Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا لن يهتم "الفيدرالي الأميركي" كالعادة باضطراب السوق؟

تضارب التوقعات حول استمرار التشديد النقدي في ظل احتمالات الركود الاقتصادي

غالباً ما تحذو البنوك المركزية في الاقتصادات الرئيسة حذو الاحتياطي الفيدرالي في شأن السياسة النقدية (رويترز)

تتطلع الأسواق إلى معدل رفع الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي سعر الفائدة في اجتماعه الأول هذا العام نهاية الشهر الحالي، باعتباره مؤشراً إلى توجه البنك المركزي في شأن التشديد النقدي، وما إذا كان سيستمر في رفع سعر الفائدة أم سيبدأ في خفضها بنهاية العام في حال دخول الاقتصاد الأميركي مرحلة ركود.

وأظهر محضر آخر اجتماع للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في الاحتياطي، الذي رفع سعر الفائدة بنسبة 0.5 في المئة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تبايناً في آراء الأعضاء وإن كان هناك شبه اتفاق على أن يخفف البنك من معدلات زيادة الفائدة في ظل مؤشرات تباطؤ نمو معدلات التضخم في أكبر اقتصاد بالعالم.

وغالباً ما تحذو البنوك المركزية في الاقتصادات الرئيسة حذو الاحتياطي الفيدرالي في شأن السياسة النقدية. وبحسب محضر الاجتماع الأخير الذي نشر قبل يومين، تتوقع الأسواق أن يكون رفع سعر الفائدة بمعدل ربع نقطة (أي نسبة 0.25 في المئة).

تحذيرات للأسواق

تعتمد الأسواق، بخاصة أسواق الأسهم، على النموذج التقليدي للركود والنمو الذي يتضمن أن رفع أسعار الفائدة على مدى العام الماضي من صفر تقريباً إلى أكثر من أربعة في المئة حالياً سيؤدي إلى انخفاض سريع لمعدلات التضخم بالتالي يتوقف البنك المركزي عن رفع سعر الفائدة أكثر. ومع احتمال دخول الاقتصاد في ركود يبدأ الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة.

لكن هناك عدداً من الاقتصاديين والمحللين يحذر من أن ذلك السيناريو التقليدي للتباطؤ والانتعاش ربما لا يتكرر. وكتب مايكل ستروبيك مقالاً في صحيفة "فاينانشيال تايمز" الجمعة خلص فيه إلى أننا "نواجه خطر الدخول في فترة طويلة من النمو البطيء وارتفاع التضخم وضعف أسواق الأسهم أكثر مما كان عليه الوضع في دورات التباطؤ السابقة. وعلى المستثمرين أن يلتزموا الحذر في العام المقبل والتصرف على أساس أن تدخل الاحتياطي الفيدرالي لوقف اضطراب السوق لم يعد وارداً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والمؤشر الرئيس للسوق على احتمالات الركود في الاقتصاد يسمى "منحنى العائد المقلوب"، أي ارتفاع نسبة العائد على السندات قصيرة الأجل بمعدل أكبر بكثير من نسبة العائد على السندات طويلة الأجل. وهناك زيادة واضحة جداً في هذا المؤشر أخيراً، مما يعني أن الاقتصاد على وشك الركود. ويتكرر ذلك السيناريو منذ ستينيات القرن الماضي.

كذلك تتميز دورات الركود والنمو التالي له تقليدياً بانتعاش أسواق الأسهم بخاصة مع بدء البنوك المركزية في خفض أسعار الفائدة لدعم النمو، لكن الخطأ القاتل الذي وقعت فيه البنوك المركزية في تقديرها معدلات التضخم عقب أزمة وباء كورونا، وكذلك خطأ المؤسسات الدولية في تقديرات النمو، جعل كثيرين يتشككون في السيناريوهات التقليدية لأداء الاقتصاد والأسواق.

يرى ستروبيك في مقاله أن الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة قد يأتي متأخراً عن الموعد الذي تتوقعه السوق. وأن الاحتياطي الفيدرالي بالتالي لن يبدأ في خفض أسعار الفائدة حتى لو شهدت أسواق الأسهم والسندات اضطراباً شديداً. ويعزز من ذلك أن احتمالات التراجع السريع في معدلات التضخم تبدو غير واقعية. والأرجح أن تستمر معدلات التضخم مرتفعة لفترة، مما يضطر البنوك المركزية إلى الإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة.

الاستعداد للأسوأ

مع دخول اقتصادات دول منطقة اليورو والاقتصاد البريطاني في ركود بالفعل، فمن غير الواضح كيف ستتصرف البنوك المركزية في شأن تشديد السياسة النقدية. ويخلص أصحاب الرأي المشكك في تقديرات السوق إلى أن الاقتصاد الأميركي، ومعه الاقتصاد العالمي، ربما يعاني فترة تباطؤ نمو طويلة الأمد يصاحبها استمرار معدلات التضخم مرتفعة ومعها أسعار الفائدة.

يفترض الاقتصاديون من أمثال مايكل ستروبيك أن الاقتصاد الأميركي لم يعد مكشوفاً بقوة على التغيرات في أسعار الفائدة كما كان في السابق. وعلى الأسواق أن تأخذ ذلك في الاعتبار عند تقديرها سيناريوهات الركود والانتعاش. بخاصة أن ذلك يعني ابتعاد الاحتياطي الفيدرالي عن التصرف التقليدي في شأن أسعار الفائدة في حال اضطراب أسواق الأسهم.

تتسق وجهة النظر تلك مع التوجه السائد بأن الركود في الاقتصاد الأميركي إن حدث هذا العام فلن يكون عميقاً بالشكل الذي كان يخشى منه من قبل، لكن تباطؤ النمو قد يستمر لفترة أطول. ولن تشعر الأسر والشركات ببدء انخفاض معدلات التضخم بسرعة، بل إن الأسعار قد تواصل الارتفاع ربما حتى العام المقبل.