Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حتى التعليم المهني في غزة عاجز عن توفير فرص عمل

لا تستطيع السوق المحلية خلق مصادر دخل إلا لنحو 8 آلاف فرد

3 آلاف خريج حرفي وتقني من مراكز التدريب المهني سنوياً في غزة (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

 

وصل عدد خريجي مؤسسات التعليم العالي في قطاع غزة، عام 2021 إلى نحو 42 ألفاً من حملة الشهادات، لكن هؤلاء لا تستطيع السوق المحلية أو الوظائف الرسمية استيعابهم، إذ يستغرق الخريج من 10 إلى 25 شهراً أثناء البحث عن أول فرصة عمل وعادة ما تكون مؤقتة وبراتب شهري لا يتجاوز 300 دولار أميركي.

بالمجمل، تستوعب السوق الفلسطينية سنوياً ما معدله ثمانية آلاف فرصة عمل من الجامعيين، الأمر الذي رفع نسبة البطالة بشكل جنوني بين الحاصلين على مؤهل علمي وبلغت 78 في المئة بحسب بيانات جهاز الإحصاء الفلسطيني (مؤسسة حكومية)، وهذه النسبة تعد الأعلى عالمياً.

التعليم المهني بديل التوظيف الحكومي

منذ عام 2007، لم تفتح السلطة الفلسطينية باب التوظيف إلى سكان القطاع، في وقت وفرت حكومة غزة مرة واحدة فرصة عمل رسمية في السلك الحكومي لثلاثة آلاف فرد فقط فيما لا يزال أكثر من 500 ألف خريج جامعي ينتظرون الحصول على فرصة عمل، إلى جانبهم 317 ألف عامل يبحثون عن مصدر دخل.

ولإيجاد حلول عملية لمشكلة البطالة بين الخريجين الجامعيين، عملت السلطات الفلسطينية مع مؤسسات دولية منذ عام 2016 على حملة كبيرة لتوجيه الشباب إلى التعليم المهني بدلاً من الأكاديمي، باعتبار الأول ملاذاً آمناً للحصول على فرص عمل أسرع بدلاً من الانتظار الطويل في صفوف الباحثين عن

وتبنت الحكومة في غزة التي تتبع إدارياً لحركة "حماس" ملف التعليم المهني، وصادقت على قرار ينص على "توفير فرص عمل تحت بند التشغيل المؤقت لصالح أوائل خريجي مراكز التدريب المهني" وذلك بهدف تشجيع الشباب على الالتحاق بهذا المجال في إطار رؤيتها لتقليل نسبة البطالة بين الخريجين الجامعيين.

جهود مشتركة

ويشرف على ملف التعليم والتدريب المهني عدد من المؤسسات، بينها الحكومية ومنها وزارات التربية والتعليم والعمل والتنمية الاجتماعية، إلى جانب مراكز التدريب الأهلية والجمعيات التعاونية وعدد من المؤسسات التنموية والمنظمات غير الحكومية، إضافة إلى منظمة الأمم المتحدة التي حولت وكالتها المعنية في تشغيل اللاجئين "أونروا"، ومنظمة التربية والعلم والثقافة ‏"اليونيسكو" في متابعة برامج التأهيل والدمج في سوق العمل داخل الأراضي الفلسطينية.

وقال وكيل وزارة العمل في غزة إيهاب الغصين، إنهم عملوا في الفترة الأخيرة على تغيير النظرة السلبية حول التعليم والتدريب المهني، من خلال تنفيذ أنشطة للطلاب للتعرف على ماهية وتخصصات التدريب المهني والعملي.

وفي غزة، هناك نظرة مجتمعية سيئة حول التدريب المهني، إذ يعتقد السكان أن المنضمين لهذا المجال هم ذوو التحصيل الدراسي المتدني، إلا أن الظروف الصعبة التي يعيشها القطاع وعدم توفر فرص عمل دفعت كثيرين إلى تغيير نظرتهم، واللجوء لهذا المجال أملاً في الحصول على فرصة عمل.

