Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجيش الإسرائيلي يعول على مسيرات "كوادكوبتر" لتنفيذ عملياته الدقيقة

إدارة المعركة عن بعد من مكان قريب دون الاضطرار لاقتحام الموقع

أعلن الجيش الإسرائيلي أن الطائرات المسيرة مكنته من التحكم والسيطرة على الجو لساعات عدة (مواقع التواصل الاجتماعي)

وسط زيادة كبيرة في حجم وكثافة الاشتباكات العنيفة الأخيرة بين مسلحين فلسطينيين والجيش الإسرائيلي، لا سيما في نابلس وجنين شمال الضفة الغربية، اللتين ينظر إليهما على نطاق واسع على أنهما بؤرتان للنشاط الفلسطيني المسلح والتوتر الأمني، كثف الجيش الإسرائيلي خلال الأسابيع الأخيرة إعداد وحداته العسكرية البرية لاستخدام الطائرات المسيرة المتطورة تكنولوجياً خلال عملياتها داخل المدن الفلسطينية، ليس للتصوير أو الاستطلاع والمراقبة، بل لتنفيذ مهمات عسكرية، تقول وسائل إعلام إسرائيلية إنها "صعبة وسرية ضد أهداف فلسطينية عجز الجيش عن السيطرة عليها لاستعادة الهدوء في المنطقة".

ووفقاً للجيش الإسرائيلي، فإن تلك الطائرات المسيرة مكنته من التحكم والسيطرة على الجو لساعات عدة، كما أن تلك الطائرات تنشط بالتعاون مع قوى عسكرية أخرى في جمع المعلومات الاستخباراتية، لا سيما أنها تمتلك قدرة مراقبة عالية الجودة، وترصد وتوثق كل ما يحدث على الأرض.

مسيرة مسلحة

عملياً، أوقف الجيش الإسرائيلي الضربات الجوية في الضفة الغربية خلال الانتفاضة الثانية، بعد أن كان استخدم طائرات الهليكوبتر وحتى الطائرات الحربية لمحاولات اغتيال مطلوبين، وكان تركيز عمل الطائرات المسيرة المسلحة بشكل أساسي في قطاع غزة، إلا أن إعادة تقييم الجيش الإسرائيلي للتكتيكات في الضفة الغربية، جاءت بعد مقتل ضابط إسرائيلي في شرطة حرس الحدود "يمام" العام الماضي، خلال تبادل عنيف لإطلاق النار بين القوات الإسرائيلية ومسلحين فلسطينيين بالقرب من جنين. وذكر موقع صحيفة "هآرتس" الإلكتروني أن الجيش يناقش ما إذا كانت الطائرات المسيرة يمكنها إلقاء قنابل يدوية في مواقع الضفة الغربية مثل مخيم جنين للاجئين، المزدحم للغاية، مما يزيد من المخاوف بشأن الخسائر في صفوف المدنيين.

ويؤكد فلسطينيون أن الطائرات المسيرة صغيرة الحجم المعروفة باسم "كوادكوبتر" بمختلف أشكالها وأحجامها، التي يتم تسييرها إلكترونياً عن بعد، باتت جزءاً لا يتجزأ من المعدات العسكرية التي يعتمد عليها الجيش في عملياته ضد الفلسطينيين بالضفة الغربية. وأظهر مقطع فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي المحلية وتم تداوله بشكل لافت، مسلحين فلسطينيين وهم يسقطون طائرة استطلاع مسيرة صغيرة من نوع "كوادكوبتر" تابعة للجيش الإسرائيلي، كانت تحلق في سماء مخيم جنين أثناء العملية الإسرائيلية الأخيرة، التي يعتقد أنها من أكثر العمليات دموية في الضفة الغربية منذ سنوات، إذ قالت وزارة الصحة في السلطة الفلسطينية في بيان إن تسعة فلسطينيين قتلوا من بينهم إمرأة مسنة (60 سنة)، وطفل.

ووفقاً لصحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية، فقد "طور الجيش الطائرات المسيرة حتى أصبح بعضها يستخدم بشكل انتحاري، وأخرى لإطلاق قنابل يدوية، وقنابل الغاز، وإطلاق النار من أسلحة رشاشة، وحول بعضها لإطلاق صواريخ موجهة لاستهداف المطلوبين لدى إسرائيل، أو مجموعات فلسطينية مسلحة، حتى لو كانوا داخل منازل أو غرف معينة". وبحسب ما ذكرت قناة "11 الإسرائيلية" الرسمية، فإن "قادة الجيش في الضفة قاموا عملياً بالتدرب على تفعيل الطائرات المسيرة صغيرة الحجم في حال تنفيذ الاعتقالات التي تبدو صعبة على الجيش، حيث ستقصف المواقع بواسطة الطائرات المسيرة"، وهو الأمر الذي أكده شهود عيان فلسطينيون، بعد أن عثروا على بقايا طائرات صغيرة مسيرة عن بعد داخل إحدى الشقق في البلدة القديمة بمدينة نابلس شمال الضفة الغربية، التي كان يتواجد فيها نشطاء فلسطينيون من مجموعة "عرين الأسود". وبحسب قولهم، انفجرت طائرة صغيرة من نوع "كوادكوبتر" عند أحد نوافذ الشقة لتمكين ثلاث طائرات أخرى من النوع نفسه الدخول، وإطلاق الرصاص والغاز السام على من كانوا يتحصنون داخلها، وأكدوا أن الجنود لم يدخلوا الشقة وإنما كانوا يديرون المعركة عن بعد بواسطة الطائرات من مكان قريب.

