Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الشيشان وتصفية "حسابات الأمس" على الجبهة الروسية – الأوكرانية

الفصائل التي تحمل اسم "الحاج أحمد قادروف" انضمت إلى قوات موسكو كتنظيم مستقل عن "الحرس الوطني"

الزعيم الشيشاني رمضان قديروف خلال لقاء مع الرئيس الروسي (أ ف ب)

ملخص

لماذا انضمت #الفصائل_الشيشانية التي تحمل اسم "الحاج أحمد قادروف" والد الرئيس #رمضان_قادروف، إلى القوات الروسية كتنظيم مستقل عن "الحرس الوطني"؟ هل دفاعا عن الوطن الأم، أم لتصفية حسابات داخلية؟

"الشيشانيون على جبهة القتال الروسية الأوكرانية"، خبر لم يعد غريباً، سواء قيل ذلك عن الجانب الروسي أو عن خصومه الحاليين في أوكرانيا

كما أنه ليس من الغريب أن تعود الأصوات لتتعالى في الآونة الأخيرة، وكما كانت الحال خلال سنوات الحربين الشيشانية الأولى (1994-1996) أو الثانية (1999-2002)، تحذيراً من مغبة الوقوع في شرك الاقتتال بين أبناء الشعب الواحد، إبان سنوات انفصالهم من جانب واحد عن روسيا مطلع تسعينيات القرن الماضي. 
بل وهناك بين ثنايا التاريخ ما يقول بمشاركة أبناء الشيشان في أبخازيا مطلع القرن الحالي، لنصرة إخوانهم هناك دعماً لفكرة الانفصال عن جورجيا، فضلاً عما عادوا إليه من انضمامهم إلى فصائل المقاتلين، في إطار العملية العسكرية الروسية في سوريا اعتباراً من 2015.
وها هي المشكلة ذاتها، من منظور الواقع نفسه، تعود لتطرح، في سياق ما يدور اليوم من معارك قتالية بين روسيا وأوكرانيا، يقع الشيشانيون بين ضحاياها من الجانبين. 
وعلى رغم أن المشاركة الشيشانية في مثل هذه المعارك ليست وليدة اليوم، فإن أحداً لم يتناولها على نحو أوسع نطاقاً، مثل ما تنخرط اليوم، وسائل الإعلام المحلية والعالمية في نقل أخبارها وتفاصيلها. 
كما أن أحداً لم يعر الاهتمام الواجب لما سبق وشهدته المنطقة من نزاعات طائفية بين أبناء الوطن الواحد، إبان سنوات "البيريسترويكا" في النصف الثاني من ثمانينيات القرن الـ20، سرعان ما أسفرت عن انفراط عقد جمهورية الشيشان والإنغوش السوفياتية ذات الحكم الذاتي مطلع التسعينيات، وما تلا ذلك من صراعات حول السلطة في "جمهورية الشيشان"، بعد انفصالها عن شقها الثاني جمهورية إنغوشيتيا، ولم يكن مجموع سكان الجمهوريتين يتعدى آنذاك المليوني نسمة.
أما الأكثر غرابة، فمن الممكن أن يتمثل في انخراط كثيرين من أبناء الشيشان ممن لاذوا بالفرار إلى أوكرانيا المجاورة، بعيداً من أحضان الوطن قسراً أو طوعاً منذ تسعينيات القرن الماضي، في القتال ضمن صفوف القوات المسلحة الأوكرانية التي حاولت استعادة "مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك" بعد أن أعلنتا انفصالهما عن أوكرانيا، في أعقاب اندلاع الأزمة الأوكرانية عام 2014. وثمة من يفسر ذلك، بما يساور بعض الشيشانيين من رغبة في تصفية حسابات قديمة مع روسيا التي ناصبوها العداء إبان سنوات الحربين الشيشانيتين الأولى والثانية.
ومن هؤلاء من عاد إلى جبهة القتال على نحو أوسع نطاقاً، إلى جانب القوات الأوكرانية مع بداية "العملية العسكرية الروسية الخاصة" اعتباراً من 24 فبراير (شباط) من العام الماضي، في إطار ما يسمى كتيبة "الشيخ منصور"، نسبة إلى زعيم المقاتلين ضد الروس في منطقة القوقاز نهاية القرن الـ18، وفصائل "جوهر دوداييف"، نسبة إلى الجنرال دوداييف أول رئيس لجمهورية الشيشان رفع لواء الانفصال عن روسيا مطلع التسعينيات.
عام على حرب أوكرانيا
في 24 فبراير 2022، شنت روسيا هجوماً عسكرياً واسعاً على أوكرانيا، لمواجهة خطط توسع حلف شمال الأطلسي. بعد مرور عام، العالم بأسره يعاني من تداعيات الحرب فيما لا تلوح في الأفق أية نهاية قريبة للنزاع.
Enter
keywords

 

البداية

من هنا كانت بداية انضمام الشق الآخر من "المقاتلين" الشيشان إلى صفوف قوات "الحرس الوطني"، وهو إحدى الفصائل المسلحة الرسمية المسؤولة عن حماية الأوضاع الداخلية في روسيا. 

بل وهناك من الأخبار ما يقول، إن الفصائل الشيشانية التي تحمل اسم "الحاج أحمد قادروف" الرئيس الشيشاني الأسبق ووالد الرئيس الحالي رمضان قادروف، انضمت إلى القوات المسلحة الروسية كتنظيم مستقل عن "الحرس الوطني"، ليس فقط دفاعاً عن مصالح الوطن الأم – روسيا، بل تصفية لحسابات قديمة مع "الهاربين" من أبناء الشيشان إلى أوكرانيا، ممن لا يزالون يناصبون روسيا العداء، ويضمرون مخططات الثأر من الرئيس الشيشاني الحالي رمضان قادروف، جزاء تحوله واعترافه بالولاء للرئيس فلاديمير بوتين، بعد أن كان مع أبيه في صدارة المقاتلين الشيشان ممن خاضوا الحرب ضد القوات الروسية إبان سنوات الحرب الشيشانية الأولى.
إذاً، القصة ذات جذور قديمة تمتد لعقود طويلة خلت، وشهدت كثيراً من الخلافات في الرأي والمواقف تجاه ضرورة إلقاء السلاح والكف عن العداء لروسيا وسلطاتها الرسمية، والتخلي عما كانوا يطالبون به من الانفصال عن روسيا، وهو ما خلص الحاج أحمد قادروف المفتي الأسبق للشيشان إلى ضرورته، ونادى به اعتباراً من عام 1996. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبذل الحاج أحمد كثيراً من المحاولات لإثناء رفاق الماضي عما كانوا يرفعونه من شعارات الانفصال، والكف عن القتال ضد روسيا، إعلاء لمصالح الوطن، واعترافاً بأن الشيشان جزء لا يتجزأ من الوطن الأم– روسيا الاتحادية

كما اعترف الحاج في أكثر من حديث، بوجود القوى التخريبية التي وقفت وراء الحركة الانفصالية، وما طالبت به من انفصال ليس الشيشان وحدها، بل وأيضاً كل منطقة القوقاز، سعياً وراء إقامة "دولة الخلافة الإسلامية" في تلك البقاع. 
وكشف قادروف الأب عن وقوف أسماء بعينها ومنها الملياردير اليهودي بوريس بيريزوفسكي، وراء تغذية التوجهات الانفصالية والحركات الإرهابية والعلاقات مع رموزها، وفي الطليعة منهم شامل باساييف، وتفاصيل خلافات قادروف الأب مع رفاق الأمس من "الانفصاليين" الشيشان ممن وقفوا وراء تدبير ثلاث محاولات لاغتياله راح ضحيتها ابنه الأكبر، وكثيرون من أقربائه. 
 
 
 
وذلك ما دفعه مع أبنائه ومنهم رمضان الرئيس الحالي للشيشان، وكثيرون آخرون إلى إعلان رفضهم لما أعلنه رفاق الأمس من توجهات انفصالية، وتأكيد تأييدهم روسيا ورئيس حكومتها فلاديمير بوتين في أغسطس (آب) 1999 في حملته المضادة التي بدأها رداً على غزو الإرهابيين الشيشان لداغستان المجاورة سعياً وراء إعلان "الدولة الإسلامية" في شمال القوقاز. 
ولم يمض وقت طويل، حتى راح قادروف الأب (جرى انتخابه كأول رئيس للشيشان بعد عودتها إلى أحضان الوطن الأم)، ضحية عملية إرهابية في مايو 2004. 


 

رفاق الأمس

من هنا كانت البداية الحقيقية للصراع التاريخي بين رفاق الأمس، وما قام ويقوم به الابن رمضان قادروف الرئيس الشيشاني الحالي، ضد خصومه على الصعيدين العام والخاص. 

وكانت ملاحقته لهم أينما كانوا، بعد إعلانه الذي لطالما دأب على تكراره في أكثر من مناسبة أنه "جندي في جيش بوتين"، يأتمر بما يصدر عن القائد الأعلى للقوات المسلحة لروسيا، وهو أيضاً ما كان في مقدمة أسباب كثير من محاولات اغتياله.
كما كانت نقطة البداية في مسيرة رمضان قادروف ورجاله من أبناء الشيشان الذين جرى ويجري تدريبهم في مركز للقوات الخاصة ضمن صفوف قوات "الحرس الوطني" الروسي التي يتزايد نشاطها يوماً بعد يوم في مواجهة القوات المسلحة الأوكرانية المدعومة بكثير من المتطوعين من البلدان الأجنبية، ومعهم أبناء الشيشان وذوو القومية التتارية، ممن لاذوا بالفرار للانضمام إلى من سبقوهم في أوكرانيا، بعد إعلان موسكو عن انضمام شبه جزيرة القرم إلى روسيا في مارس (آذار) 2014.
ولم يكتف رمضان قادروف بإيفاد اثنين من أبنائه لمشاركة مقاتليه في العمليات القتالية على الجبهة الروسية - الأوكرانية، بل راح يؤكد ضرورة المضي حتى النهاية في القتال ضد أوكرانيا ومن يقف وراء دعمها وتوجهاتها حول الانضمام إلى الناتو. 
وقد شهدت الأشهر القليلة الماضية كثيراً من العمليات والمعارك التي كشفت عن أن الفصائل الشيشانية منفردة كانت أو ضمن صفوف القوات الروسية النظامية وغير النظامية، حققت كثيراً من الانتصارات والإنجازات التي لطالما نشرت وسائل الإعلام المحلية والعالمية تفاصيلها. 
وذلك ما كان موضع تقدير خاص على مختلف المستويات الروسية، الأمر الذي "يستفز" عديداً من الأوساط الأوروبية، وليست السياسية وحدها، بل والدينية أيضاً.
وكان البابا فرانسيس بابا روما أكثر "تجاوزاً"، على حد قول مصادر روسية رسمية، في تعليقه حول مشاركة المقاتلين الشيشان من الجانب الروسي في المعارك القتالية في أوكرانيا، في معرض حديثه إلى "المجلة اليسوعية" في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
 
 
 
وقال "كقاعدة عامة، ربما يكون الأكثر وحشية هم أولئك الذين ينتمون إلى روسيا، ولكنهم لا يتمسكون بالتقاليد الروسية، مثل الشيشان والبوريات وما إلى ذلك"، وهو مما أثار كثيراً من الانتقادات من جانب الأوساط الروسية على الصعيدين الرسمي والشعبي، لا سيما من جانب الشعبين الشيشاني والبورياتي في شمال شرقي روسيا. 
ويذكر مراقبون أن وزارة الخارجية الروسية أعلنت احتجاجها، في الوقت نفسه الذي شن الرئيس الشيشاني حملة شديدة الوطأة تجاه ما وصفه بتجاوزات بابا الكنيسة الكاثوليكية.
وفي هذا الصدد، استشهد الرئيس الشيشاني رمضان قادروف بتعامل قواته من كتيبة "أحمد" وجنود قوات العملية الروسية الخاصة مع الأسرى من الجانب الأوكراني، في مقارنته مع تعامل الجانب الأوكراني مع الأسرى الروس، مختتماً تعليقه بقوله "لكن إذا أراد ممثلو الناتو وغيرهم من الآباء الروحيين في الغرب أن يروا قسوتنا، فنحن على أتم الاستعداد لإظهارها، لكن ليس هناك داع في الوقت الحالي لأن نكون قاسين".

انتقادات

وتوقف مراقبون عند ما وصفوه بـ"غرابة" كلمات وانتقادات البابا التي اقتصرت على أبناء الشيشان من الجانب الروسي، في الوقت الذي التزم فيه الصمت تجاه "قسوة"، و"تجاوزات" أبناء الشيشان على الجانب الآخر. 

ولم يعلق على ما صدر عن أنزور مسعدوف ابن الرئيس الشيشاني أصلان مسعدوف الذي كانت موسكو وقعت معه "اتفاق سلام" في نهاية أغسطس (آب) 1996، ولقي حتفه بعد أن انضم إلى الفصائل الإرهابية التي لاحقها الرئيس بوتين مع نهاية سنوات الحرب الشيشانية الثانية في مطلع القرن الحالي. 
وكان أنزور الذي يمثل "كتيبة الشيخ منصور" المقاتلة ضمن "الفيلق الأممي"، إلى جانب القوات الأوكرانية المسلحة، أشار في كلمته أمام البابا فرانسيس إلى ما وصفه بـ"قمع الدولة الروسية ضد الشعب الشيشاني"، و"شيطنة" الشيشان من قبل وسائل الإعلام الروسية، وانتهاكات حقوق الإنسان بدعم من الكرملين". وأضاف أنه في هذه الحرب ضد أوكرانيا، يستخدم بوتين شعوباً أخرى: على سبيل المثال، الشيشان والداغستانيين والبوريات وغيرهم". 
وذلك ما يبدو أنه أثار الشعوب الروسية الأخرى التي انضمت إلى الحملة الروسية ضد البابا، الذي سرعان ما عاد عن موقفه، ليتقدم الناطق باسم الفاتيكان باعتذار نشرته وزارة الخارجية الروسية، في إعلان من جانبها عن قبول ذلك الاعتذار، من دون أن يصدر عن الرئيس الشيشاني ما قد يفيد بتسامح مماثل، وهو الذي لا يستطيع أن يغفر جريمة قتل أبيه على أيدي خصومه من "الإرهابيين الشيشان" ممن يجدون اليوم المأوى والملاذ بين أحضان "من يناصب روسيا العداء". 
اقرأ المزيد

المزيد من تقارير