Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الدراما العائلية تعود... فما الذي بعثها؟

يرى نقاد أنها "مضمونة المكسب منخفضة الكلفة مأمونة العواقب وطبيعة الجمهور تجعله يعشق الحكايات"

أصبحت المسلسلات العائلية مطلباً محاطاً بالأمان بالنسبة إلى الصناع والجمهور على السواء (مواقع التواصل)

على رغم الطفرة الهائلة التي حققتها #المنصات_الإلكترونية في مجال إنتاج المسلسلات التشويقية والرعب والحركة، وإسهامها في انتشار هذا النوع وسيطرته لفترة كبيرة على أذواق الجمهور، تظل #الدراما_العائلية الوجبة المفضلة لدى قطاع كبير من الجمهور العربي، والمصري بخاصة.

لقد ظل هذا النوع من الدراما متربعاً في وجدان المشاهدين كأيقونات فنية مثل "لن أعيش في جلباب أبي"، و"عائلة الحاج متولي"، و"الضوء الشارد"، و"الوتد"، و"أبنائي الأعزاء شكراً"، و"عائلة شلش"، و"ساكن اقتصادي"، و"يوميات ونيس"، و"ليالي الحلمية"، و"زيزينيا"، وغيرها من الأعمال الدرامية.

عودة وسيطرة

في مقابل اجتياح مسلسلات الحركة والتشويق والإثارة عادت المسلسلات العائلية بقوة لتحتل مساحات واسعة من شاشات العرض، بخاصة في الموسم الشتوي الدرامي الذي يتميز بتجمع العائلة.

وسيطرت القضايا الأسرية على عديد من المسلسلات التي حققت نجاحاً ملحوظاً خلال السنوات القليلة الماضية، مثل "سابع جار"، و"عائلة زيزو"، و"راجل وست ستات"، و"رمضان كريم"، و"صاحب السعادة"، و"أبو العروسة"، و"حكاية ورا كل باب"، و"زي القمر"، و"إلا أنا"، و"يوميات زوجة مفروسة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع تزايد المشاهدة والنجاح ازداد عدد المسلسلات التي أصبحت عنصراً أساسياً في المائدة الدرامية ويتهافت المنتجون والنجوم على تقديم أعمال من هذا النوع، بخاصة أنه يحظى باهتمام كبير في العرض على الشاشات المصرية الرسمية والفضائية.

من الأعمال التي عرضت أخيراً تحت قائمة الأعمال العائلية مسلسلات "العيلة دي"، و"عائلة الأصلي"، و"جروب العيلة"، و"موضوع عائلي"، و"أعمل إيه"، و"إيجار قديم"، و"أبو العروسة 3"، و"في كل أسبوع حكاية"، و"وسط البلد"، و"بيت فرح"، و"طير بينا يا قلبي"، و"أيام"، و"أعمل إيه"، و"وبينا ميعاد".

دراما موازية

حول عودة الدراما العائلية وانتشارها، يقول الناقد محمد زكريا "طبيعة الجمهور المصري والعربي تجعله يعشق الحكايات والتفاصيل، سواء كان الأمر يمسه أم لا، فما بالك إذا عرض العمل قضايا تخصه وأشخاصاً يمثلونه هو وعائلته بأوجاعهم وأفراحهم، وبشكل إنساني حقيقي بعيداً من الفلسفة والتعقيد والمبالغات التي تقدمها الآن الدراما العربية تشبهاً بالدراما والفن الغربيين، وربما كان الدفء الذي تقدمه الدراما العائلية عنصر جذب طالما تم الاشتياق إليه، ومن هنا نجحت الدراما العائلية بشكل كبير جداً وأصبحت وجبة أساسية طوال العام وتحتل معظم خريطة العرض الدرامي".

ويتابع زكريا "تهدف الدراما العائلية الحالية لكثير من الأشياء، فهي ترصد ما يحدث داخل الأسر المصرية، وتعرض قضايا كثيرة بتغيراتها مثل الطلاق ومشكلات المدارس والجامعات والعلاقات بين الأجيال والجيران والزواج والتنمر، وهي تخرج للمشاهد على شكل يوميات عائلية مسلية وحكايات متنوعة وخطوط درامية متوازية تمزج الكوميديا بالدراما لتحاول التقرب من جميع الأجيال".

 

ويستدل زكريا على كلامه بعدد من المسلسلات قائلاً "مسلسل (العيلة دي)، بطولة وفاء عامر وإسلام إبراهيم ويوسف عثمان، طرح مشكلات إسكان الشباب والبطالة والدروس الخصوصية، ومسلسل "بيت فرح"، بطولة فتحي عبد الوهاب وداليا مصطفى، تناول قصة رجل يعيش وحيداً بعد رحيل زوجته وعلاقاته بجيرانه وما يترتب عليها من مميزات وعيوب، ومسلسل (عائلة الأصلي)، بطولة ريهام عبد الغفور وأحمد سعيد عبد الغني، هو قصة امرأة تسعى إلى الحفاظ على ميراث أبيها من الضياع، وترفض تقسيمه على إخوتها".

مسلسلات أخرى، بحسب زكريا، تناولت مشكلة تأخر الزواج والمصاعب المادية التي تواجه الشباب، وعلاقة الوالدين بأبنائهما، ومشكلات الجامعات، والتنمر، وتقبل الآخر، وكثيراً من القضايا المهمة التي تخدم المجتمع، وفي الوقت نفسه تقدم حلولاً لبعض المشكلات وتناقشها بشفافية بدلاً من دفن الرؤوس في الرمال وتفاقم المشكلات.

رسائل هادفة

الناقد طارق الشناوي لا يتعجب من سيطرة الدراما العائلية على الخريطة التلفزيونية، لأن تعريف الدراما التلفزيونية، بحسبه، يتلخص في كلمة "العائلة"، والتلفزيون بالأساس هو جهاز منزلي يمثل نقطة تجمع للأسرة كلها، ومنذ بداية دخوله البيوت كان هدفه تقديم وجبة فنية للعائلة، وليس هناك أنسب من تقديم قضايا حقيقية تمس كل بيت مصري، وتشغل أفراده من الصغار والآباء والأجداد، من طريق حكايات معظمها حقيقي بالفعل أو مأخوذ من قصص حقيقية.

 

يشير الشناوي إلى أن "المسلسلات العائلية من الناحية الإنتاجية لا تكلف كثيراً وسهلة التسويق، فهي لها دائماً مشاهدوها وقنوات تحرص على تقديم هذا المحتوى، لهذا فهي مضمونة المكسب منخفضة الكلفة، وإذا كان العمل مكتوباً بشكل جيد فقد ينجح بممثلين ليسوا أصحاب نجومية كبيرة، لهذا فالأمور أكثر سلاسة في التنفيذ، وأعتقد أن التاريخ أثبت أن المسلسلات العائلية عملة لا تبطل أبداً، فكم من المسلسلات التشويقية التي تبعد من دراما العائلة نجحت، ولكنها لم تخلد كثيراً في أذهان الجمهور، وكل أيقوناتنا الدرامية سنجد أنها في النهاية أعمال عائلية بامتياز، والجمهور العربي والمصري عندما يتحدث عن تاريخ الدراما سيذكر (الشهد والدموع)، و(أبو العلا البشري)، و(ليالي الحلمية)، و(زيزينيا)، و(أبنائي الأعزاء شكراً)، و(عائلة الحاج متولي)، و(عائلة شلش)، و(لن أعيش في جلباب أبي)".

مأمونة العواقب

قالت الناقدة الفنية ماجدة موريس إن "الدراما العائلية دائماً وأبداً هي دراما مأمونة من جميع النواحي، فهي تعنى بالمجتمع ومشكلات الأسرة، وتراعي التقاليد والقيم الاجتماعية في العرض حتى تناسب كل أفراد الأسرة صغاراً وكباراً، ولا تخدش الحياء بصورة مباشرة أو غير مباشرة".

وتضيف مويس "في بداية الستينيات والسبعينيات ارتبطت الأسرة المصرية بما يعرضه التلفزيون، وصار مسلسل الساعة السابعة من أهم طقوس العائلات المصرية والعربية، وكان لابد من مراعاة شروط كثيرة حتى يتحقق هذا الالتفاف، وأهمها أن تراعي هذه المسلسلات القيم الأسرية، وتبتعد تماماً من الإسفاف والابتذال أو الألفاظ الجارحة والمشاهد غير الملائمة، واهتم صناع الدراما بهذا النوع بوصفه الوحيد والمطلوب وقتها، وتكفلت الدولة في معظم الأحيان بإنتاج هذه النوعية من المسلسلات لضمان جودتها ومراعاة الشروط والمواصفات".

 

وتتابع "كثير من الكتاب برع في هذا المجال مدعومين بحس مرهف تجاه المواطن، إضافة إلى ثقافة وحنكة في معالجة التفاصيل والسرد، مثل أسامة أنور عكاشة ووحيد حامد ومحفوظ عبد الرحمن ومحمد صفاء عامر ومحمد جلال عبد القوي، وتألق نجوم لا يستهان بهم في الأعمال العائلية مثل نور الشريف وعبلة كامل ويحيى الفخراني ويسرا ومحمد صبحي وسميرة أحمد، وعدد كبير جداً حقق نجومية عظيمة من خلال الدراما العائلية".

وتستطرد موريس "انقسمت الدراما العائلية لأنواع عدة، منها مسلسلات ركزت على الدروس الأخلاقية المباشرة للأسرة المصرية، ومنها ما تناول الطبقات المختلفة من المجتمع بتحولاتها ومشكلاتها، مثل مسلسلات الكاتب أسامة أنور عكاشة كـ(ليالي الحلمية)، و(زيزينيا)، و(امرأة من زمن الحب)، وكانت هناك حال من الازدهار كذلك للدراما العائلية الصعيدية متمثلة في كثير من النماذج مثل (ذئاب الجبل)، و(الضوء الشارد)، و(حلم الجنوبي)".

أسباب التقلص

لكن هناك فترة تقلصت فيها الدراما العائلية بشكل خطير مع انتشار الفضائيات وتعدد جهات عرض المسلسلات وتوسع إنتاج الدراما، حين تغيرت بشكل إجباري خريطة الإنتاج التلفزيوني وموضوعات الدراما المطلوبة، وسيطرت مواضيع الجريمة والتشويق والإثارة والقضايا الوطنية المباشرة على الشاشات، بل وتم التعامل مع الدراما العائلية كأنها موضة قديمة، وعن ذلك تقول موريس "بسبب تشبع المنصات والتلفزيونات بدراما الأكشن والتشويق والإثارة والدراما المقتبسة من الأعمال التركية والإسبانية والمكسيكية، صار هناك تشوق للأعمال الاجتماعية العائلية، وبمجرد عرضها أصبحت تحظى بمتابعة كبيرة، بخاصة في موسم الشتاء والتجمعات العائلية، واجتهد الصناع في تقديم أعمال تعبر عن تحديات العصر ومشكلاته، مثل وسائل التواصل الاجتماعي، والتشبه بالغرب، والتنمر، والجامعات الخاصة، وتغير الحارة المصرية، واندثار طبقات من المجتمع وتآكل طبقات أخرى بسبب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية".

واختتمت ماجدة بأن "الدراما العائلية أصبحت مطلباً محاطاً بالأمان والسهولة بالنسبة إلى الصناع، فهي لا تتطرق لموضوعات شائكة تسبب أي نوع من القلق، إضافة إلى أن تنفيذها أرخص كثيراً من مسلسلات الأكشن والإثارة والسفر إلى الخارج والمشاهد المكلفة إنتاجياً".

المزيد من ثقافة