 وأدت العملية آنذاك لمقتل الفلسطيني وديع الحوح الذي كان يعد أحد كبار مؤسسي المجموعة.

قواعد جديدة

وبحسب مراقبين، فثمة مخاطر أمنية كبيرة أصبحت تتهدد الفلسطينيين من وراء استخدام إسرائيل للطائرات من نوع "كوادكوبتر"، التي تقدم خدمات عسكرية تميزها عن غيرها من الطائرات المسيرة والأدوات الاستخباراتية، نظراً لصغر حجمها، وخفة حركتها، وصعوبة اكتشافها، بخاصة بعد أن أصبح لها دور كبير وفعال في تحديد بعض المباني هندسياً، ومعرفة عرض جدران المباني التي تستهدف، الأمر الذي مكنها بحسب متخصصين، من تنفيذ عمليات اغتيال دقيقة جداً.

المتخصص في الشأن العسكري واصف عريقات يقول "طورت الصناعات العسكرية الإسرائيلية الطائرات الصغيرة التي يحمل بعضها بيد واحدة مثل كوادكوبتر ونيتسوس وغيرها، لتحلق بسرعة وخفة على ارتفاعات منخفضة، وصنعت بأحجام متعددة لتنفيذ مهمات سريعة ومختلفة، كما أن قدرتها الكبيرة على التحليق في مناطق ضيقة وبين الأحياء السكنية واستخدامها ليلاً، قد يخفيها عن الأنظار، وهو ما أسهم في تحقيقها أهدافاً إسرائيلية سواء اغتيالات أو إطلاق الرصاص والغاز السام، فهي لا تملك أجنحة ولا تحتاج لمنصات إطلاق مثل طائرات "هيرمس 900 و450" وأيتان المسيرة، التي تملك أجنحة تشبه إلى حد ما الطائرات الكبيرة، وتطير على ارتفاعات عالية وشاهقة."

وأضاف "استخدام هذه الطائرات بتقنيات عالية ومتطورة سيغير بالتأكيد من قواعد الاشتباك مع الفلسطينيين تغييراً جذرياً، لكنه في الوقت ذاته يعد إقراراً ضمنياً من قبل إسرائيل بقوة المقاومة الفلسطينية، التي لم تعد قادرة على مواجهتها ميدانياً، علماً أن هناك معلومات عسكرية تتحدث عن حرص الجيش الإسرائيلي على الحفاظ على سلامة جنوده، ما يثير قلقاً وتساؤلات لدى الفلسطينيين، حول ماهية ونوعية المهمات الأخرى التي تقوم بها تلك الطائرات الصغيرة، والخطر الذي يمكن أن تشكله على حياتهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

نتائج معاكسة

ووفقاً لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، فإن إدخال الطائرات من دون طيار إلى الضفة الغربية تحول في الآونة الأخيرة إلى أمر مثير للجدل والاختلاف داخل الجيش الإسرائيلي، إذ يخشى البعض أن استخدام الطائرات المسيرة عن بعد سيحقق نتائج معاكسة، كالتردد تدريجاً في استخدام قوات برية بعمق الضفة الغربية، وستتحول كل عملية دخول إلى مخيم للاجئين عملية استخباراتية خاصة، وهو ما سيمنح المنظمات الفلسطينية والخلايا المسلحة المختلفة مزيداً من الحرية للعمل، ويعتقد ضباط في الجيش بحسب الصحيفة، أن الاعتقال أفضل من الاغتيال، لأنه يمكن استجواب المطلوبين والحصول منهم على معلومات استخباراتية حول هجمات محتملة، في حين أن الاغتيال من مسافة بعيدة عبر الطائرات المسيرة له صلة فقط بالمناطق التي لا يستطيع فيها الجيش الإسرائيلي العمل بحرية، وسيضطر إلى تعريض قواته للخطر.

وتقول الصحيفة إن الجيش يبذل جهوداً كبيرة لاستثمار كل ما هو مطلوب لوقف جزء من المعركة الدائرة في مناطق الضفة الغربية وحالة الغليان هناك.

الجنرال نيري هورويتس قال خلال مؤتمر "يو في آي دي" لتكنولوجيا الطائرات المسيرة السنوي، الذي تستضيفه مجلة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب، "إن الطائرات المسيرة المسلحة الإسرائيلية لا تتيح قوة نيران إضافية لإسرائيل فحسب، بل تسمح أيضاً، من خلال منصة واحدة، بالكشف السريع عن الأهداف ومهاجمتها قبل أن تتمكن من شن هجوم على إسرائيل". وفي المؤتمر ذاته، قال الجنرال أومري دور "إن الطائرات المسيرة تمثل الآن 80 في المئة من ساعات الطيران في عمليات الجيش الإسرائيلي".

إملاءات سياسية

منذ سلسلة العمليات التي شنها فلسطينيون في مدن إسرائيلية كبرى، وخلفت 31 قتيلاً في إسرائيل عام 2022، أصبح الحديث أسبوعياً عن الغارات الإسرائيلية بالطائرات المسيرة على المدن الفلسطينية الكبرى ومخيمات اللاجئين في الضفة الغربية.

ولفتت الكاتبة صوفيا غودفريند في مقالة بمجلة "فورين بوليسي" (Foreign Policy) قبل أيام قليلة، إلى أن الجيش الإسرائيلي "صعد استخدام المسيرات المسلحة ضد الفلسطينيين في العمليات بالضفة الغربية، على رغم نفيه ذلك، نتيجة التحولات الديموغرافية التي مكنت المستوطنين من التأثير في الاستراتيجية العسكرية، بعد أن أصبحوا في مناصب وزارية بارزة في الحكومة الجديدة."

ووفقاً للكاتبة، "دعا اليمين الإسرائيلي الجيش إلى استخدام مسيرات مسلحة لإلقاء قنابل على المدن الفلسطينية الكبرى واستئناف الاغتيالات، إلى جانب ذلك طالب المستوطنون تكثيف استخدامهم لمسيرات الاستطلاع الصغيرة الخاصة بهم للتجسس على الفلسطينيين، وتنسيق عمليات هدم المنازل الفلسطينية، وقمع الاحتجاجات السلمية مع القوات الإسرائيلية".

وختمت غودفريند مقالتها بأنه "حتى لو لم تقم الحكومة الجديدة بإلقاء القنابل عن بعد، فقد غيرت الطائرات المسيرة بالفعل حياة المدنيين الفلسطينيين في جميع أنحاء الضفة الغربية".

أكبر مصدّر

تنتج إسرائيل أربعة أنواع من الطائرات المسيرة من دون طيار، الأولى من طراز "أيتان" (أكبر طائرة مسيرة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي)، وهي قادرة على البقاء في الهواء والتحليق في الجو لمدة 36 ساعة متواصلة، ويصل طولها إلى 15 متراً، بينما يقدر وزنها بنحو خمسة أطنان، وبمقدورها أن تحمل 1000 كيلوغرام من الصواريخ المتفجرة، فيما يمكن للثانية من طراز "هيرمس 450" أن تحمل صواريخ متفجرة تزن 150 كيلوغراماً، واستخدامها في مهمات الهجوم والاستطلاع وجمع المعلومات الاستخباراتية، وقد تمكن النوع الثالث من الطائرات المسيرة من طراز "هيرمس 900 " البقاء في الهواء والتحليق في الجو لمدة 40 ساعة متواصلة، وحمل قنابل موجهة بالليزر من نوع "جي بي يو-12 فايفواي" (GBU-12 Fiveway) أو قنابل "جدام" (JDAM) التي تستخدم في استهداف المواقع وشن هجمات وتنفيذ اشتباكات واغتيالات وعمليات نوعية، في حين دشن سلاح الجو الإسرائيلي أخيراً، نوعاً جديداً من الطائرات المسيرة صغيرة الحجم من نوع "نيتسوس"، و"أوربيتر"، وأدخلت هذه المسيرات الصغيرة حديثاً إلى خدمة الجيش الإسرائيلي لقدرتها العالية على أداء مهمات استخباراتية، وتوجيه الهجوم ومساعدة وحدات الجيش في الميدان.

وبحسب تقرير لاتحاد الصناعات الإسرائيلي، فإن قيمة الصادرات الإسرائيلية للطائرات من دون طيار على اختلافها، بلغت خلال السنوات الثماني الأخيرة 4.6 مليار دولار، وكان معظم هذه الطائرات ذا استخدام عسكري، وقسم صغير منها لأغراض أمنية مثل وزارات الأمن الداخلي ولأغراض الحراسة داخل المدن.

 في حين أظهر تقرير نشره معهد البحوث الأميركي "بروست آند ساليفان"، أن إسرائيل هي أكبر مصدر للطائرات من دون طيار في العالم، وحجم هذه الصادرات يشكل 10 في المئة من الصادرات الأمنية الإسرائيلية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير