Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يقود نتنياهو إسرائيل إلى أتون حرب أهلية؟

تجاهل تحذيرات المعارضة من خطة "إخضاع القضاء" وتصعيد شعبي مرتقب يهدد بشل المرافق الاقتصادية

أعلنت شرائح اجتماعية متعددة في إسرائيل أن الحكومة الحالية تشكل خطراً على مستقبلهم وحياتهم اليومية (أ ف ب)

لم تجد نفعاً صرخات نحو 80 ألف إسرائيلي احتشدوا في تل أبيب وحيفا والقدس، على رغم الأمطار الغزيرة، لمنع تنفيذ الخطة القضائية التي طرحها وزير القضاء الإسرائيلي ياريف ليفين، حيث أعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مصادقته المطلقة على ما سموها خطة الإصلاح القضائي، واتفق مع أحزاب ائتلاف حكومته على طرح أول نقاش في الكنيست حول بنود من الخطة، الإثنين، كما سيعقد رئيس لجنة الدستور سيمحا روثمان اجتماعاً للجنة يفترض أن يناقش "مكانة المستشار القضائي للحكومة".

ويشكل موضوع مكانة المستشار القضائي للحكومة خلافاً مركزياً بين الحكومة والجهاز القضائي والمعارضة، حيث إن المصادقة عليه تعني أن وزراء الحكومة سيكونون قادرين على التصرف بشكل مخالف لموقف المستشارين القانونيين من دون معارضة، ليس هذا فحسب، فالتغييرات التي تشملها خطة ليفين ستتيح لنتنياهو تعيين القضاة الذين سيديرون محاكمته بتهم الرشوة والفساد.

إضراب يشل الاقتصاد

شكلت التظاهرة التي دعت إليها المعارضة في تل أبيب، ليلة السبت، تصعيداً غير مسبوق ضد الحكومة الإسرائيلية، حيث إن الالتفاف الجماهيري الواسع ضد سياستها وأحزاب ائتلافها من اليمين المتطرف يتزايد يومياً، ووصل ذروته في تجاوب الشارع الإسرائيلي بعد عرض وزير القضاء خطته القضائية التي سماها "إصلاح القضاء"، في حين أطلق عليها المعارضون، وبينهم رئيسة المحكمة العليا، تعبير "تدمير القضاء". كما أن الدعوة التي أطلقها وزراء اليمين المتطرف، وفي مقدمتهم إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموطرتش، لاعتقال رئيس الحكومة السابق يائير لابيد، ووزير الأمن السابق بيني غانتس، أشعلت حراكاً جماهيرياً لم تشهده إسرائيل، تماماً كما لم يسبق لأي وزير في الحكومة أن طلب اعتقال رئيس حكومة أو وزير، خصوصاً وزير الأمن، لمجرد تصريحات ومواقف، وهو أمر اعتبره سياسيون وخبراء غاية التدهور السياسي والأخلاقي والاجتماعي، ويعكس وضعاً ينذر بالتسارع نحو حرب أهلية غير مسبوقة في إسرائيل.

مع إعلان نتنياهو دعمه خطة ليفين، حتى بعد تظاهرة الثمانين ألفاً، احتدم الصراع بين الحكومة وأحزاب ائتلافها مدعومة بمختلف شرائح المجتمع اليهودي المتدين، والمعارضة مدعومة بشرائح اجتماعية متعددة أعلن بعضها أن الحكومة الحالية تشكل خطراً على مستقبلهم وحياتهم اليومية.

يرى عضو الكنيست السابق يائير غولان أن "أمام المواطنين غير المستعدين للعيش في ظل الحكومة الحالية أداتان لاستخدامهما والتعبير عن معارضتهم للحكومة من خلالهما وهما التظاهر والإضراب.

وأضاف غولان أن "تظاهرات السبت ستتواصل بقوة من بلدة إلى بلدة ولن تقتصر على هذا اليوم، ونعد لإضراب كبير من شأنه أن يعطل المرافق الاقتصادية، إلى أن تدرك هذه الحكومة السيئة أنه ليس بإمكانها إلغاء الديمقراطية".


وسيط لمنع حرب داخلية

منذ تشكيل الائتلاف الحكومي، سعى الرئيس إسحق هرتسوغ إلى التخفيف من حدة الخلافات والصراعات بين الطرفين ومواجهة تصريحات متطرفة أطلقها بن غفير وسموطرتش، وبعد وصول الخلاف إلى جهاز القضاء وإعداد خطة ليفين، دعا هرتسوغ إلى لقاء بينه ورئيسة المحكمة العليا إستير حيوت، لكن شيئاً لم يساعد في أي تغيير، بل إن قياديين في حزب "الليكود" أعلنوا أنه لن تجرى أية تغييرات جوهرية في خطة ليفين، فيما حذرت جهات قضائية من أن المصادقة على خطة ليفين ستقود إلى أزمة دستورية غير مسبوقة في إسرائيل.

وفي حين رأت جهات في المعارضة أن محاولات هرتسوغ التوصل إلى تسوية بين الائتلاف والمعارضة تجري من أجل "تبرئة الذمة"، قال مسؤول في وزارة القضاء، إن تغييرات طفيفة في خطة ليفين لن تكون كافية، لأن هذه الخطة هي خطوة شاملة ومتطرفة تتطلب تغييرات دراماتيكية في جميع عناصرها.

