Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نواب بريطانيون يستجوبون مدير "بي بي سي" في ظروف تعيينه في المنصب

من المتوقع أن تعود مسائل تتعلق بقضايا مالية شخصية لرئيس الوزراء الأسبق إلى دائرة الاهتمام

يقول شارب أن تعيينه تمّ على أساس الجدارة (غيتي)

استدعت "لجنة الشؤون الرقمية والثقافة والإعلام والرياضة" في #مجلس العموم في #المملكة_المتّحدة، رئيس هيئة الإذاعة البريطانية #بي_بي_سي، ريتشارد شارب، للمثول أمامها، والإجابة على أسئلة تتعلّق بأدلّة كان قد قدّمها في يناير (كانون الثاني) عام 2021 في شأن تعيينه المحتمل في المنصب آنذاك.

لماذا تطلب اللجنة النيابية المختارة من شارب المثول مجدداً أمامها؟

إنها في الواقع خطوة غير عادية، فعلى ما يبدو أن اللجنة غير مرتاحة لعدم شفافية شارب الكاملة معها في ما يتعلّق بالظروف المحيطة بتعيينه في منصبه. والسؤال المطروح هو ما إذا كان ينبغي على رئيس "بي بي سي" أن يتطوع من تلقاء نفسه بالحديث عن الدور الذي لعبه في تقديم بوريس جونسون، الذي كان آنذاك رئيساً للوزراء، إلى شخص قادرٍ على تأمين قرضٍ له أو "خط ائتمان" Credit Line (نوع من القروض الميسّرة يسمح لفردٍ باستدانة المال وفق حاجاته على أساسٍ متجدّد) بقيمة 800 ألف جنيه استرليني (968 ألف دولار أميركي) قدّمه متبرّع لجونسون بقي اسمه طيّ الكتمان، وذلك أثناء جلسة الاستماع الخاصة بتعيينه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما الضامن [لهذا القرض] فكان سام بليث، الذي يوصف غالباً بأنه "رجل أعمال كندي ممن يملك الملايين"، ووفقاً لشارب، هو "صديق قديم" له. كما أن بليث هو أيضاً أحد الأقارب البعيدين لجونسون، وصديق ستانلي جونسون والد بوريس. جونسون كان بطبيعة الحال مسؤولاً في ذلك الوقت عن تزكية مرشّح الحكومة "المفضّل" للمنصب الأول في هيئة "بي بي سي" وهو شارب. (وأفيد أيضاً عن أن بليث سمح لجونسون باستخدام الفيلا الخاصّة به في جمهورية الدومينيكان من أجل القيام ببعض أنشطة البحث والتطوير بعد استقالته ومغادرته لـ "10 داونينغ ستريت").

ما هي المشكلة بالتحديد؟

يمكن القول إن العلاقة بين الرباعي جونسون وشارب وبليث والشخص المجهول الذي قدّم الأموال لرئيس الوزراء الأسبق، تسبّبت بتضاربٍ في المصالح لجهة تعيين شارب في المنصب، أو شكّلت تضارباً محتملاً أو متصوّراً في المصالح. أو أنها أفرزت أكثر من نزاع واحد من هذا القبيل، لو أن هوية الشخص الذي كان يُقرض المال معروفة (فهل كان شارب على علمٍ بذلك؟ هل كان سايمون كيس الأمين العام لمجلس الوزراء يعرف؟).

ما من شيء مثالي هنا، فالقواعد الرسمية تقضي بالإعلان عن أيّ تضاربٍ في المصالح في التعيينات العامّة في المملكة المتحدة. وينصّ طلب الوظيفة المعتمد في "بي بي سي" على الآتي: "لا يمكن النظر في تعيينك في وظيفة عامّة إذا لم تتمكّن من الإعلان عن أيّ تضارب محتمل في المصالح". وقد طلبت لجنة "مجلس العموم" أيضاً إعلاناً من هذا القبيل (كذلك من النوّاب أعضائها). ولم يصدر عن ريتشارد شارب أيّ شيء، على رغم أن اللجنة ناقشت معه مسألة التبرّعات الكبيرة التي قدّمها لحزب "المحافظين".

ما الذي فعله شارب؟

ما زالت الطريقة المحدّدة لتكوّن العلاقة الرباعية بين شارب وجونسون وبليث والمتبرّع المجهول، ومَن الذي بدأها مسألةً غير واضحة. فما أفيد عنه هو أنه في سبتمبر (أيلول) من عام 2020، التقى شارب وبليث لتناول العشاء ومناقشة حاجة بوريس جونسون للسيولة لتمويل أسلوب حياته. بعد ذلك، أجريت محادثة أخرى بينهما عبر الهاتف.

كما أنه لا جدال في أن شارب التقى بسايمون كيس الأمين العام لمجلس الوزراء ورئيس موظّفي الخدمة المدنية في الرابع من ديسمبر (كانون الأول) عام 2020 لمناقشة المسألة. ولم يتمّ تدوين محضر لذلك الاجتماع. وقد يكون السبب هو طلب جونسون أن يجلس شارب مع كيس لجلاء الأمور.

بعد ذلك كلّف كيس - في السابع من ديسمبر - "فريق القيم والأخلاقيات بالحكومة البريطانية" Cabinet Office Propriety and Ethics Team (PET) إعداد استشارة. وأشرفت على ذلك هيلين ماكنمارا نائبة كيس ورئيسة الفريق. وكانت المشورة في الأساس موجّهة إلى كلٍّ من جونسون وشارب.

ثم ماذا حصل؟

في مرحلةٍ ما بعد ذلك، نُصح بوريس جونسون بعدم مناقشة موضوع التمويل مع ريتشارد شارب، ونُصِح شارب في المقابل بالابتعاد عن الشؤون الشخصية لجونسون. من ثَمّ جاء تعيين شارب رئيساً لهيئة "بي بي سي" في السادس من يناير عام 2021، ومثُل أمام "لجنة الشؤون الرقمية والثقافة والإعلام والرياضة" التابعة لـ "مجلس العموم" في الرابع عشر من الشهر نفسه.

في السابع من فبراير (شباط) عام 2021، تم الانتهاء من التسهيلات الائتمانية لبوريس جونسون من شخص غير معروف، وجرى الإعلان عنها سرّاً في سجل المصالح الوزارية. وبحسب ما تقول نائبة زعيم حزب العمال المعارض أنجيلا راينر، فقد شعر المسؤولون - ومن المفترض أن يكون كيس نفسه - أن الكشف عن هذه الحقيقة أمام الناخبين لن يكون مناسباً.

مع ذلك، في مرحلة ما قبل الانتهاء من إجراءات القرض، وقبل تعيين شارب رسمياً، التقى جونسون وشارب وبليث لتناول العشاء في المقر الريفي لرئيس الوزراء البريطاني في "تشيكرز"، ويبدو أنهم تناولوا النبيذ الأحمر مع أطباق "تشوب سوي" Chop Suey الصينية، إلا أن شارب وجونسون أصرّا على نفي مناقشة التسهيلات الائتمانية لرئيس الوزراء الأسبق حينها.

ماذا عن سام بليث؟

أفادت معلوماتٌ بأن موظّفي "فريق القيم والأخلاقيّات بالحكومة البريطانية" لم يكونوا على علمٍ بأنه في وقت قريب من إعداد التسهيل الائتماني، كان بليث يرشّح نفسه لوظيفةٍ أخرى في القطاع العام، وهي الرئيس التنفيذي لـ "المركز الثقافي البريطاني" British Council. وقد قال المتحدّث باسم بوريس جونسون إنه لم يكن يعرف شيئاً عن بليث أو عن هذا الدور.

ماذا يقول ريتشارد شارب؟

يقول إنه تمّ تعيينه على أساس الجدارة. وزعم أيضاً أنه ما من تضارب في المصالح ذي صلة، توجّب الإبلاغ عنه لـ "بي بي سي" أو لـ "لجنة الشؤون الرقمية والثقافة والإعلام والرياضة" التابعة لمجلس العموم - وقد أخبره بذلك الأمين العام لمجلس الوزراء "لدى إجراء نقاشٍ معه في شأن تجنّب نشوء نزاع - وتصوّر حدوثه - وقد شعرتُ براحة ضمير - وما زلت أشعرُ بذلك - فلم يكن هناك أيّ تضارب".

وأضاف "ما كنتُ أسعى إلى القيام به في تلك الفترة، هو التأكّد من أن يشقّ مسار التعيين طريقه وفق الأصول والقواعد الدقيقة المتّبعة. والعملية لم تبدأ، بأيّ نوع من أنواع الدعم التي كان سام (بليث) سيقدّمها لرئيس الوزراء".

أما عن سبب توجّه شارب بنفسه لمقابلة الأمين العام لمجلس الوزراء كيس بدلاً من بليث، فأوضح أنه قام بذلك لأنه كان يعمل في تلك المرحلة في مقرّ رئاسة الوزراء مستشاراً اقتصادياً بشأن الوباء. وقد كلّفه بذلك وزير الخزانة آنذاك ريشي سوناك بصفته مموّلاً متمرساً. وكان سوناك هو نفسه قد عمل في السابق لشارب ضمن مجموعة "غولدمان ساكس" المصرفية الاستثمارية. وقال: "ربّما قلتُ لنفسي - في إطار تكوين فهمٍ أفضل للموقف خصوصاً في ذلك الوقت - ’افعل ذلك بنفسك‘ لكنّني كنت في حينه أعمل في داونينغ ستريت".

