Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"بوت" ذكي يهدد "غوغل" ويقلق أصحاب بعض المهن

يجيب عن أسئلة المستخدمين بطريقة إبداعية ويكتب المقالات بحسب الطلب

البوت يتدرب أصلاً على نماذج قام بها البشر سابقاً (موقع أن سبلاش)

منذ طرحه تجريبياً في نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت، حظي "شات جي بي تي" (ChatGPT) باهتمام واسع وردود فعل إيجابية بسبب إجاباته السريعة والتفصيلية والواضحة في مجالات معرفية عدة، ليتجاوز عدد مستخدميه بحسب الإحصاءات مليون شخص في أيام قليلة، على رغم أن الأداة ما زالت غير متاحة على أنظمة "أندرويد "و "آي أو أس".

وعلى رغم إصدار أدوات عدة سابقة تتعلق بكتابة المحتوى، إلا أن "شات جي بي تي" يعد ثورة حقيقية بسبب برمجيته القائمة على التواصل الدقيق والمستمر مع المستخدم، كأنه يحفظ تاريخ العلاقة بينهما وتفاصيلها، الأمر الذي أشعر البعض بنوع من الألفة، كما أكد البعض الآخر ضرورة عدم الاستخفاف بذكائه أو التعامل معه على أساس أنه مجرد برمجية.
والأكيد أن هذا الروبوت ليس وليد الساعة، بل أن كل ما في الأمر أنه أصبح اليوم متاحاً للعامة هو ومجموعة أخرى من الأدوات مثل "ميدجرني" (midjourney)  وتطبيق lensa Ai وغيرهم، ولكن انتشارهم بشكل فيروسي بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي أعطى انطباعاً بحداثتهم.
فما هو "شات جي بي تي"، وما الذي يميزه ليترك انطباعات تملأ أصحابها الدهشة، وبعضهم الآخر يعتريه القلق من أن ينهي عصر مهن رائجة اليوم؟
ولماذا أوقع الخوف في صفوف فريق محرك البحث غوغل؟

محاكاة المحادثة البشرية

"شات جي بي تي" (ChatGPT)‏ عبارة عن روبوت دردشة يعمل باستخدام الذكاء الاصطناعي، وهو من تطوير شركة "أوبن أي آي" OpenAI الأميركية، وهي منظمة متخصصة بأبحاث الذكاء الاصطناعي وتعزيز وتطوير أنظمته، يقوم التطبيق بالإجابة على أسئلة المستخدمين بطريقة إبداعية وكتابة المقالات بحسب الطلب، مستخدماً قاعدة بيانات تعتمد على محتويات الويب المنشورة قبل أواخر2021.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويستخدم هذا البوت تقنية GPT أو ما يمكن تسميتها بالمحولات التوليدية المدربة مسبقاً (Generative Pre-Trained Transformer)، وهي نموذج لغوي يستخدم التعلم المتعمق لإنتاج نص شبيه بالنص البشري، ويعد أحدث تطور في عالم الذكاء الاصطناعي التوليدي  generative AI. والبوت جزء برمجي من برنامج ما، يعمل بشكل تفاعلي ويقوم بالمهام بشكل تلقائي عبر الانترنت، وهو أشبه بالذكاء الاصطناعي من أن يكون تفاعلاً بشرياً.

وتتيح بنية محادثة "شات بي جي تي" رفض الطلبات غير الملائمة من خلال نظام آلي لمحاكاة المحادثة البشرية، ويقوم بالإجابة على الأسئلة وكتابة النصوص والمقالات والمحاضرات، كما يقدم نصائح في مختلف المجالات وشروحات خاصة بمفاهيم وتعاريف ومجالات عمل خاصة، إضافة إلى الإجابة على استفسارات المستخدمين والعملاء والترجمة وحل المعادلات الرياضية البسيطة منها والمعقدة والمساعدة في حل المشكلات وتصحيح السطر البرمجية وكتابة أكواد برمجية وبرمجة السكريبتات وغيرها.

تهديد مملكة "غوغل"

شكل الصعود القوي لـ"شات جي بي تي" والاتجاه نحوه للحصول على إجابات على جميع الاستفسارات مع قدرات تفاعلية عالية المستوى، تهديداً واضحاً لمحرك البحث "غوغل" ووضع الشركة في حالة من القلق الشديد بعد سنوات من الاحتكار شبه الكامل لسوق محركات البحث، ووفقاً للتقارير، "غوغل" متخوفة اليوم من انتهاء عصر تقنياتها والدخول في عصر جديد تحتله برمجيات أخرى تقلب الطاولة وتجبرها على التحرك سريعاً لتغيير اتجاهها.
والسؤال هل يستطيع "شات جي بي تي" أن يحل محل "غوغل"؟
 
 
يكمن الفرق الرئيس بين "شات جي بي تي" ومحرك البحث "غوغل"، أنه في حين يقوم "غوغل"، بعد تزويده بكلمة مفتاحية أو سؤال ما، بفهرسة صفحات الويب ومساعدة المستخدم على العثور على المعلومات المطلوبة من خلال تقديم عدد هائل من الروابط ذات الصلة، بما فيها مقاطع الفيديو والصور والخرائط والملفات مختلفة الامتدادات.
من جهة أخرى يقوم "شات جي بي تي" بإعطاء إجابة واحدة مفصلة مستخدماً المعلومات المتوافرة من عمليات تدريب سابقة خضع لها، كما يسمح بإجراء محادثة مطولة مع المستخدم مع تقديم إجابات منطقية جداً في أغلب الأحيان.
والحقيقة أن "غوغل" لا يجيبك فعلياً على سؤالك بل يعرض عليك مجموعة كبيرة من الروابط التي تقودك إلى مجموعة من الإجابات، بينما "شات جي بي تي" يقدم إجابة واحدة تبدو الأكثر دقة، تبعاً لصياغة السؤال نفسه، إذ يحتاج أسئلة دقيقة ومحددة قبل الإجابة أو قد يحاول في أحيان أخرى تخمين المقصود من السؤال، معتمداً على مجموعة ضخمة من البيانات، بالتالي فهو يختصر الوقت والجهد ويوفر الوصول الفوري للمعلومة، إضافة إلى إمكانية مناقشته بالإجابة نفسها، وهذه الميزة التفاعلية تجعل منه خياراً عصرياً، بعيداً من الدخول في دوامة الروابط والإجابات المتكررة منها والمتناقضة، وتبديل الكلمات المفتاحية للوصول إلى النتيجة المرغوبة.
كما يكمن الاختلاف الأبرز من توصيفه كبوت للمحادثة، فالأداة قادرة بواسطة واجهة المحادثة الخاصة بها على الخوض في نقاشات طويلة يتخللها عدد كبير من الأسئلة والاستجابة ذكية جداً ومباشرة تبعاً لنوع الأسئلة وغاياتها، تماماً كما الإنسان، وبسبب اعتماده على تقنية "التعلم المعزز من ردود الفعل البشرية"، فهو يطلب بالمقابل في نهاية كل محادثة تقييم المستخدم، ليقوم بالتدرب والتعلم والحفظ من خلال نتائج محادثاته مع البشر وتعليقاتهم وتقييماتهم وردود أفعالهم.
ولكن من جهة أخرى، في حين يقدم البوت إجابات نظرية ومطولة، إلا أنه في عصر الضخ اليومي الهائل للمعلومات على مواقع الإنترنت تبدو بعض إجاباته قديمة، إضافة إلى أنه لا يمكنه الدخول في نقاش بخصوص أي حدث بعد 2021، فلم يستطع مثلاً تقديم أية معلومات أو توقعات بخصوص مباريات مونديال 2022.

هل أصبحت بعض المهن مهددة؟

إن قيام البوت بهذا الكم من المهام وقدرات وفاعلية وسرعة لافتة، أوقع الخوف في قلوب أصحاب المهن الرائجة اليوم، وجعل البعض يدق ناقوس الخطر منذراً بسحبه البساط من تحت البشر واحتلاله بعض المهن التي يقومون بها اليوم، إذ يرى فيه البعض منافساً قوياً لأصحاب مهن التصميم وكتابة المحتوى والبرمجة وكتابة المقالات وغيرها، فهو يلبي مثلاً الطلبات المتعلقة بإنشاء المحتوى بكفاءة جيدة وسرعة عالية.

والسؤال الآن هل يمكن أن تضاهي هذه التقنية القدرات البشرية؟
الحقيقة أن البوت يتدرب أصلاً على نماذج قام بها البشر سابقاً، ويخوض في الوقت الحالي في مرحلة التدريب المكثف والتعلم ليخزن ويحاكي المهارات البشرية، بالتالي من المنطقي أنه وإن استطاع محاكاة العقل البشري إلا أنه يظل بحاجة إلى منتوج هذا العقل للتنمذج عليه، وعلى رغم قيام البوت مثلاً بتوليد النصوص المطلوبة بشكل رائع إلا أنه يظل بحاجة لبعض التعديلات وعلى رأسها تلك الخاصة بالـ  SEO، كما أجمع غالبية المستخدمين على إحساسهم بوجود نقص ما، ربما يكون غياب اللمسة البشرية وخصوصية المحتوى.
لكن تجدر الإشارة إلى أن هذه الأداة يمكن أن تكون سلاحاً ذو حدين إذ يمكن الاستفادة منها، في حال بقيت في إطار المساعد للبشر، بشكل كبير في بعض المهام الروتينية التي لا تحتاج إلى الإتيان بجديد، إلا أنه لا يمكن الاعتماد عليها كلياً لأن مُنتَجها يحتاج إلى مراجعة وكذلك إجاباتها لا يمكن اعتمادها قبل إخضاعها للمعالجة والتحسين والتدقيق سواء بالمعلومة نفسها باللغة المستخدمة أم بالربط بين الجمل أو تحسين الصياغة وغيرها تبعاً للمطلوب.
اقرأ المزيد

المزيد من علوم