Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

غات مدينة ليبية تعوم فوق النفط ونساؤها يحتطبن

تحذيرات من غضب الأهالي وتوجههم إلى إقفال صمامات الحقول إذا استمرت السلطات في تجاهل مطالبهم

وقفة احتجاجية لنساء غات الليبية بسبب تردي الأوضاع المعيشية (مواقع التواصل)

مع بداية كل يوم جديد في مدينة غات بجنوب ليبيا (تبعد 1337 كيلومتراً عن العاصمة طرابلس)، تبدأ خديجة عبدالقادر رحلة كفاح للتغلب على قساوة المناخ الصحراوي البارد وصعوبة الظروف المعيشية.

وعلى رغم أن المدينة تقع في إقليم فزان الذي يحيط به حقلا الفيل والشرارة وهما من بين أكبر الحقول النفطية وأكثرها وفرة في الإنتاج، إلا أن الكهرباء تقطع لساعات طويلة والبنزين وغاز الطهي غير متوافرين في غالبية الأحيان. 

الاحتطاب

قساوة هذه الظروف لم تقف عائقاً أمام خديجة وغيرها من نساء غات اللاتي يجاهدن لتطويع هذه الصعوبات وتحويلها إلى تحديات حتى يوفرن ظروفاً ملائمة لأسرهن.

تقول خديجة لـ"اندبندنت عربية" إنها تضطر بصحبة عدد من النسوة إلى التوجه للمزارع البعيدة من بيوتهن لجمع الحطب واستغلاله في تشغيل الموقد التقليدي وتجهيز الطعام وتدفئة المنزل عندما تقطع الكهرباء.

وتواصل بنبرة يغلب عليها الحزن، "عيوننا تضررت من دخان الحطب وأيادي نساء غات نقشت عليها أعواد الحطب جروحاً لن تندمل، وتصمت قليلاً ثم تضيف أن "حركة الرجال تدب في المدينة منذ الفجر للبحث عن أسطوانات غاز الطهي والبنزين ومواد أخرى لا نجدها في معظم الأوقات إلا في السوق السوداء بأسعار مرتفعة جداً مقارنة ببقية المدن في المنطقتين الشرقية والغربية، إذ يصل سعر قارورة غاز الطهي إلى 50 ديناراً ليبياً (10 دولارات) في الأيام العادية، في حين لا يتجاوز ثمنها في أصعب الظروف بالعاصمة طرابلس خمسة دنانير (دولار واحد)".

احتجاجات

يذكر أن الفعاليات النسائية في غات نظمت وقفة احتجاجية أواخر يناير (كانون الثاني) طالبت فيها حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة بـ"إنهاء جميع المظاهر السلبية بداية من ارتفاع أسعار البنزين والغاز وتراجع مستوى الخدمات في المرافق العامة".

ودعا البيان الصادر عن الوقفة الاحتجاجية إلى "وضع حد لقراصنة المحروقات الذين يتحكمون في توزيع الوقود وبيعه بينما محطات البنزين في غات تبقى مقفلة لأسابيع طويلة، مما أثر في جودة الحياة في جميع المجالات".

وطالبت نساء غات بـ"تفعيل القوانين والقرارات لتسيير جميع مؤسسات الدولة حتى تصل الحقوق إلى مستحقيها".

وظهرت محدثتنا خديجة في هذه الوقفة وهي تمسك بلافتة كتب عليها "ليتر البنزين بـسبعة دنانير ليبية (1.4 دولار)" محاولة استغلالها لإخفاء تعابير وجهها الباكية وهي تصف حالها الصحية، قائلة "أعاني أمراضاً مزمنة كالروماتيزم والغدة الدرقية تستوجب المراجعة الطبية في العاصمة طرابلس (تبعد 15 ساعة بالسيارة) كل شهرين، لكن غلاء البنزين وكلفة سيارات الأجرة التي تصل إلى 500 دينار ليبي (100 دولار) حالا دون ذلك، مما يضطرني إلى تأجيل المراجعة الطبية ستة أشهر وذلك أدى إلى تردي وضعي الصحي".

بلدية أزمة

تواصلنا مع رئيس المجلس البلدي في غات إبراهيم الخليل الذي وصف المدينة بـ"بلدية الأزمة"، قائلاً إنه "من غير المعقول أن يعيش سكان غات وبقية مدن إقليم فزان في ظل هذه الأزمات المستمرة منذ عقود بينما تنعم بقية المدن الليبية بانسيابية النفط والغاز اللذين يمران من تحت أقدام أهالي المنطقة".

ونوه بأن "أسعار الـ20 ليتراً من الوقود تناهز 120 ديناراً ليبياً (24 دولاراً) بينما لا يتجاوز ليتر البنزين الواحد في طرابلس 0.15 دينار ليبي (0.032 دولار)"، وأوضح الخليل أن "الأزمة متواصلة منذ 10 أعوام، فسعر أسطوانات غاز الطهي في الأيام العادية تقدر بـ50 ديناراً ليبياً (في طرابلس لا تتجاوز خمسة دنانير) هذا إن وجدت أساساً في حين يصل سعرها إلى 100 دينار ليبي في السوق السوداء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مسكنات موقتة

وأكد الخليل أنه تواصل مع حكومة الدبيبة لرفع المعاناة عن سكان مدينة غات خوفاً من تحول الوقفات الاحتجاجية إلى أعمال تخريبية، لا سيما أن صبر الأهالي نفد، تحديداً لأن الجنوب الليبي يحيط به عدد من الحقول النفطية وعلى رأسها حقل الفيل الذي ينتج يومياً 70 ألف برميل نفطي.

ووصف رئيس المجلس البلدي الحلول التي قدمتها السلطات الليبية بـ"المسكنات الموقتة"، مشدداً على أنه "لن يصمت أمام الحجج الواهية التي تبرر عدم انسيابية تزويد محطات غات بالوقود، حتى إنها تبقى من دون محروقات لأسابيع طويلة، مما يضطر الأهالي إلى الرضوخ لأسعار تجار السوق السوداء".

وقال الخليل "سأعمل على صيانة مستشفى غات وجلب كوادر طبية لأنه من غير المقبول في عام 2023 أن ينتقل المواطن مسافة تقدر بـ1337 كيلومتراً للتمتع بحقه في الصحة بالعاصمة طرابلس، أو أن تلجأ نساؤنا إلى المواقد التقليدية لتجهيز الطعام وتدفئة المنزل بسبب انقطاع التيار الكهربائي".

الحلول

الناشط الحقوقي والناطق السابق باسم حراك "غضب فزان" بشير الشيخ أكد أن "على الحكومة أن تحذر من غضب أهالي المنطقة الجنوبية الذين سيتوجهون إلى إقفال صمامات حقول النفط والغاز المجاورة لهم في حال استمرت السلطات بتهميش مطالبهم، مثلما حدث سابقاً مما كبد الدولة الليبية خسائر مالية فادحة على مستوى مداخيل بيع النفط".

وأضاف أنه "من غير المعقول أن يصل طابور التزود بالوقود خلال الأيام الأخيرة إلى أكثر من ستة كيلومترات في دولة نفطية"، وأوضح أن "مصادر دخل أهالي إقليم فزان على غرار مدينة غات بسيطة ولا يمكنهم تكبد أسعار النفط وغاز الطهي في السوق السوداء لأنهم يعيشون على مرتبات الدولة التي لا تتعدى 700 دينار ليبي (104 دولارات) وتتعطل لأشهر بسبب شح السيولة في الجنوب الليبي".

ودعا الشيخ "الحكومة والمؤسسة الوطنية للنفط والغاز إلى رفع الدعم عن المحروقات وزيادة أسعارها واستبدالها بمعلوم نقدي يحول مباشرة إلى حساب المواطن، حتى يتم القضاء على انتشار السوق السوداء وتهريب المحروقات لدول الجوار التي تباع فيها المحروقات بأسعار مرتفعة مقارنة بالدولة الليبية".

وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، أعلنت حكومة الوحدة الليبية الموقتة برئاسة عبدالحميد الدبيبة أنها "ناقشت مع مسؤولين أميركيين ملفي النفط وأوضاع المنطقة الجنوبية في البلاد".
واتهمت اللجنة المركزية لانتخابات المجالس البلدية أجهزة الأمن في مدينة زلة بـ"تعطيل انتخاب مجلسها البلدي".
وقال رمضان أبو جناح، نائب الدبيبة، وزير الصحة المكلف، إنه بحث مع القائم بأعمال السفارة الأميركية ليزلي أوردمان بحضور وفد من الجنوب الليبي، آخر المستجدات السياسية على الساحة وإمكانية تكثيف ودفع الجهود نحو إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في أقرب وقت ممكن لتحقيق الاستقرار في البلاد"، مشيراً إلى أن اللقاء تناول أيضاً المشكلات والصعوبات التي يواجهها الجنوب الليبي عامة ومسألة الحدود وملف "الهجرة غير المشروعة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير