Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نواب ليبيا في القاهرة... الانقسام ومعارك "طرابلس" يعرقلان "مساعي لم الشمل"

خبراء: الحوار تجاوزه الزمن وأطرافه غير فاعلة... والبرلمانيون عجزوا عن الاتفاق تحت القبة

بينما كان السفير المصري في ليبيا محمد أبو بكر يتواصل مع نواب ليبيين من جميع الأطياف السياسية والأقاليم الليبية في محاولة جديدة من دولة الجوار الليبي التي تتولى رئاسة الاتحاد الأفريقي من أجل لمّ شمل الفرقاء الليبيين، كان دوي سلسلة من التفجيرات الإرهابية المتزامنة تتعالى في بنغازي خلال جنازة اللواء خليفة المسماري، لينجو منها عشرات من ضباط وقادة الجيش الوطني الليبي وعلى رأسهم اللواء أحمد المسماري المتحدث باسم القيادة العامة للجيش، ويقضى أجل آخرون، ليجدد الجيش الليبي عزمه من جديد على مواصلة معارك "تحرير العاصمة"، فللمرة الثانية يجد الجيش الليبي نفسه في موقف "المغدور" خلال عدة أيام بعد واقعة تصفية أسرى من الجيش في مدينة غريان التي استطاعت القوات الموالية لحكومة الوفاق استعادتها من سيطرة الجيش ليفقد نقطة تقدم مهمة حققها بعدما يزيد على 3 أشهر من المعارك التي انطلقت في أبريل (نيسان) الماضي لتحرير العاصمة.

 

ووسط إعلان بعض النواب المحسوبين على تيار الإخوان في ليبيا مقاطعتهم للدعوة المصرية، وتقليل آخرين من النتائج المتوقعة لأي مساع سياسية حاليا أي كان الطرف القائم برعايتها في ظل التصعيد العسكري، وصل عشرات البرلمانيين الليبيين إلى القاهرة في زيارة تستغرق 3 أيام تشمل اجتماعات بينهم ولقاءات أخرى في مقر مجلس النواب المصري، فضلا عن زيارة وفد منهم لجامعة الدول العربية ووزارة الخارجية المصرية، وإجراء مباحثات مع اللجنة الوطنية المصرية المعنية بالأزمة الليبية التي يشارك فيها كبار المسؤولين من القوات المسلحة ووزارة الخارجية والأجهزة الأمنية ذات الصلة، بالإضافة إلى لقاء رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.

توحيد مجلس النواب
مع انطلاق ردود الفعل إزاء الدعوة المصرية، ساد الاعتقاد بأن هدف الاجتماع هو البحث عن مخرج للأزمة السياسية المتفاقمة في البلاد بتداعياتها العسكرية المعقدة، لكن مع بدء المناقشات بين النواب الليبيين في القاهرة يوم السبت تبلورت فكرة السعي لتوحيد مجلس النواب الليبي المتشظي نفسه، كونه الكيان الوحيد المنتخب الممثل للشرعية الشعبية في ليبيا، وصاحب الدور المفصلي في إقرار أي خارطة طريق للمرحلة الانتقالية.

وزار وفد من مجلس النواب، يوم السبت، مقر البرلمان المصري، للمشاركة في أعمال الاجتماع الذي ترعاه اللجنة الوطنية المصرية المعنية بليبيا، وقال نائب رئيس البرلمان العربي، عضو مجلس النواب المصري اللواء سعد الجمال "إن اللقاء جاء للتأكيد على مساندة ودعم البرلمان المصري للممثل الشرعي للشعب الليبي، وفي إطار الجهود المصرية لتوحيد رؤى النواب الليبيين تجاه حل سياسي يقوده البرلمان الليبي"، موضحا "أن المناقشات استهدفت إنهاء الخلافات للوصول إلى حل يوحد البرلمان، للحفاظ على وحدة وسلامة البلاد".

كما شدد الجمال على "أن أمن ليبيا جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، ووضع ليبيا فوق كل اعتبار سواء كانت قبلية أو سياسية أو طائفية"، مؤكداً "أنه لن يتم السماح مطلقاً بتقسيم ليبيا مهما كانت التحديات".

 

وبدوره، وجه رئيس مجلس النواب المصري علي عبد العال، "بضرورة تسخير كل إمكانيات المجلس لخدمة القضية الليبية". وشدد "أن أمن ليبيا القومي على أولويات مصر، ولن ندخر جهداً في حل الأزمة وتحقيق التوافق بين كافة الأطراف الليبية".

واعتبر عضو مجلس النواب الليبي عيسي العريبي "أن اللقاء التشاوري بين النواب في القاهرة يأتي كمبادرة من الجانب المصري وكخطوة أولى لتوحيد مجلس النواب"، مؤكدا "أن أعضاء البرلمان يتطلعون لتوحيد صفوف المجلس للمساهمة في حل الأزمة الليبية"، معرباً عن "تفاؤله باللقاءات التشاورية التي ستجرى في القاهرة خلال الفترة المقبلة".

واعتبر العريبي في تصريحات صحافية على هامش اللقاءات "أن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دوليا فايز السراج أصبح رهينة للميليشيات المسلحة التي تسيطر على طرابلس، وهو ما يحتاج لدور فاعل لمجلس النواب باعتباره الجهة التشريعية الوحيدة في ليبيا".

وقال عضو مجلس النواب عن الجنوب محمد آدم لينو "إن اجتماعات القاهرة بداية لسلسلة لقاءات واجتماعات تشاورية بهدف لم الشمل والدفع بالحل السياسي وتوحيد المؤسسات السيادية في البلاد".

لا صوت يعلو فوق صوت المعركة
"الحل في ليبيا ليس بيد أعضاء البرلمان، إنما عند حاملي السلاح وقادة الحرب"، هكذا تحدث رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني العام والجامع الليبي محمد عبدالسلام العباني، الذي أكد لـ"اندبندنت عربية"، "أن الوحيد الذي يمكن التحاور معه وله كلمه في ذلك القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر لأنه يقود جيشاً منظماً، وأن كل المنطقه الشرقية تمثل حاضنة له، أما المنطقه الغربية فهي غير موحدة، وتتلقى أوامرها من جهات عدة ذات توجهات مختلفة، ونسعى لتوحيد المنطقة الغربية وفك الميليشيات المسلحة ودمج من أراد الالتحاق بالجيش والشرطة وتوحيد مؤسسات الدولة وتشكيل حكومة طوارئ مصغرة"، ولفت إلى أن عدم استجابة أطراف بالمنطقة الغربية للدعوة المصرية على أهميتها، يرجع إلى "اعتبارهم أن مصر طرف في الشأن الليبي، في وقت يتكون أغلب قادتهم من الإخوان وعلاقاتهم بتركيا أقوى".

أما عن حالة الجمود العسكري الراهن التي تسيطر على مشهد الصراع المسلح في ليبيا مع تمركز قوات الجيش الوطني الليبي على أطراف العاصمة، فأوضح الدكتور عبدالله حديد الباحث بمركز ليبيا للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية، "بالنسبة للصراع العسكري ورغم مرور مئة يوم على بدايته، فإنه حافظ على وضعية معينة، فالمهاجم حقق انتصارات في البداية، ثم استقر على تخوم العاصمة، وحاليا يسيطر على ترهونة وامتداداتها إلى العاصمة، بعد أن فقد موقعا مهما وهي غريان. أما المدافع استطاع أن يُؤمّن العاصمة من دخول الطرف الثاني إليها، مع عدم قدرته على الهجوم، ربما لعدم وضوح القيادة، إلا أنه يعتمد المفاجأة باعتباره الأكثر معرفة بجغرافيا المعركة".

وتابع حديد "أما عودة الحوار السياسي مع اليقين أنه لا مستحيل فيها إلا أنه من الصعب في هذه الأيام الحديث عن عودة الحوار السياسي، لأن هذه الحرب وقعت والجميع يترقب عقد حوار تم الاتفاق على مخرجاته، وإرضاء الأطراف وتحقيق طموحاتها. مما جعل البعثة الأممية في موقف تحتاج فيه تجديد الثقة وخصوصا مع مقاتلي المنطقة الغربية، وقياداتهم".

 

وأضاف، "في رأيي أننا أمام حوار ناجح شكليا وفاشل جوهريا، وسيكون بين غير الفاعلين الحقيقيين، ممن لديهم التمثيل السياسي، فهذا قد ينجح شكليا ولكن غالبا لن يؤدي إلى نتائج على أرض الواقع".

ونفى حديد وجود فرصة للحوار بين المجلس الرئاسي برئاسة فايز السراج والمشير خليفة حفتر، "من الصعب حدوثه، ولو تم لن تكون فائدته واضحة لأننا أمام مشهد معقد،  لكن ربما لو أجري حوار من القاعدة الشعبية برؤية واضحة في حل المشكلة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، يتجاوز الخلافات السياسية والانقسامات الحالية، سيكون فيه نواة حل دائم، لكنه يحتاج الوقت ليعمل".

أما عز الدين عقيل، رئيس الائتلاف الجمهوري الليبي والكاتب والمحلل السياسي المقرّب من المشير خليفة حفتر، فقال "في ظني أن مثل هذا الاجتماع قد تجاوزه الزمن، كما أن فارق المواقف بين مجموعتي الأعضاء عميق جدا، فالنواب الموالون للجيش لن يرضوا بغير تحرير العاصمة والقضاء على كل الميليشيات دون استثناء، أما النواب الموالون للميليشيات استطاعوا أن يرتبوا علاقات خطرة مع أمراء الحرب وجلهم متورط في عمليات فساد كبيرة، بحيث سيتحول وضعه إلى فضيحة بمجرد اتخاذه موقفا وسطا بين الجيش والميليشيات، فما بالك باتخاذ موقف يطالب بنزع السلاح وتفكيك الميليشيات، وهو الأمر الذي يشكل الشرط الجوهري للجيش لإيقاف الحرب".

وحول تفسيره لدعوة مصر للنواب الليبيين في هذا التوقيت، قال "ربما كانت مصر تريد بهذه الخطوة إبعاد شبهة التحيز عن نفسها من خلال إظهار موقف أكثر توازنا من أطراف الصراع السياسي، رغم إعلانها المبدئي والثابت وقوفها إلى جانب معركة الجيش ضد الإرهاب والفوضى".

المجلس لم يعد "سيد قراره"
"المجلس سيد قراره" عبارة راسخة في تقاليد المجالس النيابية ولكنها لا تنسحب على مجلس النواب الليبي الذي أصابه الانقسام كبقية المؤسسات الليبية، ويرى الدكتور عمر القويري

وزير الإعلام والثقافة في الحكومة الليبية المؤقتة سابقا، "أن مجلس النواب الليبي انقسم على نفسه كانقسام باقي المؤسسات السياسية والخدمية في ليبيا، وأصبح لدينا مجلسٌ للنواب ينعقد في طرابلس ومجلسٌ للنواب ينعقد في طبرق وكليهما فاقد للشرعية بانتهاء المدة القانونية وبعدم حصولهما على نِصاب قانوني لجلساتهم وﻻنفراد رئاسة المجلس في طبرق بإصدار القرارات والبيانات وحتى التشريعات وبالتالي الحديث عن مجلس للنواب في ليبيا حديث ﻻ معنى له حقيقي، سوى عبر وسائل الإعلام، كيف يمكن أن يُقدم حلٌ لنواب عاجزين على اﻻجتماع فيما بينهم تحت قبة برلمان واحدة".

وأضاف القويري "في ليبيا الثقافة العامة للمجتمع تدعم حوار البنادق وكل طرف يتمسك بقناعاته أنه على حق والآخر على باطل وسينتصر بالقوة ويفرض أجندته وكل اللقاءات والمؤتمرات والحوارات التي تعقدها الأطراف الليبية هي مناورات لكسب الوقت ظنا منهم أنهم قادرون حسم الموقف على الأرض، وهو بطبيعة الحال أمر مستحيل لتعادل ميزان القوى والتدخل الإقليمي الواضح والمعلن بدعم أطراف الصراع، والنواب في ليبيا يمثلون أنفسهم وقناعاتهم ومصالحهم الشخصية وﻻ يمثلون الشعب الليبي والدوائر الانتخابية التي رشحتهم، وأصبحوا جزءاً من المشكلة ﻻ جزءاً من الحل في ليبيا، وتورط عدد كبير وفاعل منهم في قضايا فساد مالي واستغلال شخصي للمنصب، وهذا باعد عنهم الشارع اللييي، ولو أجريت أي استطلاع للرأي العام الليبي حول النواب ستجد موقفا سلبيا ومعاديا للنواب وللساسة بشكل عام".

التدخلات التركية والقطرية تقف أمام التوافق
وتأتي الخطوة المصرية في ظل التدخل التركي الداعم لسيطرة الميليشيات على العاصمة الذي لم يتوقف فقط عند حد إرسال سفن الأسلحة التي تم ضبطها خلال الشهور الأخيرة، بل المشاركة في المعارك على الأرض من خلال خبراء ومستشارين عسكريين وغرفة عمليات للتحكم بالطائرات المسيرة حسبما أعلن الجيش الليبي، وهو ما لم تنفه أنقرة التي أكد رئيسها بالفعل على تسخير كافة الإمكانيات لدعم الأطراف المتحالف معها في ليبيا التي تحارب الجيش الوطني الليبي الذي تدعمه القاهرة بصورة علنية، ليصبح الملف الليبي مجالا إضافيا للتوتر بين القاهرة وأنقرة.

وبدوره، قال النائب الليبي علي السعيدي، "أن مصر تحاول لملمة مجلس النواب وتوحيده ليكون الممثل الشرعي الوحيد للشعب الليبي وكذلك مواصلة توجيه الدعم الحقيقي للشأن السياسي والأمني، ودعم المؤسسة العسكرية الليبية، وهو ما يقطع الطريق على التدخلات التركية والقطرية، معتبرا أن مصر تتحرك من منطلق العلاقات التاريخية والجوار وتأثرها المباشر بأي تطورات في ليبيا، والقاهرة تساعد على البناء والتوافق وليس الدمار والخراب وتفتيت النسيج الاجتماعي الليبي كما تفعل تركيا وقطر، ونأمل أن توفق اللقاءات التشاورية في القاهرة في الوصول لتوافق يكسر جمود المرحلة الراهنة".

ولفت المحلل السياسي الليبي محمد الزبيدي إلى "أن الاجتماع قاطعه نواب الإخوان وحلفاؤهم الذين انشقوا عن مجلس النواب وشكلوا مجلس نواب موازياً بطرابلس، حيث كان الهدف من الاجتماع جمع شتات النواب لكن الإخوان وحلفاءهم المدعومين من تركيا وقطر أعلنوا مقاطعتهم".

واعتبر "الزبيدي"، "أن الجيش يحقق انتصارات واسعة على أطراف العاصمة ولا يبعد سوى كيلومترات معدودة عن قلب العاصمة"، مؤكدا "أن محاولة بعض المجموعات الإرهابية القيام بهجمات في بنغازي لإثبات قدرتهم على الوصول للخطوط الخلفية للجيش لا يؤثر على عملياته لتحرير العاصمة من قبضة الميليشيات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مصر على مسافة واحدة من الليبيين
ويرى المحلل السياسي الليبي إبراهيم بلقاسم، "أن هذا اللقاء هو رسالة توجهها مصر إلى المجتمع الدولي لتأكيد أنها على مسافة واحدة من كل الليبيين، وأنها تسعى بالفعل لإيجاد حل وتسوية سياسية ومساعدة الليبيين لإنهاء الأزمة الخانقة التي تصعدت إلى مستوى خطير من العنف وعمليات عسكرية وصلت على تخوم العاصمة، ومن جانب آخر تشدد مصر على دعمها لمؤسسات الدولة الليبية للمحافظة عليها من بينها مؤسسة الجيش والبرلمان المنتخب، والدعوة موجهة إلى أعضاء مجلس النواب وعدد من النواب من كافة مناطق ليبيا أكدوا تلبيتهم للدعوة، وهذا اللقاء في حد ذاته رسالة مهمة للجميع تفيد بأن الحوار هو الحل الوحيد أمام الجميع لتغليب المصالح الوطنية العليا، وتأكيد ثوابت الوطنية في ليبيا".

واعتبر بلقاسم، "أن هذا المبادرة المصرية تصب في اتجاه دعم دور وجهود البعثة الأممية في ليبيا، وهي تنعش الصوت الوطني الذي يغلّب الحلول السياسي بعد حالة الانسداد الخطيرة التي عانتها ليبيا خلال المرحلة الأخيرة"، كما أكد "أن البرلمان يملك الشرعية، وإن كانت ضعيفة بسبب تشظي البرلمان إلى برلمانين، وإعادة لملمته في هذا الوقت هو خطوة جيدة لتأسيس عملية الانتقال السلمي من خلال انتخابات عامة يترقبها الليبيون جميعا"، مضيفا: "الأمم المتحدة ترى أن أحد اسباب الانسداد السياسي في ليبيا هو تعطيل البرلمان لقرارات والتسويات السياسية، وأيضا رفض البرلمان التوجه إلى الانتخابات من خلال رفض كافة مشروعات القرارات المتعلقة بإنهاء المرحلة الانتقالية، إضافة إلى تعطيل الاستفتاء على الدستور".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي