Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا تعني استقالة نيكولا ستورجون بالنسبة إلى استقلال اسكتلندا؟

لقد كانت ستورجون على رأس الحكومة المحلية الاسكتلندية لمدة ثماني سنوات، وكان الحزب القومي الاسكتلندي مسؤولاً عن الحكومة بصلاحيات مفوضة من لندن لمدة 16 عاماً في مسيرة اعتبرت مميزة جداً

أرادت الوزيرة الاسكتلندية الأولى نيكولا ستورجون مغادرة ساحة الأحداث قبل أن تتبدى مظاهر فشل زعامتها بشكل واضح (رويترز)

ملخص

#ستورجون كانت واحدة من أبرز السياسيين القادرين في #المملكة_المتحدة، ولا بد أنها لاحظت أن مشروعها الهادف لتحقيق استقلال #اسكتلندا قد باء بالفشل.

أرادت الوزيرة الاسكتلندية الأولى #نيكولا_ستورجون مغادرة ساحة الأحداث [من خلال استقالتها]، قبل أن تتبدى مظاهر فشل زعامتها بشكل واضح للغاية، وستورجون كانت واحدة من أبرز السياسيين القادرين في #المملكة_المتحدة، ولا بد أنها لاحظت أن مشروعها الهادف لتحقيق استقلال #اسكتلندا قد باء بالفشل. فقد تبين لها من خلال قرار المحكمة العليا البريطانية ضرورة حصولها على موافقة حكومة المملكة المتحدة لإجراء استفتاء ثان، أنه لم تكن تتوفر لديها خطة بديلة لمواصلة مساعيها تلك.

الخطة "ب" التي كانت تعتمد عليها ستورجون، تمثلت في اعتبار الانتخابات العامة المقبلة في اسكتلندا بمثابة الاستفتاء [البديل] المطلوب، وأن تنجح في الإعلان أن الشعب قد صوت لصالح الاستقلال إذا نجحت الأحزاب المؤيدة [للاستقلال]، بحصد خمسين في المئة من الأصوات على المستوى الوطني الاسكتلندي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن الخطة "ب" تلك قد واجهت مشكلتين تمثلتا في كون الحزب القومي الاسكتلندي، وحزب الخضر، وحزب "ألبا" (الذي يتزعمه رئيس الحزب القومي الاسكتلندي السابق أليكس سالموند)، أنهم جميعهم قد لا ينجحون في تحقيق نسبة خمسين في المئة من مجموع الأصوات، أما المشكلة الثانية، وهي مشكلة أساسية بشكل أكبر، بأن فوز أحزاب الاستقلاليين لا يمكنه وحده أن يغير الوضع الدستوري في اسكتلندا. فالاستقلال لا يمكن تحقيقه إلا من خلال موافقة برلمان المملكة المتحدة، والموقف السائد حالياً في مجلس العموم البريطاني هو أن الغالبية العظمى في المجلس تميل للاعتقاد بأن الوقت ليس وقتا لطرح مسألة الاستقلال.

لا غرابة إذاً إن لم تلق حيلة ستورجون في التظاهر بأن الانتخابات سيكون فعلها مماثل للاستفتاء قبولاً في الأوساط الاسكتلندية، الأمر الذي كان صادماً من خلال استطلاع اللورد أشكروفت، الذي كشف عن نتائجه أمس، وأظهر أن غالبية مناصري الحزب القومي الاسكتلندي كانت تعارض تلك السياسة التي تبنتها ستورجون.

ولا غرابة أيضاً في أنه لو لم يكن هذا الأمر بمثابة القشة التي قصمت ظهر عهد ستورجون على رأس السلطة المحلية في اسكتلندا كوزيرة أولى، لكانت سياستها المتعلقة بمنح الأشخاص حرية تحديد جندرهم التي لم تحظ بشعبية هي التي فعلت وكانت ستورجون تحاول لوم دعم حزب العمال في البرلمان الاسكتلندي لمشروع القرار، الذي يجعل من السهل بالنسبة إلى الأشخاص تغيير جندرهم، ولكن ذلك لا يعفيها من المسؤولية الشخصية، عندما وجدت نفسها على جانب مغاير لمواقف الرأي العام [الاسكتلندي] حيال المسألة.

لم تكن ستورجون لتعلم بأن اعتماد المشروع وتحوله إلى قانون سيخلفه خلال أيام ظهور قضيتين تتعلقان بحادثتي اغتصاب ارتكبهما أشخاص من غير محددي الجندر، اللذين تم إيداعهما في سجن النساء. وعلى رغم أن ذلك كان قد جرى وفق التشريعات المعمول بها [قبل المصادقة على التشريع الجديد]، إلا أن ذلك أدى إلى تدمير صدقية القانون الجديد، وترك الوزيرة الأولى ستورجون، المعروف عنها قدراتها بطلاقتها في الكلام والتعبير والإقناع، تبدو متعثرة في اختيارها المفردات خلال دفاعها عن القانون الجديد خلال مقابلة تلفزيونية.

ومن دون أي مس بنظرية المرأة العظيمة في التاريخ السياسي، فإن رحيل ستورجون يعد بمثابة ضربة قوية لحركة الاستقلال الاسكتلندية. لقد كان من غير المسبوق أن تنجح اسكتلندا في إنتاج زعيمين متتاليين وما ميزهما من قدرات غير معهودة من أمثال سالموند وستورجون، ولكن كان يمكن التنبؤ أيضاً، بأنه حتى القدرات المميزة تقضي على ذاتها في النهاية.

في حالة سالموند، أدت تصرفاته الشخصية (غير الحميدة) تجاه النساء إلى ملاحقته حتى ما بعد مغادرته منصبه، ولكنه وصم نفسه بالعار سياسياً من خلال تبريره مواقف الرئيس بوتين وعمله في وظيفة لصالح قناة الدعاية الروسية "روسيا اليوم".

أخيراً، إن محاولاته للعب على وتر النظام الانتخابي الاسكتلندي ونظام النسبية فيه من خلال إقامة "حزب قومي اسكتلندي في الظل"، لزيادة التمثيل المؤيد للاستقلال بشكل كبير في مجلس برلمان إدنبرة، باء بالفشل بشكل بائس. كل ما نجح سالموند في تحقيقه هو إحداث شرخ في تمثيل نواب الحزب القومي الاسكتلندي في برلمان المملكة المتحدة في ويستمنستر،  الذي تم من خلال انشقاق نائبين عن الحزب القومي إلى صفوف حزبه الجديد.

إن مسيرة ستورجون المهنية كان من شأنها ألا تنتهي بهذا الشكل الذليل، لكن سلطاتها الخاصة بدت وكأنها تتراجع أيضاً. فإن الانضباط الحزبي المعهود في الحزب القومي الاسكتلندي، قد بدأ يتفتت. فقد فشلت ستورجون في حماية حليفها إيان بلاكفورد، زعيم نواب الحزب القومي الاسكتلندي في مجلس العموم البريطاني، عندما قام ستيفان فلين في تحدي زعامة بلاكفورد وفاز في ذلك التحدي في الفترة التي سبقت عيد الميلاد.

لقد خدمت ستورجون كوزيرة أولى في اسكتلندا لمدة ثماني سنوات، والحزب القومي الاسكتلندي كان مسؤولاً عن الحكومة المفوضة السلطات، عن ويستمنستر في اسكتلندا منذ ستة عشر عاماً. وكانت تلك مسيرة مهمة للغاية. والذين يودون أن يحافظوا على وحدة المملكة المتحدة قاموا في الاحتجاج بأن الحزب القومي الاسكتلندي تحدى الجاذبية من خلال سوء أدائه في كل الملفات المسؤول عنها من التعليم والسياسة للقضاء على تجارة المخدرات، لكن سالموند وستورجون لاحظوا أهمية اللعب على مسألة الهوية السياسية، وعملوا على هندسة كيف يمكن لذلك أن يبدو بحلة تقدمية.

لكن قانون الجاذبية لا يمكن مقاومته إلى الأبد، وعلى رغم أن كايت فوربس، وزيرة المالية في الحزب القومي الاسكتلندي، هي أيضاً تتمتع بالكفاءة، ولكن ربما كان لانسداد الأفق بملف الاستقلال أنه بات يفرض نفسه أيضاً. السيدة فوربس، التي لا تزال تمضي إجازة الأمومة، وهي تعارض سياسة ستورجون بخصوص قانون الاعتراف بحق الفرد اختيار جندره، ربما هي الأوفر حظاً في وراثة ستورجون، لكنها لا بد ستواجه الإشكالية الأساسية نفسها التي كانت واجهتها ستورجون. 

تأتي استقالة ستورجون اليوم لتؤكد أن استقلال اسكتلندا مشروع قد انتهى على الأقل في المدى المنظور، وأدت استقالتها إلى التأكيد على ان فرص ذلك الاستقلال أصبحت معدومة. وكل ذلك يعود إلى غياب الدعم الكافي لفكرة الاستقلال في أوساط المقيمين في اسكتلندا، وأنا استخدم هذه العبارة كشخص اسكتلندي غير مقيم، وممن يعتقدون أن "المواطنين الاسكتلنديين" عددهم أكبر من الاسكتلنديين المقيمين فعليا على الأراضي الاسكتلندية.

إذا كانت نسبة التأييد لفكرة الاستقلال لتكون نسبتها أعلى من لنقل نسبة ستين في المئة، لكان من الصعب أكثر على المملكة المتحدة أن تتحدى الجدل حول الاستقلال. ونعم لقد ارتفع منسوب ذلك الدعم خلال فترة إغلاق جائحة كورونا، عندما كانت المشاعر ضد ما يسمى "الخارجيين" في ذروتها، ليس فقط في اسكتلندا ولكن أيضا في مانشستر، وويلز والمناطق الأخرى.

ولكن تلك النسبة المؤيدة للاستقلال لطالما كانت تتراوح عند حد 50 في المئة أو أقل من ذلك، وإن السعي للهرولة نحو الاستقلال بتفويض، لو حالفه الحظ، يقوم على استفتاء يحقق نسبة خمسين زائد واحد في المئة، سيكون سبباً لزيادة الانقسام وعدم الاستقرار، خصوصاً بعدما لاحظ كثير من المؤيدين للحزب القومي الاسكتلندي، ما جرى في ملف قضية بريكست.

ستورجون كانت قد وافقت على أن مسألة الاستقلال ربما لن يعاد طرحها من جديد على الاسكتلنديين قبل مرور فترة عقد من الزمن على أقل تقدير.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل