من هذا الطراز، وهو عدد يكفي لتسليح كتيبة دبابات كاملة.

وينقل عن الخبراء أن دبابات أبرامز هي الأولى التي يزود كل من قائدها ومشغل مدفعها الأساسي بنظام رؤية بصري وحراري إضافة إلى جهاز توجيه بقدرة دوران 360 درجة مئوية، مما يسمح للقائد ومشغل المدفع التعامل بشكل متزامن مع أهداف مختلفة، ويشار إليها في التعبير العسكري بقدرات "صياد قاتل".

ويثني الجيش الأميركي على قدرات دبابة أبرامز ويقول إن لديها "قدرات نارية قاتلة وقدرات لا مثيل لها من درجات الحماية وقدرة مناورة استثنائية". وتبلغ كلفة أبرامز حوالى 10 ملايين دولار أميركي تقريباً، ويتضمن هذا المبلغ كلفة تدريب الطاقم وتوفير الصيانة اللازمة، وتقول الدكتورة مارينا مايرون لـ"اندبندنت" إن مدفع الدبابة الرئيس الذي يطلق قذائف من عيار 120 ملم يتميز بذخيرته المحتوية على اليورانيوم المنضب والمعروف "بالرصاصات الفضية" وهي قادرة "ربما على اختراق أي دروع".

إن الاختلاف الأساسي بين دبابة أبرامز ودبابة ليوبارد يكمن في أن محرك الأولى يعمل بتوربينات متطورة على الغاز، ويتطلب نوعاً من وقود الطائرات الخاص، مما يعني أن الجنود سيحتاجون إلى سلسلة إمداد خاصة لتشغيل محركات دباباتهم، بحسب الدكتورة مايرون، والمسؤولين الأميركيين لطالما عبروا عن شكوكهم في صلاحية هذه الدبابة للعمل في ميدان الحرب الأوكرانية.

وكانت وزارة الدفاع الأميركية قالت الأسبوع الماضي إن "كلفة الصيانة ونوع الصيانة اللذين تحتاج إليهما دبابات أبرامز ــ يجعلان من غير المنطقي توفير هذا المركبات للأوكرانيين في هذه المرحلة".

لكن وبعدما غير الرئيس الأميركي موقفه الأسبوع الماضي، تفيد التقارير بأنه وفيما تعتزم واشنطن إرسال 31 من دبابات أبرامز المتقدمة من طراز "أم1 أي2"  M1A2، بدلاً من النسخة الأقدم من نوع "أم1 أي1" M1A1، ستضطر الولايات المتحدة إلى إزالة طبقة التدريع السرية التي تحتوي على اليورانيوم المنضب وفق ما تمليه التدابير الفيدرالية الأميركية [المفروضة على تصدير هذه المركبة القتالية إلى طرف ثالث]، ربما خوفاً من أن تقع الدبابة بيد القوات الروسية في مسرح المعارك.

دبابة "تشالنجر 2" البريطانية

وعدت المملكة المتحدة بتسليم أوكرانيا 14 دبابة تشالنجر 2 بحلول نهاية شهر مارس (آذار).

تم تطوير "تشالنجر 2" من قبل شركة "فيكرز ديفينس سيستمز" Vickers Defence Systems التي تغير اسمها اليوم إلى "بي أي إي سيستمز" BAE Systems، ومنذ دخول الدبابة التي يبلغ طولها 8.3 متر الخدمة في القوات المسلحة البريطانية، استخدمت في العمليات في كل من البوسنة وكوسوفو والعراق، وهي مصممة لتدمير الدبابات المعادية. ويدعي الجيش البريطاني أن "أياً من دبابات تشالنجر لم يتم تدميرها بنيران عدوة أبداً".

تشالنجر 2 هي من الدبابات الأثقل وزناً من بين نظيراتها الغربية الممنوحة لأوكرانيا، وعلى رغم قدراتها على إطلاق قذائف من إنتاج منظومة حلف الأطلسي، فإنها تستخدم ذخائر مختلفة لمدفعها الأساسي المخدد حلزونياً rifled gun [لتوجيه نيراني أدق] لمقذوفاته المصممة برؤوس حربية لاصقة تحتوي مواد شديدة الانفجار معروفة بـHESH، وهي دبابة أقل سرعة من مثيلاتها في المنظومة الغربية ومجهزة بمحرك بقوة 1200 حصان، أي أبطأ بـ300 حصان عن دبابات جيلها، وفقاً للدكتورة مايرون.

مدفعها المخدد حلزونياً من طراز 120 ملم يقال إن مداه الفاعل لا يقل عن ثلاثة كيلومترات ويستخدم قذائف قادرة على اختراق الدروع. ويزعم أيضاً أن تشالنجر 2 تحمل الرقم القياسي لأبعد تدمير ناجح لهدف العدو في معركة دبابات، ويسجل لدبابة تشالنجر نجاحها في تدمير دبابة عراقية عن بعد بلغ 4700 متر خلال حرب الخليج عام عام 1991.

وتقدم هذه الدبابة قوتها النارية وحماية هيكلها على مسألة سرعة حركتها، من خلال تدريعها الثقيل المشتمل على دروع دورشستر 2 "ذائعة الصيت عالمياً" مما يجعلها أقل سرعة قليلاً مقارنة بمثيلاتها، ولكن تعوض عن ذلك "قوة تصويبها الناري وقدراتها الفتاكة" بحسب الجيش البريطاني.

ويقول الضابط المتقاعد دو بروتون غوردون "في ما يتعلق بمسألة حماية الآلية، فإن دبابة تشالنجر 2 تتمتع بمستوى حماية عال، إذ يتطلب تدميرها إصابتها بقذائف عدة من دبابات تي-72، [الدبابة التي تعود للحقبة السوفياتية وتستخدمها الدولة الروسية] وعلى رغم ذلك فإن طاقمها غالباً ما ينجو من الهجوم".

وكانت مصادر عسكرية قالت لصحيفة "اندبندنت" إن رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون كان يود التخلص من دبابات تشالنجر 2 عام 2021، عندما كان رئيساً للحكومة، لاعتقاده بأن تلك الدبابات انتهت صلاحيتها وجدواها العملية. من جهته، زعم وزير الدفاع البريطاني بن والاس الأسبوع الماضي أنه بصدد القيام بمراجعة "إن كانت الدروس المستقاة من حرب أوكرانيا تعني أن المملكة المتحدة ستحتاج إلى أسطول أكبر من الدبابات" بالتوازي مع عملية التطوير المزمعة إلى الطراز "تشالنجر 3".

تي -72

لطالما اعتمدت كل من أوكرانيا وروسيا بقوة على دبابة القتال الرئيسة التي تعود للحقبة السوفياتية تي -72 والتي على رغم أنها كانت تمثل انتقالاً نوعياً في مستوى القوة النارية المتاحة لها لدى دخولها الخدمة عام 1973، بسبب مدفعها الرئيس من عيار 125 ميلليمتراً، إلا أن تلك الدبابة تجد نفسها اليوم أقل قدرة على منافسة القوة النارية لدبابات الجيل التالي.

إن النسخ المطورة من دبابة تي-72، يقال إن لديها قدرات "صياد قاتل" ولكن بشكل محدود، وهي تفتقد أيضاً إلى نظام الرؤية البانورامية بدائرة 360 درجة المتاحة لقائد الدبابات الأحدث. وكما هو شأن النماذج الأخرى في هذه اللائحة، فإن معظم دبابات تي-72 تم تزويدها أيضاً بنظام تحديد المدى الذي يعمل بتكنولوجيا تحديد الهدف بالليزر، والقادر على تعديل زاوية المدفع الرئيس قبل انطلاق قذيفته وذلك يأخذ في الاعتبار الظروف المناخية من رياح وحرارة وحركة الدبابة.

ودبابة تي-72 كانت دبابة القتال الرئيسة للجيش الأحمر حتى انهيار الاتحاد السوفياتي، وكان تم إنتاج عشرات الآلاف من هذه الدبابة الخفيفة التي تعتبر مؤهلة للمناورة والحركة، وكان موقع "وايرد" Wired، نشر عام 2015 أنه في إمكان حتى المدنيين اقتناء الدبابة المستعملة منها بمبلغ لا يزيد على 50 ألف دولار أميركي.

دبابة تي-72، هي دبابة القتال الرئيسة التي تستخدمها حالياً القوات الأوكرانية، إضافة إلى نسخ أخرى من طراز تي-64 وطراز تي-80، وهي جزء أيضاً مما حصلت عليه  كييف من حلفائها بعد الاجتياح الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) الماضي، والتي بلغ مجموعها حوالى 450 دبابة، بسبب خبرة الجنود الأوكرانيين المسبقة في استخدام هذا النوع من الدبابات. 

لكن من حيث تدريعها، فإن دبابة تي-72 هي آلية "خفيفة" إلى درجة كبيرة، وتستخدم إلى حد كبير تدريعاً مصنوعاً من أجزاء من الحديد الذي يتم تلحيمه، مما يعني أن الحماية التي توفرها هذه الدبابة لأطقمها "بالتأكيد أضعف بكثير من الدبابات الأخرى" بحسب الدكتورة مايرون ــ وهو ما رأينا أدلة عليه من خلال شريط الصور الواردة من الميدان الأوكراني التي تظهر هذه الدبابات وقد تم اقتلاع برج مدفعها [بعد استهدافها بالقذائف المضادة للدروع].

كانت واشنطن وعدت أخيراً بالعمل على تحديث بعض من أسطول كييف من دبابات تي-72 وتزويدها بأنظمة رؤية واتصالات وتصفيح قال البنتاغون الأميركي إنها ستجعل من هذه الدبابة المحدثة "الأكثر تقدماً من الناحية التقنية في ميدان المعارك".

تي-90

صممت الدولة الروسية هذه الدبابة كتحديث للنسخة السوفياتية السابقة، بعد الخسائر الثقيلة التي منيت بها [الدبابة] في حرب الشيشان وحرب الخليج، وبعض نماذج دبابات موسكو الحديثة تعتبر، على الورق في الأقل، أفضل من مثيلاتها التي تعمل في خدمة دول حلف الأطلسي، وهي مجهزة بمدفع رئيس متفوق ونظام صاروخي مضاد للدروع.

إن دبابة تي-90 مزودة بمدفع رئيس من عيار 125 ميلليمتراً، ويمكنه إطلاق مقذوفات من أنواع مختلفة ومن ضمنها قذائف "هيت" HEAT [رأس مضاد للدبابات شديد الانفجار الحراري]، وذخائر "هي-فراغ" HE-Frag، (قذائف عالية التشظي شديدة الانفجار)، إضافة إلى تزويدها بقاذف صواريخ مضاد للدروع من طراز "9 أم 119 ريفليكس" 9M119 Reflex الموجه الذي يصل مداه إلى حوالى 4000 متر، وفقاً للدكتورة مايرون.  

وطراز تي-90 أس T-90S، مزود أيضاً بنظام تدريع تقليدي وأخر من النوع المتفجر لصد القذائف، ومثل الدبابات الغربية المماثلة فإن الدبابة مجهزة أيضاً بجهاز استشعار يعمل بأشعة ما تحت الحمراء، ونظام رؤية حراري، وأجهزة رؤية نهارية وليلية، بحسب الدكتورة مايرون.

لكن وزارة الدفاع البريطانية كانت قالت في أغسطس (آب) الماضي إنه "من المرجح جداً" أن تكون أطقم كثيرة للدبابات الروسية تفتقر إلى التدريب الكامل على صيانة أنواع التصفيح المتفجر عند الإصابة، وذلك بعد اطلاعها على "الخسائر الكبيرة" التي منيت بها دبابات القتال الرئيسة الروسية في أوكرانيا.  

ووفقاً لقاعدة بيانات "التوازن العسكري" Military Balance، فإنه كان لدى روسيا ما مجموعه حوالى 3330 دبابة قتال في الخدمة قبل اجتياحها أوكرانيا، إضافة إلى حوالى 10 آلاف دبابة أخرى مخزنة. لكن تحليلاً لبيانات المصادر المفتوحة الذي أجرته مجموعة "أوريكس" Oryx، يشير إلى أن روسيا خسرت في الأقل 1646 دبابة، مع اعتقاد محللين في "فريق استخبارات النزاعات" Conflict Intelligence Team، بأن تلك الخسائر التي تم تأكيدها تساوي فقط 70 في المئة من الأرقام الحقيقية والتي تتناغم مع ادعاءات كييف [حول حجم الخسائر]. 

وهناك اعتقاد بأن أوكرانيا كانت دخلت الحرب وفي حوزة قواتها أقل من 1000 دبابة روسية من طراز تي -64 وتي 72 وتي 80. ومنذ ذلك الوقت، خسرت كييف حوالى 450 من دباباتها، وفق مجموعة "أوريكس"، لكن الحلفاء قاموا بتزويدها بعدد مماثل تقريباً كما تمكنت كييف أيضاً من الاستيلاء على حوالى 500 دبابة روسية، ولكن ربما الجزء الأكبر منها تعرض لأضرار جسيمة. 

"تي-14 أرماتا"

في الأسابيع الأخيرة، ادعت تقارير روسية أن موسكو تقوم بالإعداد لنشر دبابتها المتقدمة من نوع تي-14 أرماتا في مسرح المعارك الأوكراني. 

دبابة تي-14 كان تم الكشف عنها خلال استعراض يوم النصر العسكري عام 2015، وكانت تلك الدبابة وصفت بأنها مؤشر إلى تطور طموح لإنهاء الاعتماد على دبابة القتال الرئيسة السابقة (تي-72) والتي لطالما اعتبرت خياراً اقتصادياً وبراغماتياً [للقوات المسلحة الروسية]. وتدعي روسيا بأن دبابة "تي-14 أرماتا"، قادرة على إطلاق صواريخ موجهة مضادة للدروع بمدى خمسة كيلومترات، ويمكنها حتى نظرياً تهديد المروحيات المحلقة على ارتفاعات منخفضة أيضاً.

وتعتبر تي-14 من أسرع الدبابات الموجودة في هذه اللائحة، ولقد تم تجديد تصفيحها بخليط من الصلب والسيراميك ومواد عضوية مركبة أخرى، مع إبقاء المجال مفتوحاً أمام إدخال وحدات (تدريع) إضافية، ويقال إنها قادرة على الصمود حتى أمام نيران القاذفات الخفيفة المضادة للدروع "أر بي جي" RPG، وتتحمل حتى الهجمات بالسلاح النووي والكيماوي والبيولوجي، وفقاً للدكتورة مايرون.

لكن وزارة الدفاع البريطانية سبق أن قالت إن إدخال هذه الدبابة إلى مسرح المعارك في أوكرانيا "يرجح أن يكون قراراً محفوفاً بالأخطار بالنسبة إلى روسيا"، بعدما تطلب برنامج تطويرها 11 عاماً "حفلت بالتأخير تلو الآخر، وتم تخفيض حجم الأسطول الذي كان من المفترض إنتاجه، إضافة إلى تقارير عن مشكلات في التصنيع واجهت المشروع".

وبعدما واجهت القوات الروسية مشكلات لوجستية أعاقت عملياتها في دولة أوكرانيا المترامية الأطراف، فإن موسكو ربما تعاني في سبيل تعديل سلاسل إمدادها العسكري لتتضمن توفير ما تحتاج إليه هذه الدبابات الأثقل وزناً والأضخم حجماً وفق وزارة الدفاع البريطانية.

لذلك، فإن أي عملية لنشر هذه الدبابات الجديدة سيكون "مخصصاً لغايات الدعاية"، تحديداً أن إنتاج هذا النوع لم يتعد العشرات، ويقول المحللون في الاستخبارات البريطانية إنه من المحتمل "ألا تكون لدى القادة الميدانيين الثقة باستخدام هذه الدبابة في المعارك".

 وماذا يعني هذا كله بالنسبة إلى الحرب الأوكرانية؟

وقال رالف راثس Ralf Raths، مدير متحف "بانزر" Panzer الألماني في مدينة مونستر إن الدبابات الثلاث التي تنتجها الدول الغربية أكثر خفة في حركتها مقارنة بالدبابات الروسية من طراز تي التي لا يمكنها الرجوع إلى الخلف بالسرعة اللازمة.

وأضاف "تخيلوا ملاكماً في الحلبة لكن حرية حركته محدودة حول الحلبة، إلا في اتجاه واحد. أما الملاكم الخصم، فيمكنه التحرك في كل الاتجاهات، ولذلك فإن لديه أفضلية كبيرة وهذه هي الحال مع دبابات ليوبارد".

لو افترضنا أن لدى الطرفين عدداً مشابهاً من الدبابات ــ وهذا احتمال مستبعد حتى الآن ــ فإن من شأن الدبابات الغربية أن تمنح أوكرانيا تفوقاً نوعياً، بحسب الدكتور راثس الذي أضاف أن "الأوكرانيين يحققون النتائج الطيبة عبر إبداعهم وديناميكيتهم وقيادتهم الحرب بشكل نظيف جداً. لذلك فأنا أعتقد بأنه إذا كتب للعمليات الأوكرانية الهجومية أن تبدأ، فأنا أعتقد بأن الروس سيواجهون مشكلة حقيقية في محاولة صدها".

لكن الدكتورة مايرون كانت قد حذرت أيضاً من أن دبابتي تشالنجر 2 وليوبارد 2، لم تخوضا معارك كثيرة، على رغم أن دبابة ليوبارد تتمتع بتصفيح أكثر قوة، "إلا أنها واجهت بعض المشكلات في سوريا وبدت ضعيفة في مواجهة الألغام الأرضية والقصف المدفعي".

لكن وبعد أشهر من حرب الاستنزاف العنيفة على خطوط المواجهة، فإن هذه الدبابات ستسمح للأوكرانيين بالقيام بعمليات هجومية وفقاً ليوهان ميشال، من معهد الدراسات الدولية والاستراتيجية International Institute for Strategic Studies الذي قال، "في مثل هذا النوع من النزاعات، من الصعب شن عمليات هجومية واسعة من دون امتلاك أسلحة مدرعة مختلفة، والمدرعات والدبابات هي جزء من هذا المشهد".

من ناحيته حذر نيكولاس ماسور من مركز زيوريخ للدراسات الأمنية Centre for Security Studies، من أن إضافة دبابات ليوبارد لوحدها لن تكون بمفردها سبباً في تحسين الأوضاع، أو أنها ستكون التكنولوجيا التي ستسهم في الفوز بهذه الحرب، أو أي شيء من هذا القبيل"، مضيفاً "لا يمكنك أن تنشر عدداً من هذه الدبابات الرئيسة وأن تعتقد بأنها ستفوز في الحرب".

وشرح "إنها إضافة مهمة جداً، لكن عليك أن تحسن استخدامها في الشكل الصحيح، وأن تنجح في دمجها مع كل القطعات العسكرية الأخرى المتوافرة بتصرف القوات الأوكرانية".

© The Independent

المزيد من تقارير