في ذروة الغضب الجماهيري على سياسة الحكومة الإسرائيلية وخطة وزير القضاء، اشتعلت معركة لا تقل خطورة بين ياريف ليفين ورئيسة المحكمة الإسرائيلية العليا إستر حيوت، التي خرجت عن صمتها وما هو متبع من قبل القضاة الذين لا يخرجون للرأي العام أو الإعلام للتعبير عن موقف خاص للمحكمة.

لكن البنود التي تشملها خطة ليفين وتمس بشكل كبير المحكمة العليا وديمقراطيتها، دفعت بحيوت إلى الحديث المعلن والرد على الخطة، إذ إن أحد البنود الإشكالية فيها هو منع المحكمة العليا من إلغاء بنود في قوانين أساس، وستنفذ الخطة من خلال إجراء تعديلات على قوانين من هذا النوع، علماً بأن المحكمة العليا لم تلغ قوانين أساس، وإنما ألغت عدداً قليلاً من البنود في قوانين كهذه على مدار ثلاثة عقود.

كما تقضي خطة وزير القضاء بمنع المحكمة العليا من استخدام ما هو معروف بـ"ذريعة عدم المعقولية"، بهدف أن يتمكن نتنياهو من إعادة تعيين درعي وزيراً في حال قررت المحكمة العليا إلغاء هذا التعيين، وعندها قد تستخدم المحكمة أدوات قانونية أخرى من أجل التدخل في قرار نتنياهو، وستحاول الحكومة التغلب على ذلك أيضاً وتكرار هذه العملية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي حديث لها حول الخطة، خلال مشاركتها في مؤتمر لجمعية القانون الجماهيري، اعتبرت حيوت الخطة بمثابة "تغيير هوية الديمقراطية في الدولة"، رافضة مبررات مؤيدي خطة ليفين التي اعتبرتها "غير صحيحة"، وقالت "خطة ليفين لتقويض المحكمة العليا هجوم منفلت على النظام القضائي كأنه عدو يجب مهاجمته وإخضاعه"، مضيفة أن الأشخاص الذين يقفون وراء الخطة يسمونها بشكل ساخر خطة لـ"إصلاح النظام القضائي"، لكنها في الحقيقة خطة لـ"سحق نظام العدالة"، فمن دون استقلال القضاء لن يكون القضاة قادرين على أداء دورهم.

وشددت حيوت على أن تنفيذ الخطة سيعرض "الهوية الديمقراطية للدولة إلى ضربة قاصمة، إذ إن إلغاء قوانين في إسرائيل أمر نادر جداً مقارنة مع دول ديمقراطية أخرى، وذريعة المعقولية ضرورية، والمحكمة بالذات تقلل من استخدامها، ولا توجد للقضاة أغلبية في لجنة تعيين القضاة، والنقاشات فيها ليست سرية أكثر من أي نقاش آخر في الحكومة".

وحول ما تضمنته الخطة لتسييس تعيين القضاة، قالت حيوت إن "تشكيلة لجنة تعيين القضاة تقررت قبل 70 عاماً بالموافقة الكاملة لمناحيم بيغن، الذي كان حينها في المعارضة، وكانت هذه إشارة غير لطيفة لوزير القضاء ليفين، الذي تفاخر بأن بيغن كان عرابها في خطاب ألقاه على الفور".

وتعرضت حيوت لهجوم حاد من قبل وزراء وأعضاء في الكنيست من الائتلاف الحكومي، واعتبرت وزيرة المواصلات ميري ريغف أن خطاب حيوت "أسقط الأقنعة في الجهاز القضائي، ويعكس موقفاً متماثلاً مع المعارضة والمتظاهرين ضد خطة ليفين".

تضامن قضائي واسع

في حين يستمر الصراع بين الحكومة وجهاز القضاء، وقع قضاة ومستشارون قضائيون سابقون، ممن تولوا المنصب خلال الخمسين عاماً الماضية، على عريضة اعتبروا فيها أن خطة ليفين "وسيلة لإضعاف جهاز القضاء وتهدد بتدميره".

وجاء في العريضة "نحن مقتنعون بأن هذه الخطة لا تبشر بتحسين الجهاز وإنما تهدد بتدميره، فهي تقترح تغيير طريقة تعيين القضاة، بالتالي تحويل المحكمة العليا من مؤسسة مستقلة تحكم من دون خوف ولا نفاق إلى هيئة شبه سياسية ستكون منحازة للحكم، كما أن الخطة تقيد بشكل كبير صلاحيات المحكمة بممارسة الرقابة القضائية الناجعة على الحكم كي لا يستخدم بشكل سلبي، وتسمح للأغلبية الائتلافية بشرعنة أية خطوة سلطوية مهما كانت مرفوضة ومضرة".

وطالبت العريضة الحكومة بالتراجع عن خطة ليفين، ومنع استهداف جهاز القضاء وسلطة القانون، من أجل الحفاظ على إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، والقيم التي عبرت عنها وثيقة الاستقلال".

إلى ذلك، انعكست المعارضة الشعبية الواسعة ضد الحكومة وخطة ليفين في استطلاعات الرأي التي دلت على أن غالبية الإسرائيليين يشعرون بتهديد متزايد لأسلوب حياتهم في ظل الحكومة اليمينية في إسرائيل.

وبحسب المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، فإن 70 في المئة من اليهود العلمانيين قلقون في شأن ما يمكن أن تعنيه القوة المتزايدة للجماعات الدينية واليمينية المتطرفة في المجتمع الإسرائيلي بالنسبة إليهم.

المزيد من تقارير