Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأمن اللبناني يلحظ تحسنا رغم التوترات والفوضى السياسية

قدرة تلك الأجهزة على الاستجابة الفورية وتعقب المجرمين وتوقيفهم أدت إلى عدم استغلال ما تشهده البلاد من لا استقرار

لا تزال الأجهزة الأمنية تكشف بعض الجرائم في أوقات قياسية (أ ف ب)

دحضت التجربة اللبنانية مقولة إن "الاستقرار الأمني للدول يتحقق تحت سقف الاستقرار السياسي"، إذ وفي خضم الفوضى السياسية والاقتصادية التي تشهدها البلاد، وتعرض الخدمات كافة إلى انهيارات بنيوية، أظهرت بيانات قوى الأمن الداخلي تحسناً في المؤشرات الأمنية خلال الأشهر الـ 11 الأولى من العام الحالي مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2021. وأشارت الأرقام إلى أنه ومنذ مطلع عام 2022، تراجع عدد السيارات المسروقة بنسبة 23.4 في المئة، وعدد القتلى تراجع في بنسبة 8.5 في المئة، كذلك عدد جرائم السرقة بنسبة 17.8 في المئة. إلا أن جرائم الخطف لقاء فدية ارتفعت بشكل مطرد، إذ بلغ عددها 50 جريمة بعد أن كان العدد 12، أي بارتفاع 38 جريمة عن السابق.

ويشير مصدر مسؤول في قوى الأمن الداخلي إلى أن المؤسسات الأمنية اللبنانية تعكس نموذجاً مختلفاً عن الإدارات العامة للبلاد، كونها تحصد حالياً سنوات طويلة من التدريبات المتخصصة وحوكمة شفافة بعيدة من المحسوبيات والفساد، الذي كان الطابع المسيطر على المؤسسات الإدارية، إضافة إلى العقيدة والالتزام الوطني الذي يتمتع به عناصر المؤسسات الأمنية، مما جعل الأجهزة الأمنية قادرة على الصمود وتجاوز الأزمات.

وأكد أنه على رغم كل الصعوبات والانهيار المالي الذي قضى على رواتب العاملين في القطاع العام ومنهم العسكريون، إلا أن قدرة الأجهزة الأمنية على الاستجابة الفورية وتعقب المجرمين وتوقيفهم والكشف عنهم في أوقات قياسية، كلها أدت إلى ردع استغلال الفوضى السياسية والاقتصادية لارتكاب أفعال جرمية. وأوضح أن الأجهزة مدربة على أحدث التقنيات التكنولوجية لمكافحة الشبكات الإرهابية واختراقها، مشدداً على تماسكها وصلابتها بمواجهة التحديات.

ولفت إلى أن لبنان شهد ازدهاراً سياحياً الصيف الماضي ويستعد لموسم جديد مع اقتراب الأعياد، معتبراً أن ما تم تحقيقه هو ثمرة "معجزة أمنية" تحققها القوى الأمنية وقدرتها على تأمين الاستقرار والطمأنينة في معظم المناطق اللبنانية. وكشف عن أن "فلتان الحدود اللبنانية السورية وفوضى المخيمات تتسبب ببعض الاختراقات الأمنية، إذ إن نسبة كبيرة من العمليات الإجرامية ولاسيما عمليات الخطف وسرقة السيارات تتم عبر جانبي الحدود، وتشكل المخيمات ملاذاً آمناً لبعض العصابات".

وانتقد "الفوضى في القضاء" التي برأيه تجهض كثيراً من الإنجازات الأمنية، إذ يشكل "تسييس" بعض الملفات وتسويتها خارج الأطر القانونية تسويفاً لتحقيق العدالة، وقال "نتفاجأ بإشارة القضاء إلى إطلاق سراح عديد من المتورطين بأفعال جرمية، ما يؤثر سلباً في معنويات العسكريين الذين يبذلون جهوداً جبارة ومخاطر لتوقيفهم".

الضابطة العدلية

وبرزت أخيراً أزمة بين القوى الأمنية والقضاء على خلفية تنفيذ مهمات الضابطة العدلية في قوى الأمن الداخلي عند تعذر الاتصال بالنيابات العامة أو تمنعها عن إعطاء إشارة قضائية بدعوى الالتزام بالإضراب الذي لا يزال مستمراً، وأدى إلى شلل كبير في عمل النيابات العامة بمختلف المناطق.

وأدى إصدار المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان مذكرة داخلية، تقضي بتولي الضابط العدلي في قوى الأمن الداخلي عند وقوع جريمة مشهودة من نوع الجناية أو الجنحة التي تستوجب عقوبة الحبس، جميع الإجراءات التي يقوم بها النائب العام عندما يتعذر على الأخير مباشرتها بنفسه، ويبادر هذا الضابط إلى التقيد بإجراءات التحقيق كافة وفقاً للمادة 41 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.

وفي حال تمنع النيابة العامة الاستئنافية عن إعطاء الإشارة القضائية اللازمة أو الرد على الاتصال الهاتفي، ومن ثم تعذر الاتصال بالنيابة العامة التمييزية، يستبقي الضابط العدلي الشخص المشتبه فيه موقوفاً لديه إلى حين ورود إشارة من المرجع القضائي المختص بالترك أو عدمه، على أن يوثق هذه الإجراءات بموجب محضر عدلي وفقاً للأصول، ويضمنه ساعة ونتيجة الاتصال بقضاة النيابات العامة بالتفصيل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذه الإجراءات أثارت اعتراضات واسعة استدعت تدخلاً من قبل مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، الذي وجه كتاباً إلى اللواء عثمان لتعميمه على مراكز قوى الأمن، يعيد التذكير فيه بإجراءات النيابة العامة في الجريمة المشهودة، مشيراً في المادة 40 من الكتاب إلى "تذرع كثيرين باعتكاف القضاة لعدم القيام بإجراءات التحقيق الأولي في الجرائم المشهودة وغير المشهودة، وهذه الذريعة لا تستقيم كون التعليمات تقضي بالاتصال بالنيابة العامة التمييزية، وعليه يقتضي حصر مذكرتكم الداخلية بهذا التوجه".

الأمن الذاتي

في المقابل يرى بعضهم أن أحد أسباب الاستقرار الأمني في المدن والمناطق النائية، انتشار ظاهرة الأمن الذاتي تحت مراقبة البلديات، إذ يلجأ عديد من المجالس البلدية إلى زيادة إجراءات الحراسة والدوريات الليلية، ورفع عديد أفراد الشرطة البلدية، كذلك السماح للمؤسسات التجارية والسياحية زيادة أفراد الحماية غير المسلحة.

ووفق مصدر في بلدية بيروت، فإن حراس البلدية يساهمون بإجهاض عديد من عمليات السلب والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة، مشيراً إلى أن ما يسمى بـ "الأمن الذاتي" هو ظاهرة طبيعية في ظل الانهيار المستمر وعجز الدولة، وأكد أن هذه الإجراءات لا تشكل مظاهر خارجة عن القانون، إنما تكاملاً في هذه المرحلة لاسيما أن توقيف أي مشتبه به يسلم فوراً إلى القوى الأمنية، وأن تلك الإجراءات تحت مظلة البلديات، وهي سلطات تنفيذية مناطقية شرعية.

وكشف عن أنه في أحياء الأشرفية في العاصمة بيروت على سبيل المثال، يقوم نحو 120 شاباً متطوعاً بتأمين الحراسة للسكان من الساعة 6 مساء وحتى الساعة 6 صباحاً، ويرتدون سترة عليها شعار شركة أمنية يعملون تحت ترخيصها الرسمي، ويتم تمويل عملهم بدعم مالي من السكان والمؤسسات التجارية.

وفي وقت يعتبر مؤيدو الأمن الذاتي أنها توفر الطمأنينة للسكان الذين يخشون وقوع جرائم، إلا أنها تلقى معارضة من قبل مرجعيات عدة، يرون أن ظهورهم يعيد إلى الأذهان فترة الحرب الأهلية، عندما انهارت الدولة وسيطرت ميليشيات على الشوارع وانقسمت بيروت إلى مناطق منعزلة.

الأحزاب واللاجئون

وفي السياق وبعكس النظرة الأمنية، تميز بعض المصادر السياسية الأمن المتعلق بالجرائم الاجتماعية الناتجة من الأزمة الاقتصادية، التي استطاعت المؤسسات الأمنية بالتعاون مع المواطنين والقوى السياسية الفاعلة من لجمها، وبين الاختراقات الأمنية الواسعة كالفوضى والصدامات بين الأطراف أو عمليات الاغتيال والتفجيرات.

وترى أن القوى السياسية وعلى رغم اختلافاتها، تضع نصب أعينها الحفاظ على الاستقرار الداخلي وعدم ترجمة الخلافات السياسية إلى صدامات، مشددة على أنه لولا الانضباط والوعي اللذين تتمتع بهما القواعد الحزبية، ودور المؤسسات العسكرية واستمرارية تماسكها، لكانت تحولت بعض الصدامات المحدودة إلى ما يشبه الحرب الأهلية.

ولفتت إلى أن المصلحة الدولية تقضي أيضاً الاستقرار الأمني في لبنان، لاسيما لناحية منع تدفق اللاجئين إلى الدول الغربية، إذ يحتضن لبنان أكثر من مليوني لاجئ من جنسيات فلسطينية وسورية وعراقية، إضافة إلى أعداد كبيرة يمكن أن تهرب من البلاد في حال تعرض الاستقرار لاهتزاز.

وكشفت عن سلسلة اتصالات حصلت مع الدولة اللبنانية عقب تزايد ظاهرة المراكب غير الشرعية، التي كانت تهرب آلاف المقيمين إلى شواطئ الدول الغربية، إذ طالبت الدولة والأجهزة الأمنية اتخاذ ما يمكن من إجراءات وسط التلويح بوقف مساعدات البنك الدولي وبرامج المساعدات الدولية في حال استمر تدفق اللاجئين.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير