Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وثائقي فرنسي يكشف "كارتل حزب الله" لتجارة المخدرات في كولومبيا

يروي الفيلم قصة تحقيق أميركي بقي طي الكتمان بسبب رغبة واشنطن في إبرام الاتفاق النووي عام 2015

تأسست ميليشيات "حزب الله" اللبنانية في بداية الثمانينات (أ ف ب)

ما لبثت أن أعلنت قناة "فرانس 5" الفرنسية الرسمية عن فيلمها الوثائقي "حزب الله والتحقيق الممنوع" (Hezbollah،l'enquête interdite)، حتى شن مناصرو الحزب والإعلام المؤيد له حملة استباقية ضد العمل ومعديه، بعد أن سوق البعض أن الفيلم سيكشف عن حقائق جديدة في شأن انفجار مرفأ بيروت وعلاقة ميليشيات "حزب الله" به، مما أثار بلبلة وضجة في لبنان. غير أن حقيقة الأمر مختلفة، فقد علمت "اندبندنت عربية" أن الفيلم ليس تحقيقاً عن انفجار المرفأ، بل وثائقي يكشف عن خفايا تحقيق أميركي أثبت تورط "حزب الله" بتجارة المخدرات وتبييض الأموال في أميركا اللاتينية، لكنه "حظر" وأودع الخزائن المقفلة بسبب سعي واشنطن إلى إبرام الاتفاق النووي مع إيران عام 2015، ليبقى الحزب بذلك عصياً عن المحاسبة محلياً ودولياً.

ضجة وبلبلة

في الإعلان الترويجي للفيلم الذي أعده المخرج جيروم فريتيل والصحافية صوفيا عمارة والمؤلف من ثلاثة أجزاء ستعرضها "فرانس 5" اعتباراً من مساء الأحد الخامس من فبراير (شباط)، تعرض مشاهد لانفجار مرفأ بيروت المدمر في الرابع من أغسطس (آب) 2020، يليها تصريح للنائب اللبناني مروان حمادة يؤكد فيه أن "لا شيء يحصل في مرفأ بيروت من دون علم حزب الله". علماً بأن حمادة يعتبر معارضاً شرساً للحزب، إذ نجا من محاولة اغتيال عام 2004، اعتبرت باكورة سلسلة اغتيالات عصفت بلبنان وشملت اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري، في عملية خلصت محكمة دولية مستقلة إلى اتهام عنصر في "حزب الله" بتنفيذها.

لم تمر هذه المقتطفات مرور الكرام في لبنان، حيث ما زال التحقيق في انفجار مرفأ بيروت معرقلاً بعد أكثر من سنتين على الكارثة، بسبب التدخلات السياسية في القضاء ومطالبات "حزب الله" بتنحية المحقق العدلي في الملف القاضي طارق البيطار، متهماً إياه بـ"الانحياز". وبعد أن سوقت بعض الجهات أن الفيلم سيكشف عن "حقائق" للمرة الأولى عن علاقة الحزب بنترات الأمونيوم التي كانت مخزنة في المرفأ والتي تسببت بالانفجار، وأنه سيشكل "زلزالاً وفضيحة مدوية"، أطلق المؤيدون للحزب المدعوم من إيران حملة استباقية ضد الفيلم ومعديه واتهموهم بفبركة الملفات من دون حتى التواصل معهم أو التأكد من محتوى العمل، الذي حذر البعض من أن تداعياته "لن تقل خطورة" عما حصل في لبنان بعد عام 2005، في إشارة إلى التوترات التي أعقبت اغتيال الحريري. وركز هؤلاء على سيرة صوفيا عمارة، وهي صحافية ومخرجة أفلام فرنسية من أصل مغربي، أنتجت أعمالاً وأفلاماً وثائقية عن الحرب السورية مناهضة لنظام بشار الأسد، وأخرى عن "داعش" والإرهاب.

طمعاً بالاتفاق النووي

لكن المراجعة الدقيقة للمقتطفات التي نشرتها "فرانس 5" عن الفيلم ولمقابلة أجراها فريتيل وعمارة مع قناة "تي في 5 موند أنفو" قبل عرض الوثائقي، تؤكد أن العمل ليس وثائقياً عن انفجار مرفأ بيروت بحد ذاته، إنما فيلم استغرق عامين من التحقيقات في الشرق الأوسط والولايات المتحدة وأوروبا، وعشرات الساعات من المقابلات الصحافية ليروي قصة تحقيق لإدارة مكافحة المخدرات الأميركية (DEA) استمر 10 سنوات وكشف عن كارتل "حزب الله" لتجارة الكوكايين في كولومبيا، لكنه بقي طي الأدراج ولم ينشر، لأن إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما أرادت تخفيف الضغط عن إيران الراعي الأول للحزب، بغية إبرام الاتفاق النووي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وسمح الاتفاق النووي الذي أبرمته الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا والصين وروسيا مع إيران برفع العقوبات الدولية التي كانت مفروضة على طهران، شرط التزامها قيوداً تضمن سلمية برنامجها النووي، لكن واشنطن عادت وانسحبت أحادياً من الاتفاق في عهد الرئيس الجمهوري دونالد ترمب، معيدة فرض عقوبات على إيران.

وتقول عمارة في مقابلة "تي في 5 موند أنفو" إن "حزب الله" لطالما اعتمد منذ نشأته على دعم وتمويل إيران، غير أن العقوبات التي استهدفت طهران وتوسيع الحزب عملياته خارج الحدود لا سيما في اليمن وسوريا، دفعاه أيضاً إلى توسيع نشاطاته خارجاً بحثاً عن التمويل، وبمساعدة المجتمع الشيعي اللبناني (البيئة الحاضنة للحزب) المنتشر في العالم، خصوصاً في أفريقيا وأميركا اللاتينية.

الإفلات من العقاب

ويضيف فريتيل أن الفيلم يروي قصة ضباط شرطة أميركيين تمكنوا من التسلل إلى كارتل "حزب الله" لتجارة الكوكايين في كولومبيا. ويقول إنه فيما كان عدد صغير من ضباط الـ"DEA" يتتبعون كارتلات المخدرات في هذا البلد اللاتيني، أدركوا من التجسس على الاتصالات أن بعض العناصر يتكلمون باللغة العربية، وصادف أن كان أحد الضباط الأميركيين من أصول لبنانية، فتمكن من تمييز اللهجة الجنوبية. وبحسب فريتيل، استطاع هذا الضابط أن يتسلل إلى الكارتل كوسيط لتبييض الأموال أولاً، ولتتمكن إثر ذلك إدارة مكافحة المخدرات الأميركية، وبفضل تحقيق استمر من عام 2005 إلى 2015، من تحديد الهيكلية التنظيمية السرية المسؤولة عن تمويل "حزب الله" عبر تجارة الكوكايين وتبييض الأموال.

وفي مقتطفات من مقابلة أجراها معدو الفيلم مع نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، ينفي هذا الأخير أي علاقة لـ"حزب الله" بتجارة المخدرات وتبييض الأموال، مؤكداً أن مجموعته لا تملك أصلاً حسابات مصرفية.

وهكذا، وبحسب الإعلانات الترويجية، يزعم الفيلم أن "حزب الله" هو "منظمة إجرامية بلا حدود، تعمل كالمافيا الحقيقية وممولة جزئياً من تجارة المخدرات الدولية"، وقد استطاع الإفلات من العقاب على مدى 40 عاماً بفضل تمتعه بحصانة تقيه المحاسبة تحت رعاية النظام الإيراني، وليس التحقيق في انفجار مرفأ بيروت سوى تحقيق آخر "مستحيل"، على غرار التحقيق الأميركي في شبكات الحزب لتجارة المخدرات وتبييض الأموال في كولومبيا.

المزيد من دوليات