بطبيعة الحال، إن حقيقة أن كيس أبلغ شارب بعدم وجود تضاربٍ في المصالح، لا تعني بالضرورة أن هذه هي الحال، ناهيك بأن هذا التصّور يمكن أن يتحقّق في حال أصبحت مسألة ضمان القرض أو "خط الائتمان" معروفة لدى الرأي العام، وهو ما حدث بالفعل.

قد يزعم الساخرون بأنه كان من المناسب لجميع المعنيّين من سايمون كيس إلى الذين عملوا معه، أن يحكموا ببساطة بأنه لا يوجد تضارب في المصالح. وسواء نصح الأمين العام لمجلس الوزراء شارب بأنه لم يكن بحاجة للإفصاح عن المعلومات لهيئة "بي بي سي" أو البرلمان، فهذا أمر قد ترغب "لجنة الشؤون الرقمية والثقافة والإعلام والرياضة" مواصلة النظر فيه.

في المقابل، يصرّ ريتشارد شارب أيضاً على نفي مشاركته في أيّ مناقشات تتعلّق بالشؤون المالية الخاصّة بجونسون على هذا النحو، وأنه عندما التقى بسايمون كيس لإبلاغه بالترتيب غير المعتاد مع سام بليث، نصحه كيس بألا يقوم بأيّ دورٍ آخر في تلك المفاوضات.

ماذا يقول بوريس جونسون؟

الكلام نفسه تقريباً لكنه يضيف: "إن شارب لا يعرف شيئاً على الإطلاق عن أموالي الشخصية - يمكنني أن أؤكّد لكم ذلك مئة في المئة". لكن في عشاء "تشيكرز" الذي حضره جونسون وشارب وبليث، تساءل المتحدّث باسم جونسون عن سبب تضخيم الأمور قائلاً: "ما المشكلة في ذلك؟".

ماذا سيحدث بعد ذلك؟

هناك ثلاثة تحقيقات تُجرى في وقتٍ واحد، وهو أمرٌ يشكّل إحراجاً للحكومة. فإضافة إلى تحقيق "لجنة الشؤون الرقمية والثقافة والإعلام والرياضة"، طلب ريتشارد شارب نفسه إجراء تحقيقٍ داخلي في "بي بي سي"، وأطلق مفوّض التعيينات العامّة ويليام شوكروس هو الآخر تحقيقه الخاص. ومع ذلك، وفي علامةٍ فارقة، اضطُر شوكروس إلى التنحّي عن الإجراءات لأنه يعرف شارب، كما أن ابنته هي رئيسة السياسات لدى رئيس الوزراء الراهن ريشي سوناك.

وقد استقال في الوقت نفسه رئيس "لجنة الشؤون الرقمية والثقافة والإعلام والرياضة" جوليان نايت من رئاستها، في وقتٍ يتمّ التحقيق في مزاعم تتعلّق بسلوكه الشخصي. وجرى استبدال نايت برئيسٍ بالوكالة هو داميان غرين، الذي كان قد اضطُر هو الآخر للاستقالة من حكومة رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي عام 2017، بعد بروز مزاعم مختلفة تتعلّق بسلوكه الشخصي.

هل هناك أشخاص متورطون آخرون؟

ليس تحديداً، فقط ناظم زهاوي (رئيس حزب المحافظين السابق). ففي حاشيةٍ مثيرةٍ للفضول، التقى زهاوي عندما كان وزيراً للتعليم في حكومة ليز تراس مع سام بليث، الذي كان لديه اهتمام كبير بالتعليم، وذلك في مؤتمر حزب "المحافظين" في أكتوبر (تشرين الأول) العام 2021. وكان بليث قد جمع أمواله من قطاع السفر، قبل أن يؤسّس شبكة مدارس خاصّة في كندا.

لكن ليس هناك ما يشير إلى أن محادثتهم كان مخطّطاً لها، أو أن زهاوي كان على علم باتفاق ضمان القرض عندما التقى بليث. وأوضح بليث قائلاً: "لم أسعَ إلى لقاء وزير التعليم، على رغم أنني التقيته بشكلٍ عابر. لم يكن بوريس جونسون يعلم شيئاً عن هذا الاجتماع العرضي لا قبله ولا خلاله أو بعده". وأضاف متحدّث باسم زهاوي أنه "تمّ تقديم السيد زهاوي للسيد بليث خلال جلسةٍ في مؤتمر الحزب. وبصفته وزيراً للتعليم، كان الكثير من الأشخاص المعنيّين بسياسة التعليم مهتمّين بالتحدّث معه".

قد يودّ أخيراً طلاب النظام الطبقي البريطاني أن يعرفوا أن شارب وجونسون وسوناك وغرين وكيس، جميعهم ارتادوا "جامعة أكسفورد"، في غالبيّتهم لدرس الفلسفة والسياسة والاقتصاد. إلا أن بليث وحده درس في "جامعة كامبريدج".

© The Independent

المزيد من تحلیل