Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إلى أين يقود التزايد السكاني الأفريقي العالم؟

الاستثمار في قطاعات التنمية البشرية أهم الاستراتيجيات المطلوب الاعتماد عليها خلال هذه المرحلة

تحتل نيجيريا المرتبة الأولى من حيث عدد السكان في إقليم غرب أفريقيا عام 2021 ببلوغها 211 مليوناً (أ ف ب)

يعد الانفجار السكاني أحد أهم الشواغل العالمية لارتباطه بشكل عضوي بمدى قدرة البشرية على توفير حاجاتها من الموارد من ناحية، وعلاقة هذا التطور بفاعلية خطط التنمية على الصعد المحلية والإقليمية والدولية من ناحية أخري.

وأصدرت الأمم المتحدة تقريراً بهذا الصدد قالت فيه إن عدد سكان الأرض يبلغون حالياً 8 مليارات نسمة، بينما سيزيدون بمقدار مليارين إضافيين عام 2050.

ويمثل الأفارقة حالياً 17.5 في المئة من هذه الأرقام طبقاً لإحصاءات 2021 بتعداد 1.4 مليار تقريباً، وسوف يصلون إلى نحو 2.5 مليار بحلول 2050، بنسبة زيادة 82.2 في المئة، وهو ما يعني أن الزيادة السكانية العالمية ستتركز في أفريقيا خلال العقدين والنصف المقبلين بنسبة تزيد على 60 في المئة.

وفي هذا السياق تحتل أفريقيا أهمية بالغة في شأن التطور الديموغرافي العالمي، فهي من ناحية القارة التي يتمتع سكانها بنعمة أعلى نسبة خصوبة، وهو ما يعني توافر اليد العاملة لتطوير موارد القارة الطبيعة الضخمة.

لكنها بالتوازي مع ذلك تعاني نقمة عدم الاستقرار والخلل التنموي الذي يجعل هؤلاء السكان لا يملكون القدرة على تطوير الإنتاج والإسهام في العمليات التنموية، خصوصاً تلك المعلنة من جانب الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، ومن ثم فإنه من المتوقع معاناة الأفارقة الأكثر فقراً وهو ما يدفعهم أحياناً للانخراط في صفوف التنظيمات الإرهابية التي تتوسع حالياً في القارة على صعيد الانتشار الجغرافي والتعدد التنظيمي.

التطور الديموغرافي

ويمكن القول إن الدول الخمس التي تتوج التطور الديموغرافي في أفريقيا بعضها متوسط القوة مثل نيجيريا ومصر وجنوب أفريقيا ويتمتع باستقرار وقدرة على تطوير قدراته التنموية، بينما بعضها الآخر تنهشه الصراعات الداخلية مثل إثيوبيا والكونغو، وأحياناً ما يكون غير قادر على تلبية الحاجات الأساس للسكان.

وتحتل نيجيريا المرتبة الأولى من حيث عدد السكان في إقليم غرب أفريقيا عام 2021 ببلوغها 211 مليوناً، تمثل 51.1 في المئة من جملة عدد سكان الإقليم و15.4 في المئة من جملة سكان القارة و2.7 في المئة من جملة سكان العالم، وترتيبها السابع عالمياً والأولى أفريقياً من جهة عدد السكان.

وإثيوبيا في المرتبة الأولى من جهة عدد السكان في إقليم شرق أفريقيا عام 2021 بـ 118 مليوناً، إذ تمثل 25.8 في المئة من جملة عدد سكان الإقليم و8.6 في المئة من جملة سكان القارة و1.5 في المئة من جملة سكان العالم وترتيبها الـ 12 عالمياً والثانية أفريقياً لجهة عدد السكان.

أما مصر فهي في المرتبة الأولى بعدد السكان في إقليم شمال أفريقيا عام 2021 بـ 102 مليون، وتمثل 41.1 في المئة من جملة عدد سكان الإقليم و7.4 في المئة من جملة سكان القارة و1.3 في المئة من جملة سكان العالم وترتيبها الـ 14 عالمياً والثالثة أفريقياً من حيث عدد السكان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتحتل الكونغو الديمقراطية المرتبة الأولى بعدد السكان في إقليم وسط أفريقيا عام 2021 بـ 93 مليوناً، إذ تمثل 50.3 في المئة من جملة عدد سكان الإقليم و6.8 في المئة من جملة سكان القارة و1.2 في المئة من جملة سكان العالم وترتيبها الـ 16 عالمياً والرابعة أفريقياً من حيث عدد السكان.

وأخيراً فإن جنوب أفريقيا تحتل المرتبة الأولى بعدد السكان في إقليم جنوب أفريقيا عام 2021 بـ 60 مليوناً، وتمثل 88.2 في المئة من جملة عدد سكان الإقليم و4.4 في المئة من جملة سكان القارة و0.8 في المئة من جملة سكان العالم وترتيبها الـ 25 عالمياً والسادسة أفريقياً لجهة عدد السكان.

وتمثل الدول الخمس الأعلى في عدد السكان إقليمياً في أفريقيا نحو 42.6 في المئة من جملة سكان القارة و7.5 في المئة من جملة سكان العالم.

التحدي الرئيس

ويمكن القول إن التحدي الرئيس أمام العالم والقارة الأفريقية معاً هو أن تكون نسبة الزيادة السكانية المتوقعة هي نسبة مؤهلة لتحقيق مستويات أعلى من الإنتاج، من أجل مواكبة التحول الديموغرافي غير المسبوق، إذ ينبغي طبقاً لتقارير منظمة "يونيسف" المتوالية أن تصحب الزيادة المتوقعة في عدد الأطفال دون الـ 18 في أفريقيا زيادة بمقدار 11 مليون شخص على الأقل من العمالة الماهرة في قطاعي التعليم والصحة فقط بحلول عام 2030، وربما يكون الاستثمار في قطاعات التنمية البشرية أهم الاستراتيجيات المطلوب الاعتماد عليها من جانب الدول الأفريقية في هذه المرحلة، ذلك أنه من المطلوب الاستثمار في ثلاث ملفات على وجه التحديد وهي الرعاية الصحية والتعليم وحماية وتمكين النساء والفتيات لتلبية الحاجات الأفريقية في غضون العقود الثلاثة المقبلة.

وربما يكون قطاع التصنيع من القطاعات المطلوب الاهتمام بها على مستوى السياسيات العامة والإقليمية، وكذلك استراتيجيات الدول الكبرى من جهة إتاحة فرص التطور التكنولوجي للدول الأفريقية والاستثمار في هذا القطاع باعتبار التصنيع أحد أهم قطاعات توطين العمالة من ناحية، والتوسع في وسائل وآليات الإنتاج نحو آفاق جديدة بديلة لتلك التقليدية في قطاعي الزراعة والتنقيب عن المعادن.

كما يوفر قطاع التصنيع تحقيق قيم مضافة للموارد الطبيعية الأفريقية بما ينعكس بشكل مباشر على الاقتصادات الأفريقية ويعزز قدرات الدول على القيام بوظائفها كبديل عن حال الهشاشة الراهنة لمؤسسة الدولة في أفريقيا.

حاجات القارة

وطبقاً للمؤشرات الإحصائية لـ "يونيسف" فإن القارة تحتاج إلى إضافة 5.6 مليون عامل صحي جديد و5.8 مليون معلم جديد بحلول عام2030 لتلبية الحد الأدنى من المعايير الدولية في مجالي الرعاية الصحية والتعليم بسبب النمو السكاني السريع.

وفي المقابل فإن عدم تحقيق معدلات العمالة الماهرة في هذه القطاعات والبطالة ستكونان أهم التجليات الواضحة في أفريقيا، وهي في كثير من التقديرات البوابة الواقعية لحالات عدم الاستقرار السياسي، ذلك أن التكوين الديموغرافي الأفريقي هو تكوين شاب يملك من الطاقة والقدرة أن يحقق النجاح في التنمية بالقدر ذاته الذي يملكه في تدمير الاستقرار إذا كان غير مؤهل للقيام بمهمات التوسع في الإنتاج.

وإذا كانت السياسيات الأفريقية المحلية هي المدعوة بشكل أساس في مسألة الاهتمام بالتنمية البشرية، فلا شك في أن السياسيات العالمية لا بد من أن تهتم أيضاً بدعم الدول الأفريقية في الاتجاه ذاته، وهو أمر يبدو بعيداً لأن اتجاهات السياسيات العالمية تتجه نحو الاهتمام بنزح الموارد الطبيعية بصورتها الأولية تحت عنوان التجارة مع أفريقيا، أكثر ما تهتم بشكل مباشر بضخ استثمارات لتطوير الأنظمة الصحية والتعليمية.

نقل التكنولوجيا

كما أن السياسيات الدولية، وخصوصاً الولايات المتحدة، محدودة في مجالات نقل التكنولوجيا، وإذا كان الرئيس الأميركي بايدن قد لمح خلال القمة الأميركية - الأفريقية المنعقدة أخيراً في واشنطن إلى التعاون في هذا المجال لمصلحة أفريقيا، فإن الخبرة بالأداء الأميركي تجعل الثقة في إفادة الأفارقة محدودة، كما أن السياسيات الأميركية قد صممت من أجل استفادة الشركات الأميركية من المساعدات الموجهة لأفريقيا أكثر من استفادة الأفارقة أنفسهم، وهكذا فإذا لم تتعدل السياسيات العالمية فعلياً إزاء القارة الأفريقية فإن انفجار القارة السمراء ديموغرافياً لا بد من أن يكون وبالاً على أفريقيا والعالم أيضاً الذي قد يعجز عن تلبية حاجات السكان المتزايدة، كما سيعاني تدني قدرات السكان، وهو ما يجعل ظواهر مثل الهجرة غير الشرعية والإرهاب في حال اتساع لا انحسار.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل