Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فرنسا تواجه التحديات الأربعة... التضخم والدعم والديون وفاتورة الطاقة

وسط ارتفاع معدل الغلاء بنحو ستة في المئة خلال يناير الماضي... وباريس متفائلة

صعد الناتج المحلي الإجمالي لفرنسا بنسبة 0.1 في المئة خلال الربع الأخير من 2022 (ا ف ب)

بعد الانتعاش الاقتصادي القوي من تداعيات جائحة كورونا، تعرضت فرنسا لصدمة طاقة مدفوعة بغزو روسيا لأوكرانيا، إذ ارتفع التضخم وتباطأ النشاط الاقتصادي، وعلى رغم ذلك ظل الاقتصاد مرناً وكان التضخم أقل بكثير من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى بسبب الاعتماد المحدود على الغاز الروسي والاستجابة القوية للسياسة - بما في ذلك ضوابط الأسعار على الغاز والكهرباء، والتخفيضات الضريبية على منتجات الوقود، ومدفوعات التحويل، وتدابير دعم الشركات، إذ تسببت الإجراءات التي أعلنتها الحكومة الفرنسية في تخفيف تأثير صدمة أسعار الطاقة، لكنها كانت مكلفة للحكومة ولم يتم استهداف التضخم جيداً.

وبحسب مذكرة بحثية حديثة لصندوق النقد الدولي، فإن ذلك يرجع جزئياً إلى تدابير الدعم، فقد ظل عجز الموازنة الفرنسية مرتفعاً، وارتفع الدين بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، كما أن مستويات الدين العام آخذة في الازدياد مقارنة بنظيراتها في منطقة اليورو. ولتقريب الموازنة من التوازن وتحديد نسبة الدين على مسار تنازلي، ينبغي على فرنسا أن تقوم بضبط مالي تدريجي ولكن جوهري على المدى المتوسط.

و يمكن أن يبدأ هذا من خلال الاستفادة من التخلص التدريجي من دعم الجائحة للبدء في خفض عجز المالية العامة بشكل متواضع في عام 2023، ويمكن بعد ذلك أن يتبعه دمج مطرد تدعمه إصلاحات الإنفاق، مع ترك مساحة لتسريع الاستثمار الأخضر والرقمي.

"صندوق النقد" أشار إلى أن "الحكومة الفرنسية أحرزت تقدماً كبيراً في طرح إصلاحات لتعزيز إمكانات النمو مع خفض التكاليف المالية، بما في ذلك إعانات البطالة المعدلة التي ستساعد في زيادة المعروض من العمالة، وإصلاح نظام المعاشات التقاعدية الشامل الذي يهدف إلى تحقيق التوازن في نظام المعاشات التقاعدية وزيادة معدل توظيف العمال الأكبر سناً من خلال نقل سن التقاعد الفعلي أقرب إلى متوسط الاتحاد الأوروبي".

وتابع الصندوق أنه يمكن أن تشمل المجالات الأخرى للإصلاح المالي المجالات التي يتجاوز فيها الإنفاق بكثير نفقات أقرانه أو حيث تكون النتائج دون المستوى، بما في ذلك الإعفاءات الضريبية والمزايا الاجتماعية والرعاية الصحية والإنفاق دون الوطني، هذا إلى جانب الإجراءات المالية، يمكن للإصلاحات الأخرى أن تعزز إمكانات النمو، مثل خطوات تسريع التحول الأخضر، وتحسين أسواق المنتجات والخدمات لتعزيز القدرة التنافسية، والجهود المبذولة لتطوير مهارات العمال وزيادة كفاءة النظام التعليمي.

وأشار الصندوق الدولي إلى أن "القطاع المصرفي تمكن من النجاة من الأزمة بشكل جيد ودعم التعافي الاقتصادي"، مستدركاً "لكن مخاطر الاستقرار المالي العالمي آخذة في الازدياد" بعدما قررت السلطات أخيراً زيادة الاحتياطي لمواجهة التقلبات الدورية، وهو مطلب رأس المال، لزيادة الحماية ضد أي تدهور مفاجئ في الأوضاع المالية.

وطالب الصندوق باليقظة المستمرة للحماية من أية نقاط ضعف ناشئة في محافظ الإقراض للبنوك.

استمرار مخاطر الدخول في انكماش اقتصادي

وعلى رغم سلسلة الأزمات التي تحاصر الاقتصاد الفرنسي، لكنه تجنب الوقوع في انكماش عنيف خلال العام الماضي، وهو ما تسبب في تهدئة المخاوف من حدوث انكماش في ثاني أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو، على رغم أن الكتلة قد لا تزال تواجه مخاطر الركود.

وفق بيانات حديثة لمعهد الإحصاء الوطني الفرنسي، فقد صعد الناتج المحلي الإجمالي لفرنسا بنسبة 0.1 في المئة خلال الربع الأخير من 2022، مدعوماً بالاستثمارات وصافي التجارة.

في غضون ذلك توقع اقتصاديون استطلعت "بلومبيرغ"، آراءهم أن يثبت الناتج المحلي الإجمالي، بعدما سجل معدل نمو الاقتصاد الفرنسي مستوى سبعة في المئة خلال عام 2021، كما سجلت فرنسا نمواً اقتصادياً بلغت نسبته 2.6 في المئة خلال العام الماضي، وهذه زيادة مستقرة مدعومة بطفرة ما بعد جائحة كورونا للنشاط الاقتصادي ولكن يعوقها انخفاض نشاط الأسرة خلال الربع الأخير من العام. وقد بلغ النمو في الربع الأخير من عام 2022 نحو 0.1 في المئة فقط، وهو ما يرجع إلى مستويات التضخم وزيادة كلفة المنتجات المنزلية والطاقة النموذجية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشير البيانات إلى أن معدل التضخم زاد بنسبة ستة في المئة بين يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، وبداية العام الحالي، وهو ما يرجع إلى ارتفاع أسعار الطاقة والسلع المنزلية بنسبة 13.2 في المئة و16.3 في المئة على التوالي ليكون أعلى معدل تضخم سنوي في فرنسا منذ عام 1984، عندما ارتفع التضخم بنسبة 6.7 في المئة.

ومع ذلك، يقول وزير المالية برونو لو مير إنه "يتوقع أن تبلغ مستويات التضخم ذروتها في أوائل عام 2023 ثم تنخفض من منتصف العام".

في تلك الأثناء أشارت توقعات مبكرة لعام 2023 من صندوق النقد الدولي حول معدل النمو الاقتصادي العالمي ليكون أقوى قليلاً من توقعاته في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، لكن لا يوجد تغيير في المستويات المتوقعة لفرنسا، فربما يرتفع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 2.9 في المئة هذا العام وفقاً لتوقعات يناير 2023، وهو أعلى قليلاً من تقديرات أكتوبر 2022، التي توقعت نمواً بنسبة 2.7 في المئة، ومع ذلك فمن المتوقع أن ينمو الاقتصاد الفرنسي بنسبة 0.7 في المئة فقط.

تقديرات متواضعة من قبل البنك المركزي والحكومة

 في سياق متصل قدم كل من بنك فرنسا والحكومة تقديرات لمعدل نمو الاقتصاد هذا العام، إذ يعد البنك الفرنسي الأقل تفاؤلاً، إذ توقع نمواً بنسبة 0.3 في المئة، في المقابل توقعت الحكومة زيادة بنسبة واحد في المئة.

في غضون ذلك تشير توقعات الاستقرار هذه إلى أن المخاوف من "الركود الحاد" في عام 2023 قد تضاءلت ولكن بعض العوامل، مثل أسعار الطاقة وصعوبات التوظيف، قد تؤثر في فرنسا على مدار العام وفقاً لصحيفة "لا تريبيون" المالية الفرنسية.

فيما تعد توقعات صندوق النقد الدولي لعام 2024 أكثر إيجابية لفرنسا مع توقع نمو بنسبة 1.6 في المئة، وهو أعلى من التقييمات الخاصة بألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة، من بين دول أخرى.

وعلقت "بلومبيرغ أيكونوميكس" حول ذلك قائلة إن "التضخم في فرنسا تراجع خلال يناير الماضي، مما يعكس زيادة فواتير الغاز وتكاليف وقود السيارات"، متوقعة ارتفاعاً آخر في فبراير (شباط) مدفوعاً بأسعار الكهرباء".

ورجحت "بلومبيرغ أيكونوميكس" في مذكرة بحثية حديثة، أن تساهم مكاسب الأسعار في دفع الاقتصاد نحو الانكماش في الربع الأول، بعد أن أظهرت البيانات في وقت سابق اليوم توسع الناتج المحلي الإجمالي بشكل طفيف في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2022، مما قد يدفع  التكاليف إلى الارتفاع، مما يزيد معه السخط على الصعيد الوطني، إذ تواجه الدولة ثاني يوم من الإضرابات الجماهيرية والاحتجاجات ضد خطط الحكومة لإصلاح نظام التقاعد.

اقرأ المزيد