Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف حمت الكويت نفسها من تكرار أزمة إسقاط القروض؟

انخفاض معدل التعثر في السداد من 19 إلى 2.5 في المئة خلال 13 سنة

يحاول البنك المركزي الكويتي الاستفادة من ربط العملة المحلية بسلة عملات وليس بالدولار فقط (غيتي)

تعود قضية إسقاط قروض المواطنين إلى الظهور مجدداً في الكويت، حيث وصلت القضية إلى مجلس الأمة الكويتي بعد أن انتهت اللجنة المالية والاقتصادية البرلمانية من إعداد تقرير خاص حول تكلفة إسقاط القروض التي بلغت 14.6 مليار دينار، أي نحو 50 مليار دولار لعدد 515 ألف مقترض، وتم رفع التقرير إلى مجلس الأمة للبت فيه.

هناك تاريخ طويل من المطالبات الشعبية في الكويت بإسقاط قروض المواطنين، حيث بدأت المطالبات تتصاعد بعد الأزمة المالية في عام 2009، وفي أبريل (نسيان) من عام 2013 أقر مجلس الأمة قانوناً خاصاً عرف في هذا الوقت بـقانون شراء مديونية المواطنين، حيث تمت من خلاله إسقاط فوائد قروض المواطنين المتعثرين في سداد ديونهم، وإعادة جدولة القروض لآجال طويلة عبر صندوق خاص أسسته الحكومة.

الفارق بين المتعثرين سابقاً وحالياً

شهدت الكويت تعثر نسبة كبيرة من المواطنين في هذه الحقبة التي لحقت الأزمة المالية، حيث تجاوز عددهم 60 ألف متعثر بحسب بيانات اللجنة المالية في هذا الوقت، وسبب هذا التعثر يعود إلى تراكم الفوائد على قروضهم، حيث رُفعت الفائدة أكثر من تسع مرات في أعوام قليلة قبل عام 2009، ما أدى إلى تزايد حالات التعثر التي وصلت إلى نحو 19 في المئة من إجمالي المقترضين.

لكن الأمر مختلف حالياً، فبحسب بيانات البنك المركزي التي قدمها إلى اللجنة المالية، هناك 2.5 في المئة من المقترضين فقط متعثرون، حيث وضع البنك المركزي ضوابط جديدة وصارمة للاقتراض بعد أن تفاقمت أزمة المتعثرين في عام 2009، ومن هذه الضوابط منع البنوك من اقتطاع أكثر من 40 في المئة من راتب المقترض لصالح سداد القرض.

وهناك نوعان من القروض الشخصية التي يتم الحديث عنها دائماً عند التطرق لإسقاط قروض المواطنين، هي القروض الاستهلاكية والمقسطة، والأولى هي قروض لمدة خمس سنوات، والثانية تمتد لـ15 عاماً وأكثر، وهي خاصة بالقروض السكنية.

خلاف سياسي

وشكلت قضية إسقاط القروض أزمة سياسية كبيرة في السابق كما هي الآن مع اختلاف الظروف وطبيعة الأزمة في الحالتين. فسابقاً، تم الإقرار بالخطأ من قبل البنوك والبنك المركزي في رفع الفوائد مرات عدة من دون الأخذ بعين الاعتبار طبيعة القروض وكيفية السداد. وعلى الرغم من ذلك كان هناك اعتراض كبير من نخبة المجتمع المصرفي والاقتصادي على إسقاط القروض، لأن ذلك سيفتح باباً لمطالبات شعبية أخرى، كما أنه غير عادل كونه يكافئ الشخص الذي لا يعلم كيف يدير قروضه الشخصية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما كانت الظروف في السابق تفرض التدخل الحكومي، بوجود أزمة مالية واقتصادية في القطاع الخاص وانهيارات بالبورصات، في المقابل كانت هناك فوائض مالية في الميزانية العامة، سمح للحكومة بدفع تكاليف إسقاط الفوائد التي بلغت 744 مليون دينار أو نحو 2.6 مليار دولار كما تم احتسابها وقتذاك، ثم إعادة جدولة قروض لآجال طويلة، بحيث يدفع المتعثر نسبة ضئيلة من راتبه الشخصي لصندوق حكومي بشكل مباشر.

بينما تختلف الأزمة الآن حيث إن عدد المقترضين المتعثرين قليل نسبياً، ولا توجد أزمة في الفوائد مثل السابق، حيث كانت الفوائد في الأعوام الأخيرة منخفضة جداً في الكويت، كما كانت في العالم.

وحتى مع بدء رفع الفوائد منذ بداية السنة، يحاول البنك المركزي الكويتي ألا يلحق برفع الفوائد الأميركية بنفس النسبة، كما يحصل في البنوك الخليجية الأخرى، مستفيداً من ربط العملة الكويتية بسلة من العملات وليس بالدولار فقط كما هي الحال بالبنوك الخليجية، وهي ميزة تعطيه مرونة لرفع الفائدة بنسب أقل من الفائدة الأميركية.

وربما يخشى "المركزي الكويتي" من تكرار تجربة رفع الفوائد لمرات عدة وبشكل سريع وآثارها على القروض الشخصية الاستهلاكية والمقسطة. وما زالت الفائدة في الكويت منخفضة نسبياً حيث لا تتجاوز 3.5 في المئة، على الرغم من أن "المركزي" رفعها ست مرات منذ بداية هذه السنة.

لكن أوجه الشبه بين هذه الفترة والفترة الماضية هي أوضاع المالية العامة المستقرة وأسعار النفط المرتفعة، فمن المتوقع أن تسجل الميزانية الكويتية تحقيق فوائض مالية لأول مرة منذ سبعة أعوام، بفضل ارتفاع أسعار النفط، مما رفع المطالبات مجدداً بإسقاط الفوائد، كما أن أزمة كورونا خلقت نسبة من المتعثرين الذين رأوا أنهم يستحقون تغطيتهم حكومياً، على الرغم من أن الحكومة قدمت عديداً من برامج المساعدات خلال الأزمة.

كيف سيجري التمويل؟

ومن المفارقة أنه على الرغم من وجود فوائض مالية مرجح تسجيلها هذه السنة، فإن الاحتياطي العام للدولة لا يمكنه تغطية المبالغ المتوقعة لإسقاط القروض عند 48 مليار دولار، وذلك بحسب تصريح للبنك المركزي أمام اللجنة المالية. فالاحتياطي تم استنزافه في الأعوام الأخيرة بسبب عدم وجود قانون للاستدانة الحكومية بعد انتهاء مدة القانون السابق في نهاية 2019، وعدم تجديده من قبل البرلمان.

وبدلاً من الاقتراض لتمويل العجز في الميزانية، اضطرت الحكومة إلى سحب أموال الاحتياطي.

لذا فإن السيناريو الذي يتم الحديث عنه الآن لتمويل تكلفة إسقاط القروض هو اقتراض الدولة الأموال بقرض طويل الأجل يمتد لـ20 سنة وبفائدة خمسة في المئة، بينما سيتم إسقاط الفوائد عن قروض المتعثرين، وإعادة جدولة قروضهم بحيث يتم الدفع شهرياً مبالغ لا تتجاوز 120 ديناراً أو نحو 400 دولار، مع إعطائهم سنة سماح.