Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لارا سابا: السينما تجعلني أعيش أكثر من حياة

فيلمها "ع مفرق طريق" كوميديا راقية تدمج الشخصيات في روح المكان

المخرجة لارا سابا وراء الكاميرا (صفحة المخرجة - فيسبوك)

انطلق عرض فيلم "عَ مفرق طريق" في دور السينما اللبنانية وهو فيلم رومانسي كوميدي من إنتاج "واكاندا فيلمز" و"آرت" وحظي بدعم المركز الوطني الفرنسي للسينما.الفيلم من كتابة جوزفين حبشي وإخراج لارا سابا وهو يتوجَه إلى العائلة وإلى جمهور من مختلف الفئات العمرية، وتجسد شخصياته نخبة من الممثلين المحترفين من بينهم جوليا قصار وبيتي توتل ورفعت طربيه ونقولا دانيال وهيام أبو شديد وغيرهم. وكان سبقت إطلاقه محلياً وعربياً وفي عدد من الدول الأجنبية، مشاركتُه ضمن فئة "روائع عربية" في الدورة الثانية لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في مدينة جدة السعودية.

تدور قصة الفيلم حول ممثل لبناني مشهور يتنافس مع ممثل إيطالي على تقديم شخصية البابا عندما كان شاباً في فيلم عالمي، وقبيل لقاء الحبر الأعظم للاختيار بينهما يتوجه إلى وادي "قنوبين" للابتعاد عن ضوضاء حياته. تقوده المصادفة إلى قضاء عزلته في دير للراهبات وهناك يلتقي بفتاة جذّابة، لتبدأ سلسلة مغامرات طريفة تعيده إلى بساطة الحياة وجوهرها، وتضعه أمام خيارات تغيّر مجرى حياته.

أحداث 11 سبتمبر

مخرجة الفيلم لارا سابا التي سبق لها أن قدمت فيلماً روائياً بعنوان "قصة ثواني" توضح أنها ليست متأخرة في دخول عالم الإخراج لأنها كانت تعمل في الأساس في الإعلانات والوثائقيات كما اشتغلت في عدد من الأفلام لكن في مجال الكاستينغ وتدريب الممثلين، وتعاونت خلال دراستها الجامعية مع جان كلود قدسي ومرزاق علواش وعباس كيروستامي، وتضيف: يوجد لدي الكثير من الأفكار والسيناريوهات التي أرغب بتنفيذها، لكن ظروف الإنتاج صعبة جداً، وأنا لا أجيد التسويق لنفسي إلا في حال أمنت لي الجهة المنتجة رأس المال. حالياً يوجد لدي سيناريو مهم جداً من النوع السياسي ولكنني لا أعرف كيف أسوق له". 

 

فيلمها الأول "قصة ثواني" ترشح لعدة جوائز وتم عرضه في افتتاح مهرجان بروكسل في دورته الـ 29، وهو كما تقول "يتناول قضايا تعتبر من المحرمات كالدعارة واغتصاب الأطفال واستخدامهم في الترويج للمخدرات. فيلم يحكي عن بيروت المدينة التي يعيش الناس فيها قريبون بعضاً من بعض جغرافياً، ولكنهم ينتمون إلى عوالم مختلفة، ويظن كل منهم أنه يستطيع أن يكون بمنأى عما يحصل حوله، مع أن أقدارهم شبه واحدة. القضية التي يطرحها الفيلم عالمية وتنطبق على العالم كله لأننا اكتشفنا بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) بأن لا شيء يفصل العالم عن بعضه، ويفترض بالعالم الغربي ألا يظن أنه متقدم وبمنأى عما يدور حوله، وأن بإمكانه أن يترك الدول الأخرى تواجه مصيرها مع الحروب والفقر والبؤس. قصة الفيلم تناولت قضايا تناسب المهرجانات أما فيلم "ع مفرق طريق"، فهو عائلي ومن النوع الرومانسي الكوميدي، ومع أنه يتناول قضايا مهمة ولكنه لا يتطرق إليها بعمق".

تساؤلات

وحول تساؤلات البعض كيف يمكن للمخرجة نفسها أن تقدم فيلمين مختلفين تماماً، ترد سابا: "أنا راوية قصص وما يجعلني أشعر بأنني قمت بعملي على أكمل وجه وبشكل جيد، هو نجاحي بإيصال المشاعر التي أحب أن أوصلها إلى الناس. عندما كنت أُسأل في مطلع حياتي عن رغبتي بالعمل في السينما، كنت أجيب: "أريد ذلك لعدة أسباب، أولاً لأن حياة واحدة لا تكفيني لكي أعيش كل ما أحلم به، ومن خلال السينما يمكنني أن أعيش عدة حيوات، ثانياً لأنني أشعر بأن العالم الذي أعيش فيه لا يناسبني، والظلم والكذب والمراوغة والنفاق والخبث والظلم كلها أشياء تحركني، وهي أمور كنت قد عشتها خلال الحرب الأهلية. أنا أمارس مهنة الإخراج لكي أعبر عن اعتراضي على هذه الأشياء، ولكي أقول إن ما يحصل في العالم لا يتوافق مع قناعاتي".

 

وتضيف: "هذه هي همومي في المطلق وفي الوقت نفسه، أنا أحب التصوير كثيراً وعندما أصوّر تكون مشاعري مختلفة تماماً. بعد "قصة ثواني" ابتعدت عن تصوير الأفلام لمدة ثماني سنوات إلى أن عرض علي "ع مفرق طرق"، وعندما قرأت السيناريو لفتني كثيراً أن التصوير سيكون في "وادي قنوبين"، وأنا أحب هذا المكان كثيراً والجغرافيا تعني لي الكثير. عندما صورت "قضية ثواني" كانت مدينة بيروت شخصية رئيسية في الفيلم، والأمر نفسه ينطبق على "وادي قنوبين" التي هي أيضاً شخصية رئيسية في فيلم "ع مفرق طريق". وتخيلت الأفكار التي تقف وراء القصة، وشعرت أنني أستطيع أن أمررها إلى جانب القصة الكوميدية الظريفة والبسيطة، وهي أفكار عن الليبرالية المتوحشة التي تأكل إنسانيتنا وتبعدنا بعضاً عن بعض، وتجعل الربح أولوية في حياتنا حتى لو حصلنا عليه بأي طريقة كانت. وأردت أن أقول إنه يكفي تدميراً للعلاقات والإنسانية والكوكب، وربما نحن بحاجة للعودة إلى حياة فيها إمكانات أقل ولكن نوعية أفضل. إلى ذلك، أنا أسمع الناس كثيراً، ووجدت أنهم عانوا لأكثر من ثلاث سنوات من كورونا والإغلاق والانفجارات ومحاولة اغتيال البلد وبأنهم بحاجة إلى فيلم خفيف. وهذا الأمر أعرفه من نفسي، لأنني أفضل أحياناً مشاهدة أفلام خفيفة تضحكني ولا تجعلني أفكر، مع أنني أعمل في المجال. فكان هذا الفيلم الذي تمكنت خلاله من المحافظة على جمالية الصورة سواء من خلال الدير أو طبيعة المكان، ومن تقديمه كفيلم كوميدي أنيق لم يقع في فخ الابتذال أو الضحك المجاني".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعن دور الممثلات في تحقيق هذا الهدف أجابت: "لا شك أن براعتهن ساعدتني كثيراً وتحديداً جوليا قصار، مع أنهن جميعهاً كن مبدعات، لكن حركة جوليا وتنقلها أمام الكاميرا عكسا أناقة وجهها وروحها ونفسها وحركاتها، ونجحنا في تقديم فيلم لا علاقة له بالإسفاف ويشبه صورتي وصورتهن، خصوصاً وأن الهدف كان تقديم فيلم غير تجاري نتوجه من خلاله إلى الجمهور، ومشغول بلغة سينمائية تناسب ما تتطلبه القصة وما يتطلبه المشهد، مع المحافظة على جمالية المكان وروحانيته من دون الدخول في الدين. ونحن نجحنا في ذلك لأن الفيلم حاز إعجاب من يعملون في المهنة، وكان هناك إجماع، على رغم بعض الانتقادات، بأنه سيحظى بإعجاب الناس مع أنه ليس فيلماً تجارياً، كما أنه كوميدي ولكنه لا يشبه الكوميديا التي اعتادوا عليها". 

اختيار الممثلين والممثلات

وعن كيفية اختيار ممثلي الفيلم الذي يعكس ذكاء لافتاً، تقول: "عندما تسلمت النص كان السيناريو منجزاً ومن ثم قمنا بإدخال بعض العناصر التي لها علاقة بالقضايا التي اشرت إليها. دور بيتي توتل كان مكتوباً لها، وهذا الأمر أخافني كثيراً لأن الممثل يمكن أن يستسهل وأن يقع في الكليشيهات، وبخاصة في دور من هذا النوع. من يكتب لبيتي توتل فأنه يفعل ذلك وفق ما يراها ووفق ما هي تعطي عادة، في حين أنني كنت أريد من الممثل أن يخلق شخصية فريدة وليس أن يعطي كما كان يعطي في أعمال سابقة، وعندما تحدثت إليها في الموضوع نجحنا بتجاوز ما كنت أخاف منه. أما جوليا قصار فأعرفها منذ فترة بعيدة ونحن كنا نتمنى أن نعمل معاً، أما ميرنا زعرور فكنت أعرفها منذ أيام الجامعة، لكنني لم أكن أعرف سينتيا كرم، ولكن طاقتها كانت تلفتني وكنت أرغب بالعمل معها. تحدثنا واتفقنا بينما أنا أصررت على التعامل مع ربى مكرزل لأنها ممثلة طبيعية، ولم تقم بجراحات تجميلية يمكن أن تؤثر على تعابير وجهها، عدا عن أنها تمثل بطريقة طبيعية وانسيابية. وبالنسبة للأدوار التي قام بها نقولا دانيال ورفعت طربيه فإنني كنت حريصة في هذا النوع من الأفلام على التعامل مع ممثلين مخضرمين لتلافي الوقوع في فخ الابتذال والكاريكاتور. وحتى الأدوار الصغيرة كان هناك اتجاه لإسنادها إلى ممثلين يمكنهم تقديم الكوميدية بجدية". 

ماذا بعد "ع مفرق طريق"؟ تجيب سابا: "الفيلم الثالث سيكون مختلفاً تماماً. هو فيلم سياسي يعود إلى مرحلة التسعينيات في بيروت، خلال الفترة التي كان يتم فيها إعادة إعمار لبنان بعد الحرب الأهلية. ولكنه لا يضيء عليها، بل يتحدث عن قصة امرأتين الأولى محامية والثانية بائعة هوى، تبحث كل منهما على حدة، عن شاعر اختفى خلال الحرب. ولكنهما تكتشفان خلال رحلة بحثهما عنه، أنه يتم التخطيط لزراعة الفساد في مؤسسات الدولة. وبرأيي هذا الأمر هو الذي أوصلنا إلى المرحلة التي يعيشها لبنان اليوم". وتتابع: "يمكن من خلال السينما تقديم أفلام بهدف التسلية والمتعة، كما يمكن أيضاً تقديم أفلام تحمل قضية، لكن مهما كان نوع السينما التي نقدمها، والقصة التي نخبرها، يبقى الأمر الأهم هو المسؤولية الأخلاقية والقدرة على إيصال القيم الصحيحة والانفتاح والحب والتسامح. لأنها قيم ضرورية جداً في العالم الذي نعيشه والذي أصبحت فيه الأولويات مبعثرة بشكل كبير جداً".

اقرأ المزيد

المزيد من سينما