حققت الحكومة المصرية توقعات غالبية المتخصصين، عندما ثبتت أسعار المحروقات لثلاثة أشهر، بداية من أكتوبر (تشرين الأول) حتى مطلع يناير (كانون الثاني) 2021، فيما اعتبر المُصّنعون القرار صادماً ومخيباً للآمال، خصوصاً في ظل تراجع أسعار النفط عالمياً.
وقررت اللجنة الرسمية المعنية بأسعار المحروقات وفق آلية التسعير التلقائي، تثبيت سعر ليتر البنزين نوعية (80) عند 6.25 جنيه (حوالى 0.39 دولار أميركي) لليتر الواحد، بينما ثبتت سعر البنزين نوعية (92) عند 7.5 جنيه (حوالى 0.46 دولار أميركي) لليتر الواحد. في حين أصبح سعر ليتر البنزين نوعية (95) بـ 8.5 جنيه (حوالى 0.53 دولار أميركي). أما ليتر السولار فَثُبت عند 6.75 جنيه (حوالى 0.42 دولار أميركي) لليتر، واخيراً تم تثبيت سعر طن المازوت لغير استخدامات الكهرباء والمخابز عند 3900 جنيه (حوالى 650 دولاراً أميركياً).
تجار الدواجن: قرار صادم
جاء قرار الحكومة المصرية متوافقاً مع توقعات غالبية المتخصصين، إلا أنه خَيّبَ آمال فئة من المُصّنعين كانت تترقب أن تخفض الحكومة أسعار المحروقات ولا تكتفي بالتثبيت مدة ثلاثة أشهر مقبلة.
وقال رئيس شعبة الدواجن في الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية عبد العزيز السيد، إن قرار الحكومة تثبيت أسعار المحروقات كان صادماً وخيّب آمال تجار الدواجن والمُصّنعين والمربيين.
ولفت في حديث إلى "اندبندنت عربية" إلى أن عدداً كبيراً من التجار وغالبية المربيين، يتحملون خسائر متواصلة نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات، خصوصاً مع اقتراب فصل الشتاء، إذ تعتمد المزارع بنسبة كبيرة على السولار والغاز في التدفئة، مشيراً إلى أن ذلك يأتي في ظل تدني أسعار الدواجن، التي تراوح أسعارها للمستهلك بين 15 و17 جنيهاً (حوالى 1.06 دولار أميركي). ويؤكد أن هذا السعر أقل من تكلفة الإنتاج بنحو 7 جنيهات (0.43 دولار أميركي) على أقل تقدير.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولاحظ أن تكاليف إنتاج الدواجن في مصر ارتفعت بعد رفع أسعار الأعلاف والذرة من 6200 جنيه (حوالى 388 دولاراً أميركياً) إلى 6800 جنيه (425 دولاراً أميركياً)، فضلاً عن ارتفاع سعر الكتكوت إلى 11 جنيهاً (حوالى 0.68 دولار أميركي).
وانتقد رئيس شعبة الدواجن ما وصفه بـ"تجاهل الحكومة لصناعة الدواجن في مصر على الرغم من أهميتها للمستهلكين"، مؤكداً أن الدواجن تسهم بنحو 75 في المئة من البروتين الذي يحتاج إليه المستهلك المصري بينما يحصل على 10 في المئة فقط من اللحوم.
قرار مناسب للظروف الحالية
وقال الدكتور رمضان أبو العلا المتخصص في شؤون النفط إن تثبيت الأسعار الحالية للوقود يتناسب مع السعر التأميني الذي وضعته وزارة البترول المصرية، إذ راوح سعر النفط العالمي بين 39 و43 دولاراً للبرميل خلال الثلاثة أشهر الماضية.
وأضاف لـ"اندبندنت عربية" أن السعر الحالي للمنتجات البترولية من البنزين والسولار والمازوت، يتناسب بشكل كبير مع الظروف الاقتصادية للدولة، نظراً إلى انتشار فيروس كورونا في مصر والعالم، بما له من تأثير في العاملين والتجارة والصناعة في الدولة.
وقال مدحت نافع المتخصص في شؤون الاقتصاد المصري إن قرار الحكومة راعى ظروف التراجع النسبي في حركة النشاط الاقتصادي، مضيفاً لـ"اندبندنت عربية" أن الغلق الجزئي والتدابير الاحترازية التي نفذتها الحكومة والمستمرة بدرجات متفاوتة منذ مارس (آذار) الماضي عوامل مؤثّرة سلباً في حركة الاقتصاد المحلي والعالمي.
وتوقع أن تخفض الحكومة أسعار المحروقات في يناير (كانون الثاني) المقبل، للتخفيف من وطأة التراجع خلال العام المقبل في معظم أعمال الشركات التي تستخدم الطاقة بكثافة.
ويوافق نافع على رهان المواطن على اتجاه الحكومة إلى خفض أسعار المحروقات بدلاً من التثبيت، قائلاً إن "ذلك صحيح، لكن العقود المستقبلية التي تحكم استغلال الغاز واقتسام عوائده مع الشريك الأجنبي ليست مرنة لتلك التغيرات السريعة كما يتخيلها المواطن والمستهلك العادي".
عدم رضا الصناع والمستثمرين
وأكد محمد عبد العاطي المتخصص في شؤون الاستثمار والتنمية الصناعية، أهمية خفض أسعار الغاز للمصانع من قبل لجنة تسعير الطاقة.
وقال لـ "اندبندنت عربية" أن خفض أسعار الغاز يسهم في مساعدة أصحاب المصانع على العمل وزيادة الإنتاج، ومنافسة المنتج العالمي، ويشجعهم على ضخ مزيد من الاستثمارات المحلية.
ونقل عبد العاطي حالة عدم رضا الصُنّاع والمستثمرين عن سعر الغاز الحالي للصناعة المحدد بـ 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية، موضحاً أن خفض لجنة الطاقة سعر الغاز يسهم في زيادة الإنتاج والضرائب إذ تعقبه زيادة في المبيعات ويوفر كثيراً من فرص العمل، ما يعوض النقص في سعر الغاز من الضرائب المستحقة، بالإضافة إلى توسيع القاعدة التصديرية وزيادة نشاط الحركة التجارية وتخفيض أسعار المنتجات وزيادة الاستثمارات وتوفيرها في الأسواق للمستهلك المحلي.
تكلفة شراء المواد البترولية ترتفع
وأعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية، زيادة مخصصات شراء المواد البترولية والغاز إلى نحو 90 مليون جنيه (حوالى 5.6 مليون دولار أميركي) خلال العام المالي الحالي 2020- 2021.
وأعلنت الوزارة، في بيان الأسبوع الماضي، أنها تسعى إلى شراء المواد البترولية والغاز للسيارات خلال العام المالي الحالي، بنحو 513 مليون جنيه (حوالى 32 مليون دولار أميركي)، مشيرة إلى أنها خصصت خلال العام المالي الماضي نحو 424 مليون جنيه (حوالى 27 مليون دولار أميركي) لشراء المواد البترولية والغاز.
انخفاض كبير في استهلاك الوقود
وفي سياق متصل، أكدت شركة "بي بي" البريطانية العاملة في مجال البحث والتنقيب عن الغاز والبترول، في تقرير الشهر الماضي، أن مصر حققت انخفاضاً كبيراً من استهلاك الوقود بكل أنواعه خلال عام 2019.
وأضاف التقرير أن استهلاك مصر من الوقود، انخفض بنحو 5 ملايين برميل خلال عام 2019 مقارنة بالعام السابق له 2018. وأشار إلى أن مصر استهلكت وقوداً بكمية تقدر بـ635 مليوناً و84 ألف برميل خلال العام 2019، مقابل 640 مليوناً و75 ألف برميل في 2018.