مجالات التعليم والتدريب المهني

أضاف الغصين "لقد بات هناك إقبال كبير التعليم العملي، وسنوياً نستقبل أربعة آلاف طلب يرغب أصحابها في الانضمام إلى 40 تخصصاً مهنياً متوفراً في هذا المجال، لكن نتيجة الظروف في غزة نستوعب 400 فقط منهم"، وأشار الغصين إلى أن غزة يوجد فيها خمسة مراكز فقط للتدريب التقني والمهني تتبع للمؤسسات الحكومية، وإلى جانبها مركزان آخران تديرهما مؤسسات الأمم المتحدة، وأوضح أن الأزمة المالية لحكومة غزة في الوقت الراهن تحول دون تطوير أو تدشين مراكز للتدريب المهني.

ولفت وكيل وزارة العمل في غزة إلى أنهم يطورون التخصصات المهنية حسب احتياجات السوق المحلية إذ يعملون سنوياً على دراسة احتياجاتها من المهن وتطوير البرامج بناء على ذلك، لافتاً إلى أن أهم المجالات التي يجري تأهيل شباب غزة على إتقانها هي صيانة الحاسوب والإلكترونيات الصناعية والاتصالات السلكية واللاسلكية والآلات المكتبية وكهرباء الاستعمال والنجارة والديكور وكهرباء السيارات وميكانيكية السيارات وتصميم وتطوير صفحات الويب والتصميم الغرافيكي وتطبيقات الهواتف الذكي والطاقة المتجددة. وأكد الغصين أن الطالب يكتسب المهارات لدمجه في سوق العمل، وخريجي المهن يستطيعون العمل من خلال فتح ورشات خاصة بهم أو العمل في أي من القطاعات مع الشركات.

3 آلاف خريج سنوياً

وبحسب بيانات وزارة العمل، فإن هناك تزايداً ملحوظاً على أعداد الراغبين بالتعليم والتدريب المهني في غزة، حيث كانت الأعداد عام 2018 لا تتجاوز ألف راغب، بينما العام الجاري يزيد العدد في الالتحاق على أربعة آلاف طلب. وسنوياً يتخرج في مختلف مراكز التعليم والتدريب المهني الحكومية وغيرها، ما يزيد على ثلاثة آلاف حرفي وتقني يحملون شهادات مصدقة، لكن هؤلاء أيضاً لا تتوفر لهم فرص عمل في غزة.

وتفيد البيانات المشتركة بين وزارة العمل وجهاز الإحصاء الفلسطيني أن هناك أكثر من 300 ألف باحث عن عمل في المجال المهني والتقني، ولا تستطيع السوق المحلية استيعابهم ولا حتى السوق الإسرائيلية.

الانفجار السكاني مشكلة

وفي سياق متصل، قال الاستشاري في قضايا الاقتصاد والتنمية رائد حلس، إن سوق العمل المحلية تتميز بارتفاع معدلات نمو القوى العاملة بوتيرة أسرع من نمو الطلب على العمل، الأمر الذي أدى إلى اتساع الفجوة بين عرض العمل والطلب عليه بشكل مضطرد، وهذا يجعل التعليم المهني يعجز عن خلق فرص عمل حقيقية ولا يسهم بشكل فعلي في تقليل نسبة البطالة. وأضاف حلس "المشكلة تكمن في أن سوق العمل لا تملك فرصاً لتشغيل الأيدي العاملة سواء كانت من الخريجين الجامعيين أو التعليم والتدريب المهني أو حتى الحرفيين العاملين وفقدوا فرصهم"، وبحسب حلس فإن المشكلة في غزة أكبر من إيجاد حلول لها عن طريق تعزيز التعليم المهني، لأن الموضوع على المدى البعيد أكبر من ذلك، وتشير الإسقاطات السكانية العلمية إلى أن عدد السكان المقدر في قطاع غزة عام 2030 سيصل إلى نحو 2.6 مليون نسمة، وهذا الانفجار المتوقع لا تستطيع سوق العمل المحلية استيعابه لصغر ومحدودية حجمها وعدم قدرتها على مواكبة حجم النمو السكاني السريع.

اقرأ المزيد