Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا نلجأ إلى نظريات المؤامرة لفهم موت المشاهير؟

ماذا الذي يجعلنا ننشد التفسيرات الغيبية لموت الأسماء الكبيرة، من الأميرة ديانا إلى نادي كل المشاهير الذين توفوا في سن الـ27

 كثيراً ما نستخدم المشاهير كرموز لمشاعرنا الخاصة. إنهم يوفرون وسيلة لفهم حزننا والتعامل معه، بينما يكونون كذلك بعيدين بما يكفي بحيث لا نشعر به على مستوى شخصي جداً (غيتي)

كنت أحضر حفلة في منزل أحد الأصدقاء عندما علمت بوفاة إيمي واينهاوس. أعلن أحد الحاضرين الخبر، وقام آخر بخفض صوت الموسيقى. أتذكر أنني جلست ورحت أقرأ الأخبار المثيرة للشكوك. كانت صغيرة جداً وكان الأمر برمته مأساوياً للغاية. لكن أحدهم قال بارتياب: "كانت في الـ27 من عمرها"، وكأن وحياً تفسيرياً قد نزل عليه للتو، متابعاً: "لقد انضمت إلى نادي الـ 27". أومأنا جميعاً بتأييد تام، أوه، كما لو أن الأمر أصبح منطقياً تماماً الآن. 

لكن هل الأمر كذلك حقاً؟ تعد ظاهرة "نادي الـ 27" التي تقول إن المشاهير يتوفون على الأرجح في سن الـ27 هي فقط أحد العوارض للإحساس المزعج والغريب الذي ينتابنا عندما يتوفى أحد المشاهير. نريد أن نضفي شيئاً من المنطق الكوني عليهم، شيئاً من قبيل أن واينهاوس قد "اختيرت" للانضمام إلى قاعة شهرة مرعبة إلى جانب جانيس جوبلين وجيمي هندريكس وكيرت كوبين - نجوم موسيقى الروك الذين ماتوا جميعاً في السن الصغيرة نفسها بشكل مؤلم. بقدر ما كان الأمر محزناً أن امرأة لم تبلغ الـ30 من العمر قد ماتت بطريقة مأسوية، كان الأمر كما لو كنا نجادل بأن لها جانباً إيجابياً من نوع ما، فقد نجحت في الوصول إلى ناد نخبوي. في أوقات الحزن الجماعي على رحيل شخص مشهور، يبدو أننا نركز على نماذج مثل هذه. خذوا مثلاً "قاعدة الثلاثة"، وهي ترتيب شبه خارق للطبيعة يزعم أن النجوم دائماً يلاقون خالقهم في مجموعات مكونة من ثلاثة أشخاص. يعتقد أن هذا التفسير بدأ عندما لقي كل من بادي هولي وريتشي فالينز و جايلز بيري (المعروف بـ بيغ بوبر) حتفهم سوية في حادثة تحطم طائرة عام 1959. وقد ثبتت صحة هذا "النموذج" مرات عديدة منذ ذلك الحين. في عام 2016 على سبيل المثال، فقدنا جورج مايكل وكاري فيشر وديبي رينولدز بفارق أيام بين وفاتهم. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أحد أحدث الأمثلة على هذه الحسابات الكئيبة هو "لعنة الغبطة"، وهي ظاهرة يقوم بتشريحها الوثائقي الجديد "ثمن الغبطة" The Price of Glee الذي تعرضه منصة ديسكفري بلس. تنظر السلسلة المكونة من ثلاثة أجزاء عن كثب في الوفيات المفاجئة والمأساوية لثلاثة أشخاص، هل لاحظتم ذلك، ثلاثة! هم أبطال مسلسل "غبطة" Glee الموسيقي الموجه لليافعين الذي كان رائجاً في العشرية الأولى من القرن. توفي كوري مونتيث، الذي لعب دور "دي جيه" فين، بسبب جرعة زائدة من المخدرات عن عمر يناهز 31 سنة عام 2013، بينما كان بث المسلسل مستمراً. أما مارك سالينغ الذي لعب دور باك، الشاب المتنمر في المدرسة، فقد مات منتحراً عن عمر يناهز 35 سنة عام 2018، قبل جلسة مقررة للنطق بالحكم عليه في قضية استغلال أطفال في مواد إباحية. وتوفيت نايا ريفيرا، التي كان لها حضور آسر في دور المشجعة سانتانا، غرقاً عن طريق الخطأ عام 2020 وكانت 33 سنة. دفعت وفاة ثلاثة أشخاص يربطهم العمل الإبداعي بتتابع سريع نسبياً كثيرين إلى الإصرار على أن لعنة ما قد حلت بفريق المسلسل. هل يمكن اعتبار الفيلم الوثائقي المثير الناتج غريباً ومقلقاً؟ حتماً. هل هو نظرة تشد المشاهد؟ الإجابة هي نعم أيضاً. يجب أن نعلم أن عملاً تلفزيونياً لا يستطيع إنزال لعنة بمجموعة من الممثلين، فلماذا نركز على الأمر لهذه الدرجة؟ مهما كانت الفكرة بعيدة الاحتمال، من الواضح أن هناك استعداداً جلياً للاعتقاد بأنها قد تكون ممكنة.

تقول عالمة النفس ناتاشا تيواري إن الإيمان باللعنات يلبي الحاجة إلى "فهم مأساة لا تبدو منطقية ما عدا ذلك... يمكن أن يكون سرد اللعنات مقنعاً تماماً؛ [فبإمكانها] توفير آلية للتكيف في الأوقات الصعبة، [أو في] الحالات التي تكون بخلاف ذلك مصدراً للحزن والقلق". وتقول إن عدم اليقين ليس نتيجة ثانوية غير مألوفة لوفاة شخصية عامة، ولكن وفاة الشباب على وجه الخصوص، إذ يتم تبني هذه النماذج بشكل شائع أكثر لتفسير الخسائر التي تحدث في عمر صغير جداً. تضيف عالمة النفس العيادي الدكتورة روبرتا باب أنه ليس لدينا في النهاية، شيء اسمه "نادي الـ 87 [للمشاهير الذين يتوفون في سن متقدمة]... يتعلق أي شيء من هذا القبيل حقاً بالموت المبكر... هذه طريقة لمحاولة الحداد على الأشخاص الذين ماتوا قبل أوانهم. الأشخاص الذين نعتقد أن لديهم كثيراً ليقدموه".

يرجع تركيزنا على مثل هذه النماذج في جزء كبير منه إلى حقيقة أننا لا نملك عادة المفردات الصحيحة لمناقشة الموت. يصح هذا بشكل خاص في العالم الغربي الأبيض الذي يزداد علمانية ويميل إلى الافتقار إلى طقوس الحزن الجماعية الموجودة في الثقافات الأخرى، خذوا مثلاً طقوس الحداد عند الهندوس أو يوم الأموات في المكسيك، يقول جوش سميث المستشار في مؤسسة ريليت المختصة بالعلاقات: "أعتقد أنه نظراً إلى افتقارنا إلى هذه الطقوس، إضافة إلى كوننا نعيش في عالم لا ينتشر فيه الموت كما كان حتى قبل 100 عام، نشعر أنه يمكننا تجنب التفكير فيه ... كما الحال مع أي تجاهل، فإنه سيتمكن منا في النهاية. يستطيع المشاهير توفير وسيلة للحديث عن الموت والخسارة تسمح لنا بأن نكون مراقبين أكثر من مشاركين، مما يمنحنا شيئاً من مسافة الأمان". 

قد يكون كذلك وسيلة لتطوير طقوس حداد جماعي خاصة بنا. تشير الدكتورة باب إلى الحزن المجتمعي حول الأميرة ديانا، وأخيراً الملكة، كأمثلة على حاجتنا إلى الحزن كمجتمع. تقول: "ما فقدناه هو فكرة الجماعية... أعتقد أن الحزن يجمع الناس معاً للأسف. انظر كيف اصطف الناس في الطوابير من أجل جنازة الملكة، فقد كانت تعني أشياء كثيرة مختلفة لعديد من الأشخاص المختلفين. مع ذلك، من المهم ملاحظة أن بعض الناس سيحزنون على فقدان الفرد بينما قد يمارس آخرون الحزن متمثلاً في فقدان ذلك الفرد".

مقصد الدكتورة باب هو أننا كثيراً ما نستخدم المشاهير كرموز لمشاعرنا الخاصة. إنهم يوفرون وسيلة لفهم حزننا والتعامل معه، بينما يكونون كذلك بعيدين بما يكفي بحيث لا نشعر به على مستوى شخصي جداً. إنه يشبه تجسيداً وهمياً لما سنشعر به عند مواجهة مأساة حقيقية. توضح باب: "الأميرة ديانا هي مثال رائع على كيفية استخدامنا لوفيات المشاهير للتعامل مع [مشاعرنا] تجاه الموت... سيطاولنا [الموت] جميعاً، لكنه أيضاً أحد التجارب التي لا يمكننا التحدث عنها حديث العارفين. لذا، وفي مسعانا للوصول إليه، فإننا نبالغ في تفسير معاني وفاة شخص مشهور. كل هذا بهدف فهم الموت، ولكنه أيضاً طريقة غريبة لتخليدهم، لإطالة أمد حزننا وإبقائهم على قيد الحياة لفترة أطول".

يقول كاتب سير الموسيقيين جيمس كورت، ومؤلف كتاب "نادي الـ 27" The 27 Club إنه يشعر كما لو أنه يتم الإبقاء على "المؤثرين" على قيد الحياة من خلال احتوائهم. يقول: "خذوا مثلاً أبرز ستة أعضاء في النادي: جانيس جوبلين وجيمي هندريكس وكورت كوبين وإيمي واينهاوس وجيم موريسون وبريان جونز. لقد كانوا في قمة عطائهم عندما ماتوا، وأعتقد أن هذا عامل مهم... لم يتقاعدوا أو يتراجعوا أبداً. بدلاً من ذلك هم أساطير تجمدت في الوقت المناسب. يجعل هذا كل شيء يبدو ساحراً بشكل غريب ويجعل بحث الناس في [النادي] مثيراً أكثر". 

أثناء تأليف كتابه، تمعن كورت في عديد من نظريات المؤامرة "المجنونة" على الإنترنت المحيطة بنادي الـ 27 - بما في ذلك النظرية القائلة إن أحد "الأعضاء" الأوائل، موسيقى البلوز من فترة الثلاثينيات، روبرت جونسون، قد عقد صفقة مع الشيطان. هل كانت مقايضة روحه بموهبة موسيقية عظيمة بمثابة بداية للنادي؟ يبدو التفسير مشابهاً للتكهنات التي تتسلل عبر وثائقي ’ثمن الغبطة’. ما الذي تسبب في وفاة كوري مونتيث في ذروة نجاحه؟ كيف غرقت نايا ريفيرا بشكل صادم؟ بالتأكيد يجب أن يكون هناك تفسير؟ مؤامرة كونية أو أرضية من نوع ما وراء كل ذلك بدلاً من شيء دنيوي صاعق؟ ولكن يبدو أن السلسلة الوثائقية وكتاب كورت يؤكدان أن موت هؤلاء الأشخاص لم يكن نتاجاً لتدخل قوة غيبية خبيثة. لقد ماتوا فقط بسبب قسوة الشهرة والضغط.

يقول كورت بحزن: "القاسم المشترك بين الأعضاء الستة الرئيسين في رابطة الـ 27 هو الشهرة الهائلة حقاً في وقت مبكر من الحياة ومقدار جنوني من الضغط، واتخاذ الأشخاص المحيطين بهم خيارات سيئة وامتلاكهم جميعاً آليات تأقلم غير صحية... النادي ليست نظرية مؤامرة أو لعنة بقدر ما هو قصة تحذيرية واقعية".

لكننا نتشبث بهذه النظريات الغريبة كآلية للتكيف. وربما لا يوجد ضرر حقيقي من ذلك عندما لا يتجاوز حداً معيناً. لأننا عندما نفقد الشباب الموهوبين الذين لا يزال لديهم كثير ليقدموه، سيبدو الأمر دائماً بلا معنى بطبيعة الحال.

بإمكانكم مشاهدة سلسلة "ثمن الغبطة" الوثائقية حالياً على منصة ديسكفري بلس Discovery Plus. 

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات