انخفضت قيمة العقارات التجارية في بريطانيا بمقدار 130 مليار جنيه استرليني (158 مليار دولار)، العام الماضي، إذ تضرر أصحاب العقارات من الارتفاع السريع في أسعار الفائدة واحتمال حدوث ركود.
وانخفضت قيم رأس مال العقارات التجارية بنسبة ثلاثة في المئة، الشهر الماضي وحده، وفقاً لأحدث مؤشر شهري من شركة العقارات والاستثمار "سي بي آر أي غروب".
ويعني الانخفاض الشهري في ديسمبر (كانون الأول) أن العقارات التجارية خسرت 13.3 في المئة من قيمتها في عام 2022، مما أدى إلى مسح نحو 130 مليار جنيه استرليني (158 مليار دولار) من قيمة عقارات بريطانيا التي تبلغ قيمتها تريليون جنيه استرليني (1.2 تريليون دولار) من المستودعات التجارية ومراكز التسوق والمكاتب.
ويتناقض الانخفاض بشكل حاد مع العام السابق، إذ ارتفعت القيم بنسبة 13.8 في المئة وسط انتعاش ما بعد إغلاق "كوفيد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كانت الوحدات الصناعية هي الأكثر تضرراً في ديسمبر، حيث فقدت 4.4 في المئة من قيمتها، مع أداء المستودعات في الجنوب الشرقي بشكل سيئ للغاية، ولكن على مستوى العام لم تحقق المباني الصناعية خسارة المباني التجارية.
وانخفضت قيم المكاتب بنسبة ثلاثة في المئة بشهر ديسمبر، على رغم أن المكاتب المركزية في لندن صمدت بشكل جيد نسبياً، حيث خسرت تقييماتها 2.3 في المئة. وكان أداء المباني المكتبية في البلدات المحيطة بالعاصمة أقل جودة، حيث انخفضت قيمتها بنسبة 5.3 في المئة.
وانخفضت قيم رأس مال التجزئة بنسبة 2.5 في المئة، وكانت المحلات التجارية خارج الجنوب الشرقي تعاني بشكل خاص، فيما سجلت ارتفاعاً طفيفاً في الإيجارات في ديسمبر.
الفائدة المرتفعة
قللت القفزة السريعة في أسعار الفائدة من جاذبية العقارات للمستثمرين الذين يمكنهم الآن شراء سندات حكومية ذات عوائد مماثلة، ولكن مع مخاطر أقل. ونتيجة لذلك يحتاج المستثمرون لتحقيق عائدات مرتفعة من العقارات حتى يتجهوا للاستثمار فيها، وهذا عكس الواقع.
وفي حالة عدم وجود نمو إيجاري ملموس، فالقيم الرئيسة يجب أن تنخفض. وأدت أسعار الفائدة المرتفعة إلى ارتفاع كلفة الاقتراض، مما أدى إلى توقف سوق العقارات التجارية تقريباً، كما اضطرت بعض الصناديق العقارية إلى تقييد عمليات السحب من المستثمرين لأنهم لا يستطيعون بيع المباني بالسرعة الكافية لمواكبة ذلك.
ومن المتوقع أن يستمر الألم لفترة أطول، وفقاً لـبنك "غولدمان ساكس"، الذي يتوقع انخفاض قيمة العقارات التجارية في بريطانيا بما يصل إلى الخمس بحلول نهاية عام 2024 مقارنة بالصيف الماضي.
ويعتقد بعض محللي السوق أن أسعار الفائدة، المضرة بقطاع العقارات ستبدأ في الارتفاع مرة أخرى في الأشهر المقبلة.
وقال هولغيت، "مع تفاقم الركود من المرجح أن ترتفع معدلات القروض العقارية، لذا أتوقع أن تكون ذروة أسعار الرهن العقاري في أواخر العام".
تضاعف مدفوعات الرهن العقاري
يعاني 800 ألف أسرة في بريطانيا تضاعفاً في مدفوعات الرهن العقاري الشهرية بنحو ثلاث مرات تقريباً هذا العام في ضربة أخرى لكلفة المعيشة.
وسيضطر ما يقدر بنحو 1.4 مليون من أصحاب المنازل إلى إعادة رهنها هذا العام، وفقاً لبيانات من مكتب الإحصاءات الوطنية. وقال مكتب الإحصاء الوطني إن 57 في المئة يسددون حالياً بمعدلات (2 بنس) أو أقل، مما يجعلهم عرضة للزيادات الحادة عندما ينتقلون إلى صفقات جديدة.
وتفرض البنوك، اليوم، فائدة متوسطة 5.75 في المئة على الرهن العقاري الثابت لمدة عامين و5.57 في المئة للإصلاح لمدة خمس سنوات، وفقاً لأرقام من موقع "موني فاكتس".
وتعني المعدلات الحالية أن 798 ألف من حاملي الرهن العقاري سيرون كلفة قروضهم العقارية تتضاعف ثلاث مرات تقريباً عند إعادة الرهن، حيث ترتفع من 2 بنس أو أقل إلى أكثر من 5 بنسات.
وسيشهد مالك المنزل الذي لديه رهن عقاري لمدة 25 عاماً على عقار بقيمة 250 ألف جنيه استرليني (304.2 ألف دولار) زيادة مدفوعاته الشهرية بمقدار 516 جنيهاً استرلينياً (627.9 دولار) إلى 1416 جنيهاً استرلينياً (1.7 ألف دولار) بناءً على المعدلات الحالية.
وقال مكتب الإحصاءات الوطنية إن المعدلات المرتفعة ستضر بالمقترضين الأصغر سناً بشكل أكبر، حيث إن عديداً منهم لديهم قروض عقارية ذات نسب أقل من القروض إلى القيمة، كما يميل المقترضون الأصغر سناً إلى امتلاك مدخرات أقل للرجوع إليها في حالة حدوث صدمة مالية.
وقال مكتب الإحصاءات الوطني إن القفزة في كلفة الإسكان ستكون أقل دراماتيكية بالنسبة إلى العائلات التي تجدد الصفقات في عام 2024. وسيكون كثير منهم على صفقات ثابتة لمدة عامين يتم إبرامها في عام 2022 عندما بدأت الأسعار في الارتفاع بالفعل.
وكان تحليل لبنك إنجلترا نشر في ديسمبر، قد قدر أن ستة ملايين شخص سيواجهون أقساط رهن عقاري أعلى بحلول نهاية عام 2025 من خلال مزيج من إعادة الرهن ومعدلات أعلى على القروض المتغيرة.
وقال البنك إن الأسرة المتوسطة التي تنتهي صفقاتها هذا العام ستدفع 250 جنيهاً استرلينياً (304.3 دولار) إضافياً في الشهر.
ارتفاع كلفة الإسكان
كان معدل الفائدة الفعلي على جميع الرهون العقارية المستحقة ذات السعر الثابت 2.08 في المئة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، وفقاً لبنك إنجلترا.
وترتفع كلفة الإسكان بشكل حاد بعد عدة زيادات كبيرة في أسعار الفائدة من قبل بنك إنجلترا لترويض التضخم، في حين تتوقع الأسواق مزيداً من الزيادات في الأشهر المقبلة.
ومن المقرر أن يصل نشاط إعادة التصنيف هذا العام إلى ذروته بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران)، وفقاً لتحليل المكتب الوطني للإحصاء، حيث من المتوقع أن تسعى 371 ألف أسرة إلى الحصول على صفقات جديدة خلال هذه الفترة.
وتتوقع الأسواق حالياً أن يصل سعر الفائدة الأساسي لبنك إنجلترا إلى 4.45 في المئة بحلول يونيو (حزيران) المقبل.
وأفاد مكتب الإحصاءات الوطنية أن 45 في المئة من الأسر كانت قلقة في شأن ارتفاع أسعار الفائدة في ديسمبر الماضي.
ارتفاع الإيجارات
قال مكتب الإحصاءات الوطنية إن كلفة الاقتراض المرتفعة تؤثر أيضاً على قطاع الإيجارات، حيث تنمو الإيجارات بأسرع معدل منذ بدء السجلات في عام 2016، حيث أقر واحد من كل أربعة مستأجرين شملهم الاستطلاع في ديسمبر أن مدفوعاتهم الشهرية ارتفعت في الأشهر الستة الماضية.
وقال صامويل ماثر هولغيت، من شركة "ماذر أند موراي فاينانشال للاستشارات"، "لا شك في أن الملاك يمررون هذه الكلفة إلى المستأجرين، مما يضر بشدة الدخل المتاح للناس".