Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جنون الأسعار يرهق ميزانية المصريين

العملة فقدت أكثر من 68 في المئة من قيمتها ومتخصصون يرصدون 4 أسباب وراء الزيادات

على رغم التحركات المكثفة التي تجريها الحكومة المصرية بالتعاون مع البنك المركزي لاحتواء موجة ارتفاعات الأسعار فإن الأخيرة دخلت مرحلة الجنون وسط ما تشهده جميع السلع من زيادات على مدار الساعة.

وفق البيانات الرسمية، تسارع التضخم خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حيث ارتفع 2.3 في المئة على أساس شهري و18.7 في المئة على أساس سنوي، وتجاوز التقديرات البالغة 16.5 في المئة. وأدى التسارع في معدلات التضخم إلى جانب النقص الحالي في تدفقات رأس المال الأجنبي إلى توقع معدل تضخم سنوي قدره 19.1 في المئة خلال ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

ويربط عدد كبير من المحللين، بين موجات ارتفاعات الأسعار في السوق المصرية وبين الخسائر العنيفة التي تكبدها الجنيه المصري مقابل الدولار خلال العام الحالي. البيانات تشير إلى أن الجنيه المصري تراجع 68.5 في المئة مقابل الدولار الأميركي، حيث قفز سعر صرف الورقة الأميركية الخضراء من مستوى 15.74 جنيه في نهاية الربع الأول من 2022 إلى مستوى 26.55 جنيه في الوقت الحالي.

تعديل مستهدفات التضخم

وفيما رفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بنحو 300 نقطة أساس خلال آخر اجتماعات لجنة السياسة النقدية في العام الماضي، فقد عدل البنك المركزي مستهدفات التضخم التزاماً منه بتحقيق استقرار الأسعار على المدى المتوسط وبالتوازي مع إعلان البنك المركزي سابقاً عن استهداف معدلات تضخم على مسار نزولي.

ووفق بيان لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، تم تحديد معدلات التضخم المستهدفة خلال الفترة المقبلة عند مستوى 7 في المئة (±2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من 2024، ومستوى 5 في المئة (±2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من 2026. وأكدت لجنة السياسة النقدية، أن المسار المستقبلي لمعدلات التضخم يعتمد على الزيادات التراكمية لأسعار العائد إلى تاريخه والتي تستغرق وقتاً للتأثير في معدلات التضخم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشارت إلى أنها تتابع عن كثب التطورات الاقتصادية العالمية والمحلية وستستمر في استخدام كافة أدواتها النقدية للسيطرة على توقعات التضخم واحتواء الضغوط التضخمية من جانب الطلب والآثار الثانوية لصدمات العرض التي قد تؤدي إلى انحراف التضخم عن المعدلات المستهدفة له.

وفي إطار تقليص معدلات السيولة والنقد المتاح في السوق المصرية، فقد أعلنت بنوك مصرية عن إصدار شهادات استثمار جديدة بعائد سنوي يبلغ نحو 25 في المئة بالتزامن مع الزيادات الجديدة التي أقرتها البنوك في سعر صرف الدولار.

غياب الرقابة سمح بعودة الاحتكار

يرى الأكاديمي الاقتصادي عماد كمال أن الموجات المتسارعة من ارتفاعات الأسعار تعود إلى 4 أسباب رئيسة، الأول يتعلق بتراجع سعر صرف العملة المصرية مقابل الدولار بنسب كبيرة، ومع اعتماد السوق المصرية على الاستيراد في نسبة كبيرة من إجمالي البضائع والمنتجات المطلوبة في السوق المحلية ارتفعت أسعار هذه السلع وبنسب مضاعفة.

السبب الثاني يتعلق بشح العملة الصعبة وتكدس عدد كبير من البضائع والسلع في الموانئ المصرية، بسبب عدم قدرة المستوردين على توفير الدولار أو الحصول على الاعتمادات المستندية للإفراج عن هذه البضائع، بالتالي تشهد السوق نقصاً في بعض السلع بينها الأدوية المستوردة.

ويتعلق السبب الثالث بارتفاع أسعار السلع عالمياً، إضافة إلى أزمات التوريد والإمداد التي تشهدها السلاسل العالمية، وبالطبع تأثرت السوق المصرية التي تعد من أكبر الأسواق الاستهلاكية على مستوى العالم بهذه الأزمة. وأخيراً، والأهم، يتعلق بغياب الرقابة على السوق المحلية وعودة ظاهرة الاحتكار.

وشدد في حديثه لـ"اندبندنت عربية"، على ضرورة أن تمارس الحكومة المصرية دوراً أكبر في الرقابة على السوق وضبط التجار المخالفين الذين يبررون قيامهم برفع أسعار السلع بنسب كبيرة، بتراجع قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار، ويسعرون بضائعهم وفق الأسعار الجديدة للدولار في السوق السوداء وليس وفق الأسعار الرسمية التي تتعامل بها البنوك المصرية، وهو ما تسبب في أن ترتفع أسعار بعض السلع بنسب تتجاوز 100 في المئة.

تحديد مدى سعري للسلع الاستراتيجية

خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء أشار رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي إلى أنه في ضوء الظروف غير المسبوقة التي يمر بها مختلف دول العالم أجمع، ومصر من بينها فإن هناك بعض الملفات والموضوعات التي تتم متابعتها بصورة دورية، وعلى رأس ذلك ما يتعلق بتوافر السلع والمنتجات المختلفة بكميات وأسعار مناسبة.

وأوضح أنه في إطار المتابعة المستمرة لمختلف الأسواق، وما يتم رصده من شكاوى المواطنين الواردة عبر وسائل الإعلام المختلفة، أو من خلال منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة، فقد تلاحظ أن هناك مبالغة من بعض التجار فى تسعير السلع وتفاوت في الأسعار للسلعة الواحدة بين مكان وآخر، وهو ما أوجب ضرورة القيام بالمتابعة اليومية من خلال مختلف الجهات المعنية.

وأضاف، "أعلنا أنه خلال أسبوعين يجب على مختلف المحال أن تقوم بوضع أسعار على السلع، وأن يكون للسلع الاستراتيجية التي تمس حياة المواطنين مدى سعري بما يضمن عدم المبالغة من جانب بعض التجار في تسعيرها، وسيتم التوافق على المدى السعري الخاص بهذه السلع الاستراتيجية مع الغرف التجارية والمُصنعين".

وكلف رئيس الوزراء بالتعامل بمنتهى الحسم مع أي محاولة لتعطيش الأسواق أو إخفاء السلع، مخاطباً محافظي المدن المصرية، "لديكم الآليات كاملة وفقاً للقوانين، وعليكم أن تواجهوا أي محاولة من أي تاجر بكل حسم بالتنسيق مع الجهات الرقابية، والتعامل الفوري مع أي محاولة لإخفاء أو تخزين أو احتكار السلع". وأكد على طرح السلع التي يتم ضبطها من التجار المستغلين للمواطنين بالأسعار العادلة التي تم التوافق عليها. مضيفاً، "لا تسمحوا لأحد بالمتاجرة وتعطيش الأسواق، والتربح على حساب المواطنين".

اقرأ المزيد