Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أطباء سرطان بريطانيون يحذرون من "مرحلة مصيرية" بعد 8 آلاف وفاة زائدة

اتهام حكومة المملكة المتحدة بالفشل في "الإقرار بالحجم الحقيقي للمشكلة" بعد جائحة "كوفيد"

نبه خبراء السرطان إلى أن مسار العلاج من المرض برمته "يبدو مثقلاً ومرهقاً" (رويترز)

طالب أطباء بارزون في المملكة المتحدة الحكومة البريطانية بالمساعدة في معالجة "حال طوارئ متزايدة للسرطان" في البلاد، خصوصاً بعدما أظهرت أرقام أن هناك نحو ثمانية آلاف حالة وفاة زائدة ناجمة عن التأخير في تشخيص المرض وعلاجه، منذ شهر مارس (آذار) عام 2020.

وتوجه اتهامات إلى الحكومة بالفشل في "الإقرار بالحجم الحقيقي للمشكلة" ضمن خدمات معالجة مرضى السرطان، وذلك في مرحلة ما بعد انتهاء وباء "كوفيد". وتم تنبيهها إلى أن الوفيات الزائدة ستواصل منحاها التصاعدي من دون القدرة على القيام بتدخل حقيقي للحد منها.

وفي بحث نشر في مجلة "لانسيت أونكولوجي"  Lancet Oncology (التي تنشر دراسات مدققة عن الأورام السريرية)، دعا خبراء في هذا المجال المسؤولين في وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية البريطانية إلى تطبيق مستويات التركيز والإلحاح نفسها التي تم اعتمادها ونشرها أثناء طرح اللقاح، على خدمات علاج السرطان فيما وصفوها بأنها "لحظة مصيرية فاصلة" بالنسبة إلى البلاد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشاروا إلى أن بيانات هيئة "خدمات الصحة الوطنية" (أن أتش أس) NHS لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت، أظهرت أنه "في الأشهر الـ12 الأخيرة، انتظر نحو 69 ألف مريض في المملكة المتحدة، وقتاً أطول من فترة الانتظار المحددة بـ62 يوماً لإحالة الأشخاص المشتبه بإصابتهم بالسرطان لبدء العلاج". وقالوا إن هذا العدد يشكل ضعف ما كان عليه في عام 2017 - 2018.

ونبه خبراء السرطان إلى أن مسار العلاج من المرض برمته "يبدو مثقلاً ومرهقاً"، لكن بعض المجالات الأخرى كالعلاج الإشعاعي باتت الآن "مهددة بشكل خطير". واستندوا إلى بيانات بحثية أوروبية أشارت إلى تسجيل زيادة بنسبة 17 في المئة في الوفيات بالسرطان في المملكة المتحدة، بسبب التأخير في التشخيص والعلاج.

واستشهدوا أيضاً بإحصاءات تظهر أن "الوفيات الإضافية بداء السرطان منذ مارس (آذار) عام 2020، بلغت فعلاً 8,815 حالة، مع تسجيل 3,327 وفاة في الأشهر الستة الماضية، ومن المرجح أن يواصل هذا المنحى اتجاهه التصاعدي".

الورقة البحثية تضمنت أيضاً حلولاً قدمها أطباء هم على الخطوط الأمامية لعلاج المرضى، من شأنها أن تحد من الوفيات الزائدة إذا ما اتخذت الحكومة البريطانية وهيئة "أن أتش أس" التدابير المطلوبة، إضافة إلى بعض المشكلات التي يواجهونها في عملهم.

وتشير في مضمونها إلى أن "بعض العاملين في الخطوط الأمامية مرهقون ويخشون الجهر بآرائهم، وبالتالي لا يجرؤون على اعتبار أنفسهم  جزءاً من الحل"، كما تحذر من ظهور "ممارسات غير مجدية وفاعلة" نتيجة ذلك.

وتلفت الورقة إلى أنه "بسبب وقف إمدادهم بالدعم الإداري (في ما يتعلق بالأعمال المكتبية من مراسلات وحفظ للسجلات وغيرها)، فإن الأطباء الاستشاريين أصبحوا أقل إنتاجية مما ينبغي، كما أن تقنية المعلومات المتقادمة تؤدي في الحقيقة إلى عرقلة أدائهم اليومي، إضافة إلى وجود نقص في المعدات الطبية اللازمة لتسهيل عملهم، فيما أصبحت القديمة منها كآلات العلاج الإشعاعي تستغرق ضعف الوقت الذي تستلزمه الآلات الحديثة لعلاج المرضى، وبدرجة أقل من الجودة المطلوبة".

البروفيسور بات برايس مؤسس حملة   #CatchUpWithCancer (التي تعنى بجمع أموال لخدمات معالجة السرطان) والاختصاصي البارز في مجال الأورام، وصف هذه اللحظة بأنها "مصيرية بالنسبة إلى خدمات معالجة السرطان في المملكة المتحدة- وهي أكبر أزمة سرطان على الإطلاق- لا يمكننا القبول بأن يتم تطبيع أوقات انتظار علاج السرطان هذه التي حطمت الرقم القياسي".

وأضاف: "يدرك الأطباء أن الأمر لا يحتاج بالضرورة لأن يكون على هذا النحو، وأننا لا نحتاج لأبحاث رائدة جديدة كي نتجنب الكارثة".

وقال برايس إن "ما نحن في حاجة له هو وضع خطة جديدة جذرية، والاستثمار في الحلول التي من شأنها أن توفر الإمكانات والقدرات الكافية لتأمين العلاجات اللازمة كالعلاج الإشعاعي". ولفت إلى أهمية "وجود إرادة سياسية لعلاج مزيد من المرضى في الوقت المحدد. وإذا كان هناك من وقت معين للقيام بالاستثمار اللازم في علاج السرطان، فهو الآن".

البروفيسور غوردون ويشارت الجراح السابق في مجال السرطان والمسؤول الطبي الأول في خدمة Check4Cancer (التي تقدم مجموعة من اختبارات السرطان السريعة وميسورة الكلفة وتغطي أكثر أنواع السرطان الستة شيوعاً في المملكة المتحدة) أوضح أن "التراكم الكبير في حالات انتظار مرضى السرطان الناجم عن جائحة ’’كوفيد’’، لم يسبق له مثيل، وقد تسبب في توسيع الفجوات القائمة في خدمات علاج السرطان لدينا".

وأضاف: "سيصاب القراء بصدمة عندما يعلمون أنه حتى في حقبة ما قبل الوباء، كادت المملكة المتحدة تلامس أدنى المستويات في قوائم النجاة من مرض السرطان. ونحن الآن نواجه قنبلة موقوتة قاتلة نتيجة التأخيرات في العلاج، التي تزداد سوءاً كل شهر، لأن صناع السياسة لا يملكون خطة طموحة كفيلة باحتواء هذا الوضع. وبالتالي، أحض الحكومة على التعاون معنا".

أما الدكتور عمار أحمد وهو طبيب عام في بلدة ويلمسلو، فرأى أنه "بات واضحاً للغاية أن بريطانيا دخلت في حال من الطوارئ المتزايدة من مرض السرطان. نحن اليوم في حاجة ماسة لتضافر الجهود الوطنية، تماماً كما فعلنا في مؤازراتنا السابقة في التصدي معاً لجائحة ’’كوفيد’’، من أجل احتواء الوضع المتدهور في مجال تشخيص السرطان وعلاج المصابين به في المملكة المتحدة".

واعتبر أن "تحرير الأطباء العاملين على الخطوط الأمامية في مواجهة المرض، من الالتزامات والإجراءات البيروقراطية غير الضرورية في هيئة “خدمات الصحة الوطنية”، سيسهم إلى حد ما في تحسين قدرة مرافق “أن أتش أس” على التعامل مع هذه الحالة الطارئة".

تجدر الإشارة هنا إلى أنه في أواخر الشهر الماضي، أكد ستيف براين العضو في البرلمان عن حزب "المحافظين" ورئيس لجنة الرعاية الصحية والاجتماعية، أنه سيجعل مسألة معالجة تراكم حالات انتظار العلاج من السرطان تتصدر قائمة الأولويات الملحة. وطرح تساؤلات عما إذا كانت الحكومة لا تزال تنوي وضع خطة جديدة لعلاج مرضى هذا الداء.

وفي شهر فبراير (شباط) الماضي، كان وزير الصحة والرعاية الاجتماعية في حينه ساجد جاويد قد دعا إلى تقديم أدلة تدعم وضع خطة جديدة للسنوات الـ10 المقبلة في مجال معالجة المصابين بمرض السرطان في إنجلترا.

لكن ستيف براين طلب الاستفسار عن مصير الخطة التي كان قد نشرها لأول مرة عندما كان وزير دولة للصحة في عام 2019.

وكانت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية البريطانية قد أعلنت في وقت سابق أنها "تعمل بوتيرة متسارعة على تحسين التعاطي مع سجلات مرضى السرطان في مختلف أنحاء إنجلترا، بما فيها تسريع معدلات إحالة المرضى. وقد بدأ خلال شهر أغسطس (آب) نحو 92 في المئة من الأفراد الذين تم تشخيصهم بالسرطان تلقي علاجاتهم في غضون شهر من الإحالة".

متحدث باسم الوزارة قال: "افتتحنا أيضاً أكثر من 90 مركز تشخيص مجتمعي للسرطان حتى الآن، وتم إجراء أكثر من مليوني عملية مسح واختبار وفحوصات إضافية. وتلقينا نحو خمسة آلاف رد على دعوتنا للحصول على أدلة لوضع خطة جديدة لمواجهة السرطان، وسيتم تحديد الخطوات التالية في الوقت المناسب".

© The Independent

المزيد من صحة