Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"حرب الشتاء" في أوكرانيا سباق بين هجومين كبيرين

رهان بوتين على تعب الغرب من تقديم المال والسلاح ومعاناة ارتفاع الأسعار وقلة الغاز

يتوقع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هجوماً جديداً واسعاً على العاصمة كييف (أ ف ب)

مجلة "الإيكونوميست" البريطانية وضعت على غلاف عددها قبل الأخير عنواناً لافتاً: "حرب الشتاء". والمقصود ليس فقط إصرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على قصف البنية التحتية وحرمان المدنيين الأوكرانيين من الكهرباء والماء والتدفئة مستخدماً برد الشتاء كسلاح، بل أيضاً الاستعداد لهجوم واسع على العاصمة كييف من جديد. هذا ما يتوقعه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الأركان الجنرال فاليري زالوجني وقائد الجيش البري الجنرال ألكسندر سيرسكي في أحاديث مع محرري المجلة. زيلينسكي الذي على مكتبه كتابان: "مجموعة مقالات عن تاريخ أوكرانيا" للمفكر من القرن التاسع عشر ميخايلو هروشيفسكي، و"هتلر وستالين: الطغاة والحرب العالمية الثانية" للمؤرخ الإنجليزي لورنس ريس. قام بأول زيارة خارجية منذ الحرب إلى واشنطن، وحصل على مزيد من الدعم العسكري والمادي. الجنرال زالوجني يفضل الحفاظ على الاحتياط لديه بدل استخدامه حالياً، ويقول: "أنا أعرف أنني سأهزم العدو، لكني أحتاج الى 300 دبابة و700 عربة قتالية و500 مدفع هاوتزر". والجنرال سيرسكي الذي يقود الدفاع عن "باخموت"، يعترف بأن تكتيك الروس تغير منذ تسليم القيادة للجنرال سيرغي سوروفيكين، بحيث صارت مجموعة "فاغنر" الأفضل تسليحاً من الجيش الروسي في الجبهة الأمامية وفي الجبهة الخلفية الشيشان، والتعاون بين القوات حل محل قتال كل منها بمفرده.

الروح المعنوية

والواضح أن كلام العسكر عن الحرب أكثر واقعية من كلام السياسيين. فحين تعاني عائلات الجنود من برد الشتاء بلا كهرباء ولا ماء ولا غاز، تتأثر الروح المعنوية للعسكر، كما يرى الجنرال زالوجني. وهو لا يقلل من اعتباره للجنود والضباط الروس، فهم "ليسوا أغبياء". حتى عندما يصف الجنرال سوروفيكين بأنه "قائد عادي من زمن بطرس الأكبر"، ويشبه شخصية "المفتش العام" في رواية غوغول الشهيرة، فإنه يتهيب قائلاً: "تنظر إليه وتفهم إما أن تكمل المهمة وإما ستكون مهزوماً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بوتين الذي تعهد تطوير الترسانة النووية وتثبيت مبدأ "توازن الردع النووي" وتزويد الجيش والبحرية بصواريخ حديثة لا مثيل لها، لا يزال يقدم المزيد من الشيء نفسه: لا تراجع عن تحقيق الأهداف. ولا تردد في وضع الحق على الغرب في دفعه إلى اجتياح أوكرانيا، تماماً كما كانت رئيسة وزراء إسرائيل غولدا مئير تقول بلؤم: "لن نغفر للعرب أنهم يجبروننا على قتلهم".

قصف الشعب "الشقيق"

فالهدف الاستراتيجي للغرب، في رأيه، هو "تفتيت روسيا وتدمير قوتها". والهدف المباشر هو "التفريق بين شعبين شقيقين يربطهما التاريخ والثقافة". والفارق أنه لا يتورع عن قصف الشعب "الشقيق" وتعريضه للبرد القارس والجوع تحت الصواريخ والمسيّرات الإيرانية. لا بل إن حربه هي التي فتحت باب العداء بين الشعبين الروسي والأوكراني، والقطيعة الثقافية واللغوية، واشتداد الأزمة في العلاقات الكنسية الأورثوذكسية.

زيلينسكي يشترط ومعه الرئيس الأميركي جو بايدن ما يعرفان أنه لن يحدث: انسحاب روسيا إلى خطوط عام 1991 لبدء مفاوضات السلام في اليوم التالي. وبوتين يشترط ما لا يريده زيلينسكي ولا الشعب، وهو اعتراف كييف بضم القرم وسلخ الدونباس. وكل طرف يراهن على شيء خارج إرادته. رهان زيلينسكي والغرب هو على إقناع الرئيس الروسي بالوقائع العسكرية على الأرض بأنه في حرب لا يمكن ربحها. ورهان بوتين على تعب الغرب من تقديم المال والسلاح ومعاناة ارتفاع الأسعار وقلة الغاز، لكي يفرض تحقيق أهدافه بهزيمة أوكرانيا والغرب. والسباق حالياً هو بين هجومين مفترضين: هجوم روسي واسع على كييف في الشتاء الحالي، وهجوم أوكراني على جبهة الجنوب لتعويض الخسارة في بحر آزوف ثم إغلاق "الجسر البري" بين روسيا والقرم.

والحرب طويلة. ولا طرف يوحي أنه متعب.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل