Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إذا لم تكن الصين فمن يغزو سماء أميركا؟

تزايد رصد الأجسام الطائرة يشغل "البنتاغون"

نائب رئيس الاستخبارات البحرية يقدم إحاطة حول الأجسام المجهولة خلال جلسة استماع أمام لجنة الاستخبارات في مجلس النواب مايو الماضي (أ.ف.ب)

إذا لم تكن الصين فمن المرسل؟ هذا السؤال الذي يتبادر إلى الذهن بعد تصريحات إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن التي نفت علاقة الصين بالأجسام الطائرة المجهولة التي رصدت الأسبوع الماضي، بعد أيام قليلة من إسقاط واشنطن منطاداً اتهمت الصين بإرساله لغايات تجسسية.

التكتم الأميركي والتصريحات المتضاربة بعد إسقاط أجسام مجهولة فوق كندا وألاسكا أثارا نقاشاً جدلياً حول وجود كائنات فضائية، خصوصاً بعدما تجنب "البنتاغون" استبعاد نظرية أن تكون هذه الأجسام آتية من خارج كوكب الأرض، مشيراً إلى أنها تختلف في الحجم عن المنطاد الصيني الذي يفوقها حجماً.

نزاع متجدد

لكن الجدل الدائر حول ما إذا كانت هذه الأجسام الطائرة آتية من خارج الكوكب ليس وليد اللحظة فهو قديم ومتجدد، وتعد "حادثة روزويل" عام 1947 من أشهر الحوادث التي اعتبرت محوراً لتكهنات الغزو الفضائي في الولايات المتحدة، وذلك عندما تحطم منطاد غامض في مزرعة بولاية نيو مكسيكو، وما لبث الناس أن تناقلوا إشاعات حول الجسم الغريب أو "الطبق الطائر" الذي يحمل "كائنات صغيرة خضراء اللون"!

أفسحت حادثة "روزويل" المجال لنظريات المؤامرة، وتنامى بعدها الحديث عن مشاهدة أجسام متحركة في السماء لا تشبه الطائرات أو مناطيد الطقس والتجسس، في حين لم تتأخر الحكومة الأميركية في تقديم تفسيرها الرسمي وهو أن الجسم الغريب الذي ظهر في نيو مكسيكو ليس إلا منطاداً لمراقبة الطقس.

لكن بعض الأميركيين لم يقتنعوا بذلك التفسير، وقالوا إن حكومتهم أخفت حقيقة هبوط مركبة فضائية من خارج الأرض، وانتشرت هذه النظرية في وسائل الإعلام، وأصبحت جزءاً من الثقافة الشعبية.

وبعد حوالى خمسة عقود، أصدرت القوات الجوية الأميركية في عام 1994 تقريراً بعنوان "حادثة روزويل، أغلقت القضية"، خلص إلى أن الجسم الذي تحطم عبارة عن جهاز سري استخدم ضمن مشروع Project Mogul التجسسي لمراقبة تجارب الاتحاد السوفياتي النووية.

تزايد الأجسام الطائرة

ظلت "روزويل" مضرب مثل للسخرية من نظريات المؤامرة في أميركا، لكن السنوات الماضية شهدت تزايداً في عدد مشاهدات الأجسام الطائرة، مما دفع وزارة الدفاع الأميركية العام الماضي إلى استحداث مكتب يعمل بالتنسيق مع القوات البرية والبحرية والجوية على بحث واستقصاء هذه الأجسام المجهولة.

وتجلى الاهتمام الجدي من قبل الحكومة الأميركية بهذه الأجسام الطائرة في عام 2017، عندما تسربت مقاطع فيديو تظهر أجساماً طائرة تحلق بسرعة تفوق سرعة الصوت أمام طيارين تابعين للبحرية الأميركية، وأكدت الولايات المتحدة صحة التسجيلات المسربة في أبريل (نيسان) 2020، لكنها لم توضح طبيعة الأجسام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 وسجلت الولايات المتحدة وفق تقرير نشره مكتب الاستخبارات الوطنية عام 2021 أكثر من 140 حالة، وكشف التقرير أن البيانات غير كافية لاستنتاج ما إذا كانت تلك الأجسام عبارة عن أنظمة جوية طورتها الحكومة الأميركية أو شركات داخل البلاد، أو دول أخرى كالصين وروسيا.

وأشار تقرير الاستخبارات الوطنية أن الأجسام التي لوحظت تتميز بسرعة وقدرة كبيرة على المناورة متفوقة على تكنولوجيا الطيران التقليدية، كما تفتقر إلى أي وسائل دفع مرئية أو سطح تحكم.

كائنات فضائية

ومن مارس (آذار) 2021 إلى يناير (كانون الثاني) 2023، تلقت وزارة الدفاع 366 بلاغاً جديداً، تراوح نصفها ما بين مناطيد أو طائرات مسيرة، في حين فشل "البنتاغون" في تقديم تفسير واضح للنصف المتبقي من الأجسام التي "أظهرت خصائص طيران وقدرات أداء غير اعتيادية تتطلب تحليلاً إضافياً".

من جانبه، علق شون كيركباتريك مدير المكتب الذي يستقصي هذه الحالات بوزارة الدفاع الأميركية قائلاً إنه لا يستبعد احتمالية وجود حياة خارج الأرض، وأكد أنه يتبع "نهجاً علمياً في بحثه" مشيراً إلى أن الوزارة وثقت المئات من الحالات الجديدة، وسيُكشف عن الرقم الدقيق قريباً.

كما لم يستبعد الجنرال غلين فان هيرك، قائد قيادة الدفاع الجوي في أميركا الشمالية، احتمال أن يكون مصدر الأجسام الثلاثة التي حلقت فوق الولايات المتحدة وكندا من خارج الأرض، وقال في إفادة صحافية إنه سيترك لمجتمعي والاستخبارات والاستخبارات المضادة مهمة البحث في ذلك، مشيراً إلى أنه "لا يستبعد أي شيء في هذه المرحلة".

وقالت الولايات المتحدة إن المنطاد الذي أسقطته فوق كارولاينا الجنوبية في الرابع من فبراير (شباط) كان وسيلة تجسس صينية، إلا أن مسؤولي البنتاغون أقروا أخيراً بأنهم لا يعرفون من كان وراء الأجسام الصغيرة التي أسقطت منذ ذلك الحين، وقالوا إن الجيش الأميركي كثف تدقيقه في العناصر الموجودة في المجال الجوي وحساسية رادارات المراقبة.

مجموعة مشتركة

وأعلن البيت الأبيض الإثنين الماضي عن تشكيل مجموعة مشتركة بين الوكالات للنظر في الموجة الأخيرة من الأجسام المرصودة، وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي في مؤتمر صحافي، إن "الرئيس من خلال مستشاره للأمن القومي، وجه فريقاً مشتركاً بين الوكالات لدراسة الآثار السياسية الواسعة لاكتشاف وتحليل والتخلص من الأجسام الجوية المجهولة التي تشكل مخاطر على السلامة والأمن"، مؤكداً أن "كل عنصر في الحكومة سيضاعف جهوده لفهم هذه الأحداث والتخفيف منها".

وبعد مطالب لإدارة بايدن بتبني قدر أكبر من الشفافية، عقد الكونغرس إحاطة سرية بمشاركة عدد من المسؤولين في الحكومة بحضور أعضاء مجلس الشيوخ من كلا الحزبين، وقال الأعضاء بعد الإحاطة إن موجة الأجسام المجهولة التي أسقطتها الطائرات الأميركية في الأيام الأخيرة لا تشكل تهديداً مباشراً للأميركيين، لكن عدداً منهم حثوا إدارة بايدن على مشاركة مزيد من المعلومات مع العامة.

وقال السناتور الديمقراطي ريتشارد بلومنتال إنه كون "فهماً أفضل" للقضية، إلا أنه قال إن الشعب الأميركي يستحق ويحتاج إلى معرفة المزيد". وأضاف، "لست قلقاً بأي حال من أن نتعرض لخطر الهجوم أو الأذى على وطننا، هذا هو شعوري الشخصي، لكن الشعب الأميركي بحاجة إلى طمأنته بمزيد من الحقائق".

وذكر السناتور ماركو روبيو، عضو لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، أن رصد الأجسام المجهولة فوق المجال الجوي الأميركي ليس جديداً، لكن استراتيجية إسقاطها هو الجديد، داعياً إدارة بايدن إلى مشاركة مزيد من المعلومات مع الناس، وقال "95 في المئة مما نوقش في تلك القاعة اليوم يمكن نشره على الملأ دون المساس بأمن هذا البلد". "أهم الأسئلة التي يجب أن نجيب عنها الآن هي ما هذه الأشياء؟ ومن أرسلها إلى هنا؟ وما أهدافها؟"

وأفاد السناتور كريس مورفي بأن المسؤولين الأميركيين لم يؤكدوا حتى الآن ما إذا كانت الأجسام مزودة بأي قدرات مراقبة، وأضاف بأنه نظراً إلى أنها كانت تحلق في مجال الطيران المدني ولم تكن مسجلة لدى إدارة الطيران الفيدرالية، فقد كان هذا سبباً كافياً لإثبات الحاجة إلى إزالتها.

وأعرب السناتور الجمهوري عن ولاية أركنساس توم كوتون عن قلقه من أن مسؤولي المخابرات يقدمون تفسيرات "متناقضة"، مشيراً إلى أنهم "واثقون من أنها لا تشكل تهديداً" رغم عدم معرفتهم الكاملة. وقال، "أقدر قدوم الجيش لإطلاعنا، وأقدر قيام مجتمع الاستخبارات بإطلاع الكونغرس في مكان سري، لكن الأميركيين قلقون.. ولديهم الحق في معرفة السبب وراء توجيهات الرئيس بايدن الاسبوع الماضي"، داعياً الرئيس إلى مخاطبة الشعب الأميركي مباشرة.

من جانبه، رفض مورفي الدعوات الموجهة إلى بايدن لمخاطبة الشعب وقال إنه يتفهم رغبة الناس في الاستماع إلى قائدهم العام، إلا أنه "في بعض الأحيان يكون من الذكاء أن يحصل رئيس الولايات المتحدة على مزيد من المعلومات قبل أن يدلي ببيان".

وذكر السناتور الجمهوري توم تيليس من كارولاينا الجنوبية أن إدارة بايدن لم تصنف بعد طبيعة الأجسام، إلا أنه قال إنها "ليست من الفضاء الخارجي". ودعم تيليس استجابة الإدارة للأجسام الطائرة حتى الآن وقال إنها "مشكلة معقدة يجب حلها".

فريق ناسا

وإضافة إلى جهود وزارة الدفاع الأميركية، شكلت "ناسا" في أكتوبر الماضي فريقاً لدراسة الظواهر الغريبة والمجهولة، التي تعرفها الوكالة بأنها "ملاحظات لأشياء ترصد في السماء ولا يمكن وصفها بأنها طائرات".

ويعمل الفريق المكون من  16 شخصاً، منهم علماء بارزون وخبراء في البيانات والطيران والذكاء الاصطناعي، على تقييم الأجسام وتقديم تفسيرات علمية لها، ومن المتوقع أن تنشر "ناسا" نتائج فريقها البحثي منتصف العام الحالي.

المزيد من تقارير