Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العراق بين "ثورة جياع" ومحاولة الحكومة تنفيس الاحتقان الشعبي

يستبعد مراقبون عودة الاحتجاجات إلى الشارع في وقت قريب من دون نفي ذلك تماماً

جانب من جولة السوداني على بعض أحياء بغداد، الأحد الأول من يناير الحالي (صفحة السوداني على فيسبوك)

يدرك رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن أمام حكومته فرصة كبيرة لتغيير واقع مواطنيه وتحقيق تطلعاتهم إلى توفير الخدمات وفرص العمل ومكافحة الفساد، إذ أطلق برنامجاً خدمياً يستهدف مناطق لم تصل إليها أي خدمات منذ نشأتها في محاولة للتقرب من هموم الناس.

جولة ميدانية

أجرى السوداني، صباح الأحد الأول من يناير (كانون الثاني) الحالي، جولة ميدانية تفقدية في مناطق عدة من العاصمة بغداد، إذ التقى عدداً من المواطنين الذين تبادل معهم التهاني بحلول العام الجديد، واستمع إلى مطالبهم واحتياجاتهم، واطلع على أحوالهم المعيشية والخدمية.

وتفقد رئيس الحكومة عدداً من النقاط الأمنية الموجودة في شوارع المدينة والتقى العناصر الموجودة فيها، وثمن مواظبتهم على أداء الواجب في مختلف الظروف والأوقات، موجهاً إياهم نحو مزيد من العطاء والبذل من أجل تيسير متطلبات المواطنين واحتياجاتهم اليومية، وإبداء المساعدة كجزء من الواجبات والمهمات.

وتابع السوداني ميدانياً عدداً من مواقع العمل التابعة للجهد الخدمي والهندسي، واطلع على سير الإنجاز واستكمال المهام الخدمية المحددة لتلك المواقع، وشدد على ضرورة الإتمام وتجاوز العقبات، وصولاً إلى ما يلبي تطلعات المواطنين.

ويفتح عام 2023 كثيراً من التوقعات والتكهنات حول الحكومة العراقية الجديدة وآلية تقديم خدماتها للمواطنين، بخاصة أنها تدخل العام بواقع مختلف عما كانت عليه الحكومات الماضية.

رهانات سياسية

وبسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للعراقيين، قد يشهد العراق "ثورة جياع" في بداية عام 2023. وقال الباحث السياسي والاقتصادي نبيل جبار التميمي إن "هناك رهانات سياسية كبيرة حول عودة الاحتجاجات بسرعة، إذ إن أطرافاً سياسية معارضة وأخرى منسحبة من المشهد السياسي تنتظر وتراقب وتتطلع لعودة الاحتجاجات لتجعل منها نقطة انطلاق جديدة، في حين تعمل الحكومة الحالية والأحزاب الداعمة لها على إنجاح مشروع الحكومة وتنفيذ الأهداف".

من الناحية الإحصائية، بحسب التميمي، فإن "استمرار معدلات البطالة المرتفعة عند 16.5 في المئة ونسبة الفقر عند 25 في المئة قد يدفعان إلى تحفيز الناس للاحتجاج والتظاهر، وهذا ما أدركته القوى الحاكمة اليوم، وعملت على امتصاص أكبر للبطالة بحملة توظيف واسعة لم تشهدها البلاد منذ ثماني سنوات، عبر توظيف وتثبيت نحو 400 ألف فرد أو أكثر، على رغم التحذير من مخاطر توسع الفاتورة الحكومية".

امتصاص الأسباب

في المقابل استبعد الباحث السياسي علي البيدر وصول الأمور إلى تظاهرات وثورة جياع، عازياً السبب إلى كون البلاد "تمتلك إمكانية مالية كبيرة". وأضاف أن "معظم موازنة عام 2023 ستدفع كرواتب للموظفين، كما سيتم تعيين موظفين جدد من أجل امتصاص البطالة والقضاء على الفقر ومعالجة حالة السخط الشعبي التي يعيشها العراقيون جراء أوضاعهم الاقتصادية، ثم إن المشهد السياسي يبدو أكثر استقراراً من قبل، وهذا ما يؤكد أن أي تحرك في الشارع سيكون نشازاً قياساً بالظرف السياسي". 

وتابع، "لا توجد أي احتمالية لانطلاق تظاهرات أو احتجاجات إلا في حالة واحدة تتمثل بتحرك الصدريين نتيجة استفزازهم من قبل أحزاب السلطة أو حدوث ما يدفعهم إلى ذلك"، مبيناً أن "العراقيين وصلوا اليوم إلى درجة اليأس والقنوط إزاء حدوث تغيير داخلي، حتى بواسطة الانتخابات التي لم تجلب لهم الإصلاح، أو حتى التغيير المنشود، وصاروا يتطلعون إلى تغيير خارجي ينهي الفوضى السياسية التي تعيشها البلاد منذ عام 2003، وهذا لن يحدث في المنظور القريب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


مخاطر اقتصادية

في السياق، رجح الباحث الاقتصادي بسام رعد أن "هذا العام سيكون عاماً آخر من عدم اليقين المحفوف بالمخاطر الاقتصادية مصحوباً بدورة تقلب الأصول النفطية بين صعود ونزول، إضافة إلى تأخر مشروع قانون الموازنة لعام 2023 الذي يعبر عن البرنامج الحكومي لمدة عام وفق مضامين الموازنة وأبعادها الثمانية (الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والمالي والقانوني والإداري والحسابي والمعلوماتي)".

وأقر رعد بأن "تأخر إقرار الموازنة يؤثر في النمو الاقتصادي للبلد. ويبدو أيضاً أن مسودة موازنة عام 2023 لا تختلف عن سابقتها، وهذا يعني أنه لم تتم هيكلة الموازنة وتحويلها إلى موازنة الأهداف والبرامج، إضافة إلى أن الفائض المالي المتحقق في عام 2022 سيستخدم لسد العجز المالي المخطط والمتوقع في مسودة موازنة عام 2023، وعليه فإن الأزمات المتراكمة سابقاً ستبقى بلا حلول".

وأكمل رعد أن "الاقتصاد يعاني نقاط ضعف كثيرة في مقدمتها البطالة والتضخم وأزمات متراكمة في قطاع السكن والصحة، بالتالي فإنه من أجل المحافظة على الاستقرار المجتمعي ينبغي مكافحة التضخم والحفاظ عليه عند مستويات مقبولة ومحاربة آفة البطالة من خلال توفير البيئة الاستثمارية الآمنة والمشجعة للقطاع الخاص، وإلا فإن أبواب المجهول ستكون مفتوحة على مصراعيها".

تحديات 2023

من جهة أخرى، حدد النائب عن كتلة "الصادقون" محمد البلداوي، أبرز المهمات التي تواجهها الحكومة للعام الجديد خلال عام 2023، مبيناً أن "إقرار الموازنة يتقدم تلك المهام، كون إقرار القانون مرتبطاً بتنفيذ المنهاج الحكومي". وقال البلداوي إن "أول تحدٍ أمام الحكومة للعام الجديد هو إقرار الموازنة، إذ إن إقراره سيعجل في تنفيذ برنامج ومنهج الحكومة، بخاصة في المجال الخدمي والاقتصادي، فضلاً عن السيطرة على سعر الصرف العملة ومواجهة تحدي الولايات المتحدة من خلال عرقلتها تزويد العراق بالعملة الصعبة التي توجد في البنك الفيدرالي كأمانات". وأضاف أن "من أبرز ما ستواجهه الحكومة إجراء التعداد العام للسكان لما له من انعكاسات في مجال التخطيط وإنهاء المشكلة المتجددة سنوياً بين إقليم كردستان العراق والمركز في شأن حصة الإقليم من الموازنة، بالتالي يمكن إقرار بعض القوانين الحاكمة مثل قانون النفط والغاز". 

وتابع البلداوي، "أما التحدي الآخر فهو إجراء انتخابات مجالس المحافظات، تليه مكافحة الفساد إدارياً ومالياً".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات