Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الصين تتطلع للاستثمارات الخليجية وسط تداعيات أزمة الطاقة العالمية

عيون أميركية وأوروبية على توجه بكين نحو المنطقة والبحث عن بدائل في التجارة الدولية

ترغب الصين في زيادة حجم التجارة مع دول الخليج وتعزيز "منتدى التعاون بين الصين والدول العربية" الذي أطلق عام 2004.(ا ف ب)

من المتوقع أن تطغى موضوعات التجارة والاستثمارات المتبادلة على زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ للسعودية، والتي تتضمن إلى جانب الزيارة الرسمية للبلد المضيف قمة صينية – خليجية وقمة صينية – عربية. ويرى كثير من المراقبين في الصين والمنطقة أن الزيارة تكتسب بعداً يتجاوز مسألة اعتماد الصين على منطقة الخليح لتأمين وارداتها من الطاقة.

وتأتي الزيارة في وقت تتجه الصين نحو تقليل اعتمادها على الغرب، أوروبا وأميركا الشمالية، الذي مثل الملمح الرئيسي لتوسعها الاقتصادي في العقود الأخيرة حتى أصبحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وتركز الصين الآن على تطوير قدراتها الذاتية وتعزيز علاقاتها مع شركاء جدد في آسيا وأفريقيا. وهو ما دفع البعض في الغرب إلى التحذير مما وصوفوه "انكفاء الصين داخلياً وإقليمياً بما يضر بالاقتصاد العالمي"، كما كتب ديفيد لوبن من مركز "تشاتام هاوس" البريطاني أخيراً في ورقة له حيث يرصد الباحث كيف أن الصين بدأت في السنوات الأخيرة التركيز على تطوير تكنولوجيات صينية والتوسع في الشركات الحكومية على حساب القطاع الخاص. ويشير إلى أن ذلك التوجه يعني تراجع التجارة الصينية مع المراكز التقليدية في الغرب.

وفي السنوات القليلة الأخيرة تتكرر مثل هذه التحليلات التي تعرب عن قلق الغرب من تعزيز الصين لعلاقات جديدة مع قوى صاعدة، بخاصة مع فرض الولايات المتحدة ودول غربية قيوداً على الشركات الصينية والتجارة مع الصين والاستثمارات الصينية.

وتظل حاجات الصين من الطاقة التي تستوردها من دول الخليج ودول منطقة الشرق الأوسط في مقدمة الاهتمامات بالطبع. فالصين أصبحت أكبر مستورد للطاقة في العالم، وبحسب أحدث الأرقام يصل حجم ما تستورده من النفط سنوياً 5.35 مليون برميل يومياً، نحو نصفها من دول الخليج.

وإذا كانت الصين أكبر المستوردين للنفط في العالم فإن السعودية هي أكبر الموردين للصين، إذ تحظى بنسبة 18 في المئة من إجمالي الواردات الصينية من النفط. وبحسب وكالة "رويترز" تبرم شركة النفط السعودية "أرامكو" اتفاقات سنوية مع كثير من مصافي التكرير الصينية لإمدادها على المدى الطويل.

تأتي الكويت في المرتبة الثانية من بين الدول الخليجية الموردة للنفط إلى الصين، ثم العراق والإمارات وعمان. كما تعد قطر من أكبر مصدري الغاز الطبيعي إلى الصين. وبعد دول الخليج، التي تستحوذ على نسبة أكثر من 47 في المئة من واردات الطاقة للصين، تأتي روسيا التي تستورد منها بكين النفط والغاز أيضاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع حظر أوروبا استيراد النفط والغاز الروسي يتم تحويل شحنات النفط بالناقلات والغاز الطبيعي المسال التي كانت تتجه نحو آسيا، ومنها الصين، إلى أوروبا لتعويض غياب واردات الطاقة من روسيا. وتسعى بكين إلى تأمين حصولها على ما يكفي من الطاقة من المنطقة من دون مضاربات على الأسعار بين الأسواق الآسيوية والأسواق الأوروبية.

لكن زيارة الرئيس الصيني للسعودية واجتماعاته مع قادة دول الخليج وبعض الدول العربية الأخرى لا تقتصر على مناقشة حاجة الصين لضمان أمن إمدادات الطاقة إليها. بل إن قضايا التجارة والاستثمار المتبادل بشكل عام ستحظى بأولوية، تليها قضايا الأمن الإقليمي والعالمي بشكل عام.

التجارة والاستثمار

وترغب الصين في زيادة حجم التجارة مع دول الخليج وتعزيز "منتدى التعاون بين الصين والدول العربية" الذي أطلق عام 2004. وعلى مدى أقل من عقد تضاعف حجم التجارة بين الصين والدول العربية خمس مرات ليصل عام 2010 إلى أكثر من 145 مليار دولار، طبقاً لأرقام "تشاينا بريفينغ". ثم تضاعف حجم التجارة مع الدول العربية، بخاصة مع دول مجلس التعاون الخليجي الست، التي أصبحت الصين شريكها التجاري الأول. ووصل حجم التجارة بين الصين والدول العربية العام الماضي إلى 330 مليار دولار، القدر الأكبر منها مع دول الخليج. وتستحوذ السعودية على النصيب الأكبر من تلك التجارة المشتركة، بما وصل إلى 309 مليارات ريال (82 مليار دولار).

هذا الحجم الهائل من التبادل التجاري بين الصين ودول الخليج، وبخاصة السعودية، ليس مقصوراً على شراء الصين للنفط والغاز وتصديرها السلع والبضائع. وإنما هناك زيادة مضطردة في الاستثمار المشترك. وبحسب أرقام "أميركان إنتربرايز إنستيتيوت" بلغ حجم الاستثمارات الصينية للفترة ما بين 2005 و2021 في السعودية أكثر من 43 مليار دولار، وفي الإمارات أكثر من 36 ملياراً وما يقارب 12 ملياراً في الكويت ونحو 8 مليارات في قطر. وأغلب تلك الاستثمارات الصينية في مشروعات إنشاء وصناعات متقدمة.

تجد دول الخليج، والدول العربية عموماً، ميزتين أساسيتين في التعاون التجاري والاستثماري مع الصين عن التعامل مع أميركا وأوروبا، هما أن الصين لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول التي تتعامل معها وأنها منفتحة على تصدير التكنولوجيا والمعرفة لتلك الدول. بينما الدول الغربية تربط علاقاتها التجارية والاستثمارية بعدم نقل المعرفة التقنية للآخرين.

لهذا تسهم شركة "هواوي" الصينية العملاقة في تطوير شبكات الهاتف 5G في أغلب دول الخليج، وتطور الشركة حالياً مركزاً جديداً للمعلوماتية في السعودية سيكون الأكبر في المنطقة، بحسب ما ذكرت وكالة "رويترز". كما أقامت شركة "علي بابا" الصينية شراكة مع مجموعة "أس تي سي" السعودية لتقديم خدمات الحوسبة السحابية.

وتستهدف الصين إيجاد فرص استثمارية مستفيدة من خطط دول الخليج لتنويع اقتصادها بعيداً من النفط والغاز. ومن المتوقع أن يتم توقيع اتفاقيات تصل إلى نحو 30 مليار دولار خلال زيارة الرئيس الصيني، تركز على مساهمة في مشروعات متضمنة في خطط التنويع الاقتصادي في دول الخليج. ومن بين تلك القطاعات التكنولوجيا المتقدمة ومشروعات الطاقة النظيفة، حيث تركز الصين حالياً على تطوير تكنولوجيا خاصة بها في هذا المجال. كذلك يمكن للصين أن تسهم في خطط دول المنطقة تطوير صناعات دفاعية وطنية تقلل من اعتمادها على الاستيراد، وذلك من دون المشكلات والحساسيات التي تحيط بمثل ذلك التعاون مع أميركا والغرب.

اقرأ المزيد