أدت قواعد الهجرة المطبقة في أعقاب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي [بريكست] إلى ثغرة في الأيدي العاملة تقدر بـ330 ألفاً منها داخل المملكة المتحدة، وكذلك ساعدت في إذكاء التضخم، وفق اقتصاديين رفيعي المستوى.
وخَلُص تقرير مشترك صادر عن اثنين من مراكز البحوث، هما "بريطانيا في أوروبا متغيرة" و"مركز الإصلاح الأوروبي"، إلى أن إنهاء حرية التنقل [بين بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي بعد خروجها منه] "يسهم بشكل كبير" في النقص الحالي في اليد العاملة. ووجدت هذه الدراسة أن القطاعات التي تتطلب أيدي عاملة قليلة المهارة، بما في ذلك صناعات الضيافة وتجارة التجزئة والبناء والنقل، قد تضررت بشدة من خسارة العمال [الذين توقفوا عن المجيء] من دول الاتحاد الأوروبي بعد بريكست.
ومع حلول سبتمبر (أيلول) 2022، حدث نقص كبير يقدر بحوالى 460 ألف عامل [كانوا يأتون] من بلدان الاتحاد الأوروبي. ولم تكفِ الزيادة في عدد العمال القادمين من خارج الاتحاد الأوروبي، وقد قُدرت بحوالى 130 ألف عامل، لتعويض هذا [النقص] بشكل كامل، بحسب التقرير.
وأوضح البروفيسور جوناثان بورتس وجون سبرينغفورد، وهما المؤلفان المشاركان، أنه "بصورة إجمالية، يعمل النظام الجديد بشكل عام على النحو الذي وعد به أنصار الخروج من الاتحاد الأوروبي". وأشار المؤلفان إلى أن النظام "مرهق للغاية بحيث بات من غير الممكن تعويض النقص في الأيدي العاملة في قطاعات الاقتصاد التي تتطلب مهارات منخفضة، وذلك بأثر من فقدان حرية التنقل، الأمر الذي يسهم في نقص العمالة". ووجهت مجموعات الشركات العاملة في مجالات الضيافة والزراعة والبناء، دعوة إلى الحكومة تحثها على تخفيف صرامة نظام احتساب النقاط في إعطاء تأشيرات الدخول إلى بريطانيا ما بعد بريكست. وكذلك دعت الشركات الحكومة إلى توسيع "قائمة المهن التي تعاني من حالات نقص". ولفت المؤلفان المشاركان للتقرير الجديد عن بريكست إلى أن التغيرات الرئيسة في أنماط الهجرة "ليست خللاً وإنما إحدى صفات" مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي. وأضافا أن "التأثير سيكون عميقاً على المدى الطويل على سوق العمل في المملكة المتحدة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واعتبر مركزا البحوث أن الشركات التي تعاني من نقص العمالة يمكن أن تستثمر في عمليات أتمتة أكبر. وحذر التقرير من أن "وجود مزيج مؤلف من أجور وأسعار أعلى وإنتاج أقل، بات من الأمور المرجحة، خصوصاً في العمل الذي تصعب أن تتولاه الآلات المؤتمتة".
ورأت جين غراتون التي تعمل في غرفة التجارة البريطانية، أنه "يجب على السياسيين أن يكونوا واقعيين في شأن المهارات التي نحتاجها من خارج المملكة المتحدة. لقد سمح لنا بريكست بالسيطرة على حدودنا ويجب على الحكومة استخدام الأدوات المناسبة من أجل مساعدة الشركات التي تعاني في الحصول على الأشخاص الذين تحتاجهم". وفي نفس مشابه، أشار سيتوارت روز، رئيس مجلس إدارة شركة مخازن "آسدا"، يوم الثلاثاء إلى أن المملكة المتحدة تعاني من التأثير "الكارثي لبريكست ويتعين عليها أن تنظر في أمر إقامة علاقات تجارية أوثق مع بروكسل". وأضاف روز المؤيد لحزب المحافظين، أن التجارة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي "لا تتدفق بسلاسة". وأضاف، "يمكنك أن نسميه اتفاق ميكي ماوس في رأيي الشخصي. يتوجب نسج علاقات تجارية أقوى مع أوروبا، لأننا نحتاج إليها".
واستكمالاً، يأتي ذلك مع تفاقم القلق في شأن نقص العمالة وعدد البريطانيين العاطلين عن العمل بسبب المرض. وأظهرت أحدث الأرقام التي نشرها "مكتب الإحصاءات الوطني"، يوم الثلاثاء، أن نسبة البطالة بلغت 3.7 في المئة، ما يعني أنها قد ارتفعت عما كانته في الربع السابق حين سجلت 3.5 في المئة.
وفي سياق متصل، دعا عمدة لندن صادق خان، الأسبوع الماضي، إلى منح العاصمة صلاحيات الهجرة الخاصة بها. وكذلك شجب "الضرر الهائل" الذي ألحقه بريكست بسوق العمل. وفي وقت سابق، طالبت الحكومة المحلية في اسكتلندا، التي يقودها "الحزب القومي الاسكتلندي"، بتفويضها الإشراف على استراتيجية التأشيرات والهجرة. إذ ذكر ألين سميث، وهو المتحدث في شؤون أوروبا باسم الحزب القومي الاسكتلندي، يوم الثلاثاء، أن "ما تدعو إليه الصناعات، لا سيما في اسكتلندا، هو زيادة الهجرة لإصلاح جوانب القصور التي تواجهها، وهذا أمر لا تستطيع حكومة المملكة المتحدة تحقيقه بسبب أيديولوجيتها المهووسة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي".
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، حذر أندرو بايلي محافظ "بنك إنجلترا" من أن نقص العمال في المملكة المتحدة يشكل "خطراً كبيراً" على إمكانية خفض التضخم بالسرعة المتوقعة.
وفي سياق مواز، ذكر متحدث باسم وزارة الداخلية أنه "يحق للجمهور أن يتوقع منا التحكم بالهجرة، وهذا هو السبب في أن نظامنا القائم على النقاط يوفر للمملكة المتحدة بأكملها المهارات والمواهب التي تحتاجها، وذلك من خلال موازنة عملية تحديد الأولويات مع تشجيع الاستثمار طويل الأجل في القوى العاملة المحلية". وأضاف، "لقد وسعنا نطاق العمال المهرة كي يشمل الوظائف التي تتطلب مهارات توسطة، فبات يغطي الآن 60 في المئة من الوظائف في الاقتصاد".
© The Independent