Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المبادرات سلاح الليبيين "الأخير" ضد السرطان

الحكومة تتجاهل معاناتهم وحملات إلكترونية لإنقاذهم عبر جمع التبرعات

الأرقام الرسمية في ليبيا توضح أن أعداد المصابين بالأورام السرطانية في البلاد تقارب 25 ألف مريض (اندبندنت عربية)

يقطع مرضى السرطان في ليبيا آلاف الكيلومترات للذهاب لأحد المراكز الحكومية المتبقية في البلاد المتخصصة في علاج الأورام للحصول على جرعات من الكيماوي.

على رغم المشقة فإنه كثيراً ما يتعذر الحصول على الأدوية المطلوبة في المرافق الحكومية، مما يدفع المرضى إلى توفيرها على نفقتهم الخاصة، في ظل زيادة فاحشة بأسعار الأدوية.

الأرقام الرسمية في ليبيا توضح أن أعداد المصابين بالأورام السرطانية في البلاد تقارب 25 ألف مريض، بينهم نحو سبعة آلاف طفل.

كلف باهظة

يقول حسن يونس إن ابنه ما زال يعاني ألم الجرعات الكيماوية ووخز الإبر، وفي الوقت نفسه يواصل المسؤول الليبي الاسترزاق من ألم المواطن.

وأضاف يونس لـ"اندبندنت عربية" أن هناك مريضاً أقفلت عليه منحة العلاج ليموت بسرعة ومن دون إزعاج، وهناك طفل آخر في مدينة ليبية يحتضر بسبب عدم توافر الدواء بالداخل، مما يصعب على ذوي المرضى علاجهم.

وأشار إلى أنه عند إصابة أحد المسؤولين أو أي من أقربائه بالرشح ينقل إلى أفضل مستشفيات العالم، لافتاً إلى أن أحد المسؤولين اليوم يعالج ويتنقل بين أكبر المستشفيات بطائرة مخصصة بوحدة العناية المركزة ICU من دولة إلى أخرى وأن كلفة علاج عائلات المسؤولين تكفي علاج كل مرضى السرطان.

 

يقطع عبدالله غيث نحو ألف كيلومتر من جنوب البلاد حتى يتلقى ابنه وسام جرعة العلاج الكيماوي، لعدم وجود مراكز لمرضى الأورام بالقرب منهم، وما زال ينتظر توافر جرعات إضافية من قبل المتبرعين بسبب توسع انتشار الورم في الدم لدى نجله.

وقال غيث "لقد وضعت بيتي لدى السمسار لبيعه حتى أتمكن من شراء الجرعات لابني الوحيد، أشعر بالإحباط واليأس من الإهمال الذي يتعرض له المرضى من قبل المسؤولين".

يتوافد على المركز مرضى من الشرق والغرب والجنوب، حيث تعاني البلاد نقصاً في الأدوية والمعدات، كما أن كثيرين من الموظفين الأجانب، الذين كان يعتمد عليهم نظام الصحة، غادروا البلاد، واضطر المركز إلى اللجوء للمنظمات الخيرية والجهات المانحة ليواصل عمله.

دولة غنية بالنفط

مدير المعهد القومي لعلاج الأورام محمد الفقي قال إن عدد المرضى الذين يتوافدون على المركز بشكل سنوي لا يقل عن 300 ألف حالة.

وأضاف الفقي لـ"اندبندنت عربية" أنهم وضعوا استراتيجية للمحافظة على مخزون الأدوية وعدم تسربها نتيجة المعاملات العاطفية، وفقاً للتشخيص والطرق السليمة في إعطائها للمرضى ولا يتهاون فيها بالمطلق لعدم تسرب الأدوية وبيعها بالسوق السوداء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار إلى أن وزارة الصحة وديوان المحاسبة ومصرف ليبيا المركزي على رأسها أشخاص تحكمهم الأمزجة أكثر من القوانين في الوقت الحالي، وهذا ما يقف حجر عثرة أمام توفير الأدوية نتيجة الصراع السياسي والخلل الإداري في البلاد.

وعند سؤاله عن الحلول لتوفير الأدوية في ظل هذه المعضلة، أجاب بأنه منذ سنوات ونحن نعتمد على المنظمات الخيرية والتبرعات العينية والتعاضد والتكافل الموجود لدى بعض المؤسسات.

أضاف أن "أسعار الأدوية الكيماوية باهظة جداً حتى على الدولة، وأن بعضها يتجاوز السبعة آلاف يورو، وأن التبرعات قد تسد جزءاً بسيطاً من احتياجاتنا، لكن لا يمكن أن تغطيها بشكل كامل".

ولفت الفقي إلى أنه منذ ست سنوات لديهم أجهزة للعلاج بالطب النووي ما زالت مغلفة حتى اليوم، لعدم توافر المواد المشغلة التي تتطلب استيرادها من دول لديها مفاعلات نووية بشكل دوري حتى يمكن توفيرها للمرضى.

معضلة جديدة

تشهد مستشفيات ليبيا نقصاً حاداً في الكوادر الطبية، بينما يعاني المواطنون تذبذب الخدمات الصحية ومشارفة بعضها على تخطي طاقتها القصوى في استيعاب المرضى، والتي وصلت إلى نسبة تتجاوز 60 في المئة.

وكانت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة أوقفت التعامل مع الأطباء والممرضين المتعاونين بحجة تحمل الدولة التزامات مادية تفوق المخصصات المالية.

وفي هذا الصدد، قالت إحدى الممرضات إن مثل هذه القرارات غير المدروسة قد تتسبب في إغلاق كثير من المراكز الصحية المعتمدة على المتعاونين.

 

وأضافت "نحن كمتعاونين في بعض الأحيان لا نستطيع العمل على 20 حالة لإعطاء الجرعات أو الاهتمام بالمرضى، وكل هذا بوجود متعاونين أمثالنا وليس كافياً، فكيف إذا توقف التعاون؟".

ويتخطى عدد المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية الـ150 موزعة على مختلف مدن ليبيا، لكنها تعاني ظروفاً صعبة مماثلة على مستوى الإمداد الطبي وبعضها مغلق لانعدام الظروف التشغيلية.

حملات إلكترونية

من جهة أخرى، أجرى أحد المشاهير على "تيك توك" بثاً مباشراً على حسابه الخاص واستمر لعشرة أيام متواصلة جمع خلالها 70 ألف دينار ليبي (15 ألف دولار) لشراء الأدوية الخاصة بالمرضى في محاولة منه لسد العجز الحاصل ولو بشكل بسيط.

صلاح خضورة صاحب الحملة قال لـ"اندبندنت عربية" إن الفكرة ترتكز على إيصال صوت المرضى لدعمهم داخل مراكز الأورام، وإن غلاء أسعار الأدوية وعدم قدرة بعض المواطنين على شرائها هو ما جعلنا نتجه لاستغلال إحدى المنصات الإلكترونية بصورة إيجابية لجمع التبرعات، بحسب وصفه.

 

وتواصل حملة التبرع لصالح مرضى السرطان بمدينة مصراتة نجاحها في تحقيق رسالتها بدعم أبطال السرطان وسط تفاعل كبير لدعم أهداف الحملة حتى يتمكن صناع المحتوى من توفير الجرعات اللازمة لهم.

فيما يطالب الأطباء العاملون بمراكز الأورام بالحصول على جرعات علاج الكيماوي لأحد المرضى على "فيسبوك"، مما سبب هجوماً لاذعاً للحكومة لاهتمامها بمشاغل أخرى.

وكانت وزارة الصحة الليبية تقدم دعماً لمراكز السرطان، لكنها توقفت عن ذلك بسبب تعاقب الحكومات، على رغم كل هذه الصعوبات لم يفقد المرضى الأمل في الحصول على العلاج حتى ولو من خلال التبرعات.

المزيد